تشارلز سيميك - ما الذي كانَ على الأبيضِ قَوْلُهْ، شعر - ترجمة أنس مصطفى

“كيف بإمكانِ أيِّ شَيءٍ أبيض أن يكونَ متمايزاً عن أو مُنَقسماً من بياض؟”
إيكهارت
.
لأنَّي الرَّصَاصَةُ
التي اخترقتْ بالفعلِ كلَّ واحدٍ مِنكُمْ،
فكَّرتُ بكمْ منذُ أَمَدٍ قبلَ أنْ تفكِّروا بيْ.
لا زالَ كلٌّ واحدٍ منكم يحتفظُ بمنديلٍ ملطَّخٍ بدمٍ
ليلفَّني فيهْ، لكنّهُ يظلُّ خَاويَاً.
حتَّى الرِّيحُ لنْ تبقَ فيهِ طويلاً.
بدهاءٍ اختلقتمْ لِي اسماً تلوَ آخرْ،
مزجتمْ الألغازَ وحرَّفتمْ الأمثالْ،
هززتمْ عُلبةَ نَردٍ مغشوشْ،
لكنِّي لم أستجبْ إلى لعناتِكُمْ
لأنِّي قريبٌ منكمْ أكثرَ منْ أنفاسْ.
وتطلُّ علينا شمسٌ واحدةٌ عبرَ صَدْعٍ في السَّقفْ،
تجلُبُنِي ملعقةُ شُعاعٍ عبرَ نافذةٍ في الفجرْ.
صفيحةٌ ما تكشفني للجُدرِ الأربعةْ
بينما بذيلي أهشُّ على حشراتْ،
لكن ليسَ ثمَّةَ ذيلٌ، والحشراتُ نَوَايَاكمْ.

بمثابرةٍ وصبرٍ أُحيَّ أذرعكمْ،
أجعلها في هيئةِ شخصٍ يغرقْ،
ومع ذلك فالبحرُ الذي تغرقونَ فيهِ،
وحتى الَّليلُ الذي يعلوهُ أيضاً،
هُوَ أنا.

لأنَّي الرَّصاصةُ
التي عَمَّدتْ كلَّ واحدةٍ من حَوَاسِّكُمْ،
القصائدُ مصنوعةُ من ليالي زفافنا التَّوَّاقةْ
غبطةُ الكَلِمَاتِ كما كُتِبت.
الأذنُ التي تستيقظُ عندَ الرَّابعةِ صباحاً
لتسمعَ العشبَ ينمو داخلَ كلمةْ.
ومعَ ذلكَ فإنَّ أجملَ الألغازِ بلا إجابةْ.

أنا الفراغُ الذي يتأبَّطكم مثلُ عُشِّ طَائرٍ مُحاكٍ،
الظَّفرُ الَّذي خدشُ سبُّورةِ نومِكُم السَّودَاءْ،

خذوا رِسَالةْ: من سحابةٍ إلى بَصَلةْ.
قولوا أبداً لم يكن ثمَّةَ خيارٌ حقيقيّ،
أمٌّ مُضنَاةٌ ومُبهمةٌ مسحت مؤخِّراتنا،
نَفْسَ اليُتمِ القدِيمِ علَّمنا التَّوحُّدْ.

أنا أورغنُ طُرُقاتٍ مُمتلئٌ بنوتاتٍ كئيبةْ،
القردُ الذي يرقصُ لصريرِ نغماتكمْ
ولا تزالونَ خائفينْ،
كما وكأنَّنا لم نتزحزحْ عن البِدَايةْ..

الوقت يتحدَّر. نحنُ نسقطُ كليَّةً
بسرعةِ الَّليلْ.
تلك السَّنُ الَّلبنيَّةُ
التي تركتمْ أسفلَ الوِسَادَةْ،
تتبسَّمُ هازئةْ.
..
..
  • Like
التفاعلات: فائد البكري

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى