أمل الأخضر

لا تُشْرعوا النّوافذَ في الخارجِ .. أشياءُ لا أسماءَ لها تعلو فراغاتِ الهواء الشّجرُ يَحْني لها قاماتهِ الشّمْسُ تنْكَفِئُ على نفْسها أعْماها نورُها، فغدت حَسيرة. في الخارجِ.. يتقمّصُ الغبارُ أشْكالَ الآدميين يَلْعَقُ المباني، الطّواراتِ، اللَّبَلابَ المُتَسلِّقَ، المقْهى الصّغيرَ في آخرِ...
هذا الجدار .. له مسامات كما الطين تمتص كل شيء.. غضب العابرين ، لعاب الأطفال ، مخاط لاعبي الورق ونكاتهم الفاجرة ، بكاء المنهارين . هذا الجدار .. وشمه العشاق بأسماء حبيباتهم ، والثوار بشعارلتهم ، والصغار بخربشاتهم ،.. هذا الجدار .. تحط عليه الفراشات الملونة، والفراشات السود، وتتكئ عليه الشجرة...
تركتُ وجهي معلّقاً على مشجب الباب تركت يدي مشغولةً بالتَّرْبيتِ على كتفٍ مخْذول تركتُ نِصْفي مائلاً على سُطوحِ الجيرَان ينتظرُ قُدوم الغِياب تركتُ خطواتي في ممرِّ البهْوِ الطَّوِيل تذْرعُهُ في حيْرةٍ و ارْتباك تركْتُ عيْنَيَّ .. بمحْجريْن غائريْنِ خلفَ الثُّقْبِ الأسودِ المُريع تركتُ المعنى...
سأبتسم .. لتحلقَ عصافيرُ الصدور الخائفة و تسيلَ الثقوب الْتنزٌُّ منذ أمد بعيد لتنتفض أعشاش الغابة القريبة و تستفيقَ الدببة الغارقة في البيات الشّتوي سأبتسم .. لن يسعفني طاقم أسناني السفلي و لن يطاوعني فكّيَ الأيسرُ المشدود و لا نظرتي الثّابتة سأستعين بمواويل السّتّ الخالدة و برقصة زوربا للممثل...
الأخ والصديق العزيز عبد الحق بنرحمون شكري و امتناني الكلامُ الكبير .. الذي لَمْ يُقَلْ بيننا الكلام الذي نؤَجّله دائما .. الكلامُ الغامضُ المدوّن في الأسفار الثّقيلة كلام السياسيين المسترسل في الساحات العامَّةِ ، وسط تهليل الأنصار والتابعين . كلام الشعراء المجاذيب في أمسياتٍ لا يحضرها أحد...
صباح الخير .. أيها العالم كبُرتُ بما يكفي .. لأرفعَ قبّعتي عالياً للضاحكين والمجانين الهائمين في عزلة الجبال البعيدة . كبرت بما يكفي.. لأحسدَ اليرقاتِ الذاهبةَ إلى سمائها واليعاسيبَ الغارقة في الطّين . كبرتُ بما يكفي .. لأخرجَ من سُباتي الطّويل و أُدَلٌي لسَاني في وجه سدَنتك الضّخام وأفتحَ...
الصَّراصيرُ السَّريعةُ تحت ركام الخُرْداواتِ العناكبُ ترقصُ رقصةَ الحبِّ البهلوانيةِ ثم تموت القُبَّراتُ تهيم مُسبّحةً في سماء الحقول العصافير الهزيلة التي تنتحر النّمل الغزيرُ جدًّا بالعتبات المهجورةِ مملكة النّحل العظيمَةِ الذّباب الأزرقُ المفترس الجَنادبُ المُموَّهةُ بالأخضرِ البرّيّ...

هذا الملف

نصوص
7
آخر تحديث
أعلى