مولود بن زادي - ما فقدته الممثلة الأمريكية ميغان بعد زواجها من الأمير هاري

مَن مِنَ الفتيات لم تولع بقراءة قصص أطفال ساحرة بطلها أمير فاتن على منوال "بياض الثلج" أو "الجميلة النائمة"؟ ومَن مِنهن لم تنبهر بالنهاية السعيدة لحكاية "سندريلا" وزواجها بالأمير والحياة معه في سعادة أبدية؟ ومَن مِنهن لم تطر بخيالها يوما إلى عوالم تلك الحكايات العجيبة ولم تحلم بأن تظفر بقلب أمير في مقام الشاب الوسيم قوي البنية هانري تشارلز ألبرت ديفيد، المعروف باسم الأمير هاري، دوق ساسيكس، ابن الأسرة الملكية البريطانية الذي شاءت الأقدار أن تخلب لبَّه فتاةٌ من خلف البحار: الممثلة الأميركية ميغان ماركل القادمة من الضفة المقابلة للمحيط الأطلسي. حفل زفافهما البهيج – الذي تناقلته شاشات التلفزيون العالمية وشدّ أنظار الجماهير في كامل أنحاء الدنيا – أقيم يوم 19 مايو /أيار 2018. لكن، ما لا يدركه كثير من الجماهير هو هذه القيود المحيطة بكل فتاة تدخل الأسرة الملكية. إنها جملة من القواعد والتقاليد المتوارثة منذ مئات السنين. ميغان، الممثلة الوسيمة المتحررة، تجد نفسها اليوم مطالبة بالتقيد بنظامٍ جديد في حياتها الملكية الجديدة، ما يدعونا إلى التساؤل عما إذا كان باستطاعتها التخلي عن حريتها والتضحية بكل ما كان لديها واحتمال هذه الحياة المقيّدة طويلاً؟


التضحية بنشاطاتها

كانت ميغان منذ صغرها ناشطة نسائية قوية ومؤثرة لا تتردد في الاتصال بأعلى الشخصيات السياسية المؤثرة في أمريكا، محققة نتائج معتبرة. فبفضلها، مثلا، تغيّر شعار إعلانٍ متعلّق بالصابون موجه إلى النساء من عبارة "نساء في كامل أنحاء أمريكا" إلى "أشخاص في كامل أنحاء أمريكا"! وكانت لها طموحات سياسية، وهو ما اعترفت به في قولها: "ما زالت لدي فرصة لأن تكون لي مهنة في السياسة". وكانت منخرطة في نشاطات واسعة عبر الإنترنت حيث كان لها مدونة شهيرة تدعى "ذو تيغ" تختص في الأسفار والأكل والموضة، تقدم من خلالها نصائح عن التجميل والصحة والموضة والرحلات، فضلا عن أطباق الطعام المفضلة لديها ولدى الشخصيات الشهيرة الأخرى.

ميغان كانت أيضا ممثلة متألقة لها كثير من المعجبين يتابعونها على الشاشات ومنابر التواصل الاجتماعي. وبعد ارتباطها بالأمير، كان لابد أن تقفل موقع "ذو تيغ" بعد ثلاث سنوات من انطلاقه. وألغت حساب الانستغرام وأوقفت كلّ نشاطاتها في مواقع التواصل الاجتماعي. ولم يكن ذلك بالقرار الهين.


التخلي عن توقيع الأوتوغرافات

ميغان الممثلة الشهيرة التي كان يتهافت على توقيعها المعجبون تجد نفسها اليوم مرغمة على التخلي عن توقيع الأوتوغرافات لعشاقها. ولمثل هذا القرار الملكي مبرر في الواقع. فالقرار أتخذ لأسباب أمنية خشية وقوع توقيعات أفراد الأسرة الملكية بين أيادي الإجرام، فتستخدمها لأغراض إجرامية كالتزوير أو الإساءة إلى الأسرة الملكية أو تهديد أمنها.


لا حق لها في السياسية

ميغان لم تفقد حقها في ممارسة التمثيل والاحتفاظ بحساباتها ونشاطاتها في منابر التواصل فحسب، بل أيضا حقها في مجرد التعبير عن أفكارها ومواقفها السياسية، وهو أمر يصعب عليها تقبله لأنها كانت مرتبطة بالقضايا الاجتماعية، شغوفة بالتعبير عن آرائها بحرية وتلقائية. ميغان فقدت أيضا حقها في التصويت في الانتخابات. فأفراد الأسرة الملكية مطالبون بالتزام الحياد وعدم التدخل في القضايا السياسية.


مطالبَة بإخفاء مشاعرها

من منا لا يذكر هدوء ديانا أميرة بلاد الغال والابتسامة التي لم تكن تفارق شفتيها أمام أعين الجماهير؟ ديانا كانت تفعل ذلك حتى بعد انهيار علاقتها بزوجها ورغم كل ما كانت تشعر به من إحباط واكتئاب. ميغان اليوم مطالبة بالاحتفاظ بالهدوء والتظاهر بالارتياح والفرح أمام الجماهير حتى إذا لم تكن تشعر بذلك. لكنّ هذا الدور لا يبدو صعبا مطلقا على فتاة امتهنت التمثيل وبرعت فيه قبل زواجها.


الأسود لا يليق بها

مَن منا لا يذكر صور ميغان قبل زواجها وهي ترتدي ألبسة متعددة الأشكال والألوان ومنها الأسود الشفاف. هذه الألبسة الآن شيء من الماضي لأنّ ميغان اليوم مطالبة باحترام قواعد لباس ملكية يتبعها أعضاء الأسرة الملكية منذ أجيال. من الألوان الممنوعة الأسود الذي يحمل معنى واحدا في قاموس الأسرة الملكية وهو الحداد. لكن، ثمة استثناء بسيط لهذه القاعدة. فأثناء الرحلات والأسفار، ستضطر ميغان إلى حمل ثياب سوداء في أمتعتها في حال موت مفاجئ لأحد أفراد الأسرة الملكية أو الحكومة، تجنبا لمواقف حرجة كذلك الموقف الذي مرت به الملكة عندما بلغها خبر وفاة والدها وهي خارج بريطانيا ولم يكن لديها ثياب حداد ترتديها في رحلة العودة. ولا تستطيع ميغان اليوم أن ترتدي الفرو كبقية أفراد الأسرة الملكية، وهي من القواعد القديمة التي سنها الملك إدوارد الثالث في القرن الرابع عشر.

وفي المقابل، سيتجسد تأثير الأسرة الملكية من خلال ارتداء قبعة أثناء اللقاءات الرسمية. ارتداء القبعة معروف منذ أجيال ومن أعلى مستوى، بداية بصاحبة الجلالة نفسها والتي عادة ما نشاهدها ترتدي قبعة أثناء اللقاءات والزيارات الرسمية. ميغان، التي كانت من قبل متعودة على ارتداء ثياب غير رسمية كالجينز وألبسة شفافة وشبه عارية أحياناً، ستجد نفسها اليوم مضطرة إلى ارتداء ثياب رسمية مستورة ومنها القبعات التي تعدُّ جزءاً من ثقافة الأسرة الملكية.

النفوذ الملكي لا يقتصر على اللباس فحسب، بل يمتد إلى غاية التدخل في طلاء الأظافر حيث لا يُسمح لها باستخدام اللون الأسود وألوان أخرى كثيرة.


مواعيد نوم محددة

اعتاد القصر منذ أجيال أن تخضع مواعيد النوم لسلطة الملكة. فجلالتها هي من تختار أوقات النوم لها ولمن حولها في القصر. فمع أنه ليس قانونًا وليس إلزاميا إلاَّ أنه لا يبدو لائقاً أن تذهب ميغان إلى الفراش قبل صاحبة الجلالة، وإن كانت الأميرة ديانا معروفة بخرق هذه القاعدة غير المعلنة.


نظام غذائي صارم

نفوذ الملكة في المجتمع البريطاني يتعدى الفراش ومواعيد النوم إلى آداب مائدة الطعام. فقد جرت العادة أن تحدد الملكة لحظة الانتهاء من تناول الطعام. فعندما تقول الملكة "انتهى الأكل"، فمعنى ذلك بالتأكيد توقف جميع الحاضرين عن الأكل. لكن، لتطمئن ميغان أنّ الملكة لن تصدمها بإعلان نهاية الأكل قبل انتهائها من تناول وجبتها. فعادة ما تحرص الملكة على التأكد أنَّ الحاضرين قد فرغوا من تناول الطعام قبل الإعلان. قواعد القصر تصل إلى حد منع تناول كل الأطعمة التي من شأنها أن تحدث وسخا مثل البكلويز أو المحاريات، لأنّ أفراد الأسرة الملكية مطالبون بالظهور في أحسن حال وهم يتناولون الطعام، وأيضا تجنبا للأمراض أثناء السفر، فالمحاريات تستطيع أن تسبب التسمم.


ليس في وسعها اختيار الباقات

ووفقًا للتقاليد، يجب أن تحتوي كل باقة من باقات ورود حفلات الزفاف الملكية على بعض الآس. وعادة ما تُقطف هذه الزهور من شجيرات غرستها الملكة فيكتوريا في عام 1845. فلا عجب، شاهَدَ العالم ميغان في يوم زفافها وهي تحمل باقة أزهار الآس، وليس بالضرورة تلك الأزهار والورود والألوان التي تفضلها ميغان وعريسها هاري في الواقع.


الهدايا ليست ملكها

كثيرا ما يتلقى أفراد الأسرة الملكية هدايا في اللقاءات والحفلات والزيارات، وهم مطالبون بقبولها باستثناء الأكل. فلن يكون باستطاعة ميغان من الآن فصاعداً أن ترفضها. وكبقية أفراد الأسرة الملكية، ستكون ميغان مطالبة بتقديم تقرير سنوي يحصي كل الهدايا التي حصلت عليها خلال السنة.

والعجيب في الأمر أنّ هذه الهدايا وإن كانت موجّهة إليها إلاَّ أنها لا تستطيع التصرف فيها، فأفراد الأسرة الملكية مطالبون بتقديم الهدايا للملكة. والملكة هي التي تحدد مصيرها. فيحق لها منحها لمن تشاء أو أن التبرع بها للجمعيات الخيرية أو حتى رميها.


لا يمكنها الكشف عن جنس جنينها

وتمتد هذه القواعد والتقاليد أبعد من ذلك، إلى حد منع كشف جنس الجنين قبل ولادته. معروف أن كثيرا من الأزواج ينتظر بفارغ الصبر لحظة معرفة جنس الجنين وإبلاغ الأقارب والأصدقاء. لكن الأمر مختلف لدى الأسرة الملكية. فميغان مطالبة بالاحتفاظ بذلك سرا إلى أن يولد الجنين ويتم الإعلان عنه رسميا مثلما جرت العادة. وهذا ما حصل فعلا عندما أنجبت ابنها أرتشي هاريسون مؤخرا.


مطالبة بالسير خلف زوجها

ومن القواعد والتقاليد الأخرى لدى الأسرة الملكية البريطانية هي مطالبة ميغان بالسير خلف زوجها الأمير ببعض الخطوات بدلاً من السير بجانبه.


لكل بداية نهاية

هذه بعض الشروط التي كان على ميغان التقيد بها في حياتها الملكية الجديدة. فلم تكد ترتبط بالأمير هاري حتى نشرت رسالة لأصدقائها جاء في مستهلها: "بعد ما يقارب ثلاث سنوات جميلة على انطلاق هذه المغامرة معكم، ها قد آن الأوان لأقول وداعاً... هكذا ودّعت ميغان أصدقاءها ومحبيها في مواقع التواصل الاجتماعي والعالم وطوت صفحة من حياتها كانت فيها فارسة متحررة، مفعمة بالحيوية والنشاط والطموح وحب المغامرة والنضال، لتبدأ حياة ملكية ساكنة مختلفة تخضع لقواعد وتقاليد. ويبقى السؤال: هل تستطيع ميغان، الناشطة النسائية العنيدة والممثلة المتحررة، أن تحتمل كل هذه التنازلات والتضحيات، والابتعاد عن أصدقائها ومحبيها طويلاً لأجل حياة ملكية؟ وحدها السنوات القادمة كفيلة بالإجابة على هذا السؤال.



طيور مهاجرة حرة بريطانيا

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى