الأسماء المستعارة في الصحافة المصرية ظاهرة تغري بالبحث عن أسبابها وأسرارها. فما الذي يدفع الكاتب الى ان يستعير اسم امرأة مثلاً أو يدفع ممثلاً إلى أن يتخذ اسماً له غير اسمه الحقيقي أو أي "لقب" له معنى أو لا معنى له؟
وما حكاية هذه الظاهرة اذا كان احد دوافع النشر هو ان يُرى الاسم منشوراً؟ هنا جولة...
ذكرنا مرة كيف أن عباس محمود العقاد كان يسخر من أدب الحزن واللطم والتفجّع في تلك الأيام، ويستنكره على أصدقائه وخصومه سيان، وقد تخصص في نقد ومطاردة المسكين مصطفى لطفي المنفلوطي صاحب «النظرات والعبرات» وشيخ البكّائين في تلك المرحلة. وكان العقّاد إذا أراد مهاجمة المنفلوطي قدّم لذلك باعتذارات كثيرة،...
عن دار التقوى للنشر والتوزيع صدرت رواية (في سبيل التاج) سنة 2016 كطبعة جديدة منقحة، من تأليف الكاتب مصطفى لطفي المنفلوطي، وتحتوي على ( 120 ) صفحة من الحجم المتوسط، ومن دراسة ومراجعة وتحقيق ابراهيم الصابر، وهشام بكري، اما زمن انتاجها كرواية معربة فهو سنة 1920م، وهي اساسا مأخوذة عن المأساة الشعرية...
فارق مصر على أثر الدستور العثماني كثير من فضلاء السوريين بعدما عمروا هذه البلاد بفضائلهم ومآثرهم وصيروها جنة زاخرة بالعلوم والآداب ولقنوا المصريين تلك الدروس العالية في الصحافة والتأليف والترجمة، وبعدما ما كانوا فينا سفراء خير بين المدنية الغربية والمدنية الشرقية، يأخذون من كمال الأولى ليتمموا...
لا أحد من الكُتّاب تقريبا يجرؤ على الاعتراف بأنه تأثّر به، رغم أن قصصه و"رواياته" ما تزال تحقق أرقاما قياسية في المبيعات، إلى درجة أن بعض الناشرين كوّن ثروات "على ظهره"، بعد أن أصبحت كتبه تراثا "مشاعا".
لم يكن يجيد من اللغات إلا العربية، ومع ذلك "ترجم" بعض الروائع الأدبية الفرنسية فأصبحت صياغتها...
كان مصطفى لطفي المنفلوطي (1876 - 1924) ظاهرة غير مسبوقة في إنشائه الخلاب، وفي صوره المنحوتة البديعة، وفي مواجده الباكية، وأحاسيسه التي ألهبت قُرّاءه؛ فتخطفوا كتاباته، وهم له مغرمون، وبه متيَّمون، حتى أضحى إماماً لمدرسة ترتاد طريقته في الكتابة، وصار له مريدون، ومقلدون في العراق، والشام، والحجاز،...
كتبت على أثر الحملة الطائشة التي قام بها بعض الأدباء على المنفلوطي وأدبه بمناسبة ذكراه الثالثة عشرة أحق ما يقولون من أن صاحب (النظرات) (ليس بالكاتب ولا الأديب)، وأنه صنم من أصنام الأدب (يجب علينا تحطيمه وطرحه)، وأنه خلو حتى (من ناحيةٍ واحدة خليقة بالتحليل ووجهٍ واحدٍ جدير بالدرس)؟!
أتكون نفثاته...
لم تغتمض عيناي ليلةَ أمس؛ لأنني بتُّ أسمعُ في الدار اللاصقة لبيتي أنينَ امرأةٍ متوجِّعة تعالِجُ همًّا ثقيلاً، وتشكو مرضًا أليمًا.
وكان يُخيَّلُ إليَّ أني لا أسمع بجانبها معلِّلاً يعلِّلُها، ولا جليسًا يَتوجَّعُ لها، فلما أصبح الصباح ذهبتُ إليها، فإذا قاعةٌ صغيرة مُظلِمة، تكاد لا تشتمل على أكثرَ...
مر عظيم من عظماء هذه المدينة بزُقاق من أزقة الأحياء الوطنية في ليلة من ليالي الشتاء ضرير نجمها، حالك ظلامها، فرأى تحت جدار متهدم فتاة صغيرة في الرابعة عشرة من عمرها جالسة القرفصاء1 وقد وضعت رأسها بين ركبتيها اتقاء للبرد الذي كان يعبث بها عبث النكباء بالعود، وليس في يدها ما تتقيه به إلا أسمال...
يقول الدكتور شوقي ضيف: " وما أشبه أدب المنفلوطى في عباراته الرصينة المنغمة بالآنية المزخرفة، ولكنها آنية قلما حملت غذاء للذهن والفكر، ونحن نطلب اليوم الغذاء الفكري بأكثر مما نطلب الوسائل التى تؤديه، ولعل هذا ما جعل المازنى يحمل عليه في كتاب الديوان غير انه يقسو في حملته " (1) ثم يستدرك ليفي...
أوردت في مقالي السابق (حول بعث القديم) خمس ملاحظات مما عن لي ملاحظته على مقال الدكتور محمد مندور (بعث القديم) وهأنذا أعود إلى مناقشة رأي الدكتور في المنفلوطي، وانقسام النثر إلى تيارين الآن، كما وعدت في آخر مقالي السابق، وكما أبيت على نفسي هناك أن أقف فيما لاحظت موقفاً سلبياً، فوقفت بعده موقفاً...
عندي أن الفضيلة والرذيلة كالجمال والقبح أمرين اعتباريين يختلفان باختلاف الأمكنة والأزمنة. فكما أن الجمال في امة قد يكون قبحاً في أمة أخرى. كذلك الفضيلة في عصر، قد تكون رذيلة في عصر آخر.
ليست الرذائل والفضائل أسماء توقيفية كأسماء الله لا يمكن تغييرها ولا تبديلها. وليست الفضيلة إلا لأنها طريق...
حين انتقل المنفلوطي إلى رحمة ربه قوبل أدبه بعاصفة شديدة من النقد، واتجهت المعاول الحادة إلى تحطيم بنائه الراسخ في دولة الأدب، حتى ظن الكثيرون أن هذا الصرح الناهض سيخر منهدما في أمد قريب، دون أن يجد الدعائم الواقية من السقوط، وكنت تجد من يقولون عن مصطفى أنه أديب يعني بالديباجة الصافية، والأسلوب...
يعرف دارسو الآداب العربية الحديثة أن المركزين الكبيرين اللذين نشأت بهما هذه الآداب منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وحتى الثلث الأول من القرن العشرين هما: بلاد الشام الكبرى بما فيها لبنان وفلسطين، ومصر. على أن الأول كان حجر الزاوية، وإنْ في سياق شد وجذب بين أنصار القديم من خريجي المعاهد...
بمناسبة ذكراه الثالثة عشر
كان في مستهل هذا العصر نفر من الأيفاع الخلصاء ينتقلون بين حلق الأزهر كما تنتقل النحل بين قطع الروض، لا يتشممون غير الزهر، ولا يتذوقون إلا الرحيق؛ وكانوا كالفراش رقاق الجسوم خفاف الأجنحة يتهافتون على أضواء النوابغ المعاصرين أينما تشع؛ وكانت الومضات الروحية الأخيرة...