دعد طويل قنواتي - يمكنُ للشاعر أنْ يقتادك عبر متاهة شِعـر

يمكنُ للشاعر أنْ يقتادك عبر متاهة
يتركُك وحيداً
تشرُد في المنعطفات وتنتظر الأهوالْ
في صمت ينتظرُكْ
لا يطلُب تقريراً عمّا تلقى
وستعجبُ حين تراهْ
لا ينبغي غير أنْ تنظر وترى

يمكن للشاعر أنْ ينشئ مسرحْ
تنهالُ عليه مناظر
تتابع في الخلفية أشرطةٌ تحمل صور الحاضرْ
أو أطياف الماضي أو أخيلة المستقبلْ
وستسعى الصورُ إلى تلقيمك باقي المنظرْ
فإذا ما أقتربتْ أركان المشهد أن تُسْتَكملْْ
تُسحبُ أجزاؤهْ
يُتركُ لك أن تكملَه في عين خيالكْ
وتؤلف نصاً من عندك أطولَ أو أقصرْ
ولسوف ترى الناس يسيرون على شُرُطٍ منصوبةْ
فوق حِفاف جحيمٍ أو أعماق هُوى
والسير جحيمٌ والمشهد لا يتغيّرْ

يمكن للشاعر أن يلقيك على برج أو تلّ
تشهدُ من تحتهِ فسحة أرضكْ
أكواماً من شركات ووكالات وعمالات ومصارفْ
تتحدّر صوب وفوق الراكب والسائر والواقفْ
وعلى العربات، العجلات، الأبواب، الجدرانْ
وفوق المنهمكين بخبز رغيف الزمن القائمْ
أو جَبْل الّلبِناتْ
من أجل زمانٍ قادمْ
سترى الحمأ المجنونْ
ينحدر عليهم نيراناً، فيضانات، أحجارْ
وسينجرف البعضْ
والبعض الآخرُ سيحاول أن يقفزْ
وسيُمسكُ بعضٌ كي ينجو
بنتوءٍ في حائطْ
أو يتشبثُ بعمودٍ
أو شرخ في صخرْ
أو شعرٍ أو نثرْ
وسيجرفك الشعر بعيداً
وبعيداً عن أرض المسرحْ
وإذا ما عُدتَ وقد أثريتْ
بحمولةِ حكمةْ
أو شحنة صبرْ
تلقى ما بينكَ ورصيف الميناءْ
أكوام حُطامٍ وركامَ مراكبْ
لا تقدِرُ أن تخرِقَ وتُمّرْ

أنا أجلس فوق جدار
يمتدُ حواليْ خلفيةِ هذا المسرحْ
وأأرجح رجليَّ وأرقُبُ كل الأشياءْ
تبدأ أطرافي تتفككُ تحت الضرباتْ
ينشقُ جدار في قلبي أو تنخلعُ صفيحةْ
يتدفقُ منها وجعٌ مسنونْ
أمسكُ عودي
أبدأ أعزِف حزن الكونْ
تبدأ تتقطّع أوتاري
يغمُرني شكلٌ أو خَدَرٌ أو تبغَتُني سكتةْ
تتجمّد أطرافي
ينغلقُ جدار القلب
يغرق عودي داخل أجفانٍ منكسرةْ
أهوي في قاع منخورْ
ثم يُطِلُّ على غِرَّة
تعبيرٌ حلوٌ أو مفردةٌ مبتكرةْ
أصرُخ آهَ وآهِ وآهُ
تتلملمُ روحي في آهاتٍ سكرى
قبل أن أرجعَ فوق حِفاف الزمن المفجوعْ
أتأرجح، أجْمع، أتفكَّكُ
في دورات أخرى
أعلى