زيزي شوشة

في المحطات، لا ينتظرني أحد، بمفردي أواجه ذلك المصيرَ، القابعَ في آخر القطار، وحين أقتربُ أحلق بعيدًا، فأنا لا أحب النهايات، حتى وإن بدت سعيدة، أراها دمًا سائلا من ذبيحة، حجرةً واسعةً لا نوافذ لها، زَحْفا على جثث الآخرين، الذين تعثروا في الطريق، النهايات هي الموت، القطارُ يلتهم سنواتي القليلة...
أبحث عن آخر له عينان ضائعتان، ويد تعرف كيف تقبض على الهواء، وجسد يطفئه النهار أفضل أن أراه وحيدا، في أحد الشوارع، واقفا مثل شجرة عارية، لا يلتفت إليها أحد، لكنها لا تتوقف عن مد جذورها، وخلع ثيابها على الملأ أريد أن أدقق النظر في وجهه، أتابعه وهو يضع قدمه على الأرض، أريد أن أشاهد حكايته وهي تشق...
ليس لي ماضٍ ولا أستطيع أن أضع قدمي، في أيام مظلمة لا قاع لها سأحتسي الليل البارد، وأطفئ النهار بحفنة من التراب، ثم أقف ثابتة لأحدثكم عني، أعرف هواء ثابتا، طرقا لم تغيرها أقدام السائرين، حزنا يخرج من حقيبتي وملابسي التي ترفض السقوط، رغم أنها لا تعرفني بما يكفي أعرف رجلا أصيب بالعمى، من كثرة...
تحت سطوة الجنون الجارفة، أريد أن أنتهي، في عمق حديقة مهجورة وقتها، سينسحب الخوف من عروقي، وأكون أكثر خفة، ربما أتحول إلى زهرة، أو نبات شيطاني، وقتها أيضًا لن أشعر بالقبر المرشوق في قلبي، المجانين: لا يعرفون القبور، لا يشعرون بالزمن، لا يموتون، فقط أريد أن أقول ما أريده، وأفعل ما أريده؛ الكلام...

هذا الملف

نصوص
4
آخر تحديث
أعلى