أحمد الوارث

- اسمع يا أخي، أعرف أن لسانك طويل ، ولكن سأحكي لك، وأمري لله.. - ماذا هناك . قل ، عليك أمان الله. + حسنا، مع أول ليلة من رمضان تأبطت السجادة، وأسرعت الخطى نحو المسجد . - جميل ، ماشاء الله عليك . + كان الأطفال يلعبون في الجوار، والمتسولون على جانبي الطريق ينتظرون الصدقات. لكثرة المصلين غصت رحاب...
كنت صغيرا يافعا، دون المراهقة، لكني وجدت نفسي، مثل أقراني، مضطرين إلى مغادرة المدشر لا لشيء، ولكن لمتابعة الدراسة، لمن شاء إلى ذلك سبيلا، لأن الإعدادية موجودة في "قرية " بعيدة جدا، وتتطلب الاستقرار بعين المكان. رافقني والدي أول مرة، حيث اكترى لي غرفة ، ووفر لي الضروريات، كما قضى معي، للاستئناس،...
اعتاد الراعي تناوُل طعام عشائه مبكرا، قبل أن ينتقل إلى الدويرة، قرب الحظيرة. قُرابَ كل فجر تأتيه ربة البيت، فتسلمه القِراب، وتحذره، بهمس خفيض، من بطش السيد ولصوص الأنعام. يحني هامته، ثم يغادر خلف قطيع الماعز. يتقدمه كلبان شرسان، وتحاديه كلبة أكثر شراسة. أثوابه بالية، وعلى كتفه الأيسر يتدلى...
بنى له بيتا خلف أشجار التِّين الشَّوكيّ في حقل مهجور بظاهِرِ المدينة. مسكنٌ من غرفة واحدة، سقفُها من قصب وسيقان النباتات، فوقها ألواح من المعدن والحجر، بينما تتدلى منه، في الداخل، رزم بها ملابس وفواكه جافة، تتمايل معها أنسجة رقيقًة مهلهلة تصيد به العناكب طعامَها. وعلى الأرض حصير، وفراش محشو...
اعتاد كل مساء، بعد صلاة المغرب، أن ينضم إلى الجالسين عند باب الجامع، بينما الفقيه وطلبته يتلون الحزب الراتب، وأحيانا يلتحق بباب الدكان الوحيد في قلب الحومة، حيث يقتعد صندوقا خشبيا، ويجلس متفرجا على لاعبي الورق، لتزجية الوقت، انتظارا لآذان العشاء. بعد الصلاة، يملأ، بّا بوشتى؛ هكذا كانوا ينادونه،...
مضى عام على زواجهما، وكاد ثانٍ أن ينصرم، لذا صار الزوج منزعجا، قلق المزاج، يتحدث كثيرا عن رغبته في الخِلْفَة... وباتت غمزاته ولمزاته تقضّ مضْجَع الزوجة . كَشَفَت عَنْ المستور لأسرتها بحثا عن السند، فصاحبتها أمها إلى عيادات ومَصَحّات ومشافٍ، عامة وخاصة، دون كلل. وأجرت تَحْلِيلاَتٍ وفحُوصَاتٍ ...
تنتهي رحلات حافلة نقل المسافرين، وسيارات الأجرة، القادمة من عاصمة الإقليم، في فضاء فسيح، بتلك القرية الصغيرة الرابضة بين الفجاج، حيث تنتهي، أيضا، الطريق المعبدة؛ لذلك عرف المكان باسم دال على وظيفته، هو: (الݣاراج)، منذ أيام الحماية الفرنسية، رغم إنشاء محطة جديدة. على تخوم هذا الفضاء، تربض سيارات...
كان عقربا منتصف الليل متعانقين حين تركت الغرفة ومن فيها، تلك الليلة المشهودة من أيام العطلة الصيفية. فرشت لحافا فوق الحصير بالهواء الطلق، وسط منزل الأسرة في البادية. تمددت على ظهري، يداي خلف رأسي، ورفعت عيني إلى السماء. لم أر شيئا سوى نور خافت، ينبعث من نجم هناك في السماء البعيدة، يراقص حبات...
كنتُ رفقة والدي حين حللت أول مرة بالمحطة الطرقية في الحاضرة العلمية. شدَّ انتباهي رجل يقترب منّا؛ أشعث أغبر، لم تُبق لفحات الشمس الحارقة من بياض سحنته سوى طيّات التجاعيد، عليه لباس رث، يبعث على الحزن. خاطبنا:... إلى الدار البيضاء، إن شاء الله... إلى البيضاء أم الرباط؟ حين علم أنها وجهتنا، رفع...
أيْقظتهُ زوجته من نومه مبكراً، كالعادة. حمل المعول والمسحاة والمنْجل والمقْراض الأسود. اتجه إلى الركن المعتاد، وانتصب متكئا على مسْحاته، يرقب الطريق عسى أن يُطلّ زبون كريم، يحتاج خدمات بستاني. لما أحس بالتعب أسند ظهره إلى الحائط، وأشعل السيجارة الأولى. بدأ الملل يدب في أوصاله، ودون أن يشعر وضع...
كان يمشي متثاقلا، يريد الانتقال إلى العربة المجاورة. حاول جاهدا فتح الباب ولم يفلح؛ فسوء حالته بسبب قلة العناية والتراخي في استبدال قطع الغيار جعله عصيا، يتطلب جهدا كبيرا لكي يتزحزح. أَسعفتُه بحاجتِه، فالتفتَ إلي، وهو يغادر، ليشكرني مبتسما. رجل رمى به العمر وراء عتبة الخمسين أو لربما لم يبلغها...
لمّا غفت عيناي، تسلل إليّ صوت مكتوم، لكنه مزعج. أصَخْتُ السمع إليه جيدا، وأنا أحاول تمييز صاحبه، مستحضرا في الوقت ذاته أصواتا شبيهة اعتدت سماعها من الأشباح في الأماكن المظلمة والمخيفة. كلما خَفّت حدة الصوت، مضيْتُ وراء أسئلتي المترتبة عن حالة الضجر جراء هذا الوباء اللعين، المسمى كورونا، والذي...
كان الجو حارا، والركاب؛ بعضهم ضاق صدره من طول الانتظار، وراح يـــَلْعَن الحافلة وأهلها، وبعضهم غارق في دخان سيجارته غَير عابئ بِشيءٍ ولا بأحد، وبعضهم منكب على أكله، بينما اِنْزَوى بعضٌ على بعض يتضاحكون... ما إن أخذت مكاني حتى شرع الباعة المتجولون في الظهور؛ كانوا يصعدون من الباب الأمامي وينزلون...
أرخى الظلام سدولَه على آخر يوم من السنة الماضية. امتصت حبات الضباب والدخان ما فضل من نور، وأمست الشوارع خالية إلا من مَرْكَبَات شاردة أو حيوانات تائهة تصارع من أجل البقاء. تبعتُ أنثاي، بعد العشاء، ننشد دفء السرير بطعم العيد. وقبل أن أكتم أنفاس الهاتف المحمول، فاجأني زوج أختي، مفزوعا: أحمد ...
مضى عام على زواجهما، وكاد ثانٍ أن ينصرم، لذا صار الزوج منزعجا، قلق المزاج، يتحدث كثيرا عن رغبته في الخِلْفَة... وباتت غمزاته ولمزاته تقضّ مضْجَع الزوجة . كَشَفَت عَنْ المستور لأسرتها بحثا عن السند، فصاحبتها أمها إلى عيادات ومَصَحّات ومشافٍ، عامة وخاصة، دون كلل. وأجرت تَحْلِيلاَتٍ وفحُوصَاتٍ ...

هذا الملف

نصوص
18
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى