محمد عيد إبراهيم - ورقة خريف.. شعر

عندي قِطّةٌ، صغيرةٌ، جِلدُها كالسمكةِ. مرةً، خَمَشَت خَدّي حينَ لم أُعطِها قِطعةَ الكِبدِ التي نزعَتها لي أمّي من فَمِها، وأنا صغيرٌ. فَرَبطتُها في خَشَبةِ العُشّةِ فوقَ السطوحِ، ونِمتُ.
بعدَ الصباحِ، لَمَّت القِطةُ أجيالاً من العَصافيرِ، على ثلاثِ شَجراتٍ، بالقُربِ من داري، كانت تُثمِرُ شيئاً عَقِيماً لا حُلواً ولا مُرّاً، لكنّها العَصافيرُ تعشَقُه.
سَحَبتُ من ضِيقي البندقيةَ الأولى التي مِن حُرِّ مَصروفي، على العيدِ. أطلَقتُ، باتجاهِ العصافيرِ، والشَّجراتِ، وبعدَها القِطّة. مِن ثَمّ رُحتُ إلى أمي، أُهدِّدُها، فما كانَ عندي سِواها.
أنا، الآن، في زَحمَةِ السنينِ، ضَيَّعتُ البندقيةَ. كيفَ أتَصَرّفُ مع التي هَشَّمَت، كالثعلبِ الغاضبِ، فوقَ الحَصِيرِ، إبريقَ الدموعِ الذي لَفَّهُ المِلحُ والنسيان...



محمد عيد إبراهيم
أعلى