عبدالله البقالي - اللامعنى..

العيش بمشاعر و احاسيس محنطة هو امر في منتهى القسوة لا ملامح. لا انفاس اضافية غير التي تمد الجسد بالهواء. و لذلك فانا الان لست حريصا على شئ. لست بالتعس و لا بالسعيد. لا ارغب في الضحك و لا شئ يدفع بي الى البكاء. شئ واحد أتابعه حتى بدون شغف. هذه الطبقة المتكاثفة المتمددة فوق بساط مشكل من العمر الذي تحول الى نفايات. لا يتصلب. لا يذوب. و بين حرارة خبا توهجها بفعل الاختناق ، و صقيع متناثر في الاعالي، يسود هذا الشعور بالحياد الكلي. مزيج من هفو و لا اكتراث. هفو لولوج ممر خال من اي اغراء، و شعور باللاجدوى التي تنطق بها كل الاتجاهات.

بين الأمرين هناك فاصل، يسع بالكاد سؤالا واحدا: أكنت معطل البصيرة لهذا الحد، أم أني كنت منهك القوى للمدى الذي لم يكن بإمكاني حتى تلفظ كلمة"حسم"؟

غاب عني الحسم. هذا صحيح. وهو في هذا الحضور المتأخر لم يكن سوى بدافع تعميق المتاهة التي تستقبلني الان بعد عمر دهري طويل من التيه. و من خلال هذا التبصر ألتقط أولى خيوط الضياء الكاشفة للألوان التي لا يمكنها ان تعرف قتامتها سوى عبر تنقل تدريجي ابتدا بألوان فاتحة. تماما مثل صراخ ذلك القادم الى العالم الذي تشكل بعد نشوة على قصرها كانت تتوهم أنها تستطيع أن تختزل سعادة كل الأزمنة. و أنه علي في الختام أن أعي أن اليقين وهم. و السعادة دعابة ثقيلة. و الحزن غمامة تغلف سماء الروح و تصنالغربة و التعاسة حين لا تمطر. و علي ان ادرك أني كنت مجرد مغفل راهن بحرارة العمر على المركز في لعبة متاهات الخيوط. و علي بموجب ذلك أن لا ألوم احدا. و ان لا اعاتب نفسي. و كل ما يجب ان افعله بعدها هو ان اسحب المعاني من كل ما اراه. و أنظر الى الدمار على انه بداية بناء. و الصخب على انه مقدمة موت. و ان لا اختلف في شئ عن
ما يفيد هذا التعريف.
16

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى