أحببتُ هذه الأغنية، كلماتها بسيطة وحلوة:
".. ونتخيّل مَثلا مَثلا يعني إننا
في كوستاريكا
بيقُولو الحياة هناك سهلة وبسيطة
في كوستاريكا
نِشتري بِيت صُغير ونلعب في الحديقة
في كوستاريكا
وقت غروب الشمس نقعُد على الأريكَة".
لماذا "كوستاريكا" بالذات؟ أسمع عن مدينة أو دولة بنفس الاسم، لكن لا أعرف أين...
"أيوا الملك والوزير، مِش مصدّق؟"
لا يعنيني أن أُصدّق أو لا أُصدّق، إنما ليس بي طاقة لسماع حكاية معجونة من أزمنة بعيدة، على لسان رجل لا أعرفه، وبالصدفة وحدها يتقدّمني في الطابور.
لا يزال مُلتفتا تجاهي. أطوف بتفاصيل وجهه الأسمر المسحوب، وعلى الفور أربط ملامحه الطيبة بملامح عبدالوارث عَسَر...
أنا الذي ذهبت إليهم، وطلبتُ أن أرى الله، وحتى لا يظنوني مشروع وَليّ صغير أو بداية راهب غَض؛ قلت إنني شاعر، أقرأ وأعيش وأحب السينما.
قالوا: "لا تتكلم كثيرا، اصعد هذه الشجرة، واصِل إلى آخر غصن يتحمّلك، بعدها اضبط أنفاسك المتعَبة، وانظر إلى السماء".
كانوا ودودين، كلموني بهدوء يليق بوجوههم...
قلتُ لها من موقعي المُواجه للنيل: أنا أرفض كلامكِ في لقائنا الأخير، هذا من شأنه أن يُؤجّج الخلاف.
قالت ونظراتها تتنقّل بين وجهي وبوّابة النادي: وأنا أشجُب كل ما جاء على لسانكَ، الوضع الحالي لا يحتمل المزيد من إراقة الكلام.
قلت: لا شك أننا نحتاج إلى ضبط النفس في الوقت الراهن، الأمر يُنذر...
في عُمري الأخضر رأيتُ وجوه البشر تُشبه الأُسُود أو البقر أو الماعز، شجرة الجميز امرأة حامل، مئذنة الجامع قلم رصاص، أي شيء يُشبه كذا أو كذا..
بمرور الزمن قَلّ وَلَعي بالتشبيهات، لكن لم أنسَ حبّة القمح، ولا ذلك الشبه الفريد بينها وبين المكان الحميم في الجسد الأنثوي.
يُمكنني الآن أن أقول: عضو...
الأربعة يخرجون من المدينة: الأب والصّبي، والرَّضيع الملفُوف بإحكام في حضن الأُم. يمشون على تُراب يعرفُهم جيدًا، فمنذ قُرون يشرب من أجسادهم وأجساد أجدادهم.
لا شيء في المدينة العريقة غير الحرب. يكفي مشهد البيوت الواقفة بالكاد: تكَسَّرتْ عظامها وبانت الأحشاء، عبر نوافذ مفقُوءة الأعين. كُلّ...
مثلما قالوا: فجر الخميس 31 أغسطس 2023 سيكون القمر بَدرا على أقرب مسافة من الأرض، في ظاهرة فلكية تسمّى “القمر الأزرق العملاق”. سيظهر أكبر حجما بنسبة 14%، بدرجة سُطوع تفوق المعدل الطبيعي.
وها أنا أمام هذا كله..
مجذوبا أقف على سطح البيت، أرى القمر قريبا، وفي استطاعتي أن أطير وأمسكه. لأول مرة يبدو...
لمريم عبدالعزيز التي لا أعرفها، لروايتها التي ستبقى تطوف في الجوار وعلى البعد وبامتداد الاوقات، بعوالمها السردية الأسيانة.. لمريم وروايتها عقد فُل من الذي كان "حسين" يُهديه ل"جميلة" في أوقات الصفاء قصيرة العمر، قبل أن يبتلعه البحر وحلم الهجرة والهروب من كل شيء، في "رشيد"، المدينة الموعودة...
أوشكتْ ألعاب العيال، في ذلك الزّمن، أن تكون كذا وعشرين لُعبة. خُذوا مثلا: جَمعُ أغطية الكُوكاكولا والبيبسي وغيرها، ولضمها في بعضها بخيط، ثم ثنيها لتصير عَجلة صغيرة تصنع مع زميلة لها شيئا يمشي بعجلتين، مُثبَّتتين في خشَبة صغيرة، وعمود طويل للقيادة يكون دائما من جريد النَّخل. كان هناك وشيش لصوت...
أجلس على نار في انتظار أن تكتمل الكراسي. عيناي تَمرَّان على وجوه الرُّكّاب في الأتوبيس، أحملُ هَمًّا يُقطِّعني: أن أرى "علاء" جالسا بينهم، أو قادما للركُوب. حينها سأكون مُضطرّا إلى ابتسامة صعبة، تُحرّك عضلات وجهي بالإجبار. لساني سيقول كلمة أو كلمتين من تحت الضّرس. أنظر في الساعة، أنفخُ، أشعر...
بعد قفزة واثنتين، ثم ثالثة كبرى بطُول قَوس قزح؛ رأيتُ كأنني في يوم البَعث. صدّقتُ عينيّ، لأنني قبل أن أخطو استأذنتُ الأستاذ "عبد الفتاح كِيليطو" في الرّفقة. وهو كعادته، في وصلات خياله الخلّاق، لا يردّ سائلا أو طالبا للصُّحبة.
أخذَني من يدي وأشار إلى المدى المنظور، حيث الناس شِبه عُراة يمشون...
في هذه المدينة الكبيرة، عندما تستوقِف أحدهم، وتحكي له عن زمنٍ كان فيه بَشَر مُهدَّدُون في أعزّ ما لديهم؛ فإنّه لن يُصدِّقكَ. هذا جِيل يتفاخَر بِفُحُولَته.
**
كُلُّ شيء يبدأ بِخاطر مُلحّ.
والخاطر قد يكون غائما، ومع الوقت يتحوّل إلى هاجس.
رجل يجلس على قاعدة الحَمّام، مثل باقي الخَلْق. يفكّر...
* إلى روح "غسان كنفاني".
أذكر الثّقة على وجه "سامي"، صديقي المُخرج المسرحي، وهو يُخبرني أنّ صورتي مُعلّقة بجوار صُور كُتّاب وفنّانين مشهورين، في مكتبة صغيرة أمام كُليّة التّربية النّوعيّة.
تعجبتُ: "أنا؟!"
"والله شُفت صورتك، تضع يدك على جبهتك، وبين أصابعك سيجارة".
"ما هذا التّخريف؟...