محمد عكاشة

أطفالُ بلدتِنا ياكوفيدُ يُطلقونَ في سمائكَ طائراتٍ ورقيةٍ محملةٍ بصورٍ لكَنَّاسٍ يُلونُ الأرصفةَ لأقدامِ المارةِ ربما يأخذُكَ الحنينُ لكهلٍ يُنظِْفُ أنابيبَ الصرفِ من روثِ العالمِ ربما تدفعُ عنه أدخنةَ الحربِ لامرأةٍ تبحثُ في مهملاتِ المدينةِ عن قلبٍ نابضٍ ربما تتكاثرُ في أوردةِ المستبدين...
رأسي التي ركنتُها على سطحِ المنضدةِ منذُ زمنٍ، بدتْ ليَ وأنا مضطجعٌ على حافةِ الفراشِ كخريطةِ العالم، هزأتْ بيَ عندما شاهدتْني أقيسُ المسافةَ بين منبتِ الشَّعرِ والعينين، وأخططُها بمحراثٍ تجرُّهُ بقرةٌ صفراءُ كي أشتِلَها ببنادقَ آليةٍ معبأة بالبارودِ وأسقيَها من بئرِ نفطٍ جديد. والرأسُ...
الكهرباء التي تملأ الهواء بثتها أعمدة الإنارة الواقفة على أجناب السماوات وبثها البرق النابع من جوف الأرض ودفعها الغيم الرابض كوحوش حول حبيبتي الكهرباء ولدّهَا تلاطم أمواج الدم في أفئدة العاشقين الكهرباء تلك الروح الهائمة تسري في الأوردة كي تنير جدران القلب وأيضا كي تحرك الفلك النائم في ظلام...
حين خلق الله الإسفنج عرف الإنسان الناحية الأخرى للحياة وعرف كيف يكون مطاطيا إلى أبعد مدى وكيف يمتص الطلقات المتجهة نحوه ومتى يكسر الصلابة بليونة واحتواء وعرف أن الماء معبأ بكائنات لاتراها العين ولكن يراها الإسفنج الراقد في عمق البحر تماما كما يرى اللصوص المختبئة في الغابات المرجانية الملونة وهم...
رفَعتَ طرف الجلباب والتقمته فبان السروال الواسع، المثقوب بعدة ثقوب من جراء (طفية) السجائر اللف، وأنت جالس "مشلح" كى لا يتسخ جالسون على كوم.. الردم.. الذى يجمعكم كل ظهر، أنت وصحبتك، أو كما تقول أمك، أنت و(عجولك). رفعت الجلباب فبان السروال والحزام الصوف الملفوف حول خصرك، يتدلى طرفاه بين فخذيك،...
جرت في لهوجة وشدت الطست النحاسي الكبير المركون بجوار الحائط. جاءت بوابور الجاز من على الفرن البراني وأشعلته، ملأت صفيحة الماء وضربت كباس الوابور. سحبت يدي من وسط العيال وخلعت جلبابي وقالت: اقعد، كنت أحب راحة يدها وهي تتحسسني، وكانت كلما خلعت ملابسى لتحممني – تخلع تربيعتها فينهدل شعرها الغزير على...
كانت روحي أشبه ببالونة حمراء يتقاذفها الهواء، وإذا رست دفعتها أنامل الصغار وهم لا يعبأون في أي أرض ستحط، وكنت أتمطي في الطرقات وشوارع المدن دون الإلتفات لضجيج من حولي وأهيم باحثاً عن جدول لأخلع حذائي وأرتمي بملابسي على صفحته فيغمرني سريانه وتتبلور روحي كفقاعات صغيرة تتلاشي أو كزبد يتبخر ببهجة...
قبل أن تخطو قدمه عتبة الدار المنخفضة عن أرضية شارع المجاز بدرجتي سلم من الطين – يطوح حقيبته القماش على المصطبة البرانية الملاصقة للباب. وكالعادة تنفرط كتب المعهد الديني وتصرخ أم صخر من حموريته وقلة أدبه. وقبل أن يصل أيضاًَ إلى عتبة الدار يخلع الجبة والكاكولا ويرمى بها ولا يعبأ في أي مكان سوف...
أصوات عديدة كانت تتدافع لتلحق ما تبقى من أحلام ، هذه الليلة لم أقدر على تمييز صوت عن الآخر ولكن بقيت كلها بصداها الجهورى الصاخب تطاردنى ، وتصفر فى أذنى كحشرات ليلية لا تغفل ، ولكن ما هو أجدر ذكره فى هذه اللحظات ، والتى أغط فيها سابحا فى نوم عميق مطعم بصيحات تشد رأسى نحو المذياع ، وعمود إستقباله...
عشقته، لم، لا أدرى.. رغم بلادته.. أحاوره دون إرادتى، أحس به يكبلنى، يأسرنى ببلاهته.. ألكمه كى يفر . يقف مترنحاً. يرفع يده ببساطه سادداً فوهة حنجرتى، أشحر، وأنفخ فى وجهه ليستحى .. يتطاول أكثر، حتى سدد لكمة قوية فى فمى، جعلتنى ألعنه، أتوعده، بأننى لن أترك له فرصة الأستحواذ على ثانية، ولكن هذا...
(واحد اثنين، سرجي مرجي) أحس أن ذراعين ثقيلين يكبلاني، ورأسي كأنها طوبة كبيرة قلقلها وابور حرث، ودوامة تلف بي كدوامة مترد اللبن عندما تخضه جدتي أو كأني مقيد في (ناف) الساقية وأدور حول المدار وحول عيني عصابة قماش كي لا أرى. النار تشتعل بجسدي، روحي ترفرف حولي، ورأسي تهتز فتهاجمني الأحداث وتتدافع...
أبيع الأقمار الملونة لعابري السبيل إذا أردتم قمراً ألقوا أسلحتكم وفكوا لجام الخيل وافتحوا النوافذ للسماء أقماري مثبتة على عصا قصيرة يجري بها الصغار ليضيئوا ظلام الليل أو لينيروا الشوارع التي هدمها القصف أو ليعلقوها على جدران ملاجيء الأيتام لدي قمر ملتصق بسحابة بيضاء ترسم ظله على حواف الأشجار...
عندما تروح الشمس ويهل القمر – تدب البهجة في داخله وتتملكه الرغبة في أن يقفز هنا وهناك. فالنهار بالنسبة له – الجري بأقصى سرعة لتلبية نداءات عمي رشوان. يا محمود امش وراء البقرة في مدار الساقية. (دير الحوال) لتسقي غيط (الديسة). ارمي العليق للبهائم، واسرح بالغنم في حوض الكفراوي، وافتح خلايا النحل،...
لكل كوكب أوردة وقلب والعالم يبحث عن ألهة جديدة وفي جوف الأرض مسارات لدماء سوداء تحيي الموتى والناس يحاصرون الهواء دماء كانت في الأصل أسماكاً ووحوشاً نافقة صهرتها الشمس كي تتحرك الأرواح من جديد والقوم يبنون الأسوار من حولها لونتها بألوان العالم كي يتزن الكون كي تمطر السماء شهباً وأجِنة كي يعرف...
قبل أن تولد وأنت مجرد نطفة صغيرة تتشكل على هيئة إنسان بثت فيك الروح، بالضبط كنت كبالونة فارغة مكرمشة نفخ فيك، فانتفخت وعُبئت بأعداد كثيرة من الدقات حين تمايلت متأرجحًا بالحبل السري، كنت حينها لا تعلم أنك ستملأ كساعة منبه بزمبلك، يطلق رناته حتى يفرغ شحنته، أو إذا أسكنته أيد غاشمة، كنت ساعتها لا...

هذا الملف

نصوص
97
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى