أ.د. عادل الأسطة - هل سيخرج اليهود الصهيونيون من ذكريات ذاكرتنا؟

في بدايات انتفاضة العام ١٩٨٧ / الانتفاضة الأولى طلب محمود درويش في قصيدته " عابرون في كلام عابر " من المحتلين أن يخرجوا من قمحنا وبرنا وبحرنا وأن يأخذوا معهم موتاهم . طلب منهم أن يخرجوا من كل شيء هنا في فلسطين وأن يخرجوا أيضا من ذكريات الذاكرة .
بعد أن انتهيت أمس من مشاهدة شريطي فيديو تساءلت :
- هل يمكن أن يخرج اليهود الصهيونيون المحتلون حقا من ذكريات ذاكرة الفلسطيني ؟
شريط الفيديو الأول الذي شاهدته يصور إطلاق الجنود الإسرائيليين في طولكرم ، قبل عدة أيام ، النار على الطفل صدام حسين رجب . كان صدام الذي أصيب ، واستشهد لاحقا ، يصرخ : يابا يابا يابا ، وهوى على الأرض .
وشريط الفيديو الثاني يصور جنازة نائب أركان المقاومة الشهيد مروان عيسى في ٧ / ٢ / ٢٠٢٥ . في الجنازة ظهر طفلا المرحوم شرف ويمان ، ولا أظن أن أكبرهما يتجاوز السادسة .
ذكرني الشريط الأول بالطفل الشهيد محمد الدرة الذي احتمى ، من رصاص الجنود ، بأبيه خلف مكعب اسمنتي ، ولم ينج ، فقد ارتقى . كلا الطفلين محمد وصدام ارتعبا من الرصاص فاستنجد كل منهما بأبيه عله يحميه ، ولكن عبثا ، فالأب نفسه ينشد الحماية أيضا ، مثله مثل رئيس الدولة السابق والحالي : احمونا .
وذكرني الشريط الثاني بالصفحتين الأخيرتين من رواية المرحوم يحيى السسنوار " الشوك والقرنفل " ( ٢٠٠٤ ) . تنتهي الرواية بارتقاء شخصيتها المقاومة إبراهيم الذي كان له أيضا طفلان ؛ ياسر وإسراء ، وقد حضرا جنازة والدهما . حمل السارد الشاب أحمد الطفل ياسر على كتفه وحمل أخوه محمود إسراء على كتفه " ومددت يدي لمريم ( زوجة إبراهيم ) ومد محمود يده فإذا بها تناول كل واحد منا بنندقية كلاش ينكوف ... تناولنا البندقيتين ورفعناهما فوق الرؤوس وانطلقنا ... " . وارتفعت الرايات الصفر / فتتح ، والسود / سراييا القدس / ، والخضر / كتائبب عز الدين ... .
حضور طفلي مروان أمس استحضر حضور طفلي إبراهيم .
هل يمكن أن يخرج الغزاة من ذكريات الذاكرة ؟
ولأن السؤال راودني لحظة ذهابي إلى النوم ، فقد ألم بي الخوف من النسيان ، وسرعان ما نهضت فالكتابة قيد و ... .
قد يخرجون من قمحنا ومن برنا ومن بحرنا ولكن هل سيخرجون حقا من ذكريات الذاكرة ؟
الأجواء شديدة البرودة والمدينة لا تنسى . المدينة أيضا لها حلاقها وفصه . تماما المدينة مثل القرية ولها ذاكرتها .

٨ / ٢ / ٢٠٢٥
عادل الأسطة

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى