قد يرحل البعض عن حبٍ يؤلمه بحثاً عن الحياة، لكن بعض الرحيل قد يكون بحثاً عن الموت.. أجل الموت لكن بسلام.. فالناس اعتادت الثرثرة عن الحب حتى أضحت مشاعرها نسخةً من بعضها لا لأنها كذلك بل لأنهم أرادوا ذلك فكان لهم ما أرادوا، فليس للحب ذات الملامح في حضرة العاشقين وذات الوهج بين البشر، ولذلك يموتون به بعد أن عاشوا من أجله فلم يزدهم إلا غربةً وأحزانا..
يعيشون معه كالأشباح، يسمعون به لكنهم لا يرون من أثره شيئا، فيخافون رحيله رغم عدم وجوده حتى ترحل نفسهم منهم، ليلحقوا حينها بما تبقى منها قبل أن تتلاشى كسراب، رحيل بمذاق الصمت وغيابٌ يتدثر برداء الليل لا مكان فيه للكلمات والحروف بعد أن أشهرت اللغات إفلاسها في حضرة قلبٍ ينبض بالجحود، لم يفهم اللهفة والألفة والعناق واللمسة والمشاركة والإحتواء، ولم يفهم الرحمة والتعالي على الألم والتضحية لحبٍ كان سلاح صاحبه الأخير أمام عاديات الزمن، مسدسه المحشو برصاص القبلات تحت وسادة الخوف التي تبللها الدموع على جانبيها، معطفه لبقية ليالي العمر بين بردٍ لا يرحم ودفىءٍ لا يأتي، أجمل ما أخفاه عن أعين الناس ككنز فقيرٍ يدفنه في بئرٍ عميق بإنتظار لحظة إخراجه..
حب اجتمع فيه شقاء الماضي وقلق الحاضر والرهبة من خبايا الغد، أشبه بالعبادة، أقرب للأبوة، أقسى من الحرب وموجعٌ كالإحتضار على أرضٍ غريبة ظنت محبوبها وطنها الأخير، محملٌ بطعم السنين التي أوجعت صاحبها ووهب فيها الروح لمنكرها بعد أن أقسم ألا يهبها لأحد.. فكسر بلا رحمةٍ وتمنى حينها أن يصرخ صرخة اليتيم الوحيد على وجه الأرض وسط زحام الأضواء والأعياد والأغنيات، صرخة ندمٍ تعبر الأكوان وتفجع أسماع كائنات هذا الكوكب، تنطلق من جرح طفلٍ تائهٍ في ليل الصحاري الموحش يود الهروب من نفسه، من جسده، من اسمه، من صورته في المرآة، لكنه فوجئ بفقدان صوته الذي كان يغني لمن هجره بحنان كما يغني للطيور، فاختار عقاب ظله الذي تبقى منه بالنفي بعيداً حيث لا يراه أحد، لا لمجرد إخلاصه لمن خانه، بل لأنه خان نفسه مع من لا يستحقها بإسم الحب وعليه أن يدفع ثمن جريمته..
خالد جهاد..
يعيشون معه كالأشباح، يسمعون به لكنهم لا يرون من أثره شيئا، فيخافون رحيله رغم عدم وجوده حتى ترحل نفسهم منهم، ليلحقوا حينها بما تبقى منها قبل أن تتلاشى كسراب، رحيل بمذاق الصمت وغيابٌ يتدثر برداء الليل لا مكان فيه للكلمات والحروف بعد أن أشهرت اللغات إفلاسها في حضرة قلبٍ ينبض بالجحود، لم يفهم اللهفة والألفة والعناق واللمسة والمشاركة والإحتواء، ولم يفهم الرحمة والتعالي على الألم والتضحية لحبٍ كان سلاح صاحبه الأخير أمام عاديات الزمن، مسدسه المحشو برصاص القبلات تحت وسادة الخوف التي تبللها الدموع على جانبيها، معطفه لبقية ليالي العمر بين بردٍ لا يرحم ودفىءٍ لا يأتي، أجمل ما أخفاه عن أعين الناس ككنز فقيرٍ يدفنه في بئرٍ عميق بإنتظار لحظة إخراجه..
حب اجتمع فيه شقاء الماضي وقلق الحاضر والرهبة من خبايا الغد، أشبه بالعبادة، أقرب للأبوة، أقسى من الحرب وموجعٌ كالإحتضار على أرضٍ غريبة ظنت محبوبها وطنها الأخير، محملٌ بطعم السنين التي أوجعت صاحبها ووهب فيها الروح لمنكرها بعد أن أقسم ألا يهبها لأحد.. فكسر بلا رحمةٍ وتمنى حينها أن يصرخ صرخة اليتيم الوحيد على وجه الأرض وسط زحام الأضواء والأعياد والأغنيات، صرخة ندمٍ تعبر الأكوان وتفجع أسماع كائنات هذا الكوكب، تنطلق من جرح طفلٍ تائهٍ في ليل الصحاري الموحش يود الهروب من نفسه، من جسده، من اسمه، من صورته في المرآة، لكنه فوجئ بفقدان صوته الذي كان يغني لمن هجره بحنان كما يغني للطيور، فاختار عقاب ظله الذي تبقى منه بالنفي بعيداً حيث لا يراه أحد، لا لمجرد إخلاصه لمن خانه، بل لأنه خان نفسه مع من لا يستحقها بإسم الحب وعليه أن يدفع ثمن جريمته..
خالد جهاد..