عبدالرحيم أبو ذكرى - فتاة في المطر.. شعر

لما تحوَّلتْ إلى المكانْ
توهَّجَت فجأةً منائرُ النّيونْ
وخارجَ المقهى توقَّف المطرْ
توقَّفَ الحديثْ
تجمَّد البرّاد في منتصفِ الطريق للأكوابْ
وفي السكونِ فَرْقَعَتْ زجاجةٌ على البلاطْ
فالتفت النادل ثم انسَمرتْ عيونُه
صبّةٌ! اللهُ لي!
الله يحفظُ العيونَ المزهرهْ
الله يحفظ الجدائلَ المنهمره
هذا الجمال والشباب - تبارك الذي خلقْ
وانحدرت في الليل هذه العيونْ
تَشقَّق السكونُ في المكانْ
فاندفع الروّاد تحت الخُصَلِ المسترسِله
واضطجعوا على عبير ثوبها المبتلِّ بالمطرْ

ما هكذا ! ما هكذا!
تكاد تجرح العيونُ رمشها المحُتارْ
وشعرَها الذي أتى ليستريحَ
من بكاء الريح والأمطارْ
فوجِئَ أن الريح هاهنا وهاهنا الأمطارْ:
الريح في المقهى تهبُّ من كلِّ اتجاه
يحميك رافعُ السماءِ يا هذا السَّنا التَّيّاه
الله لكْ
هذي العيون عن تحسُّسِ الدفءِ
تكادُ تذهلكْ

وانسحبتْ إلى المطرْ
فانهمرَ السكونْ
دقيقةً
والآنَ عاد للمقهى الضجيجُ والغُبارْ

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى