عبدالحسن الشذر - الحدائقُ السـرِّيَّة.. شعر

الحديقةُ تخلو ..
تُبعثرُ أوراقَها في الممراتِ، فوق المقاعدِ،
تتركُ أغصانَها للغبار، العصافيرِ
كلُّ الحدائقِ تحفَظُ أشجارُها أغنياتِ الطيورِ الكئيبةِ
تخلو الحديقةُ بعد المساءِ
يطارِدُ طفلانِ مبتهجينِ الفراشاتِ
تهدأُ نافورةُ الماءِ
تطفو الزهورُ التي قُطِعتْ للعشيقاتِ
في حوضِها
يَحفُرُ العاشقانِ الجديدانِ حرفينِ في شجرِ الزيزفونِ
الحروفُ الجديدةُ تمحو الحروفَ القديمةَ
تخلو الحديقةُ
لا تتركوني وحيداً
أنا شجرٌ بانتظاركِ، أيتها المرأةُ – المزهريةُ
إذ يرحل العاشقونَ
الحديقةُ تخلو
المصوِّرُ حاصرَني
- سيدي صورةً؟
أنتَ بينَ الصنوبرِ منتظرٌ
والمقاعدُ خاليةٌ،
سوف تبدو بها شجراً خائباً
أو غريباً عن الأرضِ
تبدو ..
الحديقةُ تخلو ..
مقاعدُها امتلأتْ بالعصافيرِ والورقِ المتساقطِ،
ليلُ الحديقةِ يهبِطُ مثلَ الحمامةِ
بوّابُ بابِ الحديقةِ يضحكُ في سرِّهِ
- سيّدي
حانَ موعدُ إقفالِ بابِ الحديقةِ،
يُقفل بابُ الحديقةِ خلفي،
الحدائقُ تطرُدُ أشجارَها
إنني شجرٌ يتسكَّعُ خلف سياجِ الحدائقِ
أيتها المرأةُ – المزهريَّةُ
أنتِ حدائقُ سريَّةٌ،
وأنا شجرٌ يتسكّعُ خلف سياجِ الحدائقِ
لا تتركيني وراءَ سياجِكِ
إنَّ الحدائقَ تطرُدُ أشجارَها.



عبد الحسن الشذر

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى