عمار نعمه جابر - مسرحية تخاريف الربيع..

( ساحة كبيرة في وسط المدينة ..
انه دوّار كبير ، تتوزع فيه على الارصفة علامات مرورية ..
وصور دعائية .. وسلال للمهملات ..
يدخل المهرج بزيه المعروف وهو يرتدي نضارة سوداء .. بيده غليون ينفث منه الدخان .. يرتدي قبعة كبيرة .. يتجول في المكان .. ينظر يمينا وشمالا وهو يهز رأسه راضيا .. )
المهرج : سيكون مكانا مناسبا .. لعرضنا القادم ( يضحك ضحكة كبيرة .. ثم يخرج )
( نسمع من بعيد اصوات قادمة .. وهي تهتف بلغة غير مفهومة .. يدخلون من كل جهات المسرح .. ليمتلئ المسرح بالمتظاهرين .. وهم يحملون شعارات متنوعة .. نقرأ منها – ثورتنا فيس - الشعب يريد تغير الرصيف – الشعب يريد لحى وتبريد - الموت للحلاقين ولعارضات الازياء – لا موسيقى بعد اليوم .. لا اليوم ولا أي يوم -
تتوزع مجاميع المتظاهرين على هيئة مجاميع تغطي كل مساحة المسرح .. يصعد أحد المتظاهرين على المنصة ويبدأ بالصراخ بلغة غير مفهومة .. ومعه تهتف الجماهير )
( يدخل عامل النظافة بزيه المعروف ، وبيده مكنسة ودلو .. ينظر يمينا وشمالا )
عامل النظافة : ( ينظر مستغربا ) ماذا يحدث هنا ؟ من أنتم ؟ .. لماذا تقفون وتصرخون ؟
رجل1 : ( يتحدث مع عامل النظافة ) هل انت اعمى ايها العامل ؟
عامل النظافة : لست اعمى .. اراكم جيدا ولكن من انتم ؟ .. لماذا تصرخون كالمجانين ؟
رجل 1 : انها مظاهرات .. مظاهرات ..
عامل النظافة : مظاهرات .. ولماذا هذه المظاهرات !
رجل 1 : مظاهرات .. لتغيير النظام ..
عامل النظافة : النظام ! .. وما هو النظام ؟
رجل 2 : ايها العامل الغبي .. النظام يعني الحكومة .. هذه مظاهرات لتغيير الحكومة ..
عامل النظافة : ( بتندر ) حكومة .. وما هي الحكومة .. ( يضحك .. ثم يستدرك ) فقط اضحك معكم .. ( يضحك ) الحكومة اعرفها ..
رجل 1 : شكرا لأنك تعرفها .. شكرا ايها العبقري ..
رجل 2 : حسنا .. ابتعد من هنا نريد ان نكمل المظاهرة .. ( يدفع عامل النظافة بعيدا )
عامل النظافة : ( يعود ) ولكن يا سيدي .. الشارع قذر .. قذر جدا .. وانا عامل النظافة ..
رجل1 : لا تشغل بالك .. نحن نريده قذر ..
عامل النظافة : ولكن هذه الساحة هنا ،هي ضمن رقعة واجبي للتنظيف اليوم .. التوجيهات تقول ذلك ..
رجل2 : اية توجيهات ؟
عامل النظافة : التوجيهات الصادرة من البلدية يا سيدي .
رجل 1 : أية بلدية تقصد ايها العامل ؟
عامل النظافة : دائرة البلدية سيدي .. التي اعمل فيها .. والتي تعطيني اجرا مقابل تنظيف هذا الشارع .. وهذه الساحة ..
رجل 3 : ( يتحدث مع رجل 1 ورجل 2 ) ما به هذا العامل ؟ ماذا يريد ؟
عامل النظافة : ( يتحدث مع رجل 3 ) لست انا من يريد هما من يريدان ..
رجل 3 : ( يتحدث مع رجل 1 ورجل 2 ) وماذا تريدان منه ؟
رجل 1 : يقول انه عامل نظافة في البلدية !
رجل 3 : ( ينظر الى ملابس عامل النظافة ) وهل انت ترى غير ذلك .. الا تراه يرتدي بدلة التنظيف ومكنسة ودلو .. هل كنت تتوقع انه نائب في البرلمان ؟
عامل النظافة : نعم يا سيدي نعم .. اخبرهما .. وضح لهما .. يبدو ان فهمهما ليس على قدر كروشهما الكبيرة .. ( يضحك )
رجل 2 : ( متعجبا ) ماذا .. ولكننا ليس عندنا كروش ؟
عامل النظافة : لا تقلق .. قريبا ستكون لديكم كروش كبيرة .. مثل غيركم . ( يضحك )
رجل3 : من قال لك ذلك ..؟
عامل النظافة : انا ادري .. ولكنني لا ادري كيف تكونان بهذا المنظر .. ولا تعرفان دائرة البلدية الموقرة .. والمشكلة انكما تقودان هذه المظاهرة لتغيير الحكومة .. ( يضحك )
رجل 1 : اخرس ايها العامل القذر .. اخرس ..
عامل النظافة : ( بغضب ) لست قذرا .. هل تفهم انا عامل للنظافة .. ابتعد عن الساحة .. اريد ان اقوم بتنظيفها هل تفهم ..
رجل 2 : انت عامل غبي .. نحن نقوم بمظاهرة لتغيير الحكومة ، وانت تقول لي انك تريد ان تقوم بتنظف الشارع .. ! من أي طينة انت ؟
عامل النظافة : من نفس طينتك .. ولكن مخلوط معها بعض العسل ( يضحك بصوت عالي )
رجل 1 : اسكت .. هل هذا وقت مزاح ..
عامل البلدية : ( بجدية ) يا سيدي المبجل .. دائرة البلدية الموقرة تريد مني ان انظف هذه الساحة .. كل الساحة .. ولن اغادر قبل أن اقوم بتنظيف الساحة من الشمال الى الجنوب .. ومن الشرق الى الغرب .. هذا واجبي للتنظيف اليوم .. هل تفهم أنت ما أقول لك ؟
رجل 3 : ( يتحدث مع العامل بهدوء ) يا عزيزي عامل النظافة .. الاخوة هنا .. ومعهم كل هؤلاء الرجال هناك .. يقومون بعمل وطني لمصلحة الوطن ، ولمصلحة الجميع .. انهم يقومون بمظاهرة ؟ .. هذا هو الامر بكل بساطة .. هل فهمت الامر ؟
عامل النظافة : ( يتحدث مع رجل 3 ) انت يبدو عليك انك رجل مختلف .. رجل يفهم ..
رجل 3 : ( راضيا ) اشكرك .. جدا ..
عامل النظافة : ولكنك تفهم فقط ما يقول هؤلاء الرجلين .. ولا تريد ان تفهم ما اقول ..
رجل 3 : ( مستغربا ) ماذا ؟
عامل النظافة : هؤلاء يقفون بالمكان الخطأ ، وفي الزمان الخطأ .. لكنك تعتذر عنهم .. بينما انا اقف في المكان الواجب الوقوف فيه .. انه مكان عملي .. واجبي تجاه دائرتي .. تجاه عائلتي .. وحتى وطني .. انها مصلحة الوطن .. مصلحة الجميع .. هذا هو الامر بكل بساطة .. هل فهمت انت الامر الآن ؟
رجل 2 : ( غاضبا ) ارحل من هنا ايها العامل الغبي .. والا طردتك بالقوة .. هيا ارحل ؟
عامل النظافة : ماذا تقول ؟ انت تهددني ! .. تهدد موظف اثناء تأديته واجبه الوظيفي .. ستسجن عقوبة عليها ستة اشهر في أقل تقدير .. القانون يقول ذلك ( يبدل نبرته ) ولكن سأتجاوز هذا التهديد .. ولن ارفع فيك شكوى لدائرتي الموقرة .
رجل 3 : اية دائرة ؟
عامل النظافة : دائرة البلدية .. سيدي .. ماذا .. هل انت مصاب بداء النسيان سيدي ؟
رجل 1 : هل انت مجنون ايها العامل .. نقول لك نحن ثوار .. نقوم بمظاهرات لتغيير النظام .. وتغيير الملك .. ورئيس الوزراء .. وتغيير كل الوزراء والمدراء ..
عامل النظافة : انا لا يهمني ما تقومون به هل فهمتم ؟
رجل 3 : ولكنهم سيغيرون وزير البلدية ايضا ..
عامل النظافة : ماذا .. وزير البلدية ؟
رجل 2 : نعم سنقوم بتغيير وزير البلدية ايضا ..
عامل النظافة : ( متعجبا ) وزير البلدية بشحمه ولحمه !
رجل 1 : ومدير عام البلدية هنا .. سنغيره من اجلك .. فقط اترك المكان وغادر ..
عامل النظافة : مدير البلدية ايضا ! .. وماذا عن ابو احمد ؟
رجل 3 : ومن يكون هذا .. ابو أحمد ؟
عامل النظافة : ( غاضبا ) ارجوك .. لا تتحدث عن ابو أحمد بسوء ..
رجل 3 : انا لم اتحدث عنه بسوء .. فقط سألتك : من يكون هذا الاستاذ ابو احمد ؟
عامل النظافة : ولكنني اشعر أن في نبرتك استهزاء تجاه شخصية ابو احمد .
رجل 2 : شعورك لم يكن دقيقا ابدا .. شعورك كان كاذبا .. سيدي عامل النظافة ..
رجل 1 : نعم .. لم يكن يستهزئ بالرائع ابو احمد .. ولكن من يكون هذا ابو أحمد ؟
عامل النظافة : ( شديد الغضب ) لا .. لا اسمح لكم ابدا .. وتقولون ثوار .. وتدّعون الفهم والثقافة .. لا اسمح لكم ان تتجاوزوا على ابو احمد .. قولوا لي هل انتم من سكان هذه المدينة ؟
رجل 3 : نعم نحن جميعا من سكان هذه المدينة ..
عامل النظافة : وهل تمرون يوميا بساحة المدينة الكبيرة هذه ؟
رجل 2 : نعم يوميا نمر من هنا .. ولأكثر من مرة في بعض الايام ..
عامل النظافة : وهل وجدتم يوما هذه الساحة الكبيرة .. فيها اوساخ او ازبال او قاذورات ؟
رجل3 : لا .. ابدا ..
رجل 1 : لا اذكر انني وجدت الساحة قذرة .. فهي ساحة المدينة الرئيسية والجميلة ..
عامل النظافة : وهل يذكر احدكم انه وجد على الارض قطعة ورق .. او أعقاب سجائر .. او كيس حلوى ؟
رجل 2 : الشهادة لله .. لا .. كانت انظف الساحات .. ولكن لماذا تسأل عن كل هذا ؟
عامل النظافة : ابو احمد هذا الذي تذكرونه بسوء .. وتستهزئون به .. هو المسئول الاعلى .. عن نظافة هذه الساحة .. ومنذ اكثر من عشرين عاما ..
رجل 3 : ( مستغربا ) ماذا ؟
رجل 1 : ( يحاول الهجوم على العامل لضربه ) اتركوني اضرب هذا الرجل .. اتركوني ..
عامل النظافة : لماذا تتهجم عليّ يا سيدي .. هل عندك مشاكل مع ابو احمد ؟
رجل 1 : لا .. ولكن عندي مشاكل كبيرة .. كبيرة ومستعصية مع حضرة جنابك ايها العامل .. ( يحاول الافلات من ايدي رجل2 ورجل 3 )
عامل النظافة : ولكنني لم افعل لك شيئا .. أنا فقط اريد ان انظف الساحة .. هل يزعجك هذا ؟
رجل 2 : ( يتحدث مع العامل ) انه لا يزعجنا .. ولكن اليوم هناك ظرف استثنائي ..
عامل النظافة : وما هو هذا الظرف الاستثنائي ؟
رجل1 : ( بغضب ) الا ترى بعينيك ؟ .. انظر الى كل هذه الجماهير المتظاهرة ؟
عامل النظافة : نعم اراها .. ماذا بها .. ؟
رجل 3 : انها جماهير تبحث عن التغيير .. تريد ان تقوم بتغير الحكومة .. تغيير السلطة في البلد .. الم تسمع عن الربيع ابدا ..
عامل النظافة : الربيع ! ولكننا في فصل الصيف سيدي ؟
رجل 1 : ( بغضب شديد ) اقول لكم اتركوني اقتل هذا الرجل .. ( يمسك به رجل2 )
عامل النظافة : لن اترك الساحة هل تفهم .. سوف اقوم بتنظيفها .. حتى لو وقفت كل شعوب الارض لتتظاهر هنا .. هذه ساحتي ..
( الجماهير تبدأ بالهتاف بلغة غير مفهومة .. ثم تهتف بشكل مجنون وهستيري )
عامل النظافة : ( يتحدث مع الجماهير بصوت عال ) لو صرختم الى الصباح .. لو صرختم حتى تبح اصواتكم .. سوف انظف الساحة .. لو اصبحتم مليارات.. لن اترك الساحة .. سأنظفها من كل القذارة التي فيها .. ولمعلوماتكم .. هذا فصل الصيف ايها الأغبياء .. وليس الربيع ..
الجماهير : ( بصوت واحد ) اخرس ..
( عندما يسمع عامل النظافة صوت الجماهير .. يخاف ويتراجع الى الخلف )
عامل النظافة : ( يحدث نفسه .. وهو ينظف في المكان ) ولكنه الصيف أنا متأكد .. متأكد جدا .. ( ينظر الى الاعلى ) هذه شمس الصيف .. أنا متأكد (يرتفع صوت الهتاف )
( تدخل الزوجة مسرعة .. وبيدها مقلاة كبيرة وملعقة مطبخ .. )
الزوجة : أين ذهب هذا الـ .. أين ذهب ؟
عامل النظافة : ( يلتفت الى الزوجة ) هل فقدت طفلك ايتها المرأة ؟
الزوجة : لا .. ولكنه اسوأ حتى من الاطفال ..
عامل النظافة : اذن هو اخوك الصغير ؟
الزوجة : لو كان اخي لبرئت من امي الى يوم الدين .. لأنها ولدته ..
عامل النظافة : هل هو ابن اختك .. او ابن اخيك .. وقد ضاع منك ..؟
الزوجة : انه ليس طفل صغير ..
عامل النظافة : أها .. فهمتك .. انه طفل كبير ..
الزوجة : نعم طفل بهيئة فحل .. من ينظر اليه يحسبه شيئا .. يأكل به السبع سبعة أيام.
عامل النظافة : وما هو هذا السبع ؟
الزوجة : انت لا تعرف السبع ؟ .. رجال ولا تعرفون السبع ؟
عامل النظافة : وما علاقة الرجولة بالسبع .. ؟ هل هي أكلة عرضها الشيف مفيد ؟
الزوجة : ليست أكلة حلق السبع .. يا .. سبع .. بل هو أسم للأسد .. يا ..
عامل النظافة : أها .. السبع يعني أسد .. اي صح .. تذكرت .. زوجة جاري تصرخ عليه في منتصف الليل .. هنيئا لي بك يا سبعي ..
الزوجة : زوجي يأكل به السبع سبعة ايام .. لضخامة جثته .. ولكن عقله .. مثل عقل صوص مراهق .. لا يعرف كيف يتصرف .. ارسلته الى السوق منذ ساعتين ليشتري لي البهار المناسب للرز والحساء .. ولم يعد الى الان .. هل رأيته في مكان ما هنا ؟
عامل النظافة : لا يا سيدتي .. لا يمكنني ان اركز .. فالساحة اليوم تغص بالآلاف من الرجال ..
الزوجة : وماذا يفعلون اليوم في الساحة برأيك .. ؟
عامل النظافة : يقولون انه الربيع .. يا سيدتي ..
الزوجة : ( مستغربة ) كنت احسب أن سبعي وحده بهذا البلادة .. ( تنظر للمتظاهرين ) ولكن يبدو انه داء اصاب الكثير من الرجال .. !
عامل النظافة : لا .. يا سيدتي .. لقد ملأت السباع الساحة ولا يريدون أن أكمل عملي ..
الزوجة : وأنا ايضا ..
عامل النظافة : انت ماذا يا سيدتي ؟
الزوجة : أنا أيضا لم أكمل طهو طعام الغداء .. ليس عندي بهار للرز ولا للحساء ..
عامل النظافة : سيصعب عليك أن تجديه وسط هذه الاعداد من الناس ..
( تبدأ الجماهير بالهتاف بلغة غير مفهومة وبأصوات متداخلة )
الزوجة : لماذا يصرخ هؤلاء .. ماذا حصل لهم ..
عامل النظافة : يقولون انه الربيع .. ويريدون تغيير الملك والوزراء .. ووزير البلدية .. ولكن ابشرك .. ابو احمد سيبقى في منصبه ..
الزوجة : ومن هو ابو أحمد ؟
عامل النظافة : ابو أحمد هذا .. قصة طويلة في ساحتنا الكبيرة هذه .. هل تريدين أن أقصها عليك ؟
الزوجة : لا شكرا .. لا ارغب في سماع القصص .. لا قصة ابو احمد .. ولا قصة أم أحمد .. النار مشتعلة تحت قدري في المطبخ .. سيحترق بيتي اذا لم اجد سبعي .. انظر الى هناك في تلك البناية يقع بيتي ..
عامل النظافة : نعم لقد رأيته .. يجب أن تجدي سبعك قبل أن يأخذه سباع الربيع معهم لكي يهتف .
الزوجة : لا .. لا تخف .. سبعي لا يعرف عن السياسة والمظاهرات اي شيء .. صدقني زوجي حتى لا يعرف الفرق بين فصل الربيع والصيف .. بصراحة زوجي كما يقول المثل – طينية ولها عيون –
عامل النظافة : ( يضحك ) يا عيني على الثقة برب الاسرة .. وحامي حمى الدار .. ( يضحك )
الزوجة : ارجوك .. ساعدني في ايجاده وسط هذه الناس ..
عامل النظافة : رغم انني عندي عمل كثير في الساحة اليوم .. بسبب وجود هذا العدد من المتظاهرين .. والذين يأكلون ويشربون ويلقون الاغلفة والعلب في كل مكان .. ولكن ابو أحمد يوصينا دائما بمساعدة الآخرين ..
الزوجة : ومن هو ابو أحمد هذا ؟
عامل النظافة : هل تريدين أن أروي لك حكاية ابو أحمد الطويلة ؟
الزوجة : لا .. ارجوك .. قدري على النار .. سيحترق .. ربما في وقت آخر ..
عامل النظافة : حسنا تعالي معي لنبحث عنه ( يدخلان وسط الحشود )
( يعلو صوت الهتاف .. ومن بين الناس يظهر المهرج وهو يرتدي نظارته السوداء وقبعته الكبيرة .. وهو يبتسم بخبث ودهاء )
المهرج : يبدو لي أن عرض اليوم سيكون مضحكا جدا .. ومبكيا جدا .. وراقصا جدا .. ومؤلما جدا .. كل الممثلين فيه يتحركون حسب ما هو محسوب لخطواتهم .. شطّار .. لا يؤخرون خطوة .. ولا يقدمون أخرى .. وأفضل ما فيهم أنهم لا يتساءلون ابدا .. الى أين هم ذاهبون ؟ .. قمة الطاعة .. يصنعون فوضاهم بأيديهم .. تركبهم موجات لا يدركون خطرها .. يستبدلون قتلة الامس بقرقوزات مرسوم عليها شفاه الضحك .. ولكن قلوبها سوداء .. ترتدي زي الفضيلة والتقوى .. كي تحصل على السلطة .. العرض لازال مستمرا .. لنستمتع .. ( يضحك المهرج ثم يندس بين الحشود .. ويختفي )
( يصعد رجل على منصة الخطابة ويلقي كلمة غير مفهومة .. تلهب المتظاهرين .. فيهتفون بشعارات غير مفهومة .. )
( الزوجة تدفع الرجل الذي يخطب على المنصة .. لتقف مكانه وتنادي على زوجها بطريقة ساخرة )
الزوجة : ( تمسك المايك وتنادي ) أين أنت يا سبعي .. أين أنت ؟ أين بهارات الرز التي أوصيتك بها ؟ هل نسيت بهارات الحساء الهندية الحارة ..؟ هل تسمعني أجب .. أجب ولا تجعلني أنزل وأقلب خارطة وجهك رأسا على عقب .. أجب ..
رجل1 : ( يكلم الزوجة من وسط الجماهير المحتشدة ) من أنت أيتها المرأة ؟
رجل 2 : انزلي من المنصة ..
رجل 3 : ( يصرخ ) اتركي المايك وانزلي .. ولا تسمعينا صوتك القبيح ..
الزوجة : ( وهي تتحدث عبر المايك ) وهل أنا يا عزيز خالتك .. أغني .. كي تكره صوتي .. هل قلت لك مقطعا من - بعيد عنك - .. أم بيتا حنونا من - الاطلال - .. أنا أبحث عن سبعي .. يا شبه السبع ..
رجل 3 : ابحثي عن زوجك بعيدا عن المنصة يا وجه البومة .. انزلي ..
الزوجة : لا تتجاوز عليّ يا بن المربوعة .. والا نزلت لأغلق عينك بضربة خاطفة من مقلاتي المضادة للالتصاق ..
رجل 1 : انزلي سيدتي نحن نقوم بمظاهرة .. ارجوك اتركي المايك للمتحدث .
الزوجة : أنا ليس لي دخل بتهريج مظاهراتكم .. أنا أريد بهاراتي العزيزة على قلبي ..
رجل2 : واين هي بهاراتك العزيزة على قلبنا وقلبك ؟
الزوجة : ارسلت سبعي كي يذهب ليحضرها لي من السوق قبل ساعتين .. لكنة الى الان لم يرجع الى البيت ..
( يركض عامل النظافة ويصعد على المنصة .. ثم يأخذ المايك من الزوجة ويتحدث به )
عامل النظافة : إحم .. إحم .. كيف تسمعني أجب ؟ .. استطيع سادتي المتظاهرين والثوار أن أشرح لكم وبكل يسر ودقة .. عن معنى كلمة سبعي .. والتي طرحت مفهومها السيدة الآن على هذه المنصة ..
رجل 3 : ( يصرخ على عامل النظافة ) اخرس وانزل من المنصة ، قبل أن أنزلك منها الى الاسفل بالركلات .. هيا أنزل ..
عامل النظافة : أنا فقط اردت التوضيح .. ولكنكم يا قومي لا تحبون الناصحين ..
رجل 1 : انزل يا عامل النظافة .. واعط المايك للمتحدث .. نريد أن نلقي بيان هام .. أين هي وسائل الاعلام .. أين القنوات الفضائية .. أين وكالات الانباء ؟ لماذا تأخروا عن الحضور لساحة الاعتصام ؟
الزوجة : ( وهي تصرخ في المايك ) أين سبعي وبهاراتي ؟ اين انت يا بن حماتي الوقورة جدا .. والمشكورة جدا لهذه الخلفة التي تورطت بها ؟
رجل 3 : ( يصرخ على الزوجة ) انزلي من المنصة .. انزلي ..
( تنزل الزوجة وعامل النظافة من المنصة .. ويقفان على جانب المسرح )
( يدخل كادر القناة الفضائية وهو يحمل اكثر من كاميرا .. وخلفهم المخرج وهو يوجه الكاميرات .. ويتحرك بسرعة .. ويأخذ لقطات من زوايا مختلفة للمظاهرة .. بعدها يرى المخرج عامل النظافة والزوجة وهما يقفان على جنب ويبدأ بأخذ عدة لقطات لهما .. حيث يستجيب معه عامل النظافة .. فيتحرك في كل صورة بهيئة مختلفة ، والابتسامة لا تفارق وجهه .. ولكن الزوجة ترفض التصوير .. فتقترب من المخرج .. وتضربه على راسه بالمقلاة .. فيسقط المخرج )
المخرج : آه .. رأسي .. لقد هشمت هذه المرأة رأسي ( يتحسس رأسه ) دم .. هذا دم .
عامل النظافة : أين الدم ( يذهب ليبحث في رأس المخرج ) أين الدم ؟
المخرج : هنا .. هنا .. لقد فتحت رأسي هذه المرأة ..
عامل النظافة : ولكنني لا أرى الدم .. !
المخرج : هذا اعتداء على القنوات الفضائية .. على الاعلام .. اعتداء على حرية التعبير
عامل النظافة : ولكن السيدة لا ترغب أن تصورها في القناة الفضائية .. فمنعتك من ذلك ..
المخرج : أنا مخرج بث في قناة كبيرة جدا .. وايضا جدا .. لماذا لم تقرأ كلمة ( PRSS ) انها كلمة مقدسة .. لا يستطيع اعتى طغاة الارض المساس بحامل هذه الكلمة .. أو حتى التعرض له ..
الزوجة : لو لم تفلت أيها العاتي .. لأكلت من يدي ضربتين من مقلاتي المضادة للالتصاق ..
المخرج : هذا اعتداء سافر .. سأشتكي عليك لمنظمة صحفيين بلا حدود ..
الزوجة : أنا من سأجعل وجهك بلا حدود وبلا ملامح .. تعال الى هنا .. ( تتحرك خلفه )
المخرج : ( يركض ليختبئ خلف عامل النظافة ) لن أقبل هذا التعدي على الاعلام الحر ..
الزوجة : اخرج الى هنا .. وسأريك المقلاة الحرة ماذا ستفعل بك ..
المخرج : سأدون هذا الاعتداء وبالأسلحة البيضاء على الاعلام المستقل والنزيه ..
الزوجة : سأضربك بكل الاسلحة البيضاء .. والحمراء .. والبنفسجية .. كيف تسمح لنفسك بتصويري .. ها .. كيف ؟
عامل النظافة : سيدتي سامحيه ارجوك .. ربما كان يظن انك أحد المتظاهرين ..
المخرج : تضربينني بدلا من أن تشكرين رجال الصحافة والاعلام الذين يدعمون مظاهراتكم .. وينقلون شعاراتكم وهتافاتكم .. لحشد تأييد الراي العام لدعمكم والوقوف الى جانبكم في مطالبكم المشروعة ..
الزوجة : وهل تؤيد انت مطالبي المشرعة ..
المخرج : آخ ( يتحسس راسه ) نعم بكل تأكيد .. أنا أقف الى جانب كل مطالبك المشروعة.
الزوجة : وهل تعرف ما هي مطالبي ؟ .. ثم من قال لك انها مشروعة ؟
المخرج : ( يضطرب ) في الحقيقة لا اعرف مطالبكم المشروعة .
الزوجة : ( تركض خلف المخرج وهو يفر بعيدا ) ولماذا تصورنا .. اذا كنت لا تعرف مطالبنا ؟
المخرج : ( وهو يقف خلف عامل النظافة ) ليس هذا فقط .. بل ازيدك .. شيئا ..
الزوجة : وماذا تزيدني يا جرذ القنوات الفضائية ..
المخرج : لقد كان البث مباشرا .. وعلى الهواء ..
الزوجة : هل تقصد - Live - كما اسمع بها دائما في نشرات الاخبار ؟
المخرج : وبالأقمار الصناعية .. ( يختبئ خلف عامل النظافة )
عامل النظافة : هل تقصد أن الجمهور يشاهدنا الآن ؟
المخرج : كل سكان الكرة الارضية تقريبا .. يشاهدون هذه المظاهرة الآن .
عامل النظافة : ( يتحرك لكي يقف أمام الكاميرا ) هنا .. هنا .. ابو احمد .. استاذي الغالي .. أنا هنا في الساحة ، ولم ولن اغادرها مهما حصل .. سأقوم بتنظيفها من كل القاذورات .. ابو أحمد أنت مثالي الاعلى في الحياة .. لن اترك اسلوبك في الحياة البلدية المحافظة .. ولن اسمح لأي كان أن يثني عزيمتي في تنظيف الساحة ، وكما تحب .. ابو أحمد هل تراني ؟ .. هل تسمع كلامي ؟ .. أنا احبك .. احبك الى أبعد الحدود .. آه ( يبكي بصوت علي )
المخرج : اقطع .. حول كاميرا البث نحو الهتافات والمظاهرة .. ( يتكلم مع عامل النظافة ) ماذا تفعل ايها العامل ستفسد البث .. هل انت مجنون ؟
الزوجة : هل أنت فعلا مهتم بدعم مطالبي المشروعة .. ايها المخرج ؟
المخرج : نعم بكل تأكيد ولكن بعيدا عن المقلاة المضادة للالتصاق ..
الزوجة : وهل هذا البث يراه كل من في المدينة ؟
المخرج : أقول لك أنه يراه كل من هو حي على وجه الكرة الارضية .
الزوجة : حسنا اذن .. ادعم مطالبي المشروعة .. وافتح لي البث المباشر ..
المخرج : ( مع المصور ) اقطع .. حول كاميرا البث نحو هذه السيدة المتظاهرة ..
الزوجة : ( امام الكاميرا ) في البداية احب ان تعرفوا يا سكان الكرة الارضية .. انني لست مع المتظاهرين .. ولم اخرج معهم .. ولا اعرف اصلا لماذا هم يتظاهرون .. أنا هنا من أجل بهاراتي الهندية .. قدر الرز وقدر الحساء في مطبخي على النار .. وارسلت سبعي الى السوق ليحضر لي البهارات .. ولكنه لم يرجع .. فأرجوا ممن يعثر على سبعي ، أن يسحبه من قفاه ، ويوصله لي في ساحة الاعتصام .. ولكم كل الشكر والعرفان .. مع تحيات اختكم .. ( يقاطعها المخرج )
المخرج : ( صارخا بأعلى صوته ) اقطع .. حول كاميرا البث نحو الهتافات والمظاهرة .. ماذا تفعلين .. انك تفسدين البث المباشر .. ثم من هو سبعك .. ؟
عامل النظافة : أنا سأخبرك ماذا يعني السبع ومن هو سبعها ..
المخرج : لا اريد أن أعرف شيئا .. اسكت ..
عامل النظافة : ( يتحدث مع الزوجة ) فعلا .. هذه افضل طريقة لتجدي بهاراتك الهندية .
المخرج : ( يصرخ ) ماذا تفعلون .. ستتسببون بطردي من القناة .. ستقطعون رزقي ..
رجل 1 : ( يتحدث مع المخرج ) لماذا تأخرتم في الحضور .. الا ترون الجو يغلي ..
المخرج : ومن أنت ؟ هل انت مع المتظاهرين ؟
رجل 1 : نعم نحن قادة هذه المظاهرة .. والمنسقين لقيامها في ساحة المدينة .
المخرج : حسنا نريد أن تتحدث وعلى الهواء مباشرة عن أهداف المظاهرة .. وسقف الطلبات لدى الجماهير المحتشدة .. اقطع .. حول كاميرا البث نحو المتحدث ..
رجل 1 : ( أمام الكاميرا ) لقد رفع المتظاهرين سقف الطلبات لتبلغ الذروة .. نحن نطالب بسقوط النظام وقيام حكم من نوع آخر .. يختلف عن هذا النظام الفاسد والظالم .
الزوجة : ( باستهزاء ) لا تنفعل كثيرا .. هذه الكاميرا لم تستطع احضار بهاراتي الهندية ولا سبعي .. وانت تريدها أن تسقط النظام .. تكلم بالمعقول .. الانفعال قد يسبب لك الجلطة .. ايها المجلط ..
عامل النظافة : انت على حق .. أبو أحمد يقول لي دائما أن الاعلام – كلام جرائد – لا يسمن ولا يغني من جوع ..
المخرج : سكوت .. اتركوا القيادي في المظاهرات يتكلم .. سكوت ..
رجل 1 : نحن نتعرض لأشد انواع التنكيل والضغط من قبل رجال الامن والشرطة ..
عامل النظافة : ولكنني لا أرى أي رجل أمن هنا .. ولا حتى شرطي مرور .. ابو أحمد يردد دائما – يصنعون من الحبة كبة – لا تنفخ كثيرا في الامر .. بسبب كباياتكم اشتعلت المنطقة بصراعات لا طعم لها ولا لون .. ولا رائحة .. فقط رائحتكم .. يا أكلي اطباق البقوليات ..
المخرج : اسكت .. اتركنا نأكل رز وفاصوليا .. أقصد اتركنا نعمل .. لا تقاطع القيادي ابدا.
الزوجة : كيف سنأكل رز ، ونحن بسبب مظاهراته الغبية ، لم نحصل على البهارات المطلوبة .. وقدر الرز وقدر الحساء .. على النار ..
المخرج : المظاهرات هي التي تحرك نشرة الاخبار .. وبقوة .. هي التي نأكل ونشرب منها ؟
عامل النظافة : ولكنها مظاهرات منعتني عن التنظيف .. ستصبح الساحة مكب للنفايات بسبب المظاهرات .. لقد قطعت المظاهرات قيامي بواجبي ..
رجل 1 : ان الربيع الذي عصفت نسائمه ، بكل الانظمة في دول الجوار .. ننتظر أن يحقق اهدافنا في الحرية والخلاص من النظام ..
عامل النظافة : الربيع مرة اخرى .. كل هذا اللهب ولازلتم تقولون الربيع ..
رجل 1 : لن ننسحب من هذه الساحة حتى تتحقق كل المطاليب المشروعة .
عامل النظافة : واذا لم تتحقق مطالبكم المشروعة .. هل سأبيت ليلتي هنا ..
الزوجة : واذا لم تتحقق المطالب المشروعة .. هل سأفقد سبعي الى الابد .. وتبقى قدوري تغلي بلا بهارات على النار ..
( يخرج من المتظاهرين رجل 2 .. )
رجل 2 : ( يتحدث مع المخرج ) سيدي نحن نطالب بالتدخل العسكري للقوات الاممية ..
المخرج : ( مع المصور ) اقطع .. حوّل البث المباشر على هذا المتظاهر .. ( تتحرك الكاميرا باتجاه رجل 2 )
المخرج : سيدي هذه نقطة جوهرية وفي غاية الاهمية .. وانعطافه مفصلية في حركة الاحتجاجات .
رجل 2 : إن جميع الشعب يطالب الحكومات الصديقة .. البعيدة والقريبة .. البيضاء والحمراء والسوداء والصفراء .. بتحريك الجيوش لإسقاط النظام في بلدنا ..
الزوجة : ( متعجبة ) جيوش احتلال !
رجل2 : ( مع الزوجة ) لا ليس احتلال .. مجرد اسقاط النظام ..
عامل النظافة : ومجرد جيوش تجلسكم على سدّة الحكم .. وتجلس الشعب على الحديدة .
رجل 2 : سيغادرون بمحبة .. وبهدوء .. صدقوني ..
الزوجة : ( باستهزاء مع رجل 2 ) اسم الله عليك .. وهل سمعت امك وخالاتك ان الجيوش الغازية اذا دخلت بلدا غادرته بمحبة وهدوء .. هل تضحك علينا يا ابن الــ ... هل تضحك علينا ..
رجل 2 : نحن نقسم للشعب والوطن ..و بشرفنا ..
عامل النظافة : ( باستهزاء ) بالضبط .. هو القسم المناسب ..
رجل 2 : أي قسم ..
عامل النظافة : أقصد قسم الشرف .. هو بالضبط ما نحتاجه منكم .. شرفكم مضمون في سوق الاوراق المالية .. ولا يكلفكم الكثير .. فالكثير مثلكم في دول الجوار .. تفردوا بالسلطة .. ثم أكلوا خزينة الدولة .. ثم حملوها في حقائب مع شرفهم وفروا الى جهة مجهولة ..
رجل 2 : ( غاضبا ) أنت تطعن الشعب في شرفه ..
الزوجة : وهل الشرف أن تدخلوا الجيوش على بلدكم .. على نسائكم .. يا أخي ادخلوا عليهن بكيس كبير من البهارات الهندية مثلا ..
رجل 2 : ( متعجبا ) ماذا !
عامل النظافة : نعم الشرف أن تكون ساحاتنا وشوارعنا نظيفة .. مثل ارواحنا .. بلا قاذورات .
المخرج : ( مع المصور ) هل صورت هذا الكلام بكاميرات البث المباشر .. هل قمت بالبث بشكل مباشر .. مذهل .. هائل .. الشعب بدأ يدخل مرحلة جديدة في تبني المواقف .. سترتفع الدراما في نشرات الاخبار ..
الزوجة : تقصد الدراما التركية .. كم أحب المسلسلات التركية .. الله .. أحبه جدا ذلك الفتى مهند ..
المخرج : اي مهند !
الزوجة : لا تقل لي انك لا تعرف الفتى التركي الجميل مهند ؟
المخرج : وما علاقة السيد مهند بنشرات الاخبار ..
الزوجة : مهند هو أحلى من كل الاخبار يا سيدي ..
عامل النظافة : ( يتحدث مع المخرج ) نعم .. مهند احلى بكثير من مشاهد الموت وصور اشلاء الموتى التي تضطهدوننا بها كل مساء .. ماذا تريدون أن تصنعوا بنا .. ؟
الزوجة : رجاء .. اعيدوا بث مسلسل مهند مرة اخرى ..
عامل النظافة : علمونا المحبة والسلام .. لا تعلموننا المفخخات والذبح والعبوات اللاصقة .
( يخرج رجل3 من وسط المتظاهرين )
رجل3 : ( يتحدث مع رجل 1 ورجل 2 ) يبدو ان هذين الشخصين لا يعرفان سوى التفاهم بطريقتي الخاصة ..
عامل النظافة : طريقتك الخاصة .. هل هي مبتكرة من بنيات افكارك .. أم تقلد بها شخص آخر .
الزوجة : ( تتحدث وهي تضحك مع عامل النظافة ) لا .. وانت الصادق .. على طريقة طبخ منال العالم .. ( يضحكان بصوت عال )
رجل 3 : نعم .. بطريقة التحميص والتقطيع .. والقلي .. و .. ( يقاطعه عامل النظافة )
عامل النظافة : والخطف والمسدسات الكاتمة .. واذا كان هناك دعم تمام .. وكبير .. سيكون هناك عبوات ناسفة ومفخخات .. وكان الله يحب المحسنين ..
المخرج : ( يصرخ ) سجل هذه الاتهامات المتبادلة .. وعلى البث المباشر .. وابلغ ستوديو الاخبار .. أن يركز على هذه الحوارات في حصاد التاسعة ..
الزوجة : قنوات تبحث عن جنازة .. لتشبع بها لطم ..
رجل1 : ( مع المخرج ) هؤلاء فئة لا يعرفون مصلحتهم .. ولا مصلحة بلدهم ..
رجل 2 : نحن فقط من نعرف مصلحة الشعب ..
المتظاهرين : ( يهتفون بصوت واحد ) الشعب يريد .. الشعب يريد ..
عامل النظافة : الشعب يريد .. نظافة وتجديد ..
الزوجة : لا .. لا.. الشعب يريد بهارات وتبريد ..
المخرج : ( مع المصور ) صور هذه الهتافات الجديدة .. سجلها بسرعة .. لقد دخلت المظاهرات انحرافا خطيرا ..
الزوجة : ( مع المخرج ) هل انت مجنون .. قلت لك لا تصورني ابدا ..
عامل النظافة : لا تصورنا هل تفهم .. لا نريد ان نظهر في قنواتكم الفضائية ..
رجل1 : انتم عملاء للنظام القائم .. لا ترغبون في التغيير ..
رجل3 : نعم هم عملاء .. هل اتعامل معهم بطريقتي الخاصة ؟
الزوجة : ( مع رجل 1 ) ارجوك .. اتوسل اليك .. اتركه يتعامل معنا بطريقته الخاصة .. ومن جابني سأتعامل معه بطريقتي الخاصة .. ( تلوح بالمقلاة )
المخرج : أنا أعرفها طريقتك الخاصة .. اعرفها ..
الزوجة : انت ولد شاطر .. يحفظ دروسه بسرعة ..
المخرج : شكرا .. سيدتي ..
الزوجة : ( مع رجل3 ) انت لا تعرف طعم المقلاة المضادة للالتصاق ..
رجل1 : لا اعرف ما لذي يعجبكم بهذا النظام الذي يحكم البلاد .. ؟
رجل2 : نعم .. ما لذي يعجبكم به .. ؟
المخرج : ( مع عامل النظافة ) يا سيدي .. لماذا لا تطمح للتغيير .. ولتصحيح الاخطاء .. لماذا تقف ضد التظاهر والاعتصام ؟
عامل النظافة : سيدي كلنا مع تصحيح الاخطاء .. والتغيير نحو الافضل .. ولكن ليس بالفوضى وبالاستعانة بالجيوش الغازية .. لن تبقى ساحات الوطن نظيفة .. بل سيتدمر احلى ما فيها .. سيموت الانسان .. هل تفهمني ؟
الزوجة : كلامك على راسي .. عين الصواب ..
المخرج : هذه هي الثورات .. الانتفاضات .. إنها اسلوب التغيير الاوحد ..
رجل 1 : نعم .. انها الثورات لتغيير البلدان ..
الزوجة : كانت لتغيير البلدان .. أما اليوم فهي لتدمير البلدان ..
عامل النظافة : هذه المظاهرات أكلت كل الساحات النظيفة في البلدان ..
رجل 1 : انه الربيع ..
عامل النظافة : صدقني .. إنها شمس لصيف لاهب .. أكلت كل أخضر غض في هذه البلدان ..
المخرج : ( مع المصور ) لا تقطع البث اتركه مستمرا ..
الزوجة : النار ستحرق كل الرز والحساء .. ستحرق كل المطبخ ..
عامل النظافة : هناك الف طريق وطريق للإصلاح والتغيير .. ليس بطريقة الهدم والتدمير .. والجيوش القادمة من خلف الحدود .. ولكن اتركوا ساحات الوطن نظيفة .. جميلة .. ابو أحمد يقول لي دائما لقد انتهى عصر الانقلابات العسكرية .. وعصر الانتفاضات .. صارت الثورات الحقيقية .. ثورات المعرفة والتقدم الاجتماعي والاقتصادي ..
المخرج : هل قمت ببث هذه الكلمات المهمة .. ارسل لغرفة الاستوديو أن يتم اعادتها على رأس كل النشرات ..
الزوجة : ( تذهب بين المتظاهرين وهي تنادي ) أين أنت يا سبعي .. أين البهارات الهندية .
( يخرج المهرج من بين المتظاهرين بنظارته السوداء وقبعته الكبيرة .. وهو غاضب )
المهرج : لقد فقدنا السيطرة على هذه الساحة .. تعالوا لنبحث عن ساحة مناسبة ..
( يخرج المهرج ومعه رجل 1 ورجل 2 ورجل 3 )
عامل النظافة : ( يمسك بالمكنسة والدلو .. ويبدأ بالتنظيف ) من حيث النظافة والتنظيم يبدأ التصحيح والتغيير .. القذارة لا تجلب سوى الذباب والكلاب السائبة ..
المخرج : ( يمسك بكاميرا البث المباشر ويقوم بتصوير عامل النظافة ) الحكمة أن تعرف من أين تبدأ موضوعات القصة .. كي تبدو الدراما اكثر تأثيرا .. وأقل ضررا .. والاعمق لتحصل على تصفيق الارواح .. لا تصفيق المصالح والانهيارات .
( يبدأ المتظاهرون بأخذ المكانس لمشاركة عامل التنظيف بعملية تنظيف الساحة )
المتظاهرون : ( بصوت واحد ) الشعب يريد .. الحكمة والتجديد ..
( تدخل الزوجة وهي تنادي بأعلى صوتها )
الزوجة : الان فقط وجدت سبعي .. وحصلت على البهارات الهندية .. قدر الرز وقدر الحساء سيكونان كافيان لنا جميعا .. عندما تنتهون من تنظيف الساحة .. تعالوا لنتناول الرز والحساء .. وبطعم البهارات الهندية ..


ستار –
الناصرية 29 /9/2013

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى