المستشار بهاء المري - اغتيال الكاتب فرج فودة.. القضية 6538 لسنة 1992 جنايات مدينة نصر

- من هو فرج فودة:

فرج فودة كاتب ومُفكر مصري ولد في 20 أغسطس 1945 ببلدة الزرقا بمحافظة دمياط في مصر، وهو حاصل على ماجستير في العلوم الزراعية ودكتوراة الفلسفة في الاقتصاد الزراعي من جامعة عين شمس(1).
أصدر العديد من الكتب التي تخصصت في الدعوة العلمانية وفصل الدين عن الدولة، نذكر منها: قبل السقوط، الحقيقة الغائبة، حوار حول العلمانية، الملعوب، الإرهاب، الطائفية إلى أين، بالإضافة إلى عديد من المقالات والندوات التي نشرت في عدد من الصحف والمجلات.
وكان فرج فودة أحد أعضاء حزب الوفد، ثم أعلن استقالته من الحزب إثر تحالف حزب الوفد مع جماعة الإخوان المسلمين عام 1984 واعتبر ذلك من قبيل الردة السياسية، والتخلي عن المبادئ الأساسية التي قام عليها الحزب من العلمانية وفصل الدين عن الدولة، ومنذ ذلك الوقت وهو يسعى لتشكيل حزب مستقل"(2).
وقد أثارت كتابات فرج فودة التي يدعو فيها إلى دولة مدنية جدلاً واسعًا بين المثقفين والمفكرين ورجال الدين، واختلفت حولها الآراء حتى أدَّت في النهاية الي اغتياله.
وحاول فرج فودة تأسيس حزب باسم حزب المستقبل، ولكن لجنة شؤون الأحزاب رفضَت، فأسَّس الجمعية المصرية للتنوير في شارع أسماء فهمي بمصر الجديدة وهي التي اغتٌيل أمامها.
*****
- إرهاصات الاغتيال:
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
في 14 مايو 1992 صدر بيان لجبهة علماء الأزهر برئاسة الدكتور عبد الغفار عزيز(3) عميد كلية الدعوة الإسلامية بالمنوفية، وعضو مجلس الشعب سابقا؛ نشرته جريدة "النور" أعلن البيان أن الدكتور فودة يلعب دورا بورقة الأقباط في مصر، وينصب نفسه حاميا لحماهم ويرى أن نضحي بقضية تطبيق الشريعة كلية، حتى لا نخدش مشاعر النصارى، ويقرر البيان أن أفكار فرج فودة خارجة عن الإسلام وأنه من أتباع اتجاه لا ديني وشديد العداوة لكل ما هو إسلامي، وطالب البيان بعدم السماح لحزب المستقبل الذي يؤسسه فرج فودة حتى لا يزيد النار اشتعالا، لأن الاتجاه الحزبي سيؤدي إلى بلبلة الأمة وتقويض دعائم الزمن والاستقرار.
"وكان الموقعين على البيان، الشيخ محمد الغزالي، والدكتور محمد عمارة عضو هيئة كبار العلماء، والشيخ محمد متولي الشعراوي(4).
وقبل اغتيال فرج فودة بعشرة أيام وبالتحديد في 27 مايو 1992 قال الشيخ محمد الغزالي في ندوة بنادي هيئة التدريس بجامعة القاهرة عن دكتور فرج فودة وعن دكتور فؤاد زكريا: "إنهما يرددان كلام أعداء الإسلام في الخارج .. ربنا يهديهم .. وإن ما هداهمش .. ربنا ياخدهم" وكانت هذه، مع بيان ندوة علماء الأزهر بمثابة رسالة التكليف بالقتل(5).
وقبلها بأسبوع نشَرت جريدة النور في أول يونيو 1992 مقالاً للدكتور محمود مزروعة(6) رئيس قسم العقائد بالأزهر الشريف تحت عنوان "فرج فودة مُرتد نذَر حياته للحرب على الإسلام" وجاء فيه أنه "يجوز لآحاد الأمة تطبيق حد الردة منعا للفتنة والفساد".
وما يُعدُّ أكثر خطورة هو ما أورده الشيخ محمود مزروعة للصحفي حسن الخطيب في جريدة فيتو بتاريخ 17 يوليو 2013 والذي اعترف فيه الشيخ مزروعة بمقابلته للجناة قبل يومين من الحادث قائلا بالنص: "هناك أمر حدث لم أذكره من قبل، وهو أن هؤلاء الشباب طلبوني هاتفيا وكنت وقتها أستاذا معارا بجامعة قطر، وكنت مسافرا بعد يومين لقطر، وطلبوا مني مقابلتي شخصيا وقالوا إنهم جماعات إسلامية تريد استشارتي في أمر ما، فقلت لهم تفضلوا في بيتي فرفضوا وأعطوني موعدا في بنزينة قريبة من شيراتون المطار، وفي الساعة المحددة توجهت لهم في البنزينة وتركت سيارتي للعمال وطلبت غسيلها وتوضيبها، ودخلت مع أحدهم في حجرة داخلية بعيدة عن البنزينة ووجدت مجموعة من الشباب وسألوني عن حكم قتل المرتد، فقلت لهم يجب قتله، فقالوا إذا لم يقتله الحاكم؟ قلت يقوم به عامة المسلمين وفي أعناقهم ضرورة قتله وبعدها انصرفوا، وبعد يومين سافرت قطر وفي الصباح حدثت الحادثة" (7).
وبعد قتل فرج فودة، هرب الدكتور عبد الغفار عزيز وأصدر كتابًا بعنوان «من قَتلَ فرج فودة» قال فيه: «إن ما فعله القَتلة لم يَكن بدافع قَطع الطريق أو السرقة بالإكراه أو الثأر أو الاغتصاب، وإنما بسبب الحَميَّة والاستثارة والغَيرة على الدين، وأنَّ من قَتلَ فرج فودة هو فرج فودة».
وقبل ستة أشهر من اغتيال فرج فودة، جرَت مُناظرة في مَعرض الكتاب تحت عنوان "مصر بين الدولة الإسلامية والدولة العلمانية" واجَه فيها فودة الشيخ محمد الغزالي السقا العضو السابق في الإخوان المسلمين والدكتور محمد عمارة، والمستشار مأمون الهضيبي المتحدث باسم الإخوان المسلمين حينذاك(8).
كانت المناظرة لمدة ساعتين ونصف، الجانب الإسلامي: الشيخ محمد الغزالي، والمستشار محمد المأمون الهضيبي المتحدث الرسمس لجماعة الإخوان المسلمين، والدكتور محمد عمارة، والجانب العلماني: الدكتور فرج فودة، والدكتور محمد أحمد خلف الله عضو بحزب التجمع اليساري وكانت حشود الجماهير تقدر بنحو ثلاثون ألفًا من الرجال والنساء والشباب والفتيات(9).
*****
ـ بعض كلمة فرج فودة في المناظرة:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"لا أحد يختلف على الإسلام الدين، ولكن المحاضرة أو المناظرة اليوم حول الدولة الدينية، وبين الإسلام الدين والإسلام الدولة رؤية واجتهاد وفِقه الإسلام.
الدين في أعلى عِليين، أما الدولة فهي كيان سياسي وكيان اقتصادي واجتماعي يَلزمه برنامج تفصيلي يُحدد أسلوب الحكم (10).
"وأنا من المؤمنين بأن الإسلام كدين لا يَتناقض أبدًا، ونحن حين نقول نَزِّهوُا الإسلام لنا وجهة نظر في هذا.
أنا لستُ مع الدكتور عمارة حين قال ليس الإسلاميون فقط هم الذين اختلفوا، وأيضا الاشتراكيون والشيوعيون اختلفوا!
لا يا سيدي، أنا أقبل أن تُهان الشيوعية، ولكنى لا أقبل أن يُهان الإسلام، الإسلام عزيز، حاشا لله، أما أن يختلف الفُرقاء في أقصى الشرق وأقصى الغرب، ويرتفع برجل إلى أعلى عليين ويوثق هذا بالقرآن والسنة ومجموعة من كبار العلماء والفقهاء في دولهم، لا يا سادة، حرام حرام، نَزِّهوا الإسلام، وعليكم بتوحيد كلمتكم قبل أن تُلقوا بخلافاتكم علينا، قولوا لنا متى ستضعون برنامجًا سياسيًا؟
وقولوا لنا أيضا وأنتم لم تجيبوا عن هذا وأرجو أن تكون الإجابة واضحة، هل أفعال هؤلاء الصبيان الذين يُسيئون إلى الإسلام بالعنف وهو دين الرحمة، هؤلاء الصبيان مِنكم أم ليسوا منكم؟(11)
وإذا كان التنظيم السري جزءًا من فصائلكم أم لا، تدينونه اليوم أم لا؟ هل مَقتل النقراشي والخازندار بدايات لحل إسلامي صحيح؟ أو أن الإسلام سيظل دين السلام، ودين الرحمة، والدين الذي يرفض أن تُقتل نَفسًا ظُلمًا وزورًا وبُهتانًا لمجرَّد خلاف رأى.
واختتم كلمته قائلا: "القرآن بدأ بــ (اقرأ) وسنظل نَتحاوَر لنُوقف نزيف الدم ونصل إلى كلمة سواء، وأنا أؤكد لكم أنه ليس خِلافا بين أنصار الإسلام وأعدائه، هو خلاف رُؤى، لكن الفريق الذي أنتمي إليه لم يَرَ أبدًا أن الإسلام دين العنف، الإسلام هو دين القول بالتي هي أحسن، ولأجل هذا نحن نُدين الإرهاب، لأنه قولٌ وفعِل بالتي هي أسوأ.
وكان من تَعقيب الشيخ الغزالي: نحن نتقرب إلى الله بالجهاز السري لأنه جيش أعد لمحاربة الإنجليز واليهود، ومقتل النقراشي والخازندار أدانته الجماعة وأدانه الإمام البنا لأنه تَصرُّف فردِي لم تأمر به القيادة، والمهم أن نتفق أن الإسلام هو الحل(12).
ومن المستغرب أن يُردِّد الشيخ الغزالي في عام 1993 - وهو وقت المناظرة - ما بَررَّ به الإخوان المسلمون قتل الخازندار في حينه فقال في تعقيبه:
- لا يمكن أن أبرر قتل الخازندار، وحسن البنا استنكرها، ولكن مع ذلك نسأل: ألم يحدث في كل الدول أنهم قتلوا القضاة الذين حكموا لمصلحة الاستعمار؟ ألم يحدث أنهم خطفوهم، ومنظمة (أيوكا) ظللنا نفتخر بها في جرائدنا، وظللنا نتحدث عن الأبطال الذين خطفوا القاضي في قبرص في أيام منظمة أيوكا؟
وعندما يحاكم في قضية واحدة شابان في السنة النهائية بكلية الزراعة ويضعان قنبلة في المعسكر البريطاني، المعسكر البريطاني فقط وليس فيه أجنبي آخر، يعطيهم سبع سنوات، والرجل الذي قتل أكثر من واحد ولاط فيهم يعطونه ثلاث سنوات؟(13).
ثم أعلن الدكتور سمير سرحان الذي يدير المناظرة أنه سيعطي الكلمة لفرج فودة، قال الغزالي:
ـ أعطه إذا أردت "لبُكرة" فأنا لا يَهمنّي!
*****
ـ تعقيب فرج فودة:
ــــــــــــــــــــــــــــ
"إننا نقول نحن ضد الإرهاب، ولا يمكن أن نعيش كدولة في فوضى، في حكومة تقتل وأناس يقتلون، لا، يجب أن يكون هناك نظام يُحق الحق ويُبطل الباطل يُعطي كل ذي حق حقه، ويحكم على كل من أساء بجُرمه، نحن نؤمن بالعدالة ونطالب بها، ولا نقبل إرهابًا بأي نوع من أنواعه"(14).
ومما يُذكر أنَّ الشيخ الغزالي له رأي آخر فيما يتعلق بالردة وحرية الفكر يتناقض مع موقفه من كتابات فرج فودة، فقال: إن الارتداد نقض متعمد للأسس التي يقوم عليها المجتمع، وللدستور الذي تقوم عليه الدولة، نحن نرفض كل عائق أمام حرية الفكر، وقد لاحظتُ أن كثيرًا من أهل الشغف بتكفير مخالفيهم يتخيرون من آراء الفقهاء ما يحلو لهم، ويهيلون التراب على غيره، فلما ثار كلام في عقاب تارك الصلاة كسلاً لم يذكروا إلا أنه يُقتل حدًا أو مرتدًا ومعلوم من الفقه الحنفي الذي حكم الدولة الإسلامية قرونًا طويلة، أنه لا يُقتل لا حدًا ولا مُرتدًا، بل يُؤاخذ بأساليب أخرى إذا جَحد الحكم المعلوم من الدين بالضرورة(15).
وقال في مسألة متى تقام الحدود: الإنسان ليس ملاكًا معصوما، ومن ثم لا نستغرب وقوع الخطأ منه، وإذا أخطأ فلا ينبغي أن نبادر إلى قمعه بوحشية وإظلام حاضره ومستقبله، والشارع الأعظم يعلم هذه الطبيعة البشرية، ويمهد لها طريق التوبة والتسامي، وإن كل امرئ يجب أن يعيش آمنًا في سربه، وافرًا في دمه وماله وعِرضه، وإن انحرافات المخطئين لا يجوز أن تتحول إلى وباء يعصف بالأمن ويجتاح الحرمات!
من أجل ذلك وضع الإسلام الحدود، ودرأها بالشبهات، ووقفها بالتوبة إذا رأى القاضي أن مَن تورط فيها ثائرا على نفسه، نادم على سقطته، وأن عودته إليها مستبعدة، وأن مستقبله هو الصلاح والاستقامة(16).
*****
- أسباب الاغتيال:
ــــــــــــــــــــــــــ
في التحقيقات قال المتهم الثاني أشرف السيد ابراهيم - الذي نُفِّذ فيه حكم بالإعدام في قضية أخرى وذلك قبل انتهاء محاكمته في قضية فرج فودة - أن سبب اغتياله للدكتور فرج فودة أنه كافر، ولما سَألته المحكمة "من أي كُتبه عرَفت أنه كافر؟" قال إنه لا يقرأ ولا يكتُب ولكنه عَلِم من المشايخ.
- تنفيذ الاغتيال:
خلال فترة ثلاثة أشهر سابقة على يوم 8/6/1992 قام المتهمون عبد الشافي أحمد محمد رمضان، وصفوت أحمد عبد الغني، ومنصور أحمد أحمد منصور "محام".
بالاتفاق مع باقي المتهمين الثلاثة عشر على قتل الكاتب فرج فودة، فأفتَى لهم صفوت عبد الغني بشرعية قتله وإعداد أسلحة نارية وذخائر لاستخدامها في الحادث.
*****
- التحريض والتكليف بالجريمة:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تم التحريض من صفوت عبد الغني الذي كان مَحبوسًا بالسَّجن ومحكوم عليه بالإعدام في قضية اغتيال الدكتور رفعت المحجوب، حيث أخرج ورقة صغيرة من علبة كبريت يأمر فيها عبد الشافي أن يفعل شيئا مع فرج فودة وأعطى الورقة لمحاميه منصور أحمد منصور (المتهم الرابع) لتوصيلها إلى عبد الشافي الذي ساعده باقي المتهمين(17).
*****
- الواقعة:
ـــــــــــــ
وكان المتهم الأول عبد الشافي أميرًا للجماعة الإسلامية لتنظيم الجهاد بمنطقة الزاوية الحمراء قد سَوَّلت له نفسه قتل الكاتب فرج علي فودة لقناعته بفتوى تضَمنها منشور منسوب لأمير الجماعة الشيخ عمر عبد الرحمن تقضي بإهدار دم فودة واستباحة قتله بزعم أنه كافر ومُرتد عن دين الإسلام، وعِلماني يُهاجم في كُتبه ومقالاته الإسلام والمسلمين، ويتبنى شعار الهلال مع الصليب وفصْل الدين عن الدولة، وكان هذا المنشور قد تم توزيعه أثناء ترشُّح الدكتور فرج فودة في انتخابات مجلس الشعب عن دائرة الشرابية عام 1987.
ظل خاطر الاغتيال يُراود عبد الشافي كلما اطلع على بعض كتابات فرج فودة حتى استحوَذت على نفسه فكرة التخلص منه، وعندئذ أفضى قبل الحادث بعدة أشهر إلى زميله أشرف السيد إبراهيم(18) عضو الجماعة الإسلامية وشريكه في تجارة الأسماك بما عقد العزم عليه وعرض عليه المساهمة معه في تنفيذ جريمة الاغتيال.
*****
- توزيع أدوار الجريمة:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صادَف عرض عبد الشافي قبولا لدى أشرف واتحدت إرادتهما واتفقا سويًا على الإعداد للتنفيذ، ووزَّعا المهام فيما بينهما، فتكفَّل عبد الشافي برصد تحركات المجني عليه بعد أن تعرَّف على محل إقامته ومَقر مكتبه من دليل الهاتف، وقام أشرف ومعه جلال محمود العَزازي سلامة بسرقة الدراجة البخارية رقم 54523 القاهرة وأعادا طلائها بلون أسود واستبدلا لوحاتها المعدنية بلوحة مغايرة، وجمعا سويًا المبالغ اللازمة لشراء سلاح ناري من مُدخراتهما وباعا ثلاجة حِفظ الأسماك المملوكة لهما واقترضا الباقي.
بعد جمع ثمن السلاح وسرقة الدراجة البخارية كلَّف عبد الشافي المتهم باسم محمد خليل شاهين عضو الجماعة الإسلامية بشراء سلاح ناري فأحضر له طبنجة صناعة محلية عيار 9 مم وثلاث طلقات لقاء مبلغ مائة وخمسين جنيها، ثم صارح عبد الشافي زميله أبو العلا محمد عبد ربه محمد عضو الجماعة الإسلامية باعتزامه تنفيذ عملية اغتيال فرج فودة وحاجته إلى شراء سلاح آلي لهذا الغرض، فأبدى مُوافقته على تنفيذ مَطلبه وتمكن هو والمتهم علي حسن علي حسن من شراء بندقية آلية وعدد من الطلقات من آخر من بلدة تابعة لمحافظة الدقهلية لقاء ثمن قدره ألفين جنيه، وساهم أبو العلا في هذا المبلغ من ماله الخاص.
- التدريب على استخدام السلاح الآلي:
وبعد شراء السلاح الآلي بمعرفة أبو العلا وتسليمه لعبد الشافي أبلغ الأخير أشرف واصطحبه معه إلى منطقة (أبو زعبل) للتدريب على استعماله على أهداف ثابتة ومُتحركة حتى اكتسب عبد الشافي المهارة اللازمة وأسند إليه مهمة اغتيال الكاتب فرج فودة واتفق معه على تحديد يوم 1/6/1992 للتنفيذ.
في يوم 1/6/1992 تَوجَّه عبد الشافي وأشرف السيد إبراهيم بالدراجة البخارية المسروقة إلى مَقر مكتب فرج فودة ولكنهما لم يَظفرا به فاتفقا على إرجاء التنفيذ إلى يوم 8/6/1992.
*****
- تنفيذ الاغتيال:
ـــــــــــــــــــــــ
في صباح يوم الأربعاء 8/6/1992 استقل عبد الشافي وأشرف الدراجة البخارية يقودها الأول وقد تَزوَّد بالطبنجة محلية الصنع وبعض الطلقات ومن خلفه أشرف السيد ابراهيم حاملاً حقيبة بها البندقية الآلية وذخيرتها، فوصلا قُرب مَكتب فودة الكائن بالعقار رقم 2 شارع أسماء فهمي بدائرة قسم مدينة نصر في نحو العاشرة صباحًا، فأبصرا سيارته بجوار الرصيف فأيقنا وجوده بالمكتب، فتربَّصا به انتظارًا لخروجه إلى الطريق وظلا كامنين له حتى الساعة السادسة والنصف مساء.
في حوالي السادسة والنصف من مَساء يوم 8/6/1992 أبصر المتهمان عبد الشافي وأشرف السيد إبراهيم الكاتب فرج فودة خارجًا من مكتبه مُتجهًا إلى سيارته ومعه ابنه أحمد وصديقه وحيد رأفت زكي ويتقدمهما بخطوات السائق.
*****
- إطلاق النار على القتيل:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ظل المتهم عبد الشافي على الدراجة البخارية وقد أدار مُحرِّكها بينما نزل عنها أشرف واتخذ لنفسه من خلف المجني عليه ومرافقيه موضعًا عن قُرب منهم وباغتهم بإطلاق عدة أعيرة نارية من سلاحه الآلي صَوْبَ فرج فودة قاصدًا قتله فسقط قتيلاً، ولم يَقنع القاتل بقتل فودة فأبى إلا أن يُجهز على مرافقيه (أحمد فرج فودة، ووحيد رأفت زكي) فأطلق صوبهما عدة أعيرة نارية مُنتويًا قتلهما فأصابهما في مَقتل.
وساعة إطلاق النار تَصادَف وجود الخادمة ماجدة جرجس حَنَّا في شُرفة مسكن مخدومها التي تعلو مكتب المجني عليه إثر سماعها صوت إطلاق الأعيرة النارية، والتي شاهَدت أشرف حاملاً سلاحه الآلي، بينما كان المجني عليهم الثلاثة مُضرجَين في دمائهم، فأطلق صَوبها أشرف عِدة أعيرة نارية لإسكاتها مُنتويًا قَتلها ليَتخلص من شهادتها فأخطأها واصطدم المقذوف بحافة الشرفة.
*****
- سائق المجني عليه يطارد المتهمين:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد إطلاق النار على النحو مار البيان، اتجه أشرف مُسرعًا إلى زميله عبد الشافي الذي كان ينتظره بمسرح الحادث ليَشُد من أزره وتمكينه من الهرب وركب خلفه وانطلقا بالدراجة البخارية، إلا أن محمد فاروق محمد حسن سائق سيارة المجني عليه فرج فودة تَعقبهما بها لدى مُحاولتهما الهرَب من مكان الحادث الذي شهده حال حدوثه، وأخذ يُطاردهما بها حتى اصطدم بدراجتهما فدفعها أمامه وأسقطهما عنها أرضًا، ثم اصطدم بسيارة أخرى تَصادف وقوفها بجوار الرصيف فَهشَّمها.
*****
- القبض على عبد الشافي وهروب أشرف:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خرج سائق سيارة فرج فودة من سيارته مُهرولاً يَستغيث بالمارة بينما كان المتهم عبد الشافي قابعًا في موضع سقوطه خائر القُوَي من جَرَّاء الصدمة، بينما تمكن أشرف من النُهوض والتقاط البندقية الآلية التي سَقطت منه وانطلق في إثر السائق وهو يُطلق عليه أعيرة نارية قاصدًا قتله، إلا أنه لم يَنل مَأربه الأثيم لعدم إحكامه التصويب حيث أخطأت الطلقات السائق المُستهدَف بها وارتطم مقذوف بعضها بزجاج سيارة كانت بجراج مكشوف أسفل العقار رقم 48 شارع خِضر التوني فَهشمه ونَفذ منه، بينما تمكن السائق من اللجوء لشقة في ذات العقار للسفير السابق فوزي نجيب واحتمى بها حتى خَفَّ إليه رجال الشرطة وهرب المتهم أشرف بعد أن أطلق النار بصورة عشوائية لترويع المارة والحيلولة دون تَعرُّفهم عليه، بينما تمكن بعض أهالي المنطقة وأمناء الشرطة الذين هُرعوا إلى مكان الحادث من القبض على المتهم عبد الشافي وهو مُلقى على الأرض بجوار الدراجة النارية مُصابًا في وجهه وذراعيه من أثر السقوط وفي حالة إعياء، وعثروا معه أسفل قميصه على الطبنجة التي تَحسَّسها أحدهم وهو يعاونه على النهوض وبداخل ماسورتها فارغ طلقة وبجيبه اثنتى عشرة طلقة حَية، وتحفظوا عليه حتى تَم نقله بسيارة الشرطة إلى قسم مدينة نصر.
وفي قسم مدينة نصر عثروا في جيب قميص عبد الشافي على بطاقة باسم الطالب أحمد يس أحمد البشري بكلية حقوق عين شمس للعام الدراسي 91/ 92 وقد نُزعت صورته منها وثُبِّت بدلاً منها صورة المتهم نفسه، وبمناقشته بمعرفة مأمور القسم العقيد أحمد أبو حرب أقر له بارتكاب الواقعة مع المتهم أشرف الذي فرَّ هاربًا.
*****
- اعتراف المتهم عبد الشافي:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اعترف المتهم الأول عبد الشافي أحمد محمد رمضان بتحقيقات النيابة العامة أنه قد فكَّر في اغتيال الكاتب فرج فودة في عام 1987 إبان تَرشحه لانتخابات مجلس الشعب عن دائرة الشرابية، وأثناء الحملة الانتخابية وَزَّع منشورًا مُناهضًا له نَسَبه للشيخ عمر عبد الرحمن أمير عام الجماعة الإسلامية يُفيد فتوى بإهدار دم الكاتب فرج فودة واستباحة قتله بزعم أنه كفَر وارتدَّ عن دين الإسلام لمِا أبداه من آراء في كتُبه ومقالاته وندواته، فضلا عن تَبنيه رفع شعار الهلال والصليب وفَصْل الدين عن الدولة، وأن خاطر الاغتيال ظلَّ كامنًا في نفسه يُلح عليه كلما اطَّلع على كتابات لفرج فودة حتى استقرَّ رأيه على التخلص منه في غضون نهاية عام 1991 والنصف الأول من عام 1992 وأخذ يُعد عُدَّته للتنفيذ.
*****
- اعتراف المتهم أبو العلا محمد عبد ربه:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كما اعترف المتهم أبو العلا محمد عبد ربه أثناء استجوابه في جناية أخرى هي الجناية رقم 626 لسنة 1993 بولاق أنه فيما يتعلق باغتيال فرج فودة، فإنه كان مُنضمًا إلى جماعة الإخوان المسلمين ابتداءً، ثم انصرف عنهم بعد أن استمع في نهاية عام 1987 إلى مُحاضرة للشيخ عمر عبد الرحمن عن دعوة المسلمين حُكامًا ومحكومين إلى تغيير المنكر بأية وسيلة حتى لو كانت استخدام القوة، فاقتنع بفكر الجماعة الإسلامية وتَعرَّف على بعض الأعضاء الذين هَربوا من منطقة عين شمس ونزحوا إلى بولاق الدكرور حتى تَوثقت علاقته بهم واعتنق فِكرهم وأخذ يَنشر الدعوى في أوساط الشباب للانضمام إلى الجماعة وكان يَتمنى الالتحاق بالجناح العسكري.
وفي اعترافه أضاف أبو العلا: بأنه كان وثيق الصلة بالمتهم عبد الشافي أحمد محمد رمضان منذ بداية عام 1992 وأن عبد الشافي طلب منه قُبيل وقوع حادث فرج فودة بحوالي شهر البحث عن سلاح آلي لاستعماله في عملية الاغتيال ولم يُحدد له مَن المُستَهدف بها فوافقه ولجأ إلى المتهم على حسن على حسن الذي سَلَّمه بندقية آلية وخمسة وعشرين طلقة مقابل ألفين جنيه ساهم فيها بمبلغ ستمائة وخمسين جنيها ودفع عبد الشافي باقي المبلغ وسَلَّمه السلاح والطلقات، وبعد ذلك أبلغه عبد الشافي أنه وأشرف اعتزما تنفيذ العملية واتفق معه على إعداد مكان لإيوائهما عقب التنفيذ، ثم عَلِم من الصحف بواقعة قتل فرج فودة وأنه تم القبض على عبد الشافي بينما هرب أشرف.
وأضاف بأنه لما عَلم باتهامه وبَحْث رجال الشرطة عنه، اختبأ في مدينة السلام واتصل بقيادات الجماعة الإسلامية التي تَكفَّلت بإيوائه وإعاشته طوال فترة هروبه، علاوة على مَنحه مبلغ مائة وسبعين جنيها شهريا، وأُسند إليه خلالها رئاسة خلية قامت بتنفيذ حادث بولاق.
كما قال المتهم في التحقيقات إنه يَرى نظام الحكم السائد في مصر يُخالف شرع الله ويجب تغييره ولو بالقوة.
*****
- من كواليس المحاكمة:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
طلب دفاع المتهمين استدعاء بعض عُلماء الأزهر لسؤالهم عن الحكم على أفكار فرج فودة وإمكانية وصفه بالارتداد واستحقاقه القتل بحسب الشريعة الإسلامية، فكان الغزالي على رأس العُلماء المستدعين فلبَّى، وكان لشهادته دَويّ مُزلزل في السَّاحة الفكرية والثقافية المصرية
وهناك رواية أخرى تقول إن الشيخ الغزالي تقدَّم للشهادة أمام المحكمة من تلقاء نفسه (19).
*****
- شهادة الشيخ الغزالي أمام المحكمة:(20) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
س: ما مَعنى القول إن الإسلام دين ودولة؟
ج: الإسلام دين للفرد والمجتمع والدولة، ما تَرك شيئًا إلا وتَحدَّث فيه ما دام هذا يَتصل بنظام الحياة وشُئون الناس.
س: هل تطبيق الشريعة الإسلامية واجب؟
ج: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} (النساء:65).
س: ما حكم من يُجاهر برفض تطبيق الشريعة الإسلامية استهزاءً؟
ج: كانت الشريعة الإسلامية تَحكم العالم العربي الإسلامي كله حتى دخل الاستعمار الصليبي فألغى أنواع القِصاص وأحكام الشريعة وأنواع التعازير والحدود وحَكم الناس بالهوَى فيما يشاؤون، وصَحب الاستعمار العسكري استعمارًا ثقافيًا جعل الناس يَطمئنون إلى ضياع شريعتهم وتعطيل أحكام الله من دون أن يَتبرَّموا.
وأضاف: إذا قرأتُ الآية القرآنية: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ﴾ أشعرُ بغُصَّة لأنَّ الآية مَنسية، والقانون يقول: إذا اتفق شخصان بإرادة حُرة على مُواقعة، فلا جريمة، وقد تُسمَّى حُبًا أو عِشقًا، وعُطِّل نص الشريعة، فكيف يَقبَل مُسلم هذا الكلام، أو يَستريح لهذا الوضع؟ وتسأل كيف يَستهزئ بي أحد إذا قلتُ يجب إقامة الشريعة؟ أعرفُ أناسًا كثيرين يَرون تعطيل الشريعة ويُجادلون في صلاحيتها.
س: ما حكم مَن يُجاهر برفض تطبيق الشريعة جُحودًا أو استهزاءً؟
ج: قرأ الغزالي قوله الحق سبحانه: ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ المائدة: 44وفي آية أخرى "الظالمون" وفي آية ثالثة "الفاسقون" وكان النفاق يُعرَف من رفض حُكم الله، ومن يدعو إلى الاستبدال بحكم الله شريعة وضعية تُحل الحرام وتُحرِّم الحلال ليس بمسلم يَقينًا.
