حوار مع الروائي التونسي ابراهيم درغوثي.. حاوره محمد الهادي الجزيري

المدن الكبرى وحدها لا تصنع الأدب الكبير ولا الكاتب النابغة
لا يمكن أن يذكر المتن السرديّ التونسي دون أن يطفو اسم الكاتب ابراهيم الدرغوثي، هذا المبدع الذي قدّم الإضافة للرواية والقصة في تونس والوطن العربي وكرّس حياته لاستنطاق الأبجدية والذات والوجود، وأغنى المكتبة العربية بالعديد من الروايات والمجموعات القصصية المتميّزة ، كما وقعت ترجمة إبداعاته إلى لغات كثيرة ودراسة مدوّنته من قبل نخبة من النقاد وأساتذة الجامعة داخل وخارج تونس، وقد حرصنا على محاورته إيمانا منّا بضرورة اطّلاع القرّاء على تجربة إبداعية تستحقّ الالتفات إليها ، تجربة تجمع بين متعة النص وعمقه وطرحه لقضايا تشغل إنسان اليوم….


1/ بداية حدّثنا عن تورّطك الأوّل في الكتابة، متى وكيف كان عناقك للأدب قراءة وإبداعا ؟
عن هذه الورطة الجميلة من أين أبدأ الحديث؟ يصعب جدا أن نحدد البدايات. فكثيرا ما كان معلمو الفصول الابتدائية يقرؤون على أصدقائي من التلاميذ ما كنت أكتب في مواضيع الإنشاء والدهشة تقتلهم والشك يملأ رؤوسهم بأن هناك من يكتب لي مواضيعي في البيت، إلى أن تيقنوا من أن كل أهل بيتنا لا يفكون الحرف، وإنهم أميون، فزاد يقينهم بأنني طفل يجب الانتباه إليه أكثر، فصاروا يهدونني الكتب بمناسبة وبغير مناسبة في ذلك الزمن الجميل الذي كان فيه احترام كبير للكاتب والكتاب قبل أن يتحول هذا الاحترام إلى لاعب كرة القدم والفنان الراقص.
ثم تحولت إلى الدراسة الثانوية فزاد كلفي بالكتاب أكثر فأكثر وزاد شك أساتذتي في تحبيري لحروفي وأنا أتعامل معهم في مواضيع الكتابة. إلى أن اكتشف في هذا الوجع أستاذ من أساتذة الأدب الفرنسي كان يدرسنا هذه المادة وأنا تلميذ في دار المعلمين في تونس في بداية سبعينات القرن الماضي فعض على أصابعه وهو يتمنى لو كنت ولدا بارا لفرنسا لأكتب بلغتها نصوصي وصار يزودني بالكتب الفرنسية قصصا وأشعارا: بودلار ومالارمي وكامي وجون بول سارتر وماغازين ليترار و جي دو موباسان وإميل زولا ونيتشة ومنتسكيو ومارسال بانيول و…وأنا أقرأ ولا أرد له كتابا ثم أوصلني لناظر المكتبة المدرسية وأوصاه بي خيرا. ولما رأى الناظر شغفي وجنوني بكتاب فرنسا ركبته الغيرة فحرّض عليّ أستاذ اللغة العربية المغرم حد الجنون بمجلة ” قصص ” التي كانت تنشر النصوص الجديدة لكتاب القصة التونسية منذ بداية الستينات فنبهني لتلك المجلة وذهب في حال سبيله.
وكبرت وكبر معي هم القراءة والكتابة. ولكنني شددت على نفسي فلم أنشر من نصوصي التي كتبتها إلا وأنا أشارف على الثلاثين من عمري اللهم إلا بعض من أشعاري ” الثورجية ” التي تغنت بها فرقة ” أولاد المناجم ” الموسيقية في حفلات تدعى لها في الجامعات التونسية أو عند احتفال العمال بعيدهم العالمي.

2/أنت من ضمن الروائيين الذين تفاعلوا مع التراث بإيجابية عالية، وحاوروه بأشكال إبداعية لاقت إعجاب القرّاء ، فهل لابدّ من العودة للتراث لخلق عوالم روائية مدهشة؟
الرواية جنس أدبي وفد علينا من خارج منظومتنا الإبداعية العربية. فنحن أمة شعر قبل كل شيء. ولئن ظهرت عندنا بعض التعبيرات السردية كالخرافة والأسطورة والخطبة وفن الترسّل والطرفة والنكتة ثم المقامة، فقد ظلت كل هذه الإبداعات خارج حدود الرواية في شكلها الغربي الذي لم نعرفه إلا خلال القرن الثامن عشر الميلادي مع احتكاكنا بشعوب الغرب وثقافاتهم.
وقد حاول المبدع العربي محاكاة هذه الرواية الغربية فأجاد وأنتج للسرد العالمي نصوصا تضاهي في جودتها ما كتبه أشهر الروائيين الذين كتبوا بلغات الغرب وسأكتفي هنا بذكر الروائي المصري الشهير نجيب محفوظ الذي حاز على جائزة نوبل الشهيرة بفضل أعماله الروائية الكبرى التي حازت شهرة كبرى في الغرب عندما ترجمت إلى اللغات المشهورة في العالم.
ومثال نجيب محفوظ كثير في كل البلدان العربية التي أنتجت للمكتبة العالمية أكثر من خمسة آلاف رواية. ولكن ما ترجم منها قليل. فظلت أسماء كثيرة من كتاب الرواية العربية خارج الشهرة في العالم لهذا السبب وحده.
ولئن كتب كثير من الروائيين العرب رواياتهم بتقنيات الكتابة الروائية البلزاكية، فإن البعض منهم تمرد على هذا النمط السردي وخط لنفسه مسلكا إبداعيا آخر دخل به إلى عوالم التجريب في الكتابة الروائية أسماه الروائي والناقد المصري ادوار الخراط ” الرواية العابرة للأجناس “. وهي كتابة عرفها الغرب منذ خمسينات القرن الماضي خاصة في الابداع الفرنسي وما أطلق عليه وقتها ” الرواية الجديدة ” إلا أن هذه الكتابة ظلت بعيدة عنا حتى جاء من فجرها في ستينات القرن الماضي. ولعل تجربة الكاتب التونسي عز الدين المدني في نصه ” الإنسان الصفر ” دليل على ذلك. وسكت المدني ولم ينهه روايته تلك لعدة أسباب لعل أهمها معارضة شديدة وجدها من المتزمتين الذي هالهم كم التجديد في النص ومعارضته لنصوص دينية فعوضه جيل آخر من كتاب تونس تخرجوا من الجامعة حديثا واكتشفوا الكتابة الجديدة بشقيها الغربي والتراثي فعولوا على الخوض في مغامرة الكتابة الحداثية بدون خوف ولا وجل. وكلنا يذكر تجربتي : صلاح الدين بوجاه ” و ” فرج لحوار ” اللذين خرجا عن مؤلوف الكتابة الروائية التونسية وكتبا نصوص مختلفة جددت النص الروائي التونسي الذي ظهرت بوادر التجديد فيه بالأساس في رواية محمود المسعدي ” حدث أبو هريرة قال ” . وهي الرواية التي كتبها هذا الأديب منذ أربعينات القرن الماضي ولكنها لم تنشر إلا سنة 1973 كاملة. وقد قيل عنها بعد ذلك أنها لو صدرت قبل ذلك التاريخ لغيرت مجرى الرواية العربيه.
في هذا الخضم بدأت الكتابة الروائية بعدما مررت بتجربة كتابة القصة القصيرة حيث أصدرت مجموعتين هما: ” النخل يموت واقفا” و ” الخبز المر “. وقد تعرضت مجموعتي الثانية للحجز والمصادرة والمنع من التداول بضعة أيام بعد صدورها.
وقد كان لهذه المصادرة وقع كبير علي، فامتنعت عن الكتابة لمدة سنتين متتاليتين في وقفة تأمل مع الذات والآخر خرجت منها بنتيجة وهي عدم العودة إلى الكتابة من خلال الواقعية الاجتماعية التي كتبت بها نصوصي الأولى والاتجاه صوب التراث العربي للاستلهام منه في الشكل والمضمون. فمن خلال الشكل يمكن للمبدع أن يزاوج بين السرد الغربي والسرود العربية القديمة . ولعل المقامة أجملها. ولكن دون أن يكتب النص كاملا بهذا الشكل وإنما بأن تحضر المقامة في السرد كلما دعت الحاجة إلى ذلك وأن يحضر السرد التاريخي أيضا كما جاء في المدونات الكبرى وكذلك الحكاية والخرافة والطرفة والأسطورة في كوكتال جميل يقطع مع الكتابة المتداولة التي ما عادت تغري القارئ والناقد ويدفع بدم جديد لتقنيات السرد الجديدة ويقطع مع الأساليب السردية التقليدية التي استنفدت قواها وما عاد في مقدورها أن تقدم الإضافة للرواية الحديثة.
أما من حيث المضمون، فقد استحضرت شخصيات وأحداثا من التاريخ العربي الإسلامي من أزمان مختلفة منها الضارب في القدم ومنها الحديث والمعاصر كتبت بها ومن خلالها نصوصي في تقاطع بين الحاضر والماضي بما يسمى في الفنون التشكيلية الحديثة بطريقة الكولاج التي يستعملها فنانو القرافيتي / فن الشوارع في رسوماتهم المعبرة عن ذات الإنسان الحديث الممزقة في عالم ما عاد يؤمن بإنسانية الإنسان.
كما استعملت في كتاباتي الروائية ما اصطلح عليه نقاد الأدب بفن التطريس ( من الطرس وهو الجلد يكتب فوقه ثم تمحى الكتابة القديمة لتكتب عليها كتابة جديدة ولكن بقايا من القديم تظل عالقة على الطرس حتى بعد المحو ) وهكذا أكتب جديدي على رواسب من الماضي تظل حاضرة عند الإنسان العربي حاكما ومحكوما بانكساراتها وانتصاراتها وبكل ما عاشه الإنسان العربي على مدى تاريخه الطويل في السياسة وفي تدبير المجتمع.

3/رغم المساحات التي افتكّها أدبك،ما تزال مصرّا على العيش في ” أمّ العرائس” بالجنوب التونسي، بعيدا عن الأضواء ، ألاترى أنّ للجغرافيا دورا ووزنا في شهرة الكاتب ؟
لا أظن ذلك. بل بالعكس، فأنا أعتقد أن الابتعاد عن ضوضاء المدن الكبرى قد يريح الكاتب نفسيا ويمكنه من وقت أكبر للقراءة والكتابة خاصة وأن وسائل الإعلام الحديثة صارت اليوم تسهل على المبدع الاتصال بالعالم أجمع وهو منزو في بيته في قريته الصغيرة في ركن قصي من الدنيا. المهم أن تتوفر له الكهرباء وجهاز صغير للانترنيت ويصبح في مقدوره أن يتحكم في جني الحداثة والتكنولوجية فيصنع مجده الأدبي من هناك إذا كان هذا الكاتب صاحب عبقرية حقيقية لأن المدن الكبرى وحدها لا تصنع الأدب الكبير ولا الكاتب النابغة إذا كانت كتابته محدودة في الجودة.
لقد انتشرت نصوصي القصصية والروائية في العالم أجمع منذ بداية تسعينات القرن الماضي منذ أن كنا نتصل بالعالم بواسطة الرسائل البريدية العادية، فما بالك ونحن اليوم نجعل نصوصنا تحط في أركان الدنيا الأربعة بضغطة صغيرة على زر جهاز الإعلامية العجيب.
إن عامل اليوم بما وفره للإنسانية من شبكة اتصال حديثة ( الشبكة العنكبوتية الرائعة بما فيها من انترنيت وفيس بوك وتويتر ومنتديات أدبية وجرائد اليكترونية وكم هائل من المعلومات في كتب اليكترونية سهل للمرسل والمتلقي بلوغ مناه وحول الدنيا إلى قرية صغيرة يتعارف فيها البشر وكأنهم أبناء عم واحد.
لهذا، سأواصل بقية العمر في هذا الركن الجميل من العالم. في هذه القرية المنجمية في حوض الفسفاط الكبير الذي اكتشفه الفرنسي فيليب توماس في نهاية القرن التاسع عشر في قفر موحش، بين جبال جرداء، كانت لا تقدر على الحياة فيها سوى الحيات والعضايات الخارجة من بدايات الحياة الأولى للمخلوقات.ولكن هذا المعدن المدهش أخرجها للتاريخ وحول هذه المدن في وقت من الأوقات إلى ” بابل الجديدة ” ترطن بكل الألسن وتتكلم بكل لغلت الدنيا.
ومن هنا سأكتب للجميع قصصي ورواياتي وأترك للتاريخ حكمه في تقدير أدب على هذا البدوي الصحراوي الذي تخيفه المدينة بعنفها وصخبها ويهوى الانزواء في القرى الصغيرة البعيدة عن الكره والبغضاء وكل ما في الحياة العصرية من زيف ورياء.

4/إلى أي مدى قلّصت الرقابة الذاتية حريّة الإبداع لدى الكاتب العربي ومنعته من تفجير طاقته وإطلاق سراح خياله وبالتالي من توسيع شريحة قرّائه؟
يعاني المبدع العربي من رقابتين: ذاتية وعامة ظلتا تحاصران إبداعه منذ أن بدأ يخط بالقلم . فكلنا يعرف ما عاناه الشعراء الذين كتبوا ما سمي بالشعر الإباحي ( أبو نواس مثلا ) أو شعر المتصوفة ( السهروردي ) أو الشعر الفلسفي ( المعري ) حيث اعتبروا فساقا ومجانا وكفرة، وما لاقته الكتابات النثرية الخارجة عن المعلوم من الكتابة ( الجاحظ وابن المقفع ) من تعتيم وتقبيح، والقائمة طويلة ظلت تكبر على مدى القرون والأزمان العربية لا فرق بين الزمن الذي ازدهر فيه هذا الأدب في الشرق أو في بلاد المغرب وخاصة في الأندلس أو الأزمان اللاحقة حتى عصر النهضة العربية. فقد ظل الرقيب حاضرا في الذهن وفي المجتمع ومواضيع حساسة كالجنس والدين والسياسة يستحيل الاقتراب منها حتى لا تحترق الأصابع بنيران رجال الدين أو الساسة الحكام أو القيمين على أخلاق القبيلة.
وبلغ السيل الزبى في نهايات القرن العشرين عندما تحول الخلاف مع المثقفين والأدباء من المحاورة والمداورة إلى التهديد بالقتل والشروع فيه ( الأديب المصري نجيب محفوظ) أو القتل المتعمد ( فرج فودة وعدد كبير من الكتاب والفنانين في جزائر التسعينات ).
هذا الترهيب الكبير للمبدع العربي كان له وقع كبير على ذاته التي ما عاد في مقدورها أن تكتب على هواها وبكل حرية ما يدور في الخلد، فصار الكتاب ( إلا القليل القليل منهم ) يحاسب نفسه بنفسه ويراقب قلمه قبل إن يخط على الورقة ما يرغب في كتابته حتى لا يقع تحت طائلة القانون فيتعرض إبداعه للحجز والمنع من التداول أو حتى للمحاكمة والسجن ( وقد تعرض عدد من المبدعين التونسيين والعرب لمساءلة القضائية والسجن خلال السنوات الأخيرة ). أو تحت طائلة عنف السلفيين الجهاديين من الإسلاميين الذين نصبوا أنفسهم أولياء على الدين يحاكمون بمقتضاه الإنسان في كل أعماله ولو كانت بعيدة عن اختصاصهم. كحالهم مع الأدب والأدباء حيث يحاكمونهم على الحساب حتى يقرأوا الكتاب.
5/ هل صحيح أنّ الكاتب يظلّ طوال مسيرته الأدبية يدور حول نصّه البكر، ويقدّم للقرّاء نسخا منقّحة من عمله الأوّل؟
هي مقولة سمعتها أكثر من مرة ولكنني شخصيا لا أعتقد في صحتها خاصة إذا كان الكاتب يبدع في أجناس مختلفة من الكتابة. فكيف لمن يكتب الرواية والقصة القصيرة والقصة القصيرة جدا مثلا أن يظل يدور حول مجموعة قصصية كتب نصوصها وهو في مشواره الإبداعي الأول، كيف لهذه النصوص أن تؤثث بقية مشواره في الكتابة؟ قد تظل شخصيات من تلك النصوص حاضرة في الذهن ولكنها لن تكون مؤثرة في مجمل إنتاج المبدع.
6/الحريّة شرط أساسي لكلّ إبداع، كيف ترى مستقبل النصّ الأدبي في ظلّ ما يشهده الوطن العربي من تجاذبات بين القوى التقدّميّة والمدّ الإسلامي السياسي بشقّيه المعتدل والمتطرّف؟
الخوف على الإبداع من التحجير والتكفير من الجماعات الإسلامية لا فرق هنا بين معتدل ومتطرف ، فالجماعة يتناسون ما جاء في القرآن : ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، فيجردون السيف اليماني عوضا عن القلم البياني. وهكذا تقع الكارثة في زمن أصبح فيه انتقال الخبر أسرع من رد الطرف إلى البصر والكل يحسب أن الحقيقة إلى جانبه واحد وهو يعود بها إلى المادية الجدلية والمادية التاريخية والآخر إلى السماء السابعة. وما يعنينا في هذه المرة هو موقف الإسلاميين عامة من موضوع الفكر والإبداع لا غيره من مواضيع الدنيا والدين لأن موقف بقية الفرق السياسية من هذا الموضوع بين خاصة في جو بدأت تسود فيه قيم الحرية. ولكننا إذا نظرنا إلى الوراء قليلا تأكد لنا بكل يقين عداء ” الإسلامويين ” للفكر الحر والإبداع المستنير من خلال ما وقع للمبدعين في مصر من اعتداءات من طرف السلفيين ذهبت بحياة المفكر فرج فودة وكادت تذهب بحياة الأديب الكبير نجيب محفوظ الذي تعرض لمحاولة ذبح من طرف شاب لم يقرأ له حرفا واحدا وإنما دعي لقتله فاستجاب. وهو الخطر الأعظم الذي نخاف منه إذ تحشو الأدمغة بالتحريض على القتل فتقع الاستجابة دون إعمال للرأي فالضحية كافر ويستحق القتل والفاعل يذهب للجنة مباشرة حيث يكافأ بحور العين وما لذ وطاب من نعيم الجنان إذا كتبت له ” الشهادة ” .
إن الفكر الإسلاموي السائد الآن لدى الجماعات التي تنشط في ميادين السياسة يعادي حرية الفكر والمعتقد لأنه لا يعترف إلا بفكر نمطي واحد ووحيد يعتبره مالكا الحقيقة المطلقة وكل ما عاداه هو خارج عن الملة. وهو غير مرتبط بدين واحد إذ يتمظهر في كل الأديان تقريبا من الإسلام إلى اليهودية فالمسيحية وحتى الهندوسية ولكن الغالب على هذه الحالة الآن هو ما يعرف بالفكر السلفي الجهادي السائد في بلاد الإسلام والذي صار منتشرا في كل العالم للرد بطريقة عنيفة على كل أشكال الفن والأدب التي يراها لا تتناسب مع ما يعتقد مريدوه …

7/دراسات أكاديميّة عديدة تناولت مدوّنتك الإبداعية في أكثر من قطر عربي ، هلاّ ذكّرتنا ببعضها وخاصة آخرها…
نعم ، منذ تسعينات القرن الماضي اتجه الدارسون لتناول أعمالي القصصية والروائية بالدراسة الأكاديمية حيث انحزت حولها عشرات البحوث في الليسانس والماجستير ودكتورا الدولة في الجامعات التونسية والجزائرية والسورية والعراقية . وهذا شرف كبير يلحقني ويلحق من ورائه الأدب التونسي الحديث الذي صار ينافس الآداب في بقية البلدان العربية في جودته وحسن إتقانه. وأنا سعيد لذلك. فمن حسن حظ المرء أن يرى نصوصه تدرس في المعاهد والجامعات وهي حي يرزق حتى ننسى شهادة واحد من أدبائنا التونسيين عاش حتى أربعينات القرن الماضي هو علي الدوعاجي، الكاتب المجيد وأحد رواد الكتابة القصصية في تونس وقد ورثى حال الأدب والأدباء في أرجوزة شهيرة له بعنوان ” فنان الغلبة ” قال فيها: ” عاش يتمنى في عنبة * مات جابولو عنقود * ما يسعد فنان الغلبة * إلا من تحت اللحود “.
وآخر بحث هو الآن بصدد الإنجاز حول أدبي بلغني خبر عنه منذ أيام قليلة للأستاذة والباحثة الجزائرية : فاطمة الزهراء العيرج من جامعة بشار الجزائرية بمثابة دكتورا دولة في الأدب الحديث بعنوان : ” التجريب في روايات ابراهيم درغوثي “.
وبالمناسبة أشد على أيادي هؤلاء الباحثين والباحثات الشباب من مغربنا الكبير الذين صار لهم اهتمام كبير بالأدب المغاربي كما أنوه بأساتذة كليات الآداب بهذه الجامعات المشرفين على هذه البحوث الجامعية الذين صاروا يختارون لطلبتهم نصوصا في الشعر والقصة والرواية لأدباء من المغرب الكبير بينما كان السابقون من هؤلاء الأساتذة يزدرون الأدب المغاربي ولا ينصحون إلا بما يكتبه أدباء المشرق.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى