إذا كانت الدراسات التربوية في العصورالخالية تركز على الطرق التربوية الناجحة المفيدة التي تصلح للإنسان،بحيث أنّها تسعى لتطوير مهاراتهّ وقدراته على التّعلم،واستيعاب المعلومات والمعارف الجديدة التي تواكب العصر،وقد ظلت تلك النظريات تحوم حول الحمى ،ولم تصل بنا إلى النبع لنروي ظمأ الأجيال من المعارف والافكار،ونطوّر من مدى قدراتهم على التقوّق والنباغة،والعبقرية النادرة التي عرفتها الأمم السابقة بمحض الصدفة،أو بمحض الجهد والتجارب المتتالية، فإنّ مع مطلع القرن الواحد والعشرين بدأت ثورة التجارب العلمية تأخذ أبعادا خطيرة متطوّرة تبحث في كلّ شاردة وواردة،وفي كلّ صغيرة وكبيرة،وقد نجح فريق من المهتمين بالدراسات العلميّة المتطـورة في مجال التّعـلم بالتوصول إلى حقيقة علمية نادرة لم تعرف من قبل في علم الوراثة، فقد ساعدت هذه الدراسة على اكتشاف تلك التّغيرات البسيطة في الجينات البشرية،وذلك بفضل علماء الوراثة، فقد أجروا تجاربهم على ما يزيد عن ثلاثمائة ألف شخص ،وذلك بفرز أربع وسبعين منطقة في الحمض النووي التي تؤثر على نجاح طلاب الجامعات ،وتلاميذ المدارس والثانويات خلال فترات دراساتهم المتواصلة،وقد استطاع الباحث " دانتيل بينجامين" من جامعة كاليفورنيا الجنوبية التوصل إلى تلك الحقائق العلمية الباهرة حيث يقول: " إنّ الجينات والبيئة يؤثران على النجاحات في الدراسة على حدّ سواء"،ولقد رافق هذا العالم ما يقارب مائتي عالم في الوراثة قاموا بأبحاثهم على سكان كوكب القارات الخمس ، وتوصلت تلك التجارب الى جمع 1000 ألف جين عبر هذه الأبحاث،وتمّ تحليل ما يزيد عن ثلاثمائة 300 ألف جين من جينات سكان خمسة عشر بلدا في كلّ من أوربا وأمريكا وىسيا وافريقيا،وقد أجرى الفريق مقارنة ما بين تسعة ملايين من التغيرات التي طرأت على جينات الحمض النّووي،وذلك بحثا عن الجينات التي لها علاقة بالميل إلى الدراسة وطلب العلم والمعرفة، وقد توصل الفريق إلى تحديد 74 منطفة في الحمض النّووي من شأنها التأثير الإيجابي على قدرة الإنسان في تطويرمعارفه وأفكاره خلال اقباله على العلم والدراسة دون تحديد سن معين،فهل خبراء التربية عندنا في الجزائروفي الوطن العربي يدركون هذه الحقائق كي يوصلونها الى طلاب الجامعات والمدارس والمؤسسات التربوية كي يظل العلم نبراس القلوي والعقول السليمة بعيدا عن الغرق في متاهات الدردشة والتواصل العديم الفائدة باسم التطوّر الحضاري المزيف.؟