د. إيمان الزيات - النص السردي مقوماته وعناصره وعناصر الرواية والقصة والفرق بينهما

ما السرد؟
هو أداة للتعبير الإنساني، يقوم الكاتب من خلالها بترجمة الأفعال والسلوكيات الإنسانية والأماكن إلى بنى من المعاني بأسلوب أدبي نثري.
مقومات النص السردي:
يهتمّ النص السردي ويُبنى على أساس الجانب الشكليّ أو ما يُعرف بالخطاب، وغالباً ما يستعمل الكاتب أساليباً بلاغيةً فيه يهدف من خلالها إلى شدّ المتلقي لمضمون ومحتوى الحكاية التي يتمّ سردها، ويحتوي النص السردي على عناصر أهمها:
1) الشخصيات: وهي أساسه، وأصل الحكاية، وبدونها لا يوجد نصٌ بالأصل، وعادةً ما تصدر عن الأبطال أفعالٌ وسلوكياتٌ ينتج عنها الحدث الذي يبني القصة، ويُحدّد تحرك الشخوص في فصولها.
2) عناصر الزمان والمكان: فالنص السردي يحتاج تحديداً لزمان القصة، ووصفاً مُفصلاً ووافياً لهوية المكان الذي تدور فيه، ويعتبر كلّاً منهما عُنصران ضروريان؛ لتحفيز القارئ أو المستمِع للنص، أو المُشاهد لتصويره على تخيّل الأحداث والوقائع والاتصال بها.
3) الحدث: ونقصد به واقع النص، وغالباً ما يتشكل عبر سلسلةٍ متتابعةٍ ومنطقيةٍ من الأفعال الصادرة عن شخوص النص، والحوارات بينها، وحوارها الداخلي أو ما يُعرف بـ (المونولوج) الداخليّ، وحالاتها الانفعالية التي تزيد شعور المتلقي للحكاية بالعاطفة التي تصبغ النص كالحزن، أو الفرح، أو الغضب، أو الضحك، ويجب أن تكون الأحداث مترابطةً مع بعضها البعض لذا سُمي النص بالأصل نصاً سردياً.
4) وجود هدفٍ واضحٍ للنص: فلا يوجد نصٌ سردي لا يحمل بين ثنايا كلماته هدفاً أو مغزىً واضحاً كالحديث عن قضيةٍ وطنيةٍ، أو العلاقات الاجتماعية بين الناس، أو التعبير عن حقبةٍ زمنيةٍ مُعينةٍ.
5) طبيعة أسلوب السرد أو الخطاب: ويُقصد به الطريقة التي يُحكى بها النص وتُسرد بواسطتها الحكاية وأحداثها، فهناك الأسلوب الأدبيّ، أو السياسيّ، أو الإخباريّ.
6) السارد أو الرواي: وقد يأخذ المؤلف هذا الدور في بعض الأحيان، ويجب أن يتمتع السارد بالقدرة على التأثير، والتفاعل مع النص إضافةً إلى تميّزه بصوتٍ واضحٍ، يأسر المُستمع، وليست كلّ أساليب السرد صوتيةً؛ فهناك الروايات التي يخلق لها المؤلف راوياً مُنفصلاً عنه، ويكون راوياً حقيقياً له علاقةٌ واقعيةٌ بالقصة، أو راوياً مُفترضاً ألصقه الكاتب في النص؛ ليُحمّله بعض آرائه التي لا يستطيع التعبير عنها بشكلٍ مُباشرٍ أحياناً، أو للقدرة على التحرّك بشكلٍ فضفاضٍ في سرد القصة وكتابتها.
مفهوم الرواية والقصة:

الرواية:
عبارة عن نص أدبي طويل وقصة مكوّنة من سلسلة من الأحداث التي تنقسم إلى عدّة فصول قد تكون مرقّمة، وتحتوي على عدد غير محدّد من الشخصيات الرئيسية وأخرى ثانوية مرتبطة بالرئيسية تظهر وتختفي بين الحين والآخر، ويُطلق على كاتب الرواية اسم “روائيّ”، فهو يستغرق سنوات عدة لإتمام كتابة روايته، ويضيف إليها الشخصيات التي يريدها، ويبني الذروة التي يراها مناسبة، ويستخدم إبداعه في ربط الأحداث التي تبني القصة، ويمكن أن تصنّف الرواية إلى إحدى المواضيع الآتية: التاريخي، والعاطفي، والنفسي، والأخلاقي، والمهني، والرسائلي، والديني، والغموض والإثارة، والخيال، وغيرها الكثير.

القصة:
يمكن تعريف القصة بأنّها نص أدبي قصير تدور أحداثها حول حدث رئيسي واحد يسرده عدد قليل من الشخصيات، ويستطيع القارئ أن يتذكر كافة شخصيات القصة مقارنةً بالرواية، ومع ذلك فإنّها تحتاج إلى الكثير من الجهد كي يتم إنجازها في فترة قصيرة، ويكون هدف الكاتب من قصته هو إيصال رسالة معينة للقرّاء، ممّا يقيّد أحداث قصته مع عدم الإطالة في سردها كي تصل رسالته إلى الجمهور، بخلاف الرواية التي يحتاج فيها الروائيّ لسنوات عدة كي ينجزها، ومن الجدير بالذكر أنّه يُطلق على كاتب القصة اسم “كاتب قصة قصيرة”.
تصنّف القصة إلى عدة موضوعات؛ فمنها: الأكشن، والكوميدي، والمغامرة، والملاحم، والخيال، والجرائم، والسيرة الشخصية، والتاريخي، والرعب، والرومانسي، والسياسي، والفلسفي، والديني، والخيال العلمي، والحضاري، وغيرها الكثير.

خصائص القصة القصيرة:
والخصائص هي المحدد الأول للعمل الذي إذا افتقد العمل أحدها كان شيئاً آخر غير القصة.
الوحدة: الهدف الواحد الذي لا يجب أن يحيد عنه القاص.
التكثيف: القصة القصيرة رصاصة تصيب الهدف.
الدراما: خلق الاحساس بالحيوية والديناميكية والحرارة في العمل (عامل التشويق) وهو الذي يحدد مقدار المتعة الفنية بجانب التقنيات.
عناصر القصة القصيرة:
الرؤية، الموضوع، اللغة، الشخصية، البناء، الأسلوب الفني.
الفرق بين الرواية والقصة:
• الطول: تُعتبر القصة من ناحية الطول مقارنةً بالرواية هي الأقصر، ويتراوح طول القصة ما بين 1500-30000 كلمة، أمّا الرواية فتبدأ من 50000 كلمة ويمكن أن تزيد عن ذلك.
• الشخصيات: تحتاج الرواية إلى عدد كبير من الشخصيات لسرد أحداثها، على عكس القصة التي لا تحتاج إلى ذلك العدد فتكتفي بعدد قليل من الشخصيات، بالإضافة إلى ذلك فإنّ الرواية تحتاج إلى أكثر من شخصية رئيسية لتخدم رسالتها، أمّا القصة تكتفي بشخصية رئيسية واحدة لإيصال رسالتها.
• المكان: تٌغطّي أحداث الرواية حقبة زمنية كبيرة تمتد إلى شهور وسنين؛ وبالتالي فإنّ أحداثها تُسرد في أماكن مختلفة، فقد يتنقّل الروائي من شوارع وسط المدينة إلى الريف، ثمّ إلى الضواحي، في حين أنّ القصة تُغطي فترة زمنية تمتد ليوم أو قد تصل إلى أسبوع؛ لذلك يتحتّم على الكاتب أن يسرد قصته في مكان واحد في أغلب الأحيان، فهو محصور بعدد الكلمات المتاحة له وبطول النص.
• الحبكة والذروة: تشتمل الرواية على عدّة حبكات فرعية وحبكة رئيسية واحدة أكثر تعقيداً، في حين أنّ القصة تقتصر على حبكة واحدة رئيسية، كما يتخلّل أحداث الرواية عدّة انعطافات وتحوّلات في سرد الأحداث يشكّل كلّ جزء منها حبكة قد تصل بالأحداث إلى الذروة؛ بالتالي فإنّ الذروة في الرواية تتعدد وتتنوع، على عكس القصة التي تشتمل على حبكة واحدة تؤدي بها إلى ذروة رئيسية واحدة في القصة، ويمكن تعريف الذروة بأنها نقطة التحول المركزية في القصة؛ أي ذروة التوتر والصراع التي حدثت كرد فعل على الصراعات السابقة.
• الفصول: تشتمل الرواية على عدة فصول في قصتها، على عكس القصة التي تُسرد أحداثها في عدة صفحات وبالتالي فهي لا تنقسم إلى فصول كما هو الحال في الرواية
مطوية السرد

اعداد الناقدة إيمان الزيات

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى