تأتيني والعلكة في فمها .. كلزوم الشيء
تضعها عندما أقترب منها وكأنها بداية للحدث.. وهكذا في كل مرة .. تبقى العلكة في فمها وتصدر صوتاً رتيباً من حنكها كعدّاد الثواني .. كمؤقّت زمني يعلِكُ الوقتَ عَلكاً .. كأنّ العلكة تبتلع الكلام الذي لن تقوله .. قد تستعملها كمعطّر للأنفاس أو قد تعطيها نوعاً من الاستخفاف بما سيجري .. لا أدري ولكن طالما العلكة تعمل فيجب أن تعلم أنّ جلستنا مستمرة ..
إنها لزوم الشيء !
كما تضع أيضاً رشّة من العطر قبل الحدث .. لزوم الشيء وأصول الصنعة كما قالت في إحدى المرات .. وعندما تخرج ترمي علكتها على باب الشقة .. فلكلّ زبونٍ علكته الجديدة .. والكل يحتاج مسحة أو رشة من العطر الرخيص لزوم الشيء أيضاً .. وتقول ضاحكة :
- أنت تضع حبة زرقاء في فمك .. وأنا أضع علكة .. وكلانا سيمضغ هواء .. كلانا سيجترّ لعابه .. أنا أمضغ علكتي لألهو عنك ..أنتظرك .. هه هه .. وأنت تنتظره .. هذه المرّة مستعجلةٌ أنا .. أعطِني ما تيسّر معك الآن ..
محفظتي تعرف مكانها وفي أي جيب .. فتَحَتها وأحصت ما فيها .. أخذت حصّتها وتركت الباقي .. وتابعت :
- لا أطمع بالكثير كما تعلم .. أتمنى أن تأخذ مني كما آخذ منك .. علاقتك خاسرة معي يا مسكين .. وأتمنى أن تربح مني أي شيئ .. في كل مرة ترهنني أمامك كالتمثال .. أعلك علكتي .. أنفخها .. أطقطق بها .. ألاعبها بلساني .. وأنت تشرب قهوتك .. تدخن في وجهي.. تتأملني .. ثم تصرفني .. أهذا كل ما تقدر عليه ؟... أهذا كل شيئ ؟
كان من المفروض عليّ أن أتنهد كنوعٍ من رد الفعل .. أن أزفر بحسرة .. أضرب على رأسي كأي رجل عاجز جنسياً .. لكني كنت أبتسم وألعب بشعيرات شاربي .. أمسّدهما .. أشدّهما إلى أسفل .. أقضم ما طال من أشعارهما .. قلت :
-لم أعد أتناول الحبوب ..لا فائدة .. ولا أريد منك إلا أن تشاركيني مجلسي.. أكثيرٌ هذا علي ؟.. أن تحدّثينني وأستمعُ إليك .. أحدّثكِ وتستمعين إلي .. كجليسةٍ ونديمة وكليمة .. والحب الذي تمتهينه وتقبضين ثمنه لست قادراً عليه .. ولكني أحب أن أراكِ فقط .. أكثيرٌ هذا علي ؟
عادت إلى مقعدها .. بعد أن كانت واقفة وهمّت بالرحيل .. وضعت ساقاً على ساق بطريقة عصبية .. وشمّرت تنورتها لتظهر ما يمكن إظهاره .. كانت تنسى فمها مفتوحاً فلا يمكنها أن تعمل عملين معاً .. فأي عمل آخر يعني توقف العَلْك مؤقتاً ..قالت:
-سبق أن واجهت رجلاً مثلك .. كنت أخاف من نظراته .. يجلسني أمامه ويلعب بأصابعه .. ويقول لي تكلمي .. قولي أي شيئ ..ظننته محققاً أو شرطياً .. ثم اعتقدت أنه طبيب نفسي أو مرشد اجتماعي .. كان خليطاً بين فنان مرهف الحس أو شاعر مجنون على أرضية دينية تشعرك بالخوف والخطيئة .. لكنه كان يدفع جيداً وهذا ما يشفع له .. وأحيانا كان يطلبني مع صديقتي .. يستمع لترّهاتنا وضحكاتنا .. ويدفع لنا كما نهوى .. أنت تذكرني به ولكنك لا تخيفني .. فليكنْ.. سأبقى قليلاً فماذا تريدني أن أفعل ؟.. هل أرقص لك ؟.. هل أحكي لك حكاية لتنام كالطفل ؟.. عفواً دعني أبدّل علكتي إذن فهذه جولة أخرى على ما يبدو .. انتبه إنها الثانية ولكل واحدة ثمن !
بلا مبالاة سحَبَت علكتها المعلوكة ونسيَتْ فمها مفتوحاً ..وضعتها على الطاولة وسحبت واحدة جديدة .. كلزوم الشيئ .. وأشعلتُ أنا سيجارة .. كلزوم الشيئ .. إنه نوعٌ من فتح الحديث .. والشيء بالشيء يذكر
قلت :
- أريد منكِ حكاية عن الرجال الذين عرفتهم .. ذكرياتكِ معهم .. لا أريد اعترافات مؤلمة ومقرّحة لذاكرتك .. ريد منك قصة لامتهانك الحب .. كبداية وممارسة .. ودعي النهاية لي .. أكثير هذا علي ؟
سحبت تنورتها إلى أسفل .. واعتدلت في جلستها كامرأة محتشمة .. قاربت ساقيها حتى التصقتا فبدت أصغر حجماً .. وتوقفت عن العلك لكن بفم مغلق هذه المرة .. سحبت أنفاساً عميقة من أنفها .. لزوم الشيء لكي تتحدث طويلاً .. كانت تفكر كيف ستبدأ أو أنّ ذاكرتها كانت لا تسعفها .. وكنت أنتظر أن تبكي في تلك اللحظة كمتهمة مظلومة .. أو أن تنفجر وترفض الفكرة من أساسها .. لكنها لم تفعل بل شربت ثمالة قهوتها ثم حملت الفنجان الفارغ .. هزته .. قلبته في الهواء .. ثم وضعته مكانه .. أخرجت علكتها الثانية ووضعتها في الفنجان .. سحبت علكة جديدة ومزقت غلافها .. قالت :
- أترى هذه العلكة .. جميلة .. ناعمة .. مستقيمة .. رائحتها طيبة .. وطعمها لذيذ وسكري .. وبعد أن أعلكها سأرميها عند الباب .. مجعوكة معروكة مخلوطة باللعاب .. مستعملة .. تلك العلكة هي أنا .. هذا ملخص حياتي
أعجبني الوصف كإعجاز بياني مقتضب .. وقلت مبتسماً :
- عندما كنت تلميذاً وأعلك في الصف .. كان المعلم ينظر إليّ بطرف عينه .. وكنت أسحب العلكة وألصقها بطرف المقعد.. وأعود إليها في الفرصة وأراها طيّبة .. فلماذا ترمينها كل مرة ؟
ضحكت وضحكت كطفلة بريئة .. وأخذت العلكة القديمة عن الطاولة ودحشتها في فمي .. ثم سحبت الأخرى من فمها ودكتها دكاً في فمي أيضاً .. ووضعت كل أصابعها فوق شفتي بعصبية .. وقالت:
- امضغ .. استمتع
وفعلاً مضَغْت .. وفعلاً استمتَعْت .. وأخذت واحدة جديدة وعضّت عليها حتى خربطت شكلها المستقيم وناولتني أياها أيضاً إلى باطن فمي .. وكنت أبذل جهداً كمن يمضغ لقمة كبيرة .. وبدأ لعابي يسيل وبدأتُ ألعق شفتاي إذ تحرّك الدم فيهما .. وتداعت الرطوبة إليهما .. قلت :
-لدي طلب آخر كلزوم للشيء .. أن تضعي طرف علكة جديدة في فمك وتعطيني الطرف الآخر.. ونقترب من بعضنا ونعلك سوياً .. حتى تغور العلكة بيننا مناصفة .. فنتقاسمها .. ونتبادل أجزاءها
ومنذ ذلك اليوم .. استبدلنا الحبة الزرقاء بالعلكة .. كلزومٍ للشيء!
د.جورج سلوم
****************
تضعها عندما أقترب منها وكأنها بداية للحدث.. وهكذا في كل مرة .. تبقى العلكة في فمها وتصدر صوتاً رتيباً من حنكها كعدّاد الثواني .. كمؤقّت زمني يعلِكُ الوقتَ عَلكاً .. كأنّ العلكة تبتلع الكلام الذي لن تقوله .. قد تستعملها كمعطّر للأنفاس أو قد تعطيها نوعاً من الاستخفاف بما سيجري .. لا أدري ولكن طالما العلكة تعمل فيجب أن تعلم أنّ جلستنا مستمرة ..
إنها لزوم الشيء !
كما تضع أيضاً رشّة من العطر قبل الحدث .. لزوم الشيء وأصول الصنعة كما قالت في إحدى المرات .. وعندما تخرج ترمي علكتها على باب الشقة .. فلكلّ زبونٍ علكته الجديدة .. والكل يحتاج مسحة أو رشة من العطر الرخيص لزوم الشيء أيضاً .. وتقول ضاحكة :
- أنت تضع حبة زرقاء في فمك .. وأنا أضع علكة .. وكلانا سيمضغ هواء .. كلانا سيجترّ لعابه .. أنا أمضغ علكتي لألهو عنك ..أنتظرك .. هه هه .. وأنت تنتظره .. هذه المرّة مستعجلةٌ أنا .. أعطِني ما تيسّر معك الآن ..
محفظتي تعرف مكانها وفي أي جيب .. فتَحَتها وأحصت ما فيها .. أخذت حصّتها وتركت الباقي .. وتابعت :
- لا أطمع بالكثير كما تعلم .. أتمنى أن تأخذ مني كما آخذ منك .. علاقتك خاسرة معي يا مسكين .. وأتمنى أن تربح مني أي شيئ .. في كل مرة ترهنني أمامك كالتمثال .. أعلك علكتي .. أنفخها .. أطقطق بها .. ألاعبها بلساني .. وأنت تشرب قهوتك .. تدخن في وجهي.. تتأملني .. ثم تصرفني .. أهذا كل ما تقدر عليه ؟... أهذا كل شيئ ؟
كان من المفروض عليّ أن أتنهد كنوعٍ من رد الفعل .. أن أزفر بحسرة .. أضرب على رأسي كأي رجل عاجز جنسياً .. لكني كنت أبتسم وألعب بشعيرات شاربي .. أمسّدهما .. أشدّهما إلى أسفل .. أقضم ما طال من أشعارهما .. قلت :
-لم أعد أتناول الحبوب ..لا فائدة .. ولا أريد منك إلا أن تشاركيني مجلسي.. أكثيرٌ هذا علي ؟.. أن تحدّثينني وأستمعُ إليك .. أحدّثكِ وتستمعين إلي .. كجليسةٍ ونديمة وكليمة .. والحب الذي تمتهينه وتقبضين ثمنه لست قادراً عليه .. ولكني أحب أن أراكِ فقط .. أكثيرٌ هذا علي ؟
عادت إلى مقعدها .. بعد أن كانت واقفة وهمّت بالرحيل .. وضعت ساقاً على ساق بطريقة عصبية .. وشمّرت تنورتها لتظهر ما يمكن إظهاره .. كانت تنسى فمها مفتوحاً فلا يمكنها أن تعمل عملين معاً .. فأي عمل آخر يعني توقف العَلْك مؤقتاً ..قالت:
-سبق أن واجهت رجلاً مثلك .. كنت أخاف من نظراته .. يجلسني أمامه ويلعب بأصابعه .. ويقول لي تكلمي .. قولي أي شيئ ..ظننته محققاً أو شرطياً .. ثم اعتقدت أنه طبيب نفسي أو مرشد اجتماعي .. كان خليطاً بين فنان مرهف الحس أو شاعر مجنون على أرضية دينية تشعرك بالخوف والخطيئة .. لكنه كان يدفع جيداً وهذا ما يشفع له .. وأحيانا كان يطلبني مع صديقتي .. يستمع لترّهاتنا وضحكاتنا .. ويدفع لنا كما نهوى .. أنت تذكرني به ولكنك لا تخيفني .. فليكنْ.. سأبقى قليلاً فماذا تريدني أن أفعل ؟.. هل أرقص لك ؟.. هل أحكي لك حكاية لتنام كالطفل ؟.. عفواً دعني أبدّل علكتي إذن فهذه جولة أخرى على ما يبدو .. انتبه إنها الثانية ولكل واحدة ثمن !
بلا مبالاة سحَبَت علكتها المعلوكة ونسيَتْ فمها مفتوحاً ..وضعتها على الطاولة وسحبت واحدة جديدة .. كلزوم الشيئ .. وأشعلتُ أنا سيجارة .. كلزوم الشيئ .. إنه نوعٌ من فتح الحديث .. والشيء بالشيء يذكر
قلت :
- أريد منكِ حكاية عن الرجال الذين عرفتهم .. ذكرياتكِ معهم .. لا أريد اعترافات مؤلمة ومقرّحة لذاكرتك .. ريد منك قصة لامتهانك الحب .. كبداية وممارسة .. ودعي النهاية لي .. أكثير هذا علي ؟
سحبت تنورتها إلى أسفل .. واعتدلت في جلستها كامرأة محتشمة .. قاربت ساقيها حتى التصقتا فبدت أصغر حجماً .. وتوقفت عن العلك لكن بفم مغلق هذه المرة .. سحبت أنفاساً عميقة من أنفها .. لزوم الشيء لكي تتحدث طويلاً .. كانت تفكر كيف ستبدأ أو أنّ ذاكرتها كانت لا تسعفها .. وكنت أنتظر أن تبكي في تلك اللحظة كمتهمة مظلومة .. أو أن تنفجر وترفض الفكرة من أساسها .. لكنها لم تفعل بل شربت ثمالة قهوتها ثم حملت الفنجان الفارغ .. هزته .. قلبته في الهواء .. ثم وضعته مكانه .. أخرجت علكتها الثانية ووضعتها في الفنجان .. سحبت علكة جديدة ومزقت غلافها .. قالت :
- أترى هذه العلكة .. جميلة .. ناعمة .. مستقيمة .. رائحتها طيبة .. وطعمها لذيذ وسكري .. وبعد أن أعلكها سأرميها عند الباب .. مجعوكة معروكة مخلوطة باللعاب .. مستعملة .. تلك العلكة هي أنا .. هذا ملخص حياتي
أعجبني الوصف كإعجاز بياني مقتضب .. وقلت مبتسماً :
- عندما كنت تلميذاً وأعلك في الصف .. كان المعلم ينظر إليّ بطرف عينه .. وكنت أسحب العلكة وألصقها بطرف المقعد.. وأعود إليها في الفرصة وأراها طيّبة .. فلماذا ترمينها كل مرة ؟
ضحكت وضحكت كطفلة بريئة .. وأخذت العلكة القديمة عن الطاولة ودحشتها في فمي .. ثم سحبت الأخرى من فمها ودكتها دكاً في فمي أيضاً .. ووضعت كل أصابعها فوق شفتي بعصبية .. وقالت:
- امضغ .. استمتع
وفعلاً مضَغْت .. وفعلاً استمتَعْت .. وأخذت واحدة جديدة وعضّت عليها حتى خربطت شكلها المستقيم وناولتني أياها أيضاً إلى باطن فمي .. وكنت أبذل جهداً كمن يمضغ لقمة كبيرة .. وبدأ لعابي يسيل وبدأتُ ألعق شفتاي إذ تحرّك الدم فيهما .. وتداعت الرطوبة إليهما .. قلت :
-لدي طلب آخر كلزوم للشيء .. أن تضعي طرف علكة جديدة في فمك وتعطيني الطرف الآخر.. ونقترب من بعضنا ونعلك سوياً .. حتى تغور العلكة بيننا مناصفة .. فنتقاسمها .. ونتبادل أجزاءها
ومنذ ذلك اليوم .. استبدلنا الحبة الزرقاء بالعلكة .. كلزومٍ للشيء!
د.جورج سلوم
****************