صلاح عبد العزيز - إضاءة على نص " في الليل الحالك.." للشاعرة افين حمو

حين يبحث الانسان عن حقيقته تبدأ الأسئلة الوجودية تبدأ وتدور حول نفسها وتعود لبداية الدائرة دائما وكما خلقتنا الطبيعة الإلهية سنظل كما تريد وكأن المسألة قدرية بحتة يجب التصالح معها وتقبلها على ما هى عليه أو يظل التمرد الإنسانى والتشوف والاتحاد معها مطلبا لكثير من الشعراء المتصوفين وحتى شعراء القصيدة الجديدة فالسأم والملل والشر فى الليل الحالك ما يجعل الإنسان تمتلئ روحه بالظلمة والضجر وربما تعدد وجوه الشر فى هذا العالم ما يجعل الذات الشاعرة تعدد هذه الوجوه منها الخطيئة والقدر الكونى الحقوق المسلوبة الجروح والأحلام المجهضة الشياطين الضياع فى الدنيا الملاجئ الموبوءة والتى لاتأبه للمشيئة الإلهية أو الرسالة الواحدة فالخير المحض والحقيقة الثابتة والسراج المنير والبرهان والملائكة والمغفرة كل تلك المفردات إنما تدل على العالم المثالى الذى يجب أن يكون والذى يتمتع فيه الإنسان بالموازنة بينه وبين المشيئة الإلهية والاستقرار النفسى ولكن هناك أزقةٍ لا تأبه للمشيئة الإلٰهية أو الرسالة الواحدة والرسالة الواحدة هى وجه لتلك المشيئة لكنما لا يوجد جرأة قرار ولا إقدام بل تسارع نحو الخطايا والأطماع واغتيال الأحلام فهل الإنسان مجبر فى وجوده أم يستطيع أن يحيل العالم إلى خير محض.
نحن أمام ضياع وجودى بحت بسبب الخلط بين ما هو إلاهى وما هو إنسانى عبء ثقيل على الذات الشاعرة المنعزلة والمنكفئة على نفسها والمحبطة والمنتظرة لفك تلك الاشكاليات والمتناقضات فهى مطحونة بين التخلى ( لفظة صوفية تعنى باختصار التخلى عن كل نواقص البشر والتحلى بكل القيم الإلهية والصفات التى أرادها الله ) والنسيان التخلى عن دورها الوجودى فهى تعرف انها خلقت لكى يكون لها دور فهى الباحثة عن الخير المحض وهى التى تلوك التمنى وهى المعلقة فى المتاهة بين الايجابى والسلبى الفرح والحزن وهى الروح الممتلئة بالظلمة ليس من داخلها إنما هو تأثير خارجى وقوة قاهرة تقاومها وتخدش الرؤى بالأظافر لكى تتحقق فهى تقاوم العاصفة - وربما كل الأمور التى نتوهم انها قدرية - بجسد هزيل فالآخر يجب عليه أن يقاوم الخجل والجهل والثرثرة وربما نتوهم التناقض فى لعنة السماء والحظ العابث والقدر الأرعن والغيم الذى يسخر من السماء كعلاقات فيها الانتصار والهزيمة مما يزيد الحيرة تجاه النص هل هو موقف وجودى من المشيئة الإلهية وتحميل كل عذاباتنا نتيجة إيمان أو إلحاد أو قدر لا نستطيع الفكاك منه بالقطع لا لأن النص نفسه يصف ذلك التردى ما بين كل المتناقصات داخل النفس الإنسانية و ( هكذا نحن نبحث عن لذة الحياة ) فهو يصف الإنسان على وجه العموم فى بحثه الدائب والمتواصل عن السعادة وتلاحم الجسد بالروح العظيمة الخلابة فى تناغم وانسجام الروح المهيمن على هذا الكون الطبيعة الالاهية.
إذن نحن أمام طبيعتين هما الطبيعة البشرية الفانية التى جبلت على البحث الدائم عما يحقق رغبتها والطبيعة الإلهية اللامتناهية التى خلقت الإنسان وما بين الطبيعتين يظل الإنسان يبحث عن ذلك التلاحم والوحدة ما بين ماهو وجودى وما هو وراء الوجود.

صلاح عبد العزيز - مصر 🇪🇬 🇪🇬 🇪🇬
----------------------
نص
افين حمو
---

في الليل الحالك ..
حيث تمتلٸ روحي بالظلمة
ينغرس في روحي الكثير ..الكثير من الضجر
المقرف
السام
الملل
أضطر للبحث عن الخير المحض
الشر الكامن في النفوس
البحث
عن الحقيقة الثابتة
عن السراج المنير في الظلام
عن الجيد والنحر والحق المسلوب
البحث عن المتحول من الأمور
والبرهان
بين جرأة القرار والإقدام
النظير ومعيار الأمور
خفاقات الجروح وحمل السلام
عن التسارع السريع الغريب بين الخطيٸة والأقدار الكونية
عن الشهقة الثكلى واغتيال الأحلام
والشياطين الآثمة التي تشحذ الحنين في قباب غير مأهولة
الملاٸكة التي تبوح أمام مصافتحها
المغفرة
تدس في صدر صلواتها
خوف الضياع في الملكوت
ترمي بحجارة العفة
إلى الملاجٸ الموبوءة بسعير الاشتهاء
تسكب مطرًا على أزقةٍ لا تأبه للمشيٸة الإلٰهية أو الرسالة الواحدة

في الليالي الكفيفية
أجلس على ناصية سريري
أبتلع الإحباط
ألوك التمني
أقتات أعشاب التروى
بين براثن التخلي والنسيان
عبء ثقيل
عالم يجمع بين الكثير الكثير من المتناقضات
الإيجابية والسلبية
المفرحة والسيئة
هيكل غريب
من التحيز السيادي والسخرية
وأنت بدون أن تختار الضمان
أن تختار قرارًا لا رجوع فيه
تجد نفسك معلقًا من قدميك في الهواء
في تلك المتاهة
في عاصفةٍ من الاستيلاء على بقايا جسدك الهزيل
وأنت تحاول أن تخدش الرؤى بأظافرك المسننة
أن تزيل خجلك
وجهلك وثرثرتك
أن تحاول الاغتراب عن لعنة السماء
أن تزيل شوكته
وتذيب ثلوجه
أن تتكلم سرا وجهرا بأننا غرباء ....
ما نزال غرباء عن تلك الأجساد النتنة
غرباء ولا ندري
عمَّ نبحث ؟
عن القليل من الحظ العابث بنا؟
أم نترك للقدر رعونته
كالأشباح تلطمنا على وجوهنا بأكفها الخفية
تمارس فينا الرعب من اللاشيء
حتى الغيم يسخر من السماء أحيانا
يخلق له جوًّا حماسيًّا
فتتهيأ السماء لتتلقفه
ويغادر الغيم ملوِّحا للسماء بانتصاره
وتتلبد السماء مسودة لحزنها بانهزامه
إذ يشتعل داخله جحيم
هكذا
نحن نبحث عن لذة الحياة
عن السعادة
عن تلاحم الجسد الأرعن مع الروح الخلابة في تناغم وانسجام دون أن نفرق بينهما
وبين الطبيعة الإلٰهية التي خلقنا لها

افين حمو

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى