حين مرّ قطارنا مترنّحًا، منهوكًا، ينكح الأرض بحديده وثقله القاسي وسكة الحديد الموطوءة تصارع بضلوعها ثقله الفاحش/ كان هنالك نهر تطلّ عليه صفصافة وحيدة، رفيعة مقوّسة الجذع وغصونها يشرّها الهواء العليل/ حين صحوتُ في مقعدي تحسستُ الغيوم ترقد في جيوبي، نهضتُ أوجّه أنظاري من النافذة إلى المدى الخالي...
إشارة:
جماعة “البصرة أواخر القرن العشرين” جماعة فريدة ليس في تاريخ السرد العراقي فحسب بل في تاريخ الأدب العراقي عموما. فهي لم تكن “الجماعة القصصية” الأولى في تاريخ العراق فقط بل كانت مشروعاً تثويرياً في النظرة إلى دور السرد خصوصا في واحدة من أخطر المراحل التي عاشها العراق بانعكاساتها الهائلة على...
الجزء الأول
غزوة الدودة
قبل أن أرسم جمرة الحرف على الورق الأبيض الصقيل تركت شفتيّ ترتجفان بخجل عفويّ كي أنقل لكم، ذلك الحكي الجميل:
ـ المهمة نُفـّذت.
والشارع العام قد ظلّ مُطوَّقاً بأسوار من الريبة والحذر، فيما الأبنية العالية، الممتدة على كل الاتجاهات قد ظلّت هي الأخرى على خشوعها وإذلالها...
على صخرة الرماد النابتة في كهف مظلم قرأنا نحن الحفاة الصغار أسطورة عجيبة خطها أجدادنا العظام بحذق وبراعة وفحواها يقول: كانت هنا يومًا بيضة نسر زرقاء باردة عثر عليها بدوي عجوز ودفنها في قلبه.
أعوام مرّت كالريح.. تشققتْ قشرة الأرض واختفت خطوطها وظهرت خطوط جديدة وهطلت أمطار وجفّتْ أمطار.. وريح...
إنها السماء تنسكب وتذبل مثل ليمونة تنعصر فوق حجارة الأحياء الخالية من وجوه البشر، فكان الهواء الدافئ يلامس السطوح العتيقة، تلك الأحياء الحجرية المسيجة بانفاق دائري تمتد إلى حافات هائلة لبرار بعيدة.. قمة قطارات متعرجة ومعطوبة، وبقايا حطام لسيارات مهشمة، متروكة وسط عراء مكفهر (بخطى متعثرة تمر،...
حجارة الدرب المشرئبة إلى الفراغ تستفز المنابت الملتفة حول الأماكن المهملة، كان ذلك رهن وضع نسميه نحن مجالاً عاماً، حيث الموج الكثيف للهواء الأبيض يتدفق عبر محطة تغزوها أقدام المسافرين/ ثمة شرطي جهم الوجه يقف في باب المحطة، بدلته تنسرح على جسمه النحيل، يتطلع إلى حاكم مدني متلفع بمعطف أسود يناسب...
إلى: روح ((ك ))
في تذكر المكان تنشط الذاكرة، قال ذلك لجاره الذي ينشر غسيله فوق حبل موتور في أعلى البناية الشاهقة قالها بحرقة الذكرى وهما يهبطان السلم، نحو الشقة المعلقة في الطابق الأخير. ذلك الهواء الرائع يثير حقا ولم يكن كذلك قبل نقل أمتعتي، فوق الأريكة الخشبية المغطاة بشرشف أزرق، شرع يتكلم...
(1)
تعال اليّ أيّها الخنزير التعيس
لأنكَ ليليُّ
وشبيهي
انتزعتك المرآة من بياض
الحلم
الى الضحكة العنيدة
هذه المرة سأدفنك في
غابة الشعر
وألصق بخدك كل شهوات
الانثى الخالدة
(2)
علّمني فان كوخ أن أمجّد فضاء
اللون الأصفر
ولم أتعلم منه خرائط الجنون
حتى الدموع التي دفنتها
في حزمة السلال
ستبيح لعينيّ...
حلّتا ضيفتين على اخته هاجر.. كانتا فتاتين تقيمان في القسم الداخلي لطالبات الجامعة.. حدث ذلك قبل الامتحان الأخير لدرس الكيمياء بيوم.. جناح البهو الخلفي للبيت فسيح ومؤثث بالأرائك المنجّدة بأفخر القماش، بينما الستائر الزرقاء تناسب الديكور، والطاولات والمنضدة المستطيلة تؤطران زوايا المكان.. كن يجلسن...