محمد عبد الماجد - حكايات الساعة واحدة ظهرا.. الشهيد محمد عيسي.. اسمر (بمباني) اللون!!

وإن طال السفر
لسه شايل ضحكة خشمك وحايم…
وما هماك اغدار العهد الظالم …
تهبش ..تقفز ..تحرس …صائم …
تترس ..وتخدم ..وتزجر.. سالم …
لائم العسكر …واقف قائم …
عمرك دابو …فرهد حالم ….
شافع …ولكن وهجك دائم …
تضحك للرصاص الراجم ..
تفتح صدرك ..عالي وجاسم ..
ف مشيت …لكنك قادم …
في غنواتنا ..في ضحكاتنا… وفي نسمات الفجر الحاسم..

· …………

· محمد عيسي شاب بنشاطه وعقله ، لم يتخلص بعد من احلام الطفولة …(طفل) في عمره…سنه (16) سنة ، اثار الطفولة تزيد (غباشته) براءة .. بحسبة الايام او الساعات فهو مازال في العتبة الاولى ، يمكن ان نقول ان تلت عمره او تلت صباه قضاه و في الميادين ..ما بين الاحتجاجات والاعتصامات.

· يجيب في الموية .. ويقفل في الشوارع.
· 5 شهور من عمره … راحت في (التروس) والمطاردات.
· مطارد من (التاتشرات)… وملاحق من (قانون الطواريء) … وهو لسه حايم بالردا.
· لسه بقضّي بميقات من في عمره سحابة يومه بين لعب (البلي)… وايجار (العجلات).

· محمد عيسي .. ترسها ورحل.
· ترسها وفات..
· ما انهار الترس .. لكنه سلم روحه لباريها.
· آمن الموقف تماما … وزاد الترس .. ورحل من هذه الدنيا … رحل وعمره (16) سنة .. دون ان يتذوق فرحة الدخول للجامعة … والتخرج منها.
· لا عرس..
· ولا خطب…
· ولا وضعوا ليه (الحنة) في ايدو.
· ما شالوه اصحابه في كتفوهم .. يوم عرسه..
· وما شرب عصير (ليمون) مع شريكة الحياة.
· لسه – الحاجات دي كلها ما كان بعرف فيها شيء.
طموحاته الشخصية … ما كان عاوز يبقى (دكتور).
يشيل (السماعة) ويمر في عنبر الباطنية.
· طموحاته الشخصية .. ما عاوز يسافر برة البلد .. عشان يرجع .. ويعرس ..ويعمل ليه بيت .. وعربية.
· الزول دا قاعد في البلد دي.
· قاعد وتارسها.
· كل طموحاته … حكومة الجوع تسقط بس.
· حكومة الذل تسقط بس..
· طموحاته ..بقت اكبر من سنه .. طموحاته بقت (حكومة مدنية).
· هو في تلك السن .. هو بذلك الوعي … والحضور (المدني).
· مات عشان طموحاته (حكومة مدنية).
· قتلوه .. عشان عاوز بس حكومة مدنية.
· ثلاث طلقات اخترقت جسده في مجزرة الاثنين 8 رمضان . ليفارق الحياة يوم الاربعاء 15 مايو .. طلقات غشيمة خرجت من بندقية (طرشه) .. بندقية ما بتفرق بين العميل والوطني … بين الخائن والمناضل … ثلاث طلقات طلعت من زول خالي من الرحمة والانسانية .. زول لا عندو ام ولا عندو اب … ولا اخو صغيّر يخاف عليه.. زول لا بعرف اذان المغرب ولا بمشي مع الناس المقابر … زول لا بشيل صينية الغداء .. ولا بيسمع (هنا ام درمان).. ثلاث طلقات لم تفرق بين الطفل والكبير … لم تعرف انها تخترق جسد شافع عمره (16) سنة .. ترك اترابه في (البلي استيشن) ومتابعة مباريات الدوري الانجليزي ودوري ابطال اوروبا ، وجاء يحرس ليه (ترس).

· طفل جابتو وطنيته .. وشالتو هاشميته ليكون في الصفوف الامامية.

· جاء يهتف (حرية …سلام .. وعدالة … والثورة خيار الشعب)… لم يطلب (مال)..ولا (وظيفة) .. ولا (عجلة دبل) يتسابق بها مع اترابه في الحلة … ويتنافس ويتباهى بصحبة (منفاخها).
· عجلة فيها سرج ورا.
· وفيها منفاخ.

· محمد عيسي (البمبان) قلب لونه … حتى اصبحت (سمرته) اكثر نضارا – او لعلها اكثر (حراقا).
· للنضال مثل تلك (الدكنه).
· لونه بقى (ازرق) من البمبان … لتزيد سودانيته (فحامة) بل (فخامة) … فنحن بهذا اللون نفتخر … ونخرج للنضال بطهارة كاملة.
· بمباني اللون.
· او لونه بمباني.

· محمد عيسي … جاء من الذين قيل فيهم ( ارض الخير افريقيا مكاني.. زمن النور والعزة زماني .. فيها جدودي… جباهم عالية…. جباهم عالية.. جباهم عالية..مواكب ما بتتراجع تاني.. اقيف قدامها و اقول للدنيا انا سوداني).
· الجباه العالية … تحكيها صمود ذلك الفتى الشهيد.
· الشافع دا كان بملامحه تلك بقيف قدام عشان يقول للدنيا انا سوداني.
· تتخيلوا …. هرب العباس شقيق الرئيس المخلوع لتركيا.
· واخفي الكثير من قيادات العهد البائد انفسهم .. وتقدم محمد عيسي .. ووقف امام (المتاريس) عشان يحرس الوطن.
· العباس هرب … ومحمد عيسي صاحب الـ 16 عاما … الزول الما شاف أي حاجة في الدنيا دي اتقدم … وقابل الرصاص بصدر مفتوح … والعباس بعد كل ذلك الفساد .. هرب .. وخرج من البلاد.

· محمد عيسي جاء بتلك الجبهة .. والضحكة (الامل) يجابه الرصاص الحي والبمبان وكتائب الظل ومليشيات نظامه بضحكة (صخرية) كان يحوم بها في ميدان الاعتصام.
· ضحكة اتحدت الرصاص.
· ترسوها بالحجارة عشان يحموا غيرهم … وفتحوا صدورهم للرصاص.
· ضحكة محمد عيسي لا تعرف الانكسار … ولا الحياد.
· ضحكة مثل اعلان الانتصار .. مثل فجر الخلاص الذي كنا ننتظره .. ونتوضأ بحرجل النضال الوطني ومحريب الكفاح الدائم … لنصلي حضورا مع الحكومة المدنية.
· ضحكة … كان بشوفها كل زول … من حضر منكم .. ومن لم يحضر.
· يسمعها كل الناس … الحاضر والغائب…
· ضحكة يطعم بها الثوّار .. يؤانسهم بها.. ويظللهم في هجير هذا الصيف … والناس صيام في القيادة العامة لقوات الشعب المسلحة.
· ضحكة كانت تجوب الميدان لتتفقد الزائرين … ولتحرس (المتاريس) … ولتصد عبوات البمبان التى كانت تتطلق مع اذان المغرب في رمضان.
· ضحكته كانت (ترس) الدفاع الاول للصمود.
· للثورة.
· وللوطن.
· مدفع رمضان امام القيادة في يوم الاثنين 8 رمضان ..اطلق رصاص حي ..وبمبان .. وذخيرة تقيلة.
· وقتها كان الناس في بيوتهم .. يتسابقون نحو (جرادل) العصائر الباردة …كانوا يذهبون ذلك الظمأ بالماء البارد المثلج … وهم حول ما لذ وطاب من فواكه وحلويات ولحوم.
· في ذلك الوقت كان (الرصاص) بدل (التمر)… و(البمبان) .. بدل (الموية الباردة) يقدم للمعتصمين امام القيادة العامة لقوات الشعب المسلحة لتستقبل صدور الثوّار كل تلك (النيران)…بدلا من تستقبل افواهم التمر … والموية الباردة.

· محمد عيسي ذو الـ 16 عاما … كان واحد منهم يستقبل (الرصاص) بتلك الابتسامة المرسومة على وجهه.
· الابتسامة الواقفة.
· الابتسامة (الترس).
· الابتسامة التى كان يبحث بها عن تأمين المعتصمين وهم يدخلون لميدان الاعتصام (ارفع ايدك فوق .. التفتيش بالذوق).
· كان يفعل ذلك في (ذوق)… حتى ضحكته يقدمها في ذلك الذوق … الذي عرف به الادب السوداني.
· لكنه في النهاية للاسف الشديد مات هكذا .. بدون ذوق .. وبدون انسانية ..وبدون رحمة.
· على الاقل .. كنتم تتعاملون معه بالطريقة اللطيفة التى كان يتعامل بها معكم (ارفع ايدك فوق … التفتيش بالذوق).
· مليشيات النظام السابق .. كتائب الظل .. ومن يأتي على هواهم من القوات النظامية لا يعرفون ذلك الذوق.
· الموت بهذه الطريقة .. لطفل يرفع شعار (سلمية .. سلمية ضد الحرامية) امر يغلب فيه الوجع ويصل الى اقصى مدى له.
· كان ينادي بسلمية الثورة … حتى على (الحرامية) الذين ثار عليهم وخرج من اجل محسابتهم .. فلماذا تصوبون عليه اسلحتكم بتلك الصورة البشعة.
· لماذا يدفع صبي عمره 16 عاما … اخطاء النظام .
· لماذا يدفع ثمن دموية المليشيات؟.
· ما هو ذنبه…عشان يموت هو … ويظل كل من اجرم في حق هذه البلد وافسد فيها حيّا.

· محمد عيسي .. يدفع الثمن.
· محمد عيسي ..وامثاله .. يدفعون مطامع الكبار.
· يدفع ثمن تخبطاتكم… وصراعتكم.
· من فيكم اكثر وطنية منه؟.
· من فيكم قدم للوطن … ما قدمه محمد عيسي.
· لقد قدم الشهداء حياتهم لهذا الوطن الذي تتصارعون من اجل (المناصب) فيه.

· محمد عيسي وامثاله صراعه م كان من اجل الوطن … من اجل الحرية والاستقرار والامن والطمأنينة.
· لم يكن صراعهم من اجل المناصب والكراسي … والغنائم الخاصة.
· لهؤلاء ولامثالهم يبقى الوطن.

· محمد عيسي … ومحمد عبدالعظيم … وكل شهداء مجزرة (المتاريس)…مجزرة 8 رمضان ..بفضلكم دام الوطن.
· بفضلكم عاد الوطن.
· بفضلكم … يحيا الوطن.
· ….
ترسك ما حجر … ترسك عزيمة وضحكة …
فجيت الخلق .. واقف براك في الشبكة….
ما اتهزيت يمين … في الحارة ما زول جكة…
ما اتغبيتوا لينا … ما بتعرفوها السكه …
للرصاص تقيف … طلعت ليها الشكه …
بتموت بي ثبات .. تتضحك تقول في مكة …
لميلشيا النظام .. احزاب … صغار الفكه ..
قدمت الدروس … ثبّت انت الربكه..
عمرك ما كبير .. حاشاك من البركة …
حققتوا المراد .. جبتوها من غير شكه..
عزيتو الوطن .. فوق للمصاعب ركه..
والتاتشر تقيف .. سديتو ليها السكه…
·………

· ملحوظة : نسأل الله لهم الرحمة والمغفرة جميعا.

هوامش

· سوف نكتب متى ما تيسر لنا ذلك …وما توفر لنا من معلومات ومواقف عن شهداء الثورة.
· وسنكتب في هذه الحكايات …عن اشخاص ظلمهم النظام البائد …مثل البروفيسور وليم ابراهيم ..استاذ جامعة الخرطوم ، والذي كان يعتبر احد علماء الهندسة المكانيكية في السودان وفي العالم كله.
· سنعود ان نشاءالله لنكتب عن البروف وليم.
· ابقوا معنا.
· هناك شهداء كثر …قدموا الكثير …واختيارنا لبعض منهم للكتابة عنهم ليس تفضيلا لهم على الاخرين.
· وانما نكتب بما يتيسر لنا ..ويتوفر من معلومات.
· لذلك قد تكون هناك نماذج ..افضل من تلك النماذج التى كتبنا عنها.
· ومن دون شك ..سوف تغيب عنا الكثير من المواقف …فما قدم في هذه الثورة ..لا يمكن حصره في مثل هذه المساحة.
· هذا يبقى جهد المقل.
· والمغفرة …والرحمة لكل الشهداء.
· شهداء سبتمبر 2013 …ايضا قدموا الكثير ..وهم كانوا الانطلاقة الحقيقة للثورة.
· منهم بدأت الثورة.
· الثورة الآن تصل لمراحل حاسمة ومهمة.
· والثورة قريبة من تحقيق اهدافها بعد الاتفاق بين المجلس العسكري …وقوى الحرية والتغيير.
· وان شاءالله وطن مستقر وآمن.
· وطن حدادي ..مدادي.
· فقط نقول يجب ان لا ننسى فضل الشهداء.
· وليحيا الوطن.
· وابقوا على سفر.

محمد عيسى كوكو.jpg

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى