الشخوص
1- صحفي
2- الزوجة
3- رجل أمن
4- مجموعة مقنعين
المكان:
(منزل شناشيل شبابيكه تطل على حارة قديمة، صور مختلفة وضعت على الحائط دون انتظام، طاولة عليها كاميرا وراديو وبعض الاوراق وشمعة تضيء عتمة المكان.)
الصحفي: العتمة تقتلني، اوقدي مزيدا من الشموع..
الزوجة: لم يبق سوى اثنتين سابقيهما للغد ربما سنبقى دون كهرباء لايام عدة.
الصحفي: عن اي غد تتحدثين..؟ وهل هناك غد آخر..؟
الزوجة: ما هذا الشؤم يا رجل.. كأنك مقدم على خلاصنا.. كن صبورا لم تبق الا ساعات ويبزغ الفجر.
الصحفي: تبا للفجر الذي لا يجيء الا بعد ظلمة قاتلة.
الزوجة: قلت لك اصبر يا رجل..
الصحفي: صبرت كل تلك السنوات على أمل ان تنقضي ايام الخطف والقتل لكنها استفحلت فينا ومضت في اجسادنا مثل سيوف صدئة.
الزوجة: ها انت ذا تعود لاسطوانتك المشروخة، كأنك لم تعش تلك الظروف.. (مؤكدة) يا رجل ! عش يومك وانعم به.
الصحفي: يوم رديء يقودني الى ايام اكثر تعاسة..
الزوجة: سينصلح الحال، تاكد لا شيء يبقى على حاله، ستتغير الايام وستطوى هذه الظروف الصعبة وتصبح شيئا من الذكرى ..
الصحفي: مكتوب علينا ان تكون ذكرياتنا مؤلمة.
الزوجة: تذكّر يوم زواجنا يا رجل.. هل كان مؤلما هو الآخر..؟
الصحفي: صرت اسمّي الايام السعيدة في حياتي ايام شواذ! يوم فرح تليه ايام حزن لا يطاق ..موت امك بالسرطان كان بعد زواجنا باسبوع..ورحيل أبي بالحرب كان بعد زواجنا بشهرين..أيّ ذكرى تريدينني ان استعيدها في هذا المكان المظلم..
الزوجة: العتمة تغنيك عن رؤية ما لم ترغب في رؤيته..
الصحفي: والضوء يفتح كل مسامات الحياة.. لست دودة كي اقضي حياتي في العتمة..أنا بشر..
الزوجة: انت صحفي وعيناك قادرتان على رؤية كل شيء .. تلك الصور التي تركتها في خزانتك تحكي قصصا لم يسمعها احد..
الصحفي: كنت حريصا على ان اكون صوتا للمظلومين في زمن بحت به الاصوات وابتلى الناس بانفسهم..أرأيتِ صورة ذاك الشيخ ذو اللحية البيضاء المتهدلة على صدره..؟ استطعت ان اخرجه من حطام بيته بعد ان اصابته قذيفة مجنونة، حملته على كتفيّ، كان حينها يتمتم بكلمات لم افهمها.
الزوجة: حسنا فعلت اذ انقذته من الموت.
الصحفي: لكني لم استطع ان انقذ طفلة كانت تتشبث بالحطام والدخان كأنني في هذا قد انقذت الماضي ولم اتمكن من انقاذ المستقبل.
الزوجة: هذه ارادة الله..
الصحفي: (غاضبا) لم تكن ارادته ! الله لن يقتل الطفولة.. تلك ارادة القتلة ، ارادة اللاعبين بالبارود ، تجار الحروب، اللاعقين دم الابرياء بنشوة خبيثة.
الزوجة: ليس بايدينا الا الدعاء..
الصحفي: ذاك فعل الجبناء..
الزوجة: بل فعل المؤمنين الراضين بارادته..
الصحفي: (بغضب اشد) ليست ارادته.. ليست ارادة الرحمن الرحيم.. تلك افعال الممسوخين والشياطين..
الزوجة: لا تغضب يا رجل.. اعرف ثقل الالم الذي تحمله ، كل ما عليك هو نقل الحقيقة الى العالم ليوقف هذا النزيف..
الصحفي: العالم اميّ لا يقرأ.. اصمّ لا يسمع.. أعور لا يرى الا ما يرغب في رؤيته..
الزوجة: اذهب الى سريرك انت بحاجة الى النوم.
الصحفي: بانتظاري نوم طويل لا استعجله.. نوم ربما يوقف شريط الذكرى لا تستعجلينني على شيء لا ارغب فيه.
الزوجة: وهل نقضي ليلنا بالثرثرة واللطم على ما فات..؟ هل نحن من يحمل وزر ما يحدث..؟ ما نحن الا واحدة من آلآف العائلات المبتلية بالضيم، ليس بايدينا عصا موسى لنفلق اليأس ونجعله أملا للضعفاء والصابرين.. وليس بأيدينا كرامات عيسى لنغيّر الناس.. هذه هي سنّة الحياة ، بؤس ورفاه ألم وفرح بكاء وضحك حزن وسعادة.. لا نستطيع ان نغيّر الحياة والعالم.
الصحفي: ومن يستطيع فعل ذلك..؟
الزوجة: الله ! الله هو الوحيد الذي يستطيع ان يغيّر الاحوال..
الصحفي: هذا ما يقوله العاجزون.. لا انكر ان الله قادر على كل شيء لكنه وضعنا هنا ومنحنا عقولا واحاسيس وقال اعملوا بها كما تشاؤون..
الزوجة: هو اختبار لنا ، نجحنا او فشلنا ، هو اختبار ليس الا..
الصحفي: يختبرنا الرب في دنياه ونحن عاجزون عن لملمة اشلاء الاطفال..! يختبرنا الرب ونحن فرحون بمرازيب الدم وعويل الثكالى..! يختبرنا الرب ونحن نرقص على حمم الحروب والمجازر..! أيّ رب يرضى بذلك..؟
الزوجة: استغفر ربك يا رجل..
الصحفي: ليت استغفاري يعيد البهاء لتلك الوجوه الكالحة وليته يعيد الفرح لتلك البيوت المظلمة..
الزوجة: (تستغفر) بدأت الشياطين تلعب بك، لا اقول غير هذا..
الصحفي: شياطين الانس تلك التي لا تعرف الله، لا تجير المساكين، ولا ترحم الضعفاء، مكّناهم علينا واستوطنوا فينا وها نحن ندفع الثمن ، ثمن ضعفنا ورضانا بمن استطالت رقابهم وانتفخت كروشهم من لحمنا وقوتنا..
الزوجة: لا تدفع الاثمان هكذا الا اذا كنّا مقتنعين بهم..!
الصحفي: من قال هذا..؟
الزوجة: أنت قلتها يوم اشعلت ايامنا قلقا، وجعلت ساعاتنا حرائق.. رضيت ان تكون لعبة بايديهم..
الصحفي: اللعبة التي تتحدثين عنها قهرها جوعك، انت من دفعني الى نارهم، هل نسيتي ذلك؟ عتبك اليومي وثرثرتك التي لم تنطفئ وانت تلومينني على عزلتي وتدفعينني للعمل في صحف وقنوات تلفازية لا تقدّم الا وجبات دسمة للقابعين في بروج التخمة..
الزوجة: قلت لك اعمل...لم اقل لك كن واحدا منهم.. فأنت صحفي معروف ومن البؤس ان تخفي نفسك في ذاك الدهليز البائس بين صور ما تزيدك الا اضطرابا..
الصحفي: ابحث عن الصدق.. أين هو الصدق..؟ كل تلك الصور التي التقطتها وجمدت فيها تلك الوجوه التي تحمل آيات من الصدق ليس من الانصاف ان تنشر بين اعلانات المطاعم والمراقص وعارضات الاجساد..
الزوجة: وما الذي يهمك من عارضات الاجساد، تلك اخبارهم لا شأن لك بها ولا تحسب عليك، ما يهمك هو ان تقبض حقّك من المال..
الصحفي: (هازئا) المال...؟ تلك هي المشكلة! ان اقبض حقي من المال...(يضحك بسخرية) لا شيء غير المال، قد تركع الكرامة امام المال وتركع الاخلاق امام حفنة من الدنانير .. هي مشكلتنا اذن، المال.... ألا لعنة على المال الذي لوّث البشر.. المال الذي جعلنا نعيش في بقايا بيوت الشناشيل الخانقة .. أتقولين المال..؟ انظري، الى اين اوصلنا ذاك الوسخ..
الزوجة: هناك من يشتري سعاداته بما تسميه الوسخ..
الصحفي: وهناك من يكون سببا لتعاسته هو المال..
الزوجة: (متأففة) اوووووووف، هكذا أنت، تنظر الى الاشياء بالسالب، كن ايجابيا يا رجل ! عش حياتك كما يعيشها الاخرون ، تمتّع بيومك فاليوم الذي يمضي لن يعود..
الصحفي: هل تتذكرين صديقي مقداد..؟
الزوجة: رحمه الله، صاحبك الصحفي الذي اختطفوه وقتلوه..
الصحفي: قتلوه لأنه قال الحقيقة.. كلمات حق قالها لم تعجب الاخرون..
الزوجة: وتريد ان تُقتل انت الآخر..؟
الصحفي: أريد ان اعيش من اجل ان اكمل مشوار الحقيقة وان كلفني حياتي..
الزوجة: (نادبة) يا لبؤسي!! أي قدرٍ هذا.. لو نطقت اخشاب هذا البيت لسمعت منها ما لم تسمعه من أحد..
الصحفي: أتريدينني ان اتخفّى خلف تلك الشبابيك المزركشة، ارى ما يدور هناك ولا استطيع ان افعل شيئا..
الزوجة: (هازئة) اذن انزل للشارع وخذ عصاك واضرب بها كل من يمر امامك لكي تعدل ميزان الحق..
الصحفي: (مع نفسه) يبدو اننا بحاجة الى عصا، عصا غليظة تعيد التوازن الى من فقد توازنه وانجرف مع التيار.. لا بل نحتاج الى نبي ينفخ في تلك الوجوه التي اصطنعتها السلطة وتناست ماكانت عليه.. نحتاج الى نبي يقول ايّاكم والفقراء فانهم احباب الله!
الزوجة: احلم كما تشاء فعصر الانبياء قد ولّى، الفجر على الابواب سأخلد للنوم قبل انطفاء الشمعة الاخيرة..
(الزوجة تذهب بينما الصحفي يكتفي بالنظر لها ، يذهب الى المنضدة حيث جهاز الراديو، يمسكه ويشغله)
الصحفي: نسيت ان اذاعات هذا الزمان تنام في الليل كما الناس، لكن ربما هناك محطات من دول الجوار يستطيع ان يلتقطها هذا المذياع الصغير ..
(يبحث في الراديو عن محطة وتسمع واحدة وهي تذيع تقريرا عن حقوق الانسان)
صوت الراديو: قالت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) إن الصحافة تتواجد في مرمى النيران في شتى أنحاء العالم. ... ويشير التقرير إلى تعرض الصحفيين لاعتداءات جسدية ولفظية في عدد متزايد من البلدان ، مما يهدد قدرتهم على نقل الأنباء والمعلومات إلى الجمهور وقد قتل 530 صحفيا حول العالم ما بين عامي 2012 و2016، من بينهم 191 في المنطقة العربية، تليها دول أميركا اللاتينية بمعدل 125 صحفيا. في حين تفلت من العقاب 90% من الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين.
الصحفي: (يضع الراديو جانبا بعد ان يخفت صوته) كنا ننقل الاخبار فصرنا خبرا.. هذا ما يريدون، لا نعرف من هم فهم كثيرون، يتخفون بوجوه شتى تكاد ان لا تميز بين حقيرهم ومخدوعهم فهم سواء.. ذات اللحى الوسخة، ذات الرائحة التي تزكم الانوف ، ذات العيون الشرهة للاجساد الطريّة الناعمة، يحرمون ويحللون بمزاجيتهم، ربهم المغانم ودينهم القتل، جمّدوا الزمان ورمونا الى الوراء لقرون اكل الدهر عليها وشرب، هم يخدعون الناس ان ما جاءوا به هو التقوى وما عداه فسق، يوهمونهم انهم لسان الله في الارض ويده التي يبطشون بها وعينه التي يراقبون فيها، (مستدركا) لا بل يخادعون انفسهم بانهم هم ظل الله في الارض، أيّ زمان هذا...؟ يتجسسون على بيوت الفقراء، يقتحمونها متى شاؤوا ..
(يعود الى الراديو/ المذياع ويبحث عن محطات اخرى يتوقف عند احداها)
صوت المذيع بالراديو: جيش الاحتلال الاسرائيلي يمنع المصلين من دخول الأقصى ويصيب اربعة فلسطينيين جروح بعضهم خطيرة..
(يدفع بالراديو بعيدا وهو غاضب، ينهض وينظر حيث الراديو وكأنه يكلّم المذيع بسخرية)
الصحفي: الوضع تحت السيطرة، هذا ما يقولون، صغيرهم وكبيرهم، الوضع تحت السيطرة.. كيف..؟ تحت السيطرة والأنوف تمرّغ بالتراب.. (ضاحكا بسخرية) تحت السيطرة والاولاد يخشون الذهاب الى المدارس كي لا تباغتهم رصاصة قنّاص من اولئك الذين يجعلون من اجسادنا هدفا..! تحت السيطرة والبلاد ضاعت والعباد انتشروا في كل بقاع العالم سفراء لسنوات الذل والقتل والتهجير، الوضع تحت السيطرة ، حسنا.. حسنا.. من يسيطر على من؟
(يجلس على الكرسي وهو يقلّب بعض الاوراق الموضوعة على الطاولة)
الصحفي: مرة قال لي عامل في مقهى شعبي، انتم معشر الصحفيين لا تنقلون معاناتنا جيدا.. اعذره طبعا، لأنه لا يعرف بأننا جزء من تلك المعاناة، اعذره لأنه تأثر باولئك المطبلين لسلاطين الليل وتجار الحروب، عامل المقهى واحد من كثيرين في قاع هذه المدينة اختلطت عندهم الامور، لا يفرقون بين الصالح والطالح..
(صوت ديكة في الخارج )
الصحفي: تلك ديكة الفجر تعلن عن انبلاجه، (يكررها بسخرية) انبلاج الفجر، أي فجر هذا..! تلك الديكة المسكينة تصيح منذ زمن بانتظار الفجر الذي لن يجيء، اخفت صوتك ايتها الديكة فالفجر بعيد، وعباءات الليل لن ترفع، لن تستطيعي ان تمزقيها بصوتك وصراخك ايتها الديكة، ليلنا لا يشبه تلك الليالي، ليس كليل العاشقين ، ليس كليل السمّار والندماء والشاربين، ليلنا طاعن بالعتمة، نيوبه حادة شرهة، يخفي بين جوانحه مصائب الطاعنين بالبلوى.. (ينهض صارخا)
يا ليل ! متى تنقضي..
يا ليل! متى ترحل..
يا ليل ! متى ترفع اثقالك عن كاهل المتعبين..
متى تعيد لنا وجه الصباح البهي..؟
(تدخل الزوجه مذعورة بعدما ايقظها صراخ الصحفي)
الزوجة: ما بك يا رجل؟ هل جننت..؟ صوتك وصل الى آخر الدنيا وانت تصرخ.. قلت لك اخرج الى الناس ولا تعذّب نفسك.. طريقتك هذه بالتعامل مع الوضع لا تسرّ احدا..
الصحفي: لأن الوضع تحت السيطرة..! اسكت يا امرأة، انت في عالم وانا في عالم آخر، اتركيني وشأني..
الزوجه: دع الخلق للخالق..!
الصحفي: وهل تركوه وشأنه..؟
الزوجة: تركوا من..؟
الصحفي: الخالق...! هل تركوه وشأنه..؟ انهم يخوضون في كل شيء..
الزوجة: ها نحن نعود الى اسطوانتك المشروخة.. وندور في حلقتك الفارغة ..متى تنتهي منها.
الصحفي: يبدو ان لا انتهاء من كل ما يحصل، اعلمي انه متى ما أرهقت النفوس وتعودت على الذل لا يمكنها ان تستعيد عافيتها..
الزوجة: ها انت ذا تقولها بلسانك ولم يجبرك احد على ذلك، احتفظ بنفسك الزكية ودع الاخرين وشأنهم..
الصحفي: واخوتي الذين راحوا..؟ أتدرين كم عدد الصحفيين الذين اغتيلوا والذين غيبوا ولم نعرف عنهم شيئا حتى الان..؟
الزوجة: اذن، انت تنوي الثأر لاصحابك! لمن ستثأر منهم، واحد اثنين عشرة مئة..؟ لمن ستثأر..؟ لمقداد ام لجمال ام لسعد الياسين ام لاطوار..؟ هم كثيرون، سيكلفك ذلك كثيرا.. (بامتعاض) واسألك يا زوجي الثائر، هل يعيد الثأر من رحلوا..؟
الصحفي: الثأر جريمة لا تقل قبحا عن القتل، هو استنزاف لكل القيم ولعنة ابدية تعقبها كوارث..
الزوجة: أي طريق ستسلكها ما دامت كل الطرق موصدة امامك..؟
الصحفي: لست وحيدا في هذا المخاض، هناك كثيرون مثلي ينتظرون لحظة الخلاص..
الزوجة: أين هم..؟ لم أرهم.. لم أر الاّك في هذه المعمعة..
الصحفي: سترينهم يوم يبدأ الزحف لكنس كل الشياطين والديدان التي علقت بالبلاد حينها ستتفتح القلوب وتنتصر ارادة المغلوبين على امرهم..
الزوجة: أنت تشعرني بالخوف..! صحفي أنت ام سياسي..
الصحفي: قبل ان اكون صحافيا، انا انسان من لحم ودم يشعر بالبلوى ويؤلمه معاناة الناس..
الزوجة: ياااااااه، صرت اخاف اكثر..
الصحفي: ليس اكثر من الخوف الذي يعيشه الناس، هنا كل البيوت مستباحة، لا احد يفلت من نارهم.
(اصوات طرقات شديدة عند الباب)
الزوجة: (بخوف) من هذا الذي يطرق الباب في هذه الساعة..؟
الصحفي: القدر (بسخرية) انه القدر الذي ننتظره..ألم اقل لك لم تعد البيوت آمنة..؟
الزوجة: هل افتح الباب لأرى..؟
الصحفي: (ضاحكا بسخرية) وهل توقفهم مغاليق ابوابنا، سيكسرونها..
(يكسر الباب وتدخل مجموعة من الملثمين يتقدم رجل يحمل جهاز ارسال صغير)
الرجل: (بصوت عال) سيدي، اقتحمنا الوكر.. الوضع تحت السيطرة..
اظلام/
ستار
العراق/البصرة
27 آذار/ مارس 2018
..
1- صحفي
2- الزوجة
3- رجل أمن
4- مجموعة مقنعين
المكان:
(منزل شناشيل شبابيكه تطل على حارة قديمة، صور مختلفة وضعت على الحائط دون انتظام، طاولة عليها كاميرا وراديو وبعض الاوراق وشمعة تضيء عتمة المكان.)
الصحفي: العتمة تقتلني، اوقدي مزيدا من الشموع..
الزوجة: لم يبق سوى اثنتين سابقيهما للغد ربما سنبقى دون كهرباء لايام عدة.
الصحفي: عن اي غد تتحدثين..؟ وهل هناك غد آخر..؟
الزوجة: ما هذا الشؤم يا رجل.. كأنك مقدم على خلاصنا.. كن صبورا لم تبق الا ساعات ويبزغ الفجر.
الصحفي: تبا للفجر الذي لا يجيء الا بعد ظلمة قاتلة.
الزوجة: قلت لك اصبر يا رجل..
الصحفي: صبرت كل تلك السنوات على أمل ان تنقضي ايام الخطف والقتل لكنها استفحلت فينا ومضت في اجسادنا مثل سيوف صدئة.
الزوجة: ها انت ذا تعود لاسطوانتك المشروخة، كأنك لم تعش تلك الظروف.. (مؤكدة) يا رجل ! عش يومك وانعم به.
الصحفي: يوم رديء يقودني الى ايام اكثر تعاسة..
الزوجة: سينصلح الحال، تاكد لا شيء يبقى على حاله، ستتغير الايام وستطوى هذه الظروف الصعبة وتصبح شيئا من الذكرى ..
الصحفي: مكتوب علينا ان تكون ذكرياتنا مؤلمة.
الزوجة: تذكّر يوم زواجنا يا رجل.. هل كان مؤلما هو الآخر..؟
الصحفي: صرت اسمّي الايام السعيدة في حياتي ايام شواذ! يوم فرح تليه ايام حزن لا يطاق ..موت امك بالسرطان كان بعد زواجنا باسبوع..ورحيل أبي بالحرب كان بعد زواجنا بشهرين..أيّ ذكرى تريدينني ان استعيدها في هذا المكان المظلم..
الزوجة: العتمة تغنيك عن رؤية ما لم ترغب في رؤيته..
الصحفي: والضوء يفتح كل مسامات الحياة.. لست دودة كي اقضي حياتي في العتمة..أنا بشر..
الزوجة: انت صحفي وعيناك قادرتان على رؤية كل شيء .. تلك الصور التي تركتها في خزانتك تحكي قصصا لم يسمعها احد..
الصحفي: كنت حريصا على ان اكون صوتا للمظلومين في زمن بحت به الاصوات وابتلى الناس بانفسهم..أرأيتِ صورة ذاك الشيخ ذو اللحية البيضاء المتهدلة على صدره..؟ استطعت ان اخرجه من حطام بيته بعد ان اصابته قذيفة مجنونة، حملته على كتفيّ، كان حينها يتمتم بكلمات لم افهمها.
الزوجة: حسنا فعلت اذ انقذته من الموت.
الصحفي: لكني لم استطع ان انقذ طفلة كانت تتشبث بالحطام والدخان كأنني في هذا قد انقذت الماضي ولم اتمكن من انقاذ المستقبل.
الزوجة: هذه ارادة الله..
الصحفي: (غاضبا) لم تكن ارادته ! الله لن يقتل الطفولة.. تلك ارادة القتلة ، ارادة اللاعبين بالبارود ، تجار الحروب، اللاعقين دم الابرياء بنشوة خبيثة.
الزوجة: ليس بايدينا الا الدعاء..
الصحفي: ذاك فعل الجبناء..
الزوجة: بل فعل المؤمنين الراضين بارادته..
الصحفي: (بغضب اشد) ليست ارادته.. ليست ارادة الرحمن الرحيم.. تلك افعال الممسوخين والشياطين..
الزوجة: لا تغضب يا رجل.. اعرف ثقل الالم الذي تحمله ، كل ما عليك هو نقل الحقيقة الى العالم ليوقف هذا النزيف..
الصحفي: العالم اميّ لا يقرأ.. اصمّ لا يسمع.. أعور لا يرى الا ما يرغب في رؤيته..
الزوجة: اذهب الى سريرك انت بحاجة الى النوم.
الصحفي: بانتظاري نوم طويل لا استعجله.. نوم ربما يوقف شريط الذكرى لا تستعجلينني على شيء لا ارغب فيه.
الزوجة: وهل نقضي ليلنا بالثرثرة واللطم على ما فات..؟ هل نحن من يحمل وزر ما يحدث..؟ ما نحن الا واحدة من آلآف العائلات المبتلية بالضيم، ليس بايدينا عصا موسى لنفلق اليأس ونجعله أملا للضعفاء والصابرين.. وليس بأيدينا كرامات عيسى لنغيّر الناس.. هذه هي سنّة الحياة ، بؤس ورفاه ألم وفرح بكاء وضحك حزن وسعادة.. لا نستطيع ان نغيّر الحياة والعالم.
الصحفي: ومن يستطيع فعل ذلك..؟
الزوجة: الله ! الله هو الوحيد الذي يستطيع ان يغيّر الاحوال..
الصحفي: هذا ما يقوله العاجزون.. لا انكر ان الله قادر على كل شيء لكنه وضعنا هنا ومنحنا عقولا واحاسيس وقال اعملوا بها كما تشاؤون..
الزوجة: هو اختبار لنا ، نجحنا او فشلنا ، هو اختبار ليس الا..
الصحفي: يختبرنا الرب في دنياه ونحن عاجزون عن لملمة اشلاء الاطفال..! يختبرنا الرب ونحن فرحون بمرازيب الدم وعويل الثكالى..! يختبرنا الرب ونحن نرقص على حمم الحروب والمجازر..! أيّ رب يرضى بذلك..؟
الزوجة: استغفر ربك يا رجل..
الصحفي: ليت استغفاري يعيد البهاء لتلك الوجوه الكالحة وليته يعيد الفرح لتلك البيوت المظلمة..
الزوجة: (تستغفر) بدأت الشياطين تلعب بك، لا اقول غير هذا..
الصحفي: شياطين الانس تلك التي لا تعرف الله، لا تجير المساكين، ولا ترحم الضعفاء، مكّناهم علينا واستوطنوا فينا وها نحن ندفع الثمن ، ثمن ضعفنا ورضانا بمن استطالت رقابهم وانتفخت كروشهم من لحمنا وقوتنا..
الزوجة: لا تدفع الاثمان هكذا الا اذا كنّا مقتنعين بهم..!
الصحفي: من قال هذا..؟
الزوجة: أنت قلتها يوم اشعلت ايامنا قلقا، وجعلت ساعاتنا حرائق.. رضيت ان تكون لعبة بايديهم..
الصحفي: اللعبة التي تتحدثين عنها قهرها جوعك، انت من دفعني الى نارهم، هل نسيتي ذلك؟ عتبك اليومي وثرثرتك التي لم تنطفئ وانت تلومينني على عزلتي وتدفعينني للعمل في صحف وقنوات تلفازية لا تقدّم الا وجبات دسمة للقابعين في بروج التخمة..
الزوجة: قلت لك اعمل...لم اقل لك كن واحدا منهم.. فأنت صحفي معروف ومن البؤس ان تخفي نفسك في ذاك الدهليز البائس بين صور ما تزيدك الا اضطرابا..
الصحفي: ابحث عن الصدق.. أين هو الصدق..؟ كل تلك الصور التي التقطتها وجمدت فيها تلك الوجوه التي تحمل آيات من الصدق ليس من الانصاف ان تنشر بين اعلانات المطاعم والمراقص وعارضات الاجساد..
الزوجة: وما الذي يهمك من عارضات الاجساد، تلك اخبارهم لا شأن لك بها ولا تحسب عليك، ما يهمك هو ان تقبض حقّك من المال..
الصحفي: (هازئا) المال...؟ تلك هي المشكلة! ان اقبض حقي من المال...(يضحك بسخرية) لا شيء غير المال، قد تركع الكرامة امام المال وتركع الاخلاق امام حفنة من الدنانير .. هي مشكلتنا اذن، المال.... ألا لعنة على المال الذي لوّث البشر.. المال الذي جعلنا نعيش في بقايا بيوت الشناشيل الخانقة .. أتقولين المال..؟ انظري، الى اين اوصلنا ذاك الوسخ..
الزوجة: هناك من يشتري سعاداته بما تسميه الوسخ..
الصحفي: وهناك من يكون سببا لتعاسته هو المال..
الزوجة: (متأففة) اوووووووف، هكذا أنت، تنظر الى الاشياء بالسالب، كن ايجابيا يا رجل ! عش حياتك كما يعيشها الاخرون ، تمتّع بيومك فاليوم الذي يمضي لن يعود..
الصحفي: هل تتذكرين صديقي مقداد..؟
الزوجة: رحمه الله، صاحبك الصحفي الذي اختطفوه وقتلوه..
الصحفي: قتلوه لأنه قال الحقيقة.. كلمات حق قالها لم تعجب الاخرون..
الزوجة: وتريد ان تُقتل انت الآخر..؟
الصحفي: أريد ان اعيش من اجل ان اكمل مشوار الحقيقة وان كلفني حياتي..
الزوجة: (نادبة) يا لبؤسي!! أي قدرٍ هذا.. لو نطقت اخشاب هذا البيت لسمعت منها ما لم تسمعه من أحد..
الصحفي: أتريدينني ان اتخفّى خلف تلك الشبابيك المزركشة، ارى ما يدور هناك ولا استطيع ان افعل شيئا..
الزوجة: (هازئة) اذن انزل للشارع وخذ عصاك واضرب بها كل من يمر امامك لكي تعدل ميزان الحق..
الصحفي: (مع نفسه) يبدو اننا بحاجة الى عصا، عصا غليظة تعيد التوازن الى من فقد توازنه وانجرف مع التيار.. لا بل نحتاج الى نبي ينفخ في تلك الوجوه التي اصطنعتها السلطة وتناست ماكانت عليه.. نحتاج الى نبي يقول ايّاكم والفقراء فانهم احباب الله!
الزوجة: احلم كما تشاء فعصر الانبياء قد ولّى، الفجر على الابواب سأخلد للنوم قبل انطفاء الشمعة الاخيرة..
(الزوجة تذهب بينما الصحفي يكتفي بالنظر لها ، يذهب الى المنضدة حيث جهاز الراديو، يمسكه ويشغله)
الصحفي: نسيت ان اذاعات هذا الزمان تنام في الليل كما الناس، لكن ربما هناك محطات من دول الجوار يستطيع ان يلتقطها هذا المذياع الصغير ..
(يبحث في الراديو عن محطة وتسمع واحدة وهي تذيع تقريرا عن حقوق الانسان)
صوت الراديو: قالت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) إن الصحافة تتواجد في مرمى النيران في شتى أنحاء العالم. ... ويشير التقرير إلى تعرض الصحفيين لاعتداءات جسدية ولفظية في عدد متزايد من البلدان ، مما يهدد قدرتهم على نقل الأنباء والمعلومات إلى الجمهور وقد قتل 530 صحفيا حول العالم ما بين عامي 2012 و2016، من بينهم 191 في المنطقة العربية، تليها دول أميركا اللاتينية بمعدل 125 صحفيا. في حين تفلت من العقاب 90% من الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين.
الصحفي: (يضع الراديو جانبا بعد ان يخفت صوته) كنا ننقل الاخبار فصرنا خبرا.. هذا ما يريدون، لا نعرف من هم فهم كثيرون، يتخفون بوجوه شتى تكاد ان لا تميز بين حقيرهم ومخدوعهم فهم سواء.. ذات اللحى الوسخة، ذات الرائحة التي تزكم الانوف ، ذات العيون الشرهة للاجساد الطريّة الناعمة، يحرمون ويحللون بمزاجيتهم، ربهم المغانم ودينهم القتل، جمّدوا الزمان ورمونا الى الوراء لقرون اكل الدهر عليها وشرب، هم يخدعون الناس ان ما جاءوا به هو التقوى وما عداه فسق، يوهمونهم انهم لسان الله في الارض ويده التي يبطشون بها وعينه التي يراقبون فيها، (مستدركا) لا بل يخادعون انفسهم بانهم هم ظل الله في الارض، أيّ زمان هذا...؟ يتجسسون على بيوت الفقراء، يقتحمونها متى شاؤوا ..
(يعود الى الراديو/ المذياع ويبحث عن محطات اخرى يتوقف عند احداها)
صوت المذيع بالراديو: جيش الاحتلال الاسرائيلي يمنع المصلين من دخول الأقصى ويصيب اربعة فلسطينيين جروح بعضهم خطيرة..
(يدفع بالراديو بعيدا وهو غاضب، ينهض وينظر حيث الراديو وكأنه يكلّم المذيع بسخرية)
الصحفي: الوضع تحت السيطرة، هذا ما يقولون، صغيرهم وكبيرهم، الوضع تحت السيطرة.. كيف..؟ تحت السيطرة والأنوف تمرّغ بالتراب.. (ضاحكا بسخرية) تحت السيطرة والاولاد يخشون الذهاب الى المدارس كي لا تباغتهم رصاصة قنّاص من اولئك الذين يجعلون من اجسادنا هدفا..! تحت السيطرة والبلاد ضاعت والعباد انتشروا في كل بقاع العالم سفراء لسنوات الذل والقتل والتهجير، الوضع تحت السيطرة ، حسنا.. حسنا.. من يسيطر على من؟
(يجلس على الكرسي وهو يقلّب بعض الاوراق الموضوعة على الطاولة)
الصحفي: مرة قال لي عامل في مقهى شعبي، انتم معشر الصحفيين لا تنقلون معاناتنا جيدا.. اعذره طبعا، لأنه لا يعرف بأننا جزء من تلك المعاناة، اعذره لأنه تأثر باولئك المطبلين لسلاطين الليل وتجار الحروب، عامل المقهى واحد من كثيرين في قاع هذه المدينة اختلطت عندهم الامور، لا يفرقون بين الصالح والطالح..
(صوت ديكة في الخارج )
الصحفي: تلك ديكة الفجر تعلن عن انبلاجه، (يكررها بسخرية) انبلاج الفجر، أي فجر هذا..! تلك الديكة المسكينة تصيح منذ زمن بانتظار الفجر الذي لن يجيء، اخفت صوتك ايتها الديكة فالفجر بعيد، وعباءات الليل لن ترفع، لن تستطيعي ان تمزقيها بصوتك وصراخك ايتها الديكة، ليلنا لا يشبه تلك الليالي، ليس كليل العاشقين ، ليس كليل السمّار والندماء والشاربين، ليلنا طاعن بالعتمة، نيوبه حادة شرهة، يخفي بين جوانحه مصائب الطاعنين بالبلوى.. (ينهض صارخا)
يا ليل ! متى تنقضي..
يا ليل! متى ترحل..
يا ليل ! متى ترفع اثقالك عن كاهل المتعبين..
متى تعيد لنا وجه الصباح البهي..؟
(تدخل الزوجه مذعورة بعدما ايقظها صراخ الصحفي)
الزوجة: ما بك يا رجل؟ هل جننت..؟ صوتك وصل الى آخر الدنيا وانت تصرخ.. قلت لك اخرج الى الناس ولا تعذّب نفسك.. طريقتك هذه بالتعامل مع الوضع لا تسرّ احدا..
الصحفي: لأن الوضع تحت السيطرة..! اسكت يا امرأة، انت في عالم وانا في عالم آخر، اتركيني وشأني..
الزوجه: دع الخلق للخالق..!
الصحفي: وهل تركوه وشأنه..؟
الزوجة: تركوا من..؟
الصحفي: الخالق...! هل تركوه وشأنه..؟ انهم يخوضون في كل شيء..
الزوجة: ها نحن نعود الى اسطوانتك المشروخة.. وندور في حلقتك الفارغة ..متى تنتهي منها.
الصحفي: يبدو ان لا انتهاء من كل ما يحصل، اعلمي انه متى ما أرهقت النفوس وتعودت على الذل لا يمكنها ان تستعيد عافيتها..
الزوجة: ها انت ذا تقولها بلسانك ولم يجبرك احد على ذلك، احتفظ بنفسك الزكية ودع الاخرين وشأنهم..
الصحفي: واخوتي الذين راحوا..؟ أتدرين كم عدد الصحفيين الذين اغتيلوا والذين غيبوا ولم نعرف عنهم شيئا حتى الان..؟
الزوجة: اذن، انت تنوي الثأر لاصحابك! لمن ستثأر منهم، واحد اثنين عشرة مئة..؟ لمن ستثأر..؟ لمقداد ام لجمال ام لسعد الياسين ام لاطوار..؟ هم كثيرون، سيكلفك ذلك كثيرا.. (بامتعاض) واسألك يا زوجي الثائر، هل يعيد الثأر من رحلوا..؟
الصحفي: الثأر جريمة لا تقل قبحا عن القتل، هو استنزاف لكل القيم ولعنة ابدية تعقبها كوارث..
الزوجة: أي طريق ستسلكها ما دامت كل الطرق موصدة امامك..؟
الصحفي: لست وحيدا في هذا المخاض، هناك كثيرون مثلي ينتظرون لحظة الخلاص..
الزوجة: أين هم..؟ لم أرهم.. لم أر الاّك في هذه المعمعة..
الصحفي: سترينهم يوم يبدأ الزحف لكنس كل الشياطين والديدان التي علقت بالبلاد حينها ستتفتح القلوب وتنتصر ارادة المغلوبين على امرهم..
الزوجة: أنت تشعرني بالخوف..! صحفي أنت ام سياسي..
الصحفي: قبل ان اكون صحافيا، انا انسان من لحم ودم يشعر بالبلوى ويؤلمه معاناة الناس..
الزوجة: ياااااااه، صرت اخاف اكثر..
الصحفي: ليس اكثر من الخوف الذي يعيشه الناس، هنا كل البيوت مستباحة، لا احد يفلت من نارهم.
(اصوات طرقات شديدة عند الباب)
الزوجة: (بخوف) من هذا الذي يطرق الباب في هذه الساعة..؟
الصحفي: القدر (بسخرية) انه القدر الذي ننتظره..ألم اقل لك لم تعد البيوت آمنة..؟
الزوجة: هل افتح الباب لأرى..؟
الصحفي: (ضاحكا بسخرية) وهل توقفهم مغاليق ابوابنا، سيكسرونها..
(يكسر الباب وتدخل مجموعة من الملثمين يتقدم رجل يحمل جهاز ارسال صغير)
الرجل: (بصوت عال) سيدي، اقتحمنا الوكر.. الوضع تحت السيطرة..
اظلام/
ستار
العراق/البصرة
27 آذار/ مارس 2018
..