الكَثْرَةُ والكِثْرَةُ والكُثْرُ: نَقِيضُ القِلَّةِ، وَلَا تَقُلِ الكِثْرَةُ بِالكَسر ؛ فاِنها لُغَةٌ رَدِيئَةٌ ، وَقَوْمٌ كَثِيرٌ وَهُم كَثِيرُونَ . وشَيءٌ (قَلِيلٌ) وجمعه (قُلُلٌ) مثل : سَرِيرٍ وَسُرُرٍ ، وَقَوْمٌ (قَلِيلُونَ) وَ(قَلِيلٌ) أَيضا، و (قَلَّ) الشَّيءُ يَقِلُّ بالكسر (قِلَّةً) .
وفي القرآن الكريم وردت الصيغ الآتية، (كثير),و(أكثر) أفعل تفضيل، و(كَثُر), و(تكاثر),و(أكثر) فعل ماض، و(كَثْرة)، و(استكثر) . (قليل)، و(أقلّ)، و(قلّ) .
ومادة (كثر) وردت (159) مرة، ومادة (قلّ) وردت (43) مرة . فكانت مادة (كثر) أكثر ورودا واشتقاقا . استعمل القرآن الكريم كلمة (الكثير) التي تدل على الكثرة، ولم يجمعها جمع المذكر السالم كما ورد في المعاجم العربية أي : لم يقل : كثيرون أو كثيرين، قال الله عزّ وجل (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ)، وقال : (كَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ)، كذلك كلمة (قليل)، كقوله تعالى (ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ)، ولم تأت مجموعة إلا في سورة الشعراء في قوله تعالى (إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ)، وهذا ما حكاه الله سبحانه عن فرعون والمعنى : إن موسى وقومه عصبة قليلة، فهم قليلون بالنسبة إلى أتباع فرعون، وفي جمع كلمة (قليل) نكتة، فقيل: إنّ فرعون قللهم من أربعة أوجه وهم ستمائة ألف فعبر عنهم بالشرذمة وهي الجماعة القليلة، ثم وصفهم بالقلة، وجمع وصفهم جمع المذكر السالم ليعلم أنهم أسباط وكل سبط منهم قليل، واختار جمع السلامة ليفيد القلة . وقال الفراء في ذلك : (عصبة قليلة ، وقليلون وكثيرون . وأكثر كلام العرب أن يقولوا : قومك قليل وقومنا كثير . وقليلون وكثيرون : جائز عربيّ ... وجاز الجمع إذا كانت القلة تلزم جميعهم في المعنى)، والأقوى عندي قول الزمخشري : (ويجوز أن يريد بالقلة : الذلة والقماءة ، ولا يريد قلة العدد ، والمعنى : انهم لقلتهم لا يبالي بهم ولا تتوقع غفلتهم) . ومما ورد في قلة العدد قوله تعالى (وَمَآ آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ)، والمعنى : الذين دخلوا السفينة مع نوح (عليه السلام) جماعة قليلة، ولم يقل : قليلون، وهذا يقوي رأي الزمخشري ؛ لأن هذا الجمع فيه زيادة في احتقارهم واستصغار شأنهم، وليس المقصود بيان قلة عددهم، علاوة على ذلك فإن الصفة هنا لا تطابق الموصوف في اللفظ فشرذمة مفرد في اللفظ وجمع في المعنى، وقليلون جمع في اللفظ وفي ذلك مبالغة في لصوق الوصف بالموصوف، وقيل : كلا اللفظين جائز كما أفرد في قوله تعالى (كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ) . ليدل بجمعه على تناهيهم في القلة . وبنظرة إلى الآيات الكريمة يتضح أن كلمة (قليلون) قد وافقت رؤوس الآيات القرآنية فيكون الاستعمال مقصودا في لفظه ومعناه .
ويجوز لك الإخبار عن (أكثر)، و(قليل) بالإفراد فيكون ذلك مراعاة للفظ أو الجمع فيكون مراعاة للمعنى فتقول : أكثر القضاة عادل، وأكثر القضاة عادلون، قال تعالى (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ)، وقال (وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ) .
د. محمد نوري جواد
وفي القرآن الكريم وردت الصيغ الآتية، (كثير),و(أكثر) أفعل تفضيل، و(كَثُر), و(تكاثر),و(أكثر) فعل ماض، و(كَثْرة)، و(استكثر) . (قليل)، و(أقلّ)، و(قلّ) .
ومادة (كثر) وردت (159) مرة، ومادة (قلّ) وردت (43) مرة . فكانت مادة (كثر) أكثر ورودا واشتقاقا . استعمل القرآن الكريم كلمة (الكثير) التي تدل على الكثرة، ولم يجمعها جمع المذكر السالم كما ورد في المعاجم العربية أي : لم يقل : كثيرون أو كثيرين، قال الله عزّ وجل (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ)، وقال : (كَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ)، كذلك كلمة (قليل)، كقوله تعالى (ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ)، ولم تأت مجموعة إلا في سورة الشعراء في قوله تعالى (إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ)، وهذا ما حكاه الله سبحانه عن فرعون والمعنى : إن موسى وقومه عصبة قليلة، فهم قليلون بالنسبة إلى أتباع فرعون، وفي جمع كلمة (قليل) نكتة، فقيل: إنّ فرعون قللهم من أربعة أوجه وهم ستمائة ألف فعبر عنهم بالشرذمة وهي الجماعة القليلة، ثم وصفهم بالقلة، وجمع وصفهم جمع المذكر السالم ليعلم أنهم أسباط وكل سبط منهم قليل، واختار جمع السلامة ليفيد القلة . وقال الفراء في ذلك : (عصبة قليلة ، وقليلون وكثيرون . وأكثر كلام العرب أن يقولوا : قومك قليل وقومنا كثير . وقليلون وكثيرون : جائز عربيّ ... وجاز الجمع إذا كانت القلة تلزم جميعهم في المعنى)، والأقوى عندي قول الزمخشري : (ويجوز أن يريد بالقلة : الذلة والقماءة ، ولا يريد قلة العدد ، والمعنى : انهم لقلتهم لا يبالي بهم ولا تتوقع غفلتهم) . ومما ورد في قلة العدد قوله تعالى (وَمَآ آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ)، والمعنى : الذين دخلوا السفينة مع نوح (عليه السلام) جماعة قليلة، ولم يقل : قليلون، وهذا يقوي رأي الزمخشري ؛ لأن هذا الجمع فيه زيادة في احتقارهم واستصغار شأنهم، وليس المقصود بيان قلة عددهم، علاوة على ذلك فإن الصفة هنا لا تطابق الموصوف في اللفظ فشرذمة مفرد في اللفظ وجمع في المعنى، وقليلون جمع في اللفظ وفي ذلك مبالغة في لصوق الوصف بالموصوف، وقيل : كلا اللفظين جائز كما أفرد في قوله تعالى (كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ) . ليدل بجمعه على تناهيهم في القلة . وبنظرة إلى الآيات الكريمة يتضح أن كلمة (قليلون) قد وافقت رؤوس الآيات القرآنية فيكون الاستعمال مقصودا في لفظه ومعناه .
ويجوز لك الإخبار عن (أكثر)، و(قليل) بالإفراد فيكون ذلك مراعاة للفظ أو الجمع فيكون مراعاة للمعنى فتقول : أكثر القضاة عادل، وأكثر القضاة عادلون، قال تعالى (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ)، وقال (وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ) .
د. محمد نوري جواد