س: هل يُعتبر هذا العمل كُفرًا يُخرج صاحبه من الملَّة؟
ج: نعم، فإن رفض الحُكم بما أنزل الله جُحودًا أو استهزاءً هو بلا شك مُخرج من الملَّة.
س: ما حُكم المسلم أو مُدَّعي الإسلام إذا أتى هذا الفعل الكفري عن قصد وعِلم بمَعانيه ومَراميه؟
ج: مُهمَّتي كداعية أن أوضِّح شُبهاته، وأقولُ الأدلة التي تُؤيدني، وأنَّ هذا الشخص ليس بمؤمن.
س: ما هو حُكم المرتد شَرعًا؟
ج: أن يُستتاب، وإذا لم يرجع يُقتل، وهذا هو الرأي العام، أما أنا في رأيي الشخصي أنه يجوز للحاكم إذا أراد أن يَسجنه مؤبدًا، ولو فرَّ مرتدًا إلى خارج البلاد فليذهب إلى الجحيم ويكون المجتمع برئ منه، أما بَقاؤه في المجتمع فهو خَطر على الأمة ويجب أن يُجهَزَ عليه، وعلى الحاكم أن يَقتله والمفروض أنَّ من يَملك إيقاع الحد على المجتمع هو القضاء الذي يقوم بمهمة تطبيق الحدود والتعازير والقِصاص، وليس لآحاد الناس أن يَقوموا بهذا الآن حتى لا تتحوَّل الأمور إلى فوضَى.
س: ماذا لو أنَّ القانون لا يُعاقب على الرِّدَّة؟
ج: يكون القانون مَعيبًا، وتكون فوضَى في المجتمع.
س: في هذه الحالة هل يَبقى الحد واجب التنفيذ؟
ج: نعم، فحُكم الله لا يلغيه أحد.
س: ماذا لو أوقعه آحاد الناس؟
ج: يكون مُفتئتًا على السلطة.
س: هل هناك عقوبة للافتئات على السلطة في الإسلام؟
ج: لا أذكر لها عقوبة.
******
- مرافعة النيابة العامة:
ــــــــــــــــــــــــــــــ
- استهلَّت النيابة العامة مرافعتها بالحديث عن الإرهاب ومَخاطره وأضافت:
إن يد الإرهاب الآثمة لا تُفرِّق بين طِفل وشَيخ، أو الكتاب الذين لا يَملكون سِوَى أقلامهم ليُسطِّروا أراءَهم، ولم يَردُّوا الرأي بالرأي والحُجة بالحُجة وكشفوا لنا عن مَرض نفوسهم وإرهابهم المروِّع الذي يريد أن يَغتال حرية هذا الوطن.
إن المجني عليه لم يكن تاجر أسلحة أو رئيس عصابة، وإنما كان صاحب رأي لم يُريدوا مُواجَهته بالقَلم والحُجة، وأرادوا أن يُصيِّروا الأمر إلى الوراء، إلى الأنظمة الفاشية التي إذا اختَلفَ معها كاتب أو مُفكِّر واجهوه بالقتل.
إن ظاهرة الإرهاب أصبَحت تُهدِّد المجتمع كله، سواء في بنيته الاقتصادية أو أمنه السياسي والاجتماعي، واختار الإرهاب العُنف سبيلاً لزَعزعة استقرار الأمن، فتارةً ضد المثقفين وتارةً ضد المدنيين العُزْل البُسَطاء، وتارةً أخرى ضد الأقباط، وهي كبوة ألمَّت بأمَّتنا، وما يَحدُث ليس حوادث فردية، بل هو عنف مُنظَّم وظاهرة لو تُركت سَتدَمِّر أمن المجتمع وحياة البَشَر ومُستقبَل البلاد.
إنَّ الخَوف الذي يعيش فيه المجتمع الآن يُحتِّم علينا أن نُفكِّر لمواجهة هذه الظاهرة، إنَّ المصريين أكثر الناس تَدينًا ومحافظةً على أركان الإسلام وفُروضه، ولكنَّ الإرهاب أباح الدماء دون نظَر إلى أن مصر الإسلامية غنية بجهات الفتوى.
ولا يَحل دم مُسلم إلا بثبوت النفس، والثيِّب الزاني والتارك لدينه المقارف للجريمة، إن استباحة الدم بإحدى هذه الوسائل الثلاثة إنما حقٌ لولي الأمر وليس للأفراد إلا في حالة القتل العمد الذي يُوجب القِصاص فإن الإسلام أباح حَد القِصاص في حضور ولي أمر.
لا يجوز أن يَتهم أحد إنسانًا بالرِّدة أو يُعاقبه، ولكن الدفاع اتهم المجني عليه بالرِّدة، وقد شاهدَت المحكمة أشرطة فيديو لمناظرات تمت بين المجني عليه وشخصيات إسلامية وقد بدأ المجني عليه حديثه بالبسملة.
