حسام المقدم

ست ساعات بالتمام، هي عُمر المحادثة التاريخية التي دارتْ معها. خلال ذلك نقرتْ أصابعه آلاف الحروف على الكيبورد، إلى أن غامت الكلمات أمام عينيه. قام بعدها يكاد يقع منه رأسه. كل أعضاء جسده كانت في إرهاق وذهول من ذلك التسمّر الإجباري المُفاجئ. غير معقول كل ما حدث. هو لم يكن يثق بذلك العالم...
إهداء: إلى فكري عمر، صُحبة الأيام والكُتب والقلق. ... يا ليل، يا عين، يا نهار، يا عالم.. انفلتَ تليفوني من يدي. راح في النهر، بعد رَبكة لحظيّة وأنا أُخرِجه من جيبي لأَرد على الرقم المجهول. تجمّدتُ مُنحنيا فوق سِياج الكوبري، راشقا عينيَّ في البُقعة التي غاصَ فيها. انزلقَ في لمحة، مثل...
(لِعَينَيكِ ما يَلقى الفُؤادُ وَما لَقي وَلِلحُبِّ مالَم يَبقَ مِنّي وَما بَقي) .. بعد قراءة البيت أنت لا تحتاج لأن تُمسك رأسك من التباس المعنى أو غموضه أو صعوبة ألفاظه؛ بالعكس.. كلمات بسيطة تمنح نفسها مباشرة. يحدث هذا مع القراءة الأولى، ومع التكرار ستكتشف أنك تقف في ضباب، وأن المتنبي ليس...
في فترات متباعدة نتيجة لسياقات حضارية محددة تتأثر بعض الأجناس الأدبية بالسلب بالرغم من التسليم بأهمية وجودها، وأهمية دورها الفعال في التقاط الغائر المخبوء في نفوسنا. في هذه الفترات يصبح الحديث عن جدوى النوع حاضرا، وعن قدرته على التواجد والاستمرار. فالقصة القصيرة بالرغم من كونها مستعصية على...
إهداء مبدئي: إلى الأحِبّاء الصغار الذين شاركوا في الحكي بأعين مفتوحة. سبع وردات لكم ولدوركم في حكاية المسعورة. وإلى آبائكم المحترمين، وأهالي بلدتنا المتحمسين. ** روحي فيكم أيها الأفذاذ الصغار. ما كنت لأذيع شيئا مما حكيتموه لي، أو مما حدث في بلدتنا الصغيرة، لولا ضيق ذات العقل عن كل خيال. ها...
من أول نظرة، عرفت أنني لن أكون محايدا تجاه وجه الرجل الذي يجلس بجواري في الأتوبيس. مع ذلك حاولت أن أنساه، وتركت رأسي يغفو فوق صدري. لم أتمكن؛ لأن الوجه اقتحمني في غفوتي بمجرد أن أغمضتُ عينيّ. رفعت رأسي نحوه من جديد: الشَّنَب! شَنب ملفوف ومستقوي.. عَمَّر سنوات طويلة، حتى انفتلَ بتلك الهيئة، وذلك...
(1) المستطيل: لا أزال، بعد سنوات في هذا البلد العربي، أتذكر كيف كانت البداية.. سألني الرجل في مكتب السفَر: كيف تشرح درسا كالمستطيل مثلا؟ تفاجأتُ حينها بمنظره. ظننتُه مصريا، لولا لهجته. شعره أسود جدا وطويل. لا يُغطي رأسه، ولا يلبس عباءة أو جلباب، بل الجينز والقميص المشجر. قمتُ واقفا أمام سبورة...
يختط الكاتب طريقا مثيرا، ينتمي لغرائبية حكائية تلامس هامش المجتمع، فأبطاله ثلاثة أشخاص بلا أسماء، وضع الكاتب لهم صفات دالة عليهم: القصير، الأوسط، الطويل. وهو ما يعني أن النظرة للأشياء حسبما يعتقد الراوي تمس الشكل والملامح أكثر منا تمس السمات والجوهر. العنوان محير وهو كالتالي: "محاولة جادة لقراءة...
" أنا عايزة اشربْ من إِيدكْ، واتْنَهِّدْ مع تَنهِيدَكْ". (حبيبي يا متغرب). ** لم تكن "آمال" تتعب أو تَملّ.. تُعيد الأغنية على مهل. كلمة كلمة حتى يكتمل المقطع، في إيقاع سارح منساب. تُقدم توجيهاتها بكلمات عجيبة: "أجمل شيء أن تنسى أنك تُغني". أتحمّس...
عند الإقدام على القراءة لحسام المقدم عليك عزيزي القاريء أن تحشد جميع حواسك حتى تستطيع التحليق في سماء هذا العالم المدهش. " قهوة بوتيرو" هو اسم المجموعة القصصية للقاص / حسام المقدم وهو عنوان القصة الاخيرة من المجموعة. يقولون أنه عندما يعتاد الإنسان على رؤية الأشياء ويألفها جيدا فلن يكون قادرا...
فى كتاب «نزوة القَص المُباركة» يحكى «جابرييل جارسيا ماركيز» هذه الحكاية: (فى أحد الأيام، فى مدينة مكسيكو، خرجتُ من المكتب ورأيتُ سيارة تاكسى تتقدم وفيها زبون، ولكنها عندما اقتربت انتبهتُ إلى أنها خالية، وليس هناك أحد إلى جانب السائق، مثلما ظننت فى البدء. أشرت إلى السائق عندئذ بحركة متعجلة، فتوقف...
سخنت أذناي وأحسستُ برأسي يغلي، وعلى الفور نشَعَت جبهتي قطرات عَرق، رغم برودة أول مارس. ** مثل كل الواقفين في الصيدلية، كنت ساهما أمام التليفزيون الصغير، أُتابع الترجمة الفورية لخِطاب مسئول أوروبي يُخاطب شعبه. وعند سَماعي لجُملة: “علينا أن نستعد لفقد أحبابنا”؛ أصابتني كلمات الرجل بحالة...
يُغني جابر وأنا من ورائه، على طول السكة من المدرسة وحتى وصولنا للعزبة. تسمعنا الصفصافة فيتوقف حفيف شعرها على خدّ الماء. نرى أعالي شجر الكافور في تقارب والتقاء. يُغني جابر نغمَ الحزن من مواويل أبيه الغاوي. كل يوم موال من أجل "مِنعم"، والزمن كان زمن غناء. وفي زمن الغناء كنا نقترب من "مِنعم"، في...
بمجرد أن انتهيتُ من قراءة الرسالة القديمة؛ اشتعلت النيران في أعماق دماغي: لمَن كتبتُ هذه الكلمات دون أن أُرسلها؟ هذا خطي وهذا أسلوبي فعلا، والورقة كانت نائمة بين أوراق مُهملَة: .. "وأنا مشحون بالغضب والسخط على كل شيء، يُمكنني أن أتوقع ما الذي سيكون عليه حالنا؛ لو أننا معا في فراش واحد، تحت غطاء...
أهديتُ ذات يوم وردة حمراء لتلك البنت التي أحببتها. الوردة كانت ملفوفة وممتلئة بالأوراق، وبها ذلك الغِنى العِطري الذي يشدُّ الحواس نحو الفضاء والأماكن البريّة. لحظتها تأملتْ الوردة وقالت إنها رائعة وأُنثوية! أذهلني وصفها العجيب فائق الحساسية، وبعد انتهاء لقائنا الغالي تمكَّنتُ، بطريقة ما، من...

هذا الملف

نصوص
77
آخر تحديث
أعلى