رأى فيرناندو بيسوا، فيما يرى النائم، أنه عاد من الجبهة إلى بيت أسرته، المقابل لبناية الأوبرا، في لشبونة.
كان عائدا بلباس الميدان، بعد غياب طويل.
طرق البابَ ففتحتْ له والدته ماريا ماجدالينا.
كان البيت كعهده به في الزمن القديم.
حتى معطفه القديم كان لا يزال معلقا على الجدار، قرب النافذة.
تقدمَ إلى...
فجأة، في محطة الأرصاد الجوية، أجهش المهندسون بالبكاء.
وفي سماء المدينة حلّقتْ نسور ضخمة، مصابة بداء السيدا.
وحدهم العميان كانوا يرون تلك النسور المهيبة، وهي تحلق وفق أشكال هندسية بديعة، ثم تحط ببطء شديد قرب النصب التذكاري للشيطان.
وما إن خيم الليل، حتى ظهر في السماء قمران اثنان: قمر للأحياء...
في الرابعة زوالا، من يوم سبت ممطر، دخلَ (س) متْجَراً للعطور، بشارع الميموزا، بالدار البيضاء.
كانت صاحبة المتجر امرأة شابة، جميلة العينين، ذات ملامح متناسقة وابتسامة خلابة. وكانت في منتهى الأناقة.
ألقى (س) التحية فردّتْ بأحسن منها. قال إنه يريد عطرا نسائيا من النوع الرفيع. نظرتْ إليه بابتسامتها...
مساء الجمعة 16 أبريل 1972، كان الروائي الياباني ياسوناري كاواباتا يركب طاكسي، عائدا إلى البيت الذي يكتريه، بضاحية مدينة سوتشي.
قبل أن يحمله الطاكسي، كان قد قضى نصف ساعة في الانتظار، عند مدخل النفق الطويل، الذي يخترق وسط المدينة.
كان يشعر بكآبة عميقة.
منذ انتحار صديقه الكاتب يوكيو ميشيما والكآبة...
حدثنا كامل بن أحمر الكناني، عن الشيخ عوف بن مالك الجُشَمي، قال:
لم يكن للمستبد بالله ابنٌ ذكَر يرث الملك من بعده، وإنما كان له أخٌ توأم، يشبهه كلَّ الشبه، فلم نكن نستطيع التمييز بينهما إلا بلباس المُلك وتاج الطغيان. وكنا نظن أن الطاغية سيجعل أخاه ذاك وليا لعهده ويأخذ له البيعة، لكنه لم يفعل شيئا...
حدثنا شيخنا أبو الفضل النجداني، قال:
حضرتُ مجلسَ الطاغية، يوم تسمية تسعة من الوزراء الجدد، يرأسهم الشيخ عبدالله المنجم، الملقب بضمير الغيب. وهؤلاء الوزراء هم:
- وزير الأحلام، الشيخ مُحَسَّد العتابي، الملقب بلَمْع السراب.
- وزير الرعد والبرق والمطر، الشيخ الأصَمّ سعيد بن جَرْوَل، الملقب بربيب...
حدثنا الشيخ أبو الهيثم السمهري ، قال:
سهرَ الطاغية ذات ليلة، ومعه كبير الوزراء، أبوعبدالله المنجم، الملقب بضمير الغيب، فلما اقترب الفجرُ دعا صاحبَ شرطته وقال له:
- ابغِنا رجلا من عامة الناس، يسلينا بحديثه.
فغاب صاحب الشرطة برهة يسيرة، ثم عاد ومعه شيخ من بني أسد، فلما رآه الطاغية بادرَه بالسؤال...
أتعرف أخي عبد القادر أن الشعر العربي القديم تفنن في بسط قوافيه وتفنن في جعلها رنانة في الأذن. فجاءت المقصورات وحدت من هذه الرنة وجعلت جرس القافية ضعيفا لكنه جرس جميل . لعل هذا ما جعل شعراء المقصورات يعوضون خفوت هذا الجرس بتجويد المكونات الجمالية الأخري فكانت أغلب المقصورات من أجود ما خلف...
رسالة إلى صديقي ولد علي:
ما أجمل أن تجلسني ياصديقي في باليما مع العصافير! حتى وإن جعلتني ضحية لسلطان باليما. وما أغراني به وفتنني إلا شعرك، ولستُ بأول من خدعه الشعر، والشعر خدّاع. وما أجمل أن يكون جنيّ المرقش عصفورا، وقد جعلتني أحلم بجني صغير كالعصفور أضعه في قفص بجانب سريري، وأطعمه من خبزي،...
سي أحمد بوزفور
سأباهي الخلقَ بأن هذه النصوص الأدبية الرفيعة التي تنشرها تباعا على الفايسبوك قد جاءت ردا على رسائلي إليك
فإن كان لي من فضل في كل هذا فهو أني ( استدرجتك ) لكتابتها ونشرها
***
وأما عن شعراء عبدة و أحمر فهم قادمون فعلا يا صديقي العزيز
وبلغني أنهم يرددون ( الشعار) التالي:
نحن جلبنا...
شارعُ عبد الكريم الخطابي بمدينة اليوسفية، تتوسطه نافورةٌ، يخرج الماء منها بألوان ِ قوس قزح، تصحبه موسيقا رائعة. كانت مقهى الزهراء في الجانب الأيمن من النافورة. أخذني مقعدٌ بين أحضانه. كانت القهوة شديدةَ المرارة. كلما أخذتني جرعةٌ منها حملتني إلى بحار لا سواحل لها. أغرقتُ وجهي في كتاب البخلاء...
إلى صديقي عبد القادر وساط:
أما بعد ياصديقي فقد ذكرني حديثك عن الصلتان العبدي بتلك الحكومة الشهيرة التي حكمها بين جرير والفرزدق والتي جرّت عليه حربا من الشاعرين الكبيرين معا، فقد حكم لجرير بالشعر على تواضعه في النسب، وحكم للفرزدق بعلو النسب على تواضعه في الشعر. ومن هذه الحكومة قوله:
( فإن يك بحر...
( 1 )
أَغْلَقَ بابَ المكتب، بعد أن تمنطق بمسدسه الرهيب. كانت سيارةُ الشرطة في انتظاره. وحده، سيذهب هذه المرة إلى مهمة صعبة. فتح باب السيارة. اِنطلقتْ كالبرق تشق شوارعَ مدينة الشاون. مرت بشارع الربيع، ثم بشارع ابن زيدون. لَمَحَ رجلا يقطع شارعَ لوركا المتفرعَ عن شارع عبد الكريم الخطابي. حدق في...
إلى صديقي أحمد بوزفور
ذكّرني حديثك الشيق عن سينية أسقف نجران بقصيدة جميلة للشاعر الصَّلَتان العبدي، يقول فيها:
إذا ليلةٌ هَرّمَتْ يومَها = أتىٰ بعد ذلك يومٌ فَتِي
نَروح و نغدو لحاجاتنا = و حاجةُ منْ عاشَ لا تنقضي
تَمُوتُ مع المرْء حاجاتهُ = و تَبقى لهُ حاجةٌ ما بَقِي
وهناك من ينطق اسمَ هذا...
صديقي ولد علي:
ما أجمل أن تجلسني ياصديقي في باليما مع العصافير! حتى وإن جعلتني ضحية لسلطان باليما. وما أغراني به وفتنني إلا شعرك، ولستُ بأول من خدعه الشعر، والشعر خدّاع. وما أجمل أن يكون جنيّ المرقش عصفورا، وقد جعلتني أحلم بجني صغير كالعصفور أضعه في قفص بجانب سريري، وأطعمه من خبزي، فأنا آكل (...