برحيل الطيب صالح في الثامن عشر من فبراير/شباط 2009 خسر العالمان العربي والأفريقي أحد ألمع مثقفي جيل الاستقلال فيهما، كما خسرت الساحتان العالميتان العلمية والثقافية أحد أكثر خادميهما تفانيا وإخلاصا.
بالفعل جاءت حياة الطيب صالح وتأليفه وعمله في حقبة حاسمة اتسمت بتغيرات دولية كبيرة، خاصة على مستوى...
يظن أهل السودان أن عربيتهم الدارجة هي من أفصح اللهجات العربية ويمضي أبعد من ذلك العالم الحجة الدكتور عبد الله الطيب صاحب كتاب " المرشد إلى فهم أشعار العرب وصناعتها" فيقول إن العربية الدارجة في السودان هي أفصح اللهجات العربية إطلاقا. الله أعلم.
والحق أن من قلة بخت عرب السودان أولا اسم دولتهم،...
يقول الناقد الفرنسي فيليب سولرس " إن الأثر الأدبي العظيم يتنفس برئة الدين" ، لأن التعبير الديني في الفن الروائي، كما يرى البروفيسور إبراهيم محمد زين، هو الذي يبرز الصلة القائمة بين المطلق والمقيد (المتجذر). وتبدو هذه الصلة بين الاثنين بدخول المطلق إلى حيز التاريخ الذي يصنعه الإنسان في خلال...
اللمسة لأسطورية الكشفية الصوفية
على أن هذه اللمسة الأسطورية الكشفية الصوفية التي تعطي اتساعا للدنيا وتضيف
قدرات جديدة للإنسان في عالم الطيب صالح الروائي تواجهنا في شيء آخر ، ذلك الشيء هو أن المشاكل في عالم الطيب صالح الروائي لها دائما حل وذلك لأن أبطاله يتمتعون بالرؤية الداخلية الروحية الصادقة...
علاقة أسطورية كاملة
هذا هو المفتاح الأساسي لفهم أدب الطيب صالح وعالمه الروائي ، وبدون هذا المفتاح فاننا يمكن أن نفقد أنفسنا في عالم الطيب ويمكن أن نحس بالغربة والغرابة معاً ، وسأتوقف هنا أمام لحظة واحدة من لحظات رواية "مريود " ، هذه اللحظة هي علاقة " الطاهر ود الرواسي " بسمكة من سمكات النيل ،...
"مريود" هي الجزء الثاني من رواية " بندر شاه " للطيب صالح ، والجزء الثاني يرتبط بالجزء الأول نفس الارتباط الذي يكون بين الابن والأم ، فهما متصلان منفصلان ، ... متصلان عن طريق الدم المشترك الذي يجري في العروق ، ولكنهما بعد ميلاد الابن ينفصلان ويستقلان استقلال الكائن الحي عن غيره من الكائنات ، وهذا...
طوال معرفتي الطويلة بالطيب صالح كنت أتأكد, يوما بعد يوم, أنه رجل وسطي, ينفر من الحدية في الفكر أو الإبداع وكنت, ولا أزال, أري أن قصته القصيرة دومة ود حامد هي أقرب أعماله الأدبية في تمثيل ذوقه وميوله وطبيعة شخصيته, فالقصة تدور حول الصراع بين التحديث والتقاليد المتوارثة, فأهل القرية التي يبدو أنها...
هل السماء ما تزال صافية فوق أرض السودان أم أنهم حجبوها بالأكاذيب؟
للتسجيل في النشرة البريدية الاسبوعية
احصل على أفضل ما تقدمه "المجلة" مباشرة الى بريدك.
تخضع اشتراكات الرسائل الإخبارية الخاصة بك لقواعد الخصوصية والشروط الخاصة بـ “المجلة".
هل مطار الخرطوم ما يزال يمتلئ بالنازحين يريدون الهروب...
هل السماء لاتزال صافية فوق أرض السودان أم أنّهم حجبوها بالأكاذيب ؟
هل مطار الخرطوم لايزال يمتلئ بالنّازحين؟
يريدون الهرب الى أيّ مكان ، فذلك البلد الواسع لم يعد يتّسع لهم . كأنّي بهم ينتظرون منذ تركتهم في ذلك اليوم عام ثمانية وثمانين . يُعلَن عن قيام الطائرات ولا تقوم . لا أحد يكلّمهم . لا أحد...
رحلة الطيب الأخيرة كانت إلى مقابر السيد البكري بأم درمان.
لقد كان الطيب كثير الأسفار، له فى كل بلد أصحاب وأصدقاء وخلان.
كان عشقه الأول مصر، يشد إليها الرحال كل شتاء على موعد مع عبدالرحيم الرفاعي صديق عمره. يأتي إليها الطيب من لندن التى اتخذها مقراً ويؤوب إليها عبدالرحيم من سويسرا أوبة غريب الدار...
كانت رواية الطيب صالح (موسم الهجرة إلى الشمال) الرواية الأولى التي قرأتها له, والتي جعلت اسمه على كل لسان, خصوصًا بعد أن طبعت في كتاب للمرة الأولى سنة 1967, ومنذ ذلك الوقت, والرواية لاتزال تحدث استجابات نقدية, لا نهاية لها فيما يبدو.
كتب الطيب صالح روايته (عرس الزين) قبل (موسم الهجرة) بأعوام...
ولد وعاش ومضى، شيئاً من النيل، دافقا مثله، كان. صاخبا هادئا حالما طافقا هدارا عارما فائضا رائقا مثله كان. بمياه النيل ومزاج النيل وطمي النيل، كتب كل حكاياته. كان حكواياً أنيقاً عميق النظر لا يفوته شيء من أحدوثات وأحاديث وحواديث الضفتين.
كان يحوِّل الشجرة إلى حكاية، والموجة إلى حكاية، والصبا...
لم أصدق عيني وأنا ألتهم سطور هذه الرواية وأتنقل بين شخصياتها النارية العنيفة النابضة بالحياة ، وأتابع مواقفها الحارة المتفجرة ، وبناءها الفني الأصيل الجديد على الرواية العربية .. لم أتصور أنني أقرأ رواية كتبها فنان عربي شاب ، ولم أتصور أن هذه الرواية الناضجة الفذة – فكراً وفناً – هي عمله الأول ...
"يا لها من بدع عجيبة تسربت الي نقدنا الأدبي! سحابة مظلمة ساقتها الينا ريح شُؤم، من جنيف أو بوسطن او من الجحيم، حجبت عنا شمس (الجمال) المضيئة. يا لها من فلسفة عبثية! اي عدوى غريبة، تصيب المروجين لهذه الترهات، فيبررون بكلام مثل هذيان المجانين؟"
شارل بودلير – مارس 1859
حيـَّر العالم الفرنسي...
قالت حليمة بائعة اللبن لآمنة - وقد جاءت كعادتها قبل شروق الشمس - وهي تكيل لها لبنا بقرش :
"سمعت الخبر ؟ الزين مو داير يعرس " .
وكاد الوعاء يسقط من يدي آمنة . واستغلت حليمة انشغالها بالنبأ فغشتها اللبن .
كان فناء المدرسة " الوسطى " ساكنا خاويا وقت الضحى ، فقد أوى التلاميذ إلى فصولهم ، وبدأ من...