أ. د. عادل الأسطة - أمشي كأنني واحد غيري

في العام ٢٠١٨ كتبت مقدمة لكتابي الذي أنجزته في حزيران وتموز وآب ٢٠١٦ " حزيران الذي لا ينتهي : شظايا ذاكرة ١٩٦٧ - ١٩٨٢ " ، واخترت عنوانا لها سطرا شعريا لمحمود درويش :
" أمشي كأنني واحد غيري " ،
ومنذ سنوات صرت أشعر أنني واحد غيري ، علما بأن من أعرفهم يتحدثون معي على أنني ما كنت .
وأنا أمشي في السوق في وسط المدينة تذكرت الشاعر التركي ناظم حكمت وزوجته منور وما آلت إليه علاقتهما بعد انتظار خمسة عشر عاما . كتب الشاعر في الزوجة ولها أجمل الأشعار ولما خرج من السجن والتقيا انفصلا .
هل كان أي منهما ؛ الزوج والزوجة ، غير الذي كان عليه قبل خمسة عشر عاما ؟
صرت مدمنا للوحدة حتى غدت كما قال مظفر النواب عن الغربة : كأن الغربة جرب في جسدي ، والوحدة تقود بالتأكيد إلى الغربة .
ولا أرغب في أن أكتب كلاما معادا مكرورا عن العثة في بلد العسكر ، ففلسطين والعالم العربي والدولة العبرية ، هذه كلها عسكر في عسكر في عسكر ، واسألوا من يحيطون بي .
لا جريغوري في مسخ كافكا ولا يوسف . ك في " المحاكمة " ألم بهما ما ألم بي ، وما يخفف عني أنني على قدر وحدتي وغربتي أكتب عن الشأن العام أكثر مما أكتب عن الشأن الخاص ؛ حزيران الذي لا ينتهي ، ويوميات الست كورونا ، وذاكرة أمس ، وأخيرا يوميات مقتلة غزة ومهلكتها وحرب إبادتها ، وهذا ما يواسيني ويعزيني .
في صفحة شوقيه عروق منصور قرأت اليوم " نحن شعب لا يستحي . ٢٣ قتيلا منذ بداية العام " وهي تقصد ما حدث في المجتمع الفلسطيني في مناطق ١٩٤٨ - يعني قتل سببه الجريمة الاجتماعية لا مقاومة الاحتلال .
وفي صفحة
Dooz دوز
قرأت :
" منذ بداية العام :
جنين ٣٨ قمرا
طوباس ١٥ قمرا
نابلس ٦ أقمار "
وهؤلاء قتلهم جيش الاحتلال الإسرائيلي ، ولا أعرف إن كان من ارتقى في طولكرم منهم .
وفي الموقع نفسه قرأت في هذا الصباح تقريرا عن تهجير سكان مخيم طولكرم أيضا .

ولله الأمر من قبل ومن بعد ! صار الحديث عن التهجير والصمود يكثر في أحاديثنا .
قبل يومين سألتني شابة من غزة عن موقفي :
- هل أنت مع البقاء والصمود أم مع الهجرة ؟
وكانت إجابتي :
- لقد تشربنا أشعار توفيق زياد وسميح القاسم ونثر إميل حبيبي ولطالما كررنا :
- هنا باقون
- و إلى آخر نبض في عروقي سأقاوم
- و باق في حيفا
وأنا كتبت " باق في نابلس " .

حالة تعبانة يا ليلى !
هجرة ما فيش إن شاء الله و " صامدون هنا حتى الجدار الأخير " .
هل نحن من كنا أم أنني واحد غيري ؟

عادل الأسطة
٣ / ٢ / ٢٠٢٥
عادل الاسطة

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى