أبو يوسف طه - دردشة في الكتابة..

لا نبالي هنا بالكتابة خارج التجنيس ، هذا التصور المربك الذي يشرع الباب واسعا أمام الخلط بين الفن الأدبي ، واللاأدب ، مما يملأ الساحة بالضجيج ، ويترخص في تسمية أيا كان كاتبا ، ويدرجه في لائحة الكتاب الأصلاء . إننا نؤمن بأمرين ، أولهما وجود وحدة عميقة بين الآداب والفنون ، وثانيهما وجود مشترك معياري بين وحدات كل جنس ادبي على حدة ، القصة ، الرواية ، القصة القصيرة ، المسرحية ، لكن مايجب توكيده أن كل كاتب ناجح يملك القدرة على ابتكار معيارية نصوصه الخاصة ، نصوص تتسم بالإتساق والإنسجام . ويمكن أن نعتبر القصة الطويلة والرواية والمسرحية أمهات الأجناس الأدبية لما يتاح فيهما من استدخال لأجناس مختلفة ذات طبيعة وظيفية تتماسك مع البناء العام للنص دون نشاز ، أو تكون كالأصبع السادسة بمعنى أنها زيادة شوهاء . ورغم الإشتراك العام في بعض الخصائص بين الرواية والمسرحية ، فإن الفارق في التشخيص ، فهو في الرواية لامادي / تجريدي ( تفكير بالصور) ، وفي المسرحية ملموس فوق الركح ، لأنه يعتمد على الفعل المسرحي
إن استيعاب المعايير الذاتية لكل جنس ، والإقتدار على الكتابة ضمنها ، ثم تخطيها بابتكار معيارية خاصة لا يستدعيها الهوى أو إخفاء العجز بل الضرورة التي يناديها المضمون وتشكلاته ، والسياق الثقافي العام المنظور إليه من زاوية التحليل العميق ، فكم ملئت أسماعنا ب " تفجير اللغة " و" تحديث النص " ولم نجد التفجيرات والتحديثات ، وبمستطاع الفطن ٱدراك أن كل الدعاوي صادرة عن عدم امتلاك موضوع حقيقي ، فلو تمثل الكاتب ، على سبيل المجاز ، دور الفنان الفوتغرافي الحاذق الذي يقتنص العمق الدلالي للصورة من خلال المسافة وزاوية الإلتقاط لوضح لنا ، أن المجتمع ، واللحظة التاريخية عصيان على إسلاس القياد لمن يستسهل الأمور . إنني يمكن أن أصرح بدون خشية ، مع استثناء قليل ، بوجود لا ثقافة الكاتب ، والخيال المريض ، والحداثة المزعومة ، وإذا كان النقد فنا وعلما عليه أن يعري الكتابة من أغشية الإدعاء .
  • Like
التفاعلات: أحمد نجيب

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى