د/محمد عباس محمد عرابي - البيان في مختارات شعرية للشاعر عادل الحصيني

عرض د/محمد عباس محمد عرابي


للبلاغة وخاصة البيان دور كبير في إظهار مشاعر وأحاسيس الشاعر وتوضيح المعاني التي يريد إيصالها للقارئ والمتلقي،فمن المعرف أن توظيف الأساليب البلاغية في الشعر وخاصة الأساليب البيانية من تشبيه، ومجاز واستعارة تعطى الشعر وأفكار الشاعر جمالا وقوة، وهو ما نلمحه في قصائد الشاعر عادل الحصيني يقول شاعرنا الميدع:
يابلسمَ الروح أنت الجرحُ والضمدُ
‏باق ٍ على العهد مهما ابتزني الكمدُ

‏ياقامةً يعتليالجوزاءَ أخمصُها
‏تأتين أنت ويأتي بعدك الأمدُ

‏وشمعةً في لظى النيران تحرسها
‏كفُ العنايةِ رغم الريح تتقد

‏نادى التجلي على محرابِ فتنتها
‏بـ "هوْ " وجاوبه في خصرها
‏ال مددُ
‏والكحلُ والتوتة السكرى بوجنتها
‏مستسلمان لأنثى رمشها الأبدُ

‏تمشي وفي خطوها للغيد زلزلة ٌ
‏تزفها للهوى الإخلاصُ والصمدُ

‏"حسب النظام "
‏تواقيعي
‏ لمن عبروا
‏على الفؤاد ولكن أنت
‏" يُعتمد "
فها هو النداء والتشخيص"يابلسمَ الروح"والتشبيه البليغ (أنت الجرحُ والضمدُ)‏ونجد الاستعارة في قوله " ابتزني الكمدُ"
*ونجد الاستعارة في كف العناية التي تحرس الشمعة حيث يقول:
‏وشمعةً في لظى النيران تحرسها
‏كفُ العنايةِ رغم الريح تتقد

‏نادى التجلي على محرابِ فتنتها
‏بـ "هوْ " وجاوبه في خصرها
‏ال مددُ



ومن المقطوعات الشعرية التي ازدانت بالبيان قول شاعرنا القدير المبدع عادل الحصيني :
هذا أنا والشوقُ جوفي نارُ
‏ودعت حباً وبله مدرار ُ

‏وطمستُ كل وثيقة ٍ لتملكي
‏ولدي صك ٌ حكمه الإعسار ُ

‏ودعته والجفن يقصي دمعه
‏ويقولُ لي والله لا أنهار ُ

‏قررت إنهاء الحكاية إنني
‏سيف ٌ إذا حكم الجوى بتار ُ

‏سلمتُ عن فرض الهوى وجراحِه
‏ياليته يجدي الهوى استغفار ُ

‏وكأن تسليمي صلاةُ جنازة
‏وجهي يمين ٌ والغرامُ يسار
وجميل هو التشبيه البليغ في قوله "‏وجهي يمين ٌ" وقوله والغرامُ يسار"

*وكذلك الأمر في مقطوعته حيث التشبيه البلغ في قوله "الاختتاقهواء ! " حيث يقول :
ونضيق ذرعاً بالحياة وأهلها
‏فجميعُ أحداثِ الزمان سواء ُ

‏ونغالبُ الأحزانَ فينا عنوة ً
‏ونقول أن الاختتاقهواء !

‏فإذا بها الأقدارُ تبعثُ لطفها
‏إذ أشرقت ببهائها حواءُ

‏ما كنت أعلمُ حين باغتني الهوى
‏أن الهوى في عُرفها إغواء ُ

‏يأتي الصباح ُ بنورها فكأنها
‏"ألماسةٌ " ٌ تجري بها الأضواءُ
*وتجلى البيان بوضوح في الحلم الذي يُسقى في قوله :
وحلمتُ أني في المنامِ أضمُها
‏ومضيتُ أسقي الحلْم من أوهامي

‏من أيقظوني ويحهم قد أجرموا
‏إذ أحرموا دفءَ العناق منامي

‏يا ويحهم لمّا بنومي أيقنوا
‏ أني سعيدٌ صادرواأحلامي
*وتضرع جميل والبيان في الدهر الذي ينهر حيث يقول :
رباه سامحتُ كلَ الناس ِمعتمدا
‏على اصطباري وأني شامخ ّ رجلُ

‏وأنه الدهر إذما ضقتُ ينهرني
‏ما أهون الريح في جنبيك
‏يا جبلُ

‏أعــوذُ بالــله من دنياً تمزقني
‏أنا المسافاتُ لكن ضاقت السبلُ !

‏*وفي مقطوعة حول اليوم_العالمي_للرجل حيث البيان في قوله والعود مستمعٌ،الليل فكرةوالتوت في الشفتين أوقد ناره
‏والشمسُ تمتمت حيث يقول :
تلتّفُ حول القلب كالأسوارة
‏ميساء تُبدي للنساء جسارة

‏الليل فكرة كحلها لعيونها
‏والتوت في الشفتين أوقد ناره

‏والشمسُ لمّا أبصرتها تمتمت
‏"إياك أعني واسمعي ياسارة"

‏وترجلت عن عرشها مبهورةً
‏بلقيسُ إذ شنت عليها الغارة

‏والعود مستمعٌ لخطوة كعبها
‏ويشد من ألحانه اوتاره ..!

‏واختار منها كلُ روض ٍوجنة ً
‏وسقى بنبع جمالها ازهاره

‏وتقول من فرط الدلال مشيحةً
‏للغيد ها قد طارت
‏ ال نوّارة

‏تركت لهن ّالأرضَ لمّا أدركت
‏قمرا هناك وصادرت أدواره ..!
*وقوله البليغ (أناالنبيذ ُ من الفردوسِ مسكوبُ) حيث يقول:
وفوق شامتك السوداء مكتوبُ
‏أنا النبيذ ُ من الفردوسِ مسكوبُ

‏صبّ العزيزُ على نهديك خمرته
‏وحسنُ يوسف في عينيك مصلوبُ

‏حتى ظننتُ بأن الحورَ قد سكبت
‏عليك فتنتها إذ نام يعقوب ُ ..!
*وها هو الصبح يشيح والقلب يسيل حيث يقول :
ليال ٍ تمادت وصبح ٌ أشاح
‏فلا القلب سال ٍ ولا الخل حن

‏أدندن ُ لحني فأخفي النواح
‏فيعلو النواح ويعلو اللحن

‏سألطم ُ بالابتسامِ الصباح
‏وألثم ُ بالصبر ِ وجه َ َالمحن

‏فما عدتُ إذكرُ أي الجراح
‏وأيّ السكاكين كانت أحن !؟



فياربسلّط على حزنِنا
‏سروراً يرفرفُ في كل ساح

ورحماك ربي بنا لا تذرْ
‏لصدر الحزانى أنيناً متاح

‏وابدل أذى حزننا فرحة ً
‏لها في حنايا الجراح اجتياح
وخلاصة القول أحسن الشاعر أبدع الشاعر الحصيني في تشبيها وصوره الفنية ووظفها توظيفا رائعا في إظهار معانيه الشعرية

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى