تهافت الفلسفة الائتمانية الطاهوية!

لا أشك في إمتلاك طه عبدالرحمن لناصية حبك وصناعة الأفكار؛ مستخدماً في ذلك لغة منطقية رفيعة، وموافقة للحقيقة في كثير من نقده للحداثة، وما أسفرت عنه من أزمات وفي أصعدة عدة؛ وهو في هذا النقد يتفق مع مفكرين أخرين، وبعضهم من خارج المجال التداولي الذي يصدر منه، والذي يتفلسف من خلاله.

لكن فلسفته في المُجمل لن يُكتب لها إلا التهافت وذلك بفعل عاملان
أما العامل الأول فهو أن فلسفته تقترب من الطوباوية والخيال والأماني؛ ذلك أنها تتجاهل جذرية الشر في النفس البشرية، وأن التزكية والتدسية بحسب مفهومه متجاورتان داخل هذه النفس من بدء البشرية إلى نهايتها؛ ولا يمكن أن يبسط أحدهما نفوذه على الأخر.

أما العامل الثاني الذي سيؤدي بفلسفته للتهافت فهو عائد لموقفه الشخصي المناقض لنموذجه الائتماني؛ ذلك أنه نكص على عقبيه بعد أن نقد العلمانية والدهرانية والديّانية وبشر به ليرتمي في خندق المعسكر الديّاني، مختزلاً الدين فيه، ومدافعاً عن أساطينه، ومخرجا لخصومهم منه، وضمهم للمعسكر الصهيوني!؟
هل يمكن لمثل هذا الموقف أن ينفخ روحاً في روح دين طه عبدالرحمن؟ ولو على مستوى دين الإسلام فقط؟
فلسفة تأتي للمشطر فتزيد في تشطيره وتُبالغ في ذلك لن تُكتب لها الحياة.
مايحتاجه البشر الآن هو فلسفة تجمعهم لا أن تفرقهم، تساويهم على قدر أخلاقهم ومعاملتهم لا على قدر إيمانهم بفكرانيات وشعارات وتزيفات وأباطيل لم يُنزل بها الله من سلطان.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى