انتدبتني جهة معنية،لتتبع قضية فساد مالي في أحد الفنادق،وتحت غطاء التعيين بوظيفة مدير مالي وإداري،وبحكم خبرتي السابقة شرعت في تدقيق كشف الحساب اليومي، كان كل شيء مطابقاً تماماً،وليس هناك أي شبهة في التلاعب.
ولأسبر غور هذا السر بدأت في استدعاء المسؤولين المعنيين،واستجوابهم بطريقة مواربة،بحجة...
جئتِ حاملة أسرارك الصغيرة في حقيبة يدك، مسافرة صغيرة قادمة من مدينة أخرى، وفي رأسك أفكار غامضة حول عالمك الجديد، صامتة وخجولة ومشدودة إلى مقعدك، ولم تلبثي حتى استجمعت ثقتك ، وتردّدت أنفاسك منتظمة في فضاء الغرفة الدافيء، لم أدرك حينها لِمَ كنت مشدوداً لمتابعة تفاصيلك الدقيقة، صديقي البليد الذي...
يزعم العرّاف أن اسمكِ
مرسومٌ على كفّي
يتتبّع رسم الحروف
بطرف سبابته
على راحة يدي
وهو يقرأ سورة القلم
نون والقلم وما يسطرون
وأكملُ الآية الكريمة
ما أنت بنعمة ربك بمجنون
يرفع رموشه التي
وشّاها بياض كالطحين
ويقول معلناً:
أمّا أنت فمجنون
مجنونُ هذا الإسم
المرسوم على كفّك!
يحرّر راحتي
ويرفع كفيه
نحو...
مُعلّقٌ أنا كالصيد
في خيوط حُبّك الجميل
مُعلّقٌ كما السؤال
بين ممكنٍ ومستحيل
يشُدّني الممكنُ تارةً
وتارةً اُحومُ كالنورس
فوق موج المستحيل!
ربما تكونين كما كُلّ امرأة
تنهض في الصباح باكراً
تُعدُّ قهوة لزوجها
تهيّء الأطفال للذهاب
تدخل في الثياب
تشُدُّ فوق رأسها المنديل
ثُمّ تستقلُّ الحافلة..
كيف...
تُرى من يجرؤ على التطفُّل على قلب أُم، ليسرق منه شيئاً من الحُب، ذلك الحُب المنذور قرباناً منذ الولادة، والموهوب مجانأً لأولئك القادمين الجدد، وهم بعد مشروعاً في ظهر الغيب، ذلك الحب الذي يخُطّ مسار حياة، بين بدايةٍ ونهاية، هي مسيرة عطاءٍ يتجدّد في كُلّ خطوة ليخلع على الأُمومة قداستها، تلك البذرة...
شبكت يدها بيدي، وطلبت إلي أن أضع يدي حول خصرها، كانت سمراء طويلة، ونظرت من علٍ بإشفاق إلى خجلي وتعثر خطواتي، ولكني التقطت الإيقاع فجأة بتأثير الموسيقى، مما أدهشها وسرّها، اختُتمت الرقصة وصفق الجميع.
لقد لبيت الدعوة التي قدمتها لي السيدة العجوز، مكافأة على مشاركتي كأجنبي في الحملة الإنتخابية...
عما قريب
سيطلق الخريف مزاميره
ويحتوي وحدتي..
كل هذا التقشف
كل هذا التبذير
ناصيتي خفيفة في الريح
والسماء كأنها قميصٌ طائر
منشورٌ على أعمدةٍ من غبار
وشجيرات الورد
تمُدُّ أضلاعها العارية
متخلية عما تبقى
من حشمتها الغاربة
كل ما تحمله الأرض
يشارك في هذا الطيش العابر
الطيور وحدها
تأوي إلى الأعشاش
في...
" جان بول سارتر وحافظ الأسدُ"
في خطابه الأكثر شهرة وذيوعاً، والذي دأب التلفزيون السوري على إذاعته صباح مساء، في الافتتاحيات وبين الفواصل، كانت العبارة الأظهر والأعلى رنيناً أو بيت القصيد كما يقال هي " الإنسان غاية الحياة وهو منطلق الحياة".
ويبدو أن هذه العبارة تلخص فكر وقناعات الرئيس، فمن أين...
لأنك آخر حكايات عمري وأجملها، فأنا أضيف إليها كل يوم سطراً جديدا، وأطلقها عصافير تبهج صمت سمائك، وأخرجك من خشوع العُبّاد، إلى مرح الطيور اللعوب، أو أطرزها خيوطاً ذهبية على حواشي ثوبك المسبل في وقار، أو أنسج منها وشاحاً يعانق جيدك في حنان عاشق، أعرف أنها تتيه بك الظنون، وأنت تترقبين نهاية...
نظرت إلي بعينين موبختين وقالت:
- لماذا لا تترك الفتاة في حالها؟
- أية فتاة؟
- تعرف عمن أتحدث!
- إنها مجرد زميلة ،مثلك تماماً!
افتر فمها عن ابتسامة تحمل مغزى ما:
- أولاً أنا لست مجرد زميلة بالنسبة لك،ثانياً أنا لست عمياء صماء،أرى وأسمع أكثر من ذلك،تلك النظرة في عينيك،والنظرة التي تشيعها بها...
ما أجمل الحُب
حين يتواثبُ بمرحِ الطّفل
على صدرِ موجةٍ غادية
ما أجمل الحُبّ
حين يُخبت
يأوي لحضنٍ أليفٍ
ويُسلمُ للُُجّة الجارية
ما أجمل الحُبّ
حين يُحلّق غيمةً سانحةً
ويمطرنا بأنغامه الشادية
ما أجمل الحُبّ
حين ينقر زجاج نوافذنا كالبَرَد
ويزمجر خلفها كعاصفةٍ عاتية
ما أجمل الحُب
حين يُشرعُ صدره...
كنا نلجأ من غربة الشارع، إلى فضاء المقهى، نلتمس الألفة في وجه نادل نعرفه، يحيينا بابتسامة مختصرة، ويوفر بقيتها للزبائن الآخرين، هذه المرة لبّى نادلٌ جديد، أبدينا دهشتنا وسألناه عن صاحبنا،قال إنه تقاعد، هل يتقاعد النّدال؟ وكأنه اكتشاف بالنسبة إلينا،قال إنه هرم، ولم يعد يقدر على الجولات المكوكية،...
ربما لن يقتلك الداء، ولكن ستقتلك الكبرياء، والكبرياء: تلك
القلعة السوداء، التي تغلق قلبك دون الدعاء، إلى هؤلاء أم إلى هؤلاء، إنها إذن محنة وابتلاء، على أي جنب ستلقاه، حين يسألك كشف الحساب؟
ولمن ستمدُّ حبل الوداد، لمن غداً ستلقاه، أم لمن سينساك فور انفضاض اللقاء؟
لا يهم على أي أرض ولدت،وليس...
ْهذا الصباح خرجتُ للتنزّه على شاطيء البحيرة،تلألأت الأضواء المنعكسة على سطحها في عيني،وكأنّها تومض لي بابتسامة،بدا كُلُّ شيء مبتهجاً والأمواج الخفيفة تتواثب في مرح،وحتى النساء القليلات اللاتي خرجن مبكّرات للنزهة،كانت شهيتهن مفتوحة للثرثرة،مما يعني أن كل شيء مرّ بسلام في الليلة الفائتة،ولم يكسر...
اتركي أورقك تنام على المكتب،وارفعي بصرك لتشاهدي العالم في تقلُّباته المدهشة،لا ترتكبي الخطيئة التي ارتكبتها أنا، قبل أن أُطرد من جنّة الأوراق،إلى هامش الإهمال والإنكار!
اتركي أوراقك بيضاء ناصعة، لأنّ تسويدها يزعجهم،يقاطع مخططاتهم الماكرة في منتصف الطريق،ويعيدها إلى أول الطريق ليرسم لها مساراً...
عمّتي القرعاء نُهيلة،كانت تزورنا على فتراتٍ متباعدة تتجاوز الشّهور،وأحياناً تصلُ إلى سنة كاملة،كانت تحضر ومعها بعض الأوراق تسلّمها لوالدي ليستكملها لها من الدوائر الرسميّة،ولم تكن تمكث أكثر من ليلة واحدة،إلّا إذا اقتضى استكمال الأوراق ذلك!وكان رحيلها السّريع مبعث سرورٍ لوالدتي الّتي لم تكن...
انتدبني الإتحاد العام الفلسطيني ذات مرّة لخوض حوار فكري مع البعثيين "العراقيين" في حلقة نقاشية، وذلك لثقتهم العالية بمواهبي الفكرية و الكتابية وبدون منافس في ذلك الحين!
كرجلٍ ذو نزعة دينية روحانيّة، لم يكن يعنيني حزب البعث في شيء إلا أنه خصمٌ من نوعٍ ما، وربما لأجل هذه النزعة المضمرة قبلت الدور...
كان مدمن خمر، ورغم ذلك فقد عاش طويلاً، وحين ذهبت لحضور جنازته، بالكاد كنت أكتم ضحكاتي، وأنا أستحضر المواقف التي جمعتني به، كان يكبرني بجيل أو رُبّما أكثر، ولكنّ مجالس الشُرب والمنتديات الثقافيّة والمساجد،كانت أكثر ما يجمع الناس، ويؤلفهم أو حتّى يفرّقهم، في تلك الحقبة العاصفة من تاريخنا المشحون...
لقد استيقَظَت الشّمس للتو، وأطلّت من مخبئها، لا يزال الضّوء مشرّباً بالغبش، والحصّادون ماضون في مهمتهم، يعرّون مفاتن الأرض، يرفعون ثوبها الوثير شيئاً فشيئا، حاسرين طيّاتهِ عن جسدها الحي! بعد قليل سيشتدّ القيظ ، وتُجلّي الزرقة وجه السّماء، باسطة لهم حضن الأفق وكأنّهُ وعدٌ بالوصول، إلى نهايةٍ لهذا...
لقد انتهيتُ للتو من قراءة رواية ابراهيم نصر الله "حرب الكلب الثانية" الفائزة مؤخّراً بجائزة البوكر العربيّة،أنهيتها وقد تعزّز لديّ الشعور بأنّ انطباعات القاريء،تشكلّ أفضل أرضيّة وأقوى منطلقٍ للتأسيس لرؤية نقديّة!
لقد انتَقلَتْ إليّ عدوى السّخرية الّتي شاعت في أرجاء الرواية ومنعطفاتها...
"لحظة ضعف"
زجّت برأسها نحوي،كاد أنفها يلامس أنفي،ببراءة كاملة قالت:أنظر،هذه هي عدساتي اللاصقة،هل تظنّ لونها أفضل أم لون عيني؟صبّت زرقة عينيها في عيني،ومسّت شفتيّ بشفتيها،بنعومة خاطفة،حرِصت أن تومض بكلّ إشعارات التعمّد!
تراجعت قليلاً دون أن تحوّل نظرتها عن عمق عيني،وكأنّها تقرأ الأثر الّذي...
أكثر ما كان يُضحكني،هو طبق الطعام الّذي كانوا يبسطونه أمامهم،والّذي يوحي أنّه فُصّل على مقاسهم خصّيصاً،فلا شبيه له في الأسواق،وتبلغ سعته على الأقل ثلاثة أضعاف أكبر طبق لدينا في البيت،والّذي تدّخره أمّي خصّيصاً لطعام الضيوف.
كانوا سبعة وافدين من الضفّة الغربيّة في فلسطين ،إلى الضفّة الشرقيّة...
"سنوات خدّاعات"
نزار حسين راشد
لا توجد متعة في العالم،تعادل متعة الفراغ والاستجمام،أنا أخطو خارجها مضطّراً،لأجل كسب العيش،وتوفير احتياجات الحياة,وكي أحصل على ما يُمكّنني من شراء المتعة مجدّداً,وملء فسحة الفراغ،بما توفّره النّقود من إمكانيّات!
نمط حياتي هذا،يحسدني عليه الآخرون،ولكنّهم لا...
لقد قرّر أولئك المعنيّون بتأمين مستقبلي،وضعي بين يدي معلّمة خصوصيّة أجنبيّةّ،أنا المصاب برهاب النّساءوطوفان الرغبة الّتي يشعلها الخيال،كيف لي أن أجلس مع امرأة في خصوصيّة،لساعة أو ساعتين كُلّ يوم،وأجنبيّة أيضاً؟!
على أيّة حال،لقد تمّ الأمر،وسيقت الضحيّة إلى المذبح،ولم يستشرني أحد،قالوا إنّ...
بعد رحلة صيدٍ مرهقة، التففنا حول الطاولة البيضاوية، أسند الرّجل السمين ذو النظارات السميكة بندقيّته إلى جانب الكرسي الّذي يجلس عليه، هل كان يُصوّب نظراته إليّ، أم خيّل إلي ذلك، من الصّعب أن تحكم، في حالة الرّجال السّمان الّذين يضعون نظّارت سميكة...
طلب التعجيل في إحضار النبيذ، قبل تناول الطعام،...
الفوضى بالنسبة لي،هي ساقية الروح،ولذا لم يكن من السهل علي،أن أقبل الإقامة مع عائلة،فالبرنامج اليومي المُحدّد ومواعيد الوجبات،كافية لجعل حياتي جحيماً،ناهيك عن الإضطرار إلى التظاهر بالأدب،واغتصاب الإبتسامات،وتجنّب الكلمات البذيئة!وعلى أيّة حال فقد قبلت بهذا التنازل،بعد أن قذف"الشيوخ" بأشيائي إلى...
ولد نزار حسين راشد في مدينة المفرق عام1955، وتنقل بينها وبين بلده الأصلي: القدس-بيت اكسا
- أنهى دراسته الثانوية في مدينة الزرقاء عام 1973
- انتسب إلى نادي أسرة القلم الثقافي وكان له إسهامات وإلقاءات عديدة
- حصل على ليسانس الأدب الإنجليزي من جامعة البنجاب في الهند
- وعلى الماجستير في الاقتصاد من...