الطابور على مد البصر، الساق ملتفة بالساق،
والمناكب متشابكة،
والأجساد تتدافع بعنف.
التصق الكل بالكل..وتطلعت الهامات إلى الأعلى،
تبحث الأنوف فيها عن نسمة هواء بعد أن عز في الأسفل..
وأنا ..
في آخر الطابور
أكاد أختنق، بل أختنق فعلا، أحس بالضغط يجتاحني
ويكاد يقصم صدري.
ألقي نظرة إلى الأسفل أتلمس موقع خطاي
فيرتد البصر حسيرا، أحس برجلي مرفوعتين
لا تكادان تلامسان الأرض، شعور يجتاحني
بكوني معلقا بين الأرض والسماء،
والأنفاس الحارة تلهبني من جميع الجهات.
أرفع بدوري هامتي ملتمسا نسمة هواء لأني…
في آخر الطابور
ما بال القوم لا يتحركون..؟!
الحرارة مفرطة، والعطش يحاصر الجميع،
تتيبس الشفاه، تنشف الحلوق،
تلتوي الألسنة داخل الأفواه، تتحجر الحناجر..
الأيدي مرتفعة تحمل ملفات مختلفة الألوان
بداخلها وثائق لم تعد تنفع إلا التماسا للظل
واحتماء من لفحة التوهج..
الصفوف ثابتة لاتتحرك .. وهناك بالأفق بعيدا
في أول الصف مايزال الباب الحديدي موصدا..
وما أزال أنا…
في آخر الطابور !
لم نتحرك قيد أنملة ولم نبرح المكان،
الكل صامد ثابت راسخ الأقدام متجذر
يكاد العشب ينبت تحته لفرط جموده.
التذمر والخيبة تهيمن على القوم،
بعض الأصوات تحاول الإعلان عن احتجاجها
فتتراجع خافتة أمام هراوات صلبة تنبعث من
هنا وهناك..وأشعر بقواي تخور..بل تخور وتنهار..
لأنني في…
آخر الطابور !
أحس بحركة خفيفة تعم الجموع،
وتسري همهمات مبهمة تتصاعد تدريجيا،
ويشعر القوم بصرير الباب الحديدي يعلن
عن انفراجه من بعيد فتنفرج معه الأسارير
ويتزايد الاندفاع ويقوى الضغط
وترتفع درجة الاختناق لترتفع معها
قدماي عن الأرض درجات أخرى
فأتمايل مرغما ذات اليمين وذات الشمال
لكنني لاأشعر أنني تقدمت قليلا
وألتفت بصعوبة لأكتشف…
أنني لم أبرح…
آخر الطابور !
أحس برغبة في الصياح
وأفتح فمي لأطلق صرخة احتجاج
عساها تخفف الضغط الملتهب بداخلي،
وما أكاد أفعل حتى يتلقفني صوت أجش وأقوى
أكتشف أنه صادر عن صاحب الهراوة
الذي يأمرني بالتزام النظام والانتظام
فأتقوقع داخل ملابسي وأقنع برتبتي…
في ..
آخر الطابور !
تشرئب الأعناق متطاولة
تحاول استكشاف الأفق حيث يوجد
الباب الحديدي الذي فتح أحد مصراعيه
لتتسرب منه بعض الجثت ..
يشعر الجميع ببصيص حركة تعم الصفوف
فيستبشرون خيرا ويلفني الاعتقاد بأني لن أبقى..
في آخر الطابور !
هيأت نفسي للدفاع والتدافع،
وأعددت منكبَيَ للسباحة وسط الخلق
حاولت تمديد قدميَّ لتلامسا الأرض وأتحرك مع المتحركين
فأصل إلى الباب الحديدي وأنحشر مع المنحشرين،
لكن الرجاء خاب والأمل غاب، فقد أقفل الباب
وأسقط في يد الأحباب.. وغابت الألباب
وبقيت مع الخلق في …
آخر الطابور !!
.
والمناكب متشابكة،
والأجساد تتدافع بعنف.
التصق الكل بالكل..وتطلعت الهامات إلى الأعلى،
تبحث الأنوف فيها عن نسمة هواء بعد أن عز في الأسفل..
وأنا ..
في آخر الطابور
أكاد أختنق، بل أختنق فعلا، أحس بالضغط يجتاحني
ويكاد يقصم صدري.
ألقي نظرة إلى الأسفل أتلمس موقع خطاي
فيرتد البصر حسيرا، أحس برجلي مرفوعتين
لا تكادان تلامسان الأرض، شعور يجتاحني
بكوني معلقا بين الأرض والسماء،
والأنفاس الحارة تلهبني من جميع الجهات.
أرفع بدوري هامتي ملتمسا نسمة هواء لأني…
في آخر الطابور
ما بال القوم لا يتحركون..؟!
الحرارة مفرطة، والعطش يحاصر الجميع،
تتيبس الشفاه، تنشف الحلوق،
تلتوي الألسنة داخل الأفواه، تتحجر الحناجر..
الأيدي مرتفعة تحمل ملفات مختلفة الألوان
بداخلها وثائق لم تعد تنفع إلا التماسا للظل
واحتماء من لفحة التوهج..
الصفوف ثابتة لاتتحرك .. وهناك بالأفق بعيدا
في أول الصف مايزال الباب الحديدي موصدا..
وما أزال أنا…
في آخر الطابور !
لم نتحرك قيد أنملة ولم نبرح المكان،
الكل صامد ثابت راسخ الأقدام متجذر
يكاد العشب ينبت تحته لفرط جموده.
التذمر والخيبة تهيمن على القوم،
بعض الأصوات تحاول الإعلان عن احتجاجها
فتتراجع خافتة أمام هراوات صلبة تنبعث من
هنا وهناك..وأشعر بقواي تخور..بل تخور وتنهار..
لأنني في…
آخر الطابور !
أحس بحركة خفيفة تعم الجموع،
وتسري همهمات مبهمة تتصاعد تدريجيا،
ويشعر القوم بصرير الباب الحديدي يعلن
عن انفراجه من بعيد فتنفرج معه الأسارير
ويتزايد الاندفاع ويقوى الضغط
وترتفع درجة الاختناق لترتفع معها
قدماي عن الأرض درجات أخرى
فأتمايل مرغما ذات اليمين وذات الشمال
لكنني لاأشعر أنني تقدمت قليلا
وألتفت بصعوبة لأكتشف…
أنني لم أبرح…
آخر الطابور !
أحس برغبة في الصياح
وأفتح فمي لأطلق صرخة احتجاج
عساها تخفف الضغط الملتهب بداخلي،
وما أكاد أفعل حتى يتلقفني صوت أجش وأقوى
أكتشف أنه صادر عن صاحب الهراوة
الذي يأمرني بالتزام النظام والانتظام
فأتقوقع داخل ملابسي وأقنع برتبتي…
في ..
آخر الطابور !
تشرئب الأعناق متطاولة
تحاول استكشاف الأفق حيث يوجد
الباب الحديدي الذي فتح أحد مصراعيه
لتتسرب منه بعض الجثت ..
يشعر الجميع ببصيص حركة تعم الصفوف
فيستبشرون خيرا ويلفني الاعتقاد بأني لن أبقى..
في آخر الطابور !
هيأت نفسي للدفاع والتدافع،
وأعددت منكبَيَ للسباحة وسط الخلق
حاولت تمديد قدميَّ لتلامسا الأرض وأتحرك مع المتحركين
فأصل إلى الباب الحديدي وأنحشر مع المنحشرين،
لكن الرجاء خاب والأمل غاب، فقد أقفل الباب
وأسقط في يد الأحباب.. وغابت الألباب
وبقيت مع الخلق في …
آخر الطابور !!
.