رشيد سوسان - جناح المجاز..

تَأمَّلْتُ ذاتِي عَلى مَهَلِ،
وَحِيـداً على لَحْنِ أَوْتـارِ هذا الصَّبـاحْ.
تَبدَّى لِيَ الجِسْمُ سِجناً مَنِيـعاً:
يُقيِّدني، ويُعامِلُنِي في جُحُـودْ.
تَعَطَّل فِيَّ نَشاطُ النَّهـارِ!!
أَزحْتُ انْفِرادِي الْكَئِيـبَ،
وَكَبَّلتُهُ بِالحِبـالْ.
وَأفْرَغتُ مَوْجَ الأَسَـى:
فِي رِمالِ الصَّحـارِي،
نَثرْتُ تَقاسِيـم كُلِّ هُمـومِي:
سَريـعاً بِوجهِ الرِّيـاحْ.
وَما إِنْ تَجلّى لِيَ الفِكرُ والكَونُ:
بَحراً نَديّاً مِن النّغَمـاتِ،
وأُفْقاً مَديداً مِن النَّفَحـاتِ.
رَميتُ الكِتابَ الحِسابَ على عَجلِ،
وَألقيتُ سِرّيَّ أرقاميَ المُثْقلَهْ.
رَمَيتُ كَلام المُرُورِ، وأَنْكرْتُ جِرْمِي وظِلِّي،
ومَزَّقتُ تَذْكـارَ رَسْمي،
وأَلْقَيتُ، جَهراً، تفَاصيـلَ طيـنِي...
رَميتُ البرامجَ، فَوْراً، بهذي الوِهـادْ.
وَأَقسَمْتُ أن لا أُطرِّزَ حَرْفِي:
بِوَشْـي الكَـلامْ.
وأنْ لا أُسجِّلَ رَسْمِي:
على غُرفِ الدّردشَهْ.
وَطهّرتُ نفسي، فأصبحتُ أَمْشِي بلا بَرْمَجَهْ.
وشاكَلتُ رُوحي بِما شكّلتْهُ فنونُ الطبيعَهْ:
نَظرْتُ وَجُلتُ، عَشِقتُ، سَمَوْتُ،
عَرَجْتُ بِروحي الطّليقَةِ، تِهتُ،
وذُقتُ شَرِبتُ، سَكَرتُ وغِبتُ،
وطُفتُ على نَغَمـاتِ السُّكـونْ،
وقادتْ مَسِيري سَرايا الحيـاهْ...
وشيّدتُ قصراً على عاتِيـات الجِبـالْ.
صَنعتُ لنفسي جَنـاح المجـازْ.
وسُحتُ وحيداً: أطيـرُ يميناً شمالاً،
وشَرقاً وغَرْبا، وجوّاً وبَرّاً وبحراً...
أجوبُ السمـاءَ، السُّفـوحَ، السّهـولَ،
البِحـارَ، الضّفـافَ، التّـلالْ.
رأيتُ أمامي فضـاءً وَرِيفـاً،
قدِ اخْضَرَّ مِن: بادِيات الوُجـودْ.
تجلّت أمامي: تباشيرُ فَيضِ الحَيـاهْ.
فصوّرتُها مَركباً للسّـؤالْ.
وَعُدْتُ لِذاتِي... وقَد طـابَ لِي هاهُنا:
مَرْتـعٌ سـاحِرٌ لِلمُقـامْ





* عن ( أنطولوجيا شعراء وجدة ) من اعداد الشاعر بوعلام دخيسي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى