سناء الحافي - لا تهيئ أفراحك للظلام.. شعر

ثمّة أحزان تعلّمنا البعد الثالث للحياة …
وكيف نرحل ونحن على قيدها ..
ثمّة مواقف تجعلنا قدريين بمحض الصدفة، وتجبرنا على العيش المشروع وفق قانون الغاب وما يمليه علينا من صراعات في مزارع ومراتع الحياة …
ليس وحدهم الأشخاص الذين يرحلون عنّا، ويتركون إرثاً كبيرا من الهزائم في دواخلنا، نجابه بها ما تبقى منّا من أجل «رغيف حياة «
يحدث أن تخون الأعضاء أجسادنا
قد ترحل منّا بدافع المرض، فتغادرنا في رحلتها القسرية، لتختار الموت الحقيقي على ما تمارسه أجسادنا عليها من كل أشكال الموت المهذّب
ثمّة نوع آخر من الرحيل… حين تقرر الروح أيضا خيانتنا بدافع الأجل، فترحل إلى خالقها، تاركة وراءها جسدا أنهكه التعب والسأم والألم
فنتساءل أحيانا.. ما هذي الحياة؟
وما لنا لا نصدّق أنّ الدنيا ما زالت بخير
أي نوع من العقاب تمارسه علينا بإرادة من كونية الأشياء …
كثيراً ما كنت أحدّث نفسي عن العــــلّة في استيعاب الأسباب والأحــداث وتراكمــــاتها كثيرا ما كنت أعاتب نفسي على أخطاء ارتكبتها وفق ما تمليه عليّ سطوة التجربة كثيرا ما كنت أتساءل لما نخون براءتنا؟
لما نتمرّد على قدرية الحياة؟
لما ننسى من أحسنوا إلينا ونسيء إليهم؟
لما نستهتر بعفوية التجارب التي قد تنهش فينا بقية العمر؟
كثيرا ما كنت أحزن وأتألّم
لكن لم يحدث أبدا أن غضبت وتمرّدت
وحدي ناضلت كي يعيدني الحب إلى عصور العبودية
ولطالما أوجدت ألف سبب لمن رحلوا منّي وعنّي لأبتسم وأواصل الطريق مع ما تبقّى من أمنياتي.
حتى شعرت لوهلة أنّ أمنياتي أيضا رحلت عني إلى مدينة «أين « التي لطالما حلمتُ بخريطةٍ تقودني للوصول إليها، تلك المدينة التي تحدّث عنها سركون بولص، دون أن يخطر لي إطلاقاً أنّني سأنتهي إلى البحث عنها بعدما صادروا وطن الطفولة من يدي..
هذه المدينة حيث النفي بلا مكان، والافتراض فيها بلا لون لأماكن لا نملك أبعادها
حيث العوالم التي اختفت في دواخلنا.
« أين» الأحبة يرحلون..
ليرسموا شكل الحياة بحرية
ليرتكبوا جرم الكتابة مثلي بلا منغصات
و»حب» ما لا سبيلَ إلى حبه…
فيذكرني سركون أن :
علامات الاستفهام طافية للأبد حتى لا «أسأل عن شيء «
وأن الكلمة تظهر، بعدما تسممنا آلامها «فلا أكتب «
وأن الخوف مجرد كلمة « كي.. لا أخاف «فقررت الرحيل لكن كلّما رُحـت أُوضّب حقيبتي لأيِّ وجهة كانت، تذكّرت نصيحة أندريه جيد: «لا تُهيئ أفراحك»،
مؤلم أن ترِث من أصدق تجاربك هذا الكم الهائل من الخيبات..
مؤلم أن ترى العالم يفتقد إلى جنون الحب من حولك
فوضويٌ… عابرٌ للعلاقات… وبلا استعلاء.
لكن قد يكون الحب أيضا وحياً إذا كان صادقا طاهرا قبل أن تدنّسه هفواتنا الكبرى…
هنا أستحضر مقولة لإلين كادي: «توقفوا عن محاولة إنجاح كل شيء بعقولكم، لن يوصلكم هذا إلى شيء، عيشوا على الحدس والإلهام ودعوا حياتكــم بأكملها تكون وحيا»
٭ المغرب

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى