منذ أن تلقيت دعوة لحضور لقاء قصصي، وأنا في حيرة من أمري، وهي حيرة أو إحساس يستبد بي غالبا في مثل هذه المناسبات، إذ أتهيب دائما من قراءة قصة قصيرة أمام جمع من الناس، ربما لأن قراءة مثل هذا الجنس الأدبي يحتاج إلى متابعة دقيقة، وتركيز أكثر، ولأن القصة تحتوي على سرد وعلى أحداث يربطها خط محوري أو حبكة لها خطها المميز، وأي سهو بسيط قد يفقد المتابعة الخطية، ويجعل استمرارها أمرا عسيرا بسبب الثغرات التي تسود النص في مثل هذه الحالة..
فكرت أن الأمر مختلف كثيرا بالنسبة للقاء شعري، فإلقاء القصيدة لايشبه البتة إلقاء القصة، ربما لأن الطابع التأثيري والانفعالي في القصيدة هو أكثر حضورا مقارنة مع القصة، وحتى وإن سها السامع عن متابعة سطر أو سطرين، أو .. بيت أو بيتين، فغالبا يبقى للقصيدة تأثيرها وحضورها في سمع المتلقي الحاضر ..
ثم أعتقد أن إلقاء القصيدة يستعين غالبا بصوت جهوري تسعفه نبراته القوية ومواصفاته الصوتية، وعلى سبيل الدعابة يمكن القول إن بعض الشعراء لهم من الملكات الإلقائية والصوتية ما يجعلهم قادرين على شد انتباه السامعين، وإيقاظ بعض من تغلبهم غفوة أو سنة من النوم..حتى وإن لم يقولوا شيئا..
هذه القدرة قد لاتسعف القاص، لأن الطابع الفكري والحدثي يرغمه في الغالب على نوع من الإلقاء الذي تقل فيه أو تنعدم تلك اللهجة الخطابية التي يتميز بها الشعر.. او بعض الشعر..
ربما أكون مخطئا أو غير مصيب فيما أعتقده، لكنني أنقل هنا هواجس تعتريني كلما احتوتني مناسبة كهذه.. ولعلي كررت ذكر هذا الشعور بسبب إشارتي إليه في البداية لكنه تكرار يؤكد اضطرابي الذي أتحدث عنه هنا ..
لابد أن أشير أيضا إلى حيرتي في اختيار الموضوع المناسب، والذي ينال رضى الحاضرين، ولا يتوقف الأمر على الموضوع بل يتعلق الأمر أيضا بخصوصية السرد، هل سأسقط في نوع تقليدي يراه البعض متجاوزا لموضة العصر، أم أحاول سردا يسمونه حديثا أو حداثيا .. لاأعرف، لكن قد أنحرف هنا عن خط الحداثة المطلوبة، والحبكة المتطورة المرغوبة، فتكون الطامة الكبرى، وأصنف ضمن الكتاب الفاشلين، أو الكتبة غير المتوفقين المحظوظين..
أرأيتم أيها الحضور الكريم، كم هو صعب أن يحسم المرء في مثل هذه المواقف، قد لاتتفقون معي طبعا، وقد تعتبرونني مبالغا، لكن لاحيلة لدي، ويشفع لي كونُه إحساسا صادقا لاأتصنعه..
فكرت أيضا في أن أتجنب القصة القصيرة، وأجرب حظي مع الققجة، أقصد ما يسمونه بالقصة القصيرة جدا، فهو جنس تعاطى له الكثيرون، ولعله لايكلف خبرة كثيرة بسبب العدد الهائل من مريدي هذا النوع من السرد، ثم هو سرد سريع خاطف، يشبه طلقات رشاش سريع، لذا لايُخشى معه من ملل يصيب الحاضرين، أو غفوة تمنعهم من متابعة صوتك مهما كان ما يحمله من مضمون .. يكفي أن تلقي بضعة نصوص سريعة وينتهي الأمر، فتعود سالما غانما إلى مكانك، تشيعك تصفيقات حادة أو غير حادة لايهم، مادمت قد قمت بمهمتك وأنجزت ماطلب منك .
لكن .. طبعا هناك لكن دائما .. قد لايصيبني التوفيق في هذا الجنس اللعين الذي يستسهله الكثيرون، فالأمر ليس بسيطا كما يبدو، والمغامرة في هذا الجنس الأدبي دون سلاح قد تجعلني مهزلة القوم، فلأتجنب الكارثة، ولأحافظ على بعض كرامتي..
بعد هذا .. مازال المشكل قائما، ومازلت في حيرة من أمري، ومازال التردد حليفي.. فكيف الخلاص ياسادة، ربما سأعتذر لكم وألغي مشاركتي القصصية للأسباب السالفة .. معذرة إذن .. و .. لحظة، لم لاأعتبر ما أسلفته قصة؟ تلغي عدم مشاركتي .. لم لا إذن ؟ ..
نعم ... هي قصة .. وإذن ... فقد كتبت القصة .. وأنهيت القصة
فعذرا على الإزعاج
وشكرا جزيلا على انتباهكم
24/02/2016
فكرت أن الأمر مختلف كثيرا بالنسبة للقاء شعري، فإلقاء القصيدة لايشبه البتة إلقاء القصة، ربما لأن الطابع التأثيري والانفعالي في القصيدة هو أكثر حضورا مقارنة مع القصة، وحتى وإن سها السامع عن متابعة سطر أو سطرين، أو .. بيت أو بيتين، فغالبا يبقى للقصيدة تأثيرها وحضورها في سمع المتلقي الحاضر ..
ثم أعتقد أن إلقاء القصيدة يستعين غالبا بصوت جهوري تسعفه نبراته القوية ومواصفاته الصوتية، وعلى سبيل الدعابة يمكن القول إن بعض الشعراء لهم من الملكات الإلقائية والصوتية ما يجعلهم قادرين على شد انتباه السامعين، وإيقاظ بعض من تغلبهم غفوة أو سنة من النوم..حتى وإن لم يقولوا شيئا..
هذه القدرة قد لاتسعف القاص، لأن الطابع الفكري والحدثي يرغمه في الغالب على نوع من الإلقاء الذي تقل فيه أو تنعدم تلك اللهجة الخطابية التي يتميز بها الشعر.. او بعض الشعر..
ربما أكون مخطئا أو غير مصيب فيما أعتقده، لكنني أنقل هنا هواجس تعتريني كلما احتوتني مناسبة كهذه.. ولعلي كررت ذكر هذا الشعور بسبب إشارتي إليه في البداية لكنه تكرار يؤكد اضطرابي الذي أتحدث عنه هنا ..
لابد أن أشير أيضا إلى حيرتي في اختيار الموضوع المناسب، والذي ينال رضى الحاضرين، ولا يتوقف الأمر على الموضوع بل يتعلق الأمر أيضا بخصوصية السرد، هل سأسقط في نوع تقليدي يراه البعض متجاوزا لموضة العصر، أم أحاول سردا يسمونه حديثا أو حداثيا .. لاأعرف، لكن قد أنحرف هنا عن خط الحداثة المطلوبة، والحبكة المتطورة المرغوبة، فتكون الطامة الكبرى، وأصنف ضمن الكتاب الفاشلين، أو الكتبة غير المتوفقين المحظوظين..
أرأيتم أيها الحضور الكريم، كم هو صعب أن يحسم المرء في مثل هذه المواقف، قد لاتتفقون معي طبعا، وقد تعتبرونني مبالغا، لكن لاحيلة لدي، ويشفع لي كونُه إحساسا صادقا لاأتصنعه..
فكرت أيضا في أن أتجنب القصة القصيرة، وأجرب حظي مع الققجة، أقصد ما يسمونه بالقصة القصيرة جدا، فهو جنس تعاطى له الكثيرون، ولعله لايكلف خبرة كثيرة بسبب العدد الهائل من مريدي هذا النوع من السرد، ثم هو سرد سريع خاطف، يشبه طلقات رشاش سريع، لذا لايُخشى معه من ملل يصيب الحاضرين، أو غفوة تمنعهم من متابعة صوتك مهما كان ما يحمله من مضمون .. يكفي أن تلقي بضعة نصوص سريعة وينتهي الأمر، فتعود سالما غانما إلى مكانك، تشيعك تصفيقات حادة أو غير حادة لايهم، مادمت قد قمت بمهمتك وأنجزت ماطلب منك .
لكن .. طبعا هناك لكن دائما .. قد لايصيبني التوفيق في هذا الجنس اللعين الذي يستسهله الكثيرون، فالأمر ليس بسيطا كما يبدو، والمغامرة في هذا الجنس الأدبي دون سلاح قد تجعلني مهزلة القوم، فلأتجنب الكارثة، ولأحافظ على بعض كرامتي..
بعد هذا .. مازال المشكل قائما، ومازلت في حيرة من أمري، ومازال التردد حليفي.. فكيف الخلاص ياسادة، ربما سأعتذر لكم وألغي مشاركتي القصصية للأسباب السالفة .. معذرة إذن .. و .. لحظة، لم لاأعتبر ما أسلفته قصة؟ تلغي عدم مشاركتي .. لم لا إذن ؟ ..
نعم ... هي قصة .. وإذن ... فقد كتبت القصة .. وأنهيت القصة
فعذرا على الإزعاج
وشكرا جزيلا على انتباهكم
24/02/2016
الطريف أنني قرأت هذا النص في لقاء سردي معين، وعندما انتهيت، علق قاص معروف مؤكدا أن قراءتي الاعتذارية هذه لن تشفع لي في عدم قراءة نص قصصي، وهو أمر ـ حسب تدخله ـ لايمكنني " التنصل " منه .. فما كان مني إلا أن أقرأ نصا قصصيا خاليا من كل " مواربة " ... علمت حينها أن بعض المتلقين قد يعتبرون النص إخبارا موضوعيا وليس سردا .. بالنسبة لي كتبت نصوصا عدة في هذا السياق " الميتانصي " إن صح التعبير، وأجد نفسي منساقا إليها باستمرار ,,