والرِّدة لها شروط في الإسلام، وما حدث في القضية الماثلة من اعتداء على النفس والمال وتزوير في الأوراق أصبح سِمة لما يأتي به الإرهاب من تَعدُّد لجرائمه، فلا فَرقَ بين مَن قَتلوا فرج فودة ومَن اغتصبوا أو تَعاطوا مخدرات.
إن خطورة القضية الماثلة أنها تُسئ إلى الدين الإسلامي، إن مصر قد احتضنَت الأديان السماوية الثلاث وآخرها الإسلام، وقد كرَّمها الرسول الكريم عندما قال إنَّ أبناءها خير أجناد الأرض.
هل ما يَحدث من إهدار الأنفس البريئة سيُعلي من شأن الإسلام في مصر؟ على المجتمع أن يَهُب لمواجهة الإرهاب الأسود ونَخُص بذلك مُثقفيه ومُفكريه وعُلمائه، ولن ينتصر إلا صَوت الحق، ولن يَسُود إلا حُكم القانون.
- مناقشة الأدلة:
إن واقعة القتل شاهدَتها فتاة من شُرفة مَسكنها، فما كان مِن المتهمين إلا أن أطلقوا النار تجاه الشُّرفة التي بها الفتاة، ثم أخذوا في إطلاق عشوائي للنيران على المارة.
وقام سائق سيارة المجني عليه بمُلاحقة المتهمين حتى أسقطهم أرضًا وأطلقوا عليه النيران قاصدين قتله، واستمرَّ مُسلسل إطلاق النار فأصابت رصاصات الإرهاب أحد السيارات الواقفة بأحد الجراجات في المنطقة.
وتَبين أن الدراجة النارية مَسروقة وأن المتهم الأول أحمد رمضان يحمل بطاقة باسم مُغاير لاسمه.
جرائمهم اتَّخذَت من الدين شِعارًا، هل يُمكن أن تأمر أي شريعة بالقتل؟ وهل تكفير المجتمع مُباحًا؟
وثَبُتَ من تقرير الطب الشرعي أن المجني عليه قُتل من جرَّاء مقذوفات نارية أصابت أجزاء مُتفرقة من جَسده، وأن اتجاهات المقذوفات من الخلف إلى الأمام، وأنه بفحص السلاح المضبوط تبين أنه سلاح ناري صالح للاستعمال عيار 9 مم وكذلك الطلقات من نفس العيار وصالحة للاستعمال، وأن ما حدث من إصابات من ذات السلاح وهي إصابات حيوية معاصرة لتاريخ الحادث، وكلها أسلحة نارية مُششخنة، وأشارت تقارير الطب الشرعي إلى أن مسافة الإطلاق قريبة.
وقد اعترف المتهم عبد الشافي بالتحقيقات بقناعته بإهدار دم المجني عليه، وجاءته فكرة إهدار دمه عندما طالَب المجني عليه برفع شِعار الهلال مع الصليب، فطرَح فكرة قَتله على المتهم الرابع الذي هو محامي صفوت عبد الغني، فلما زاره بالسجن تم الاتفاق على ارتكاب الجريمة.
وقد دَبَّر المتهمون لجمع المال لشراء السلاح الناري والطلقات فقام المتهم الأول بجمع مبالغ بدعوى توزيعها على الفقراء، كما دَبروا الوسيلة باستخدام الدراجة البخارية التي تُتيح السرعة لراكبها والمراوغة، وتم الاتفاق على سَرقة هذه الدراجة، وبعد ذلك جاء التدريب على استعمال السلاح على يد المتهم محمد إبراهيم، ثم جاءت بعد ذلك حركة رصْد تحركات المجني عليه حتى يَتسنَى للجُناة اختيار المكان والزمان المناسبَين لتنفيذ جريمتهم باستخدام دراجة بخارية خاصة بالمتهم الثاني.
وقد ضُبط بمنزل المتهم الرابع مُحررَّ خَطِّي بتوقيع المتهم الأول وهو عبارة عن قُصاصة ورقية وذلك قبل القيام باغتيال الدكتور فرج فودة، وثبت من التقرير الفني أنها بخط المتهم عبد الشافي أحمد رمضان كما ضُبطَت أوراق أخرى تَقطع باشتراك المتهم الرابع في هذا الاتفاق وما جاء على لسان المتهم الرابع من وصْف المجني عليه بالكُفر ومُحارَبة الإسلام، وأنه هو وبعض أعضاء الجماعات الإسلامية العائدون من أفغانستان قرَّروا اغتيال الشخصيات التي تُحارب الإسلام.
******
- من مرافعات الدفاع: الأستاذ عبد الحليم مندور المحامي:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد أن تَحدَّث الأستاذ مندور عن جَسامة العِبء المُلقَى على عاتق المحكمة، قال إنه ليس المطلوب من الهيئة الموقرة الفصل في قضية وإنما إعادة حياة جديدة لهذا الوطن مُتمثلاً ذلك في قول الله تعالى لنبيِّه موسى: (لا تخافا إني معكما أسمع وأرى).
إن هذه القضية ليست قضية قتل فرج فودة، وإنما هي قضية أكثر من قرن من الزمان للمَلاحِدة التي فيها وأد لحضارة مصر، ونَربأ بالنيابة أن تُدافع عن فِكر الملحدين.
هناك كُتب كثيرة صدرَت تَتناول فِكر الملحدين وفيها طرْح لمناقشة أفكارهم وهي تُطرَح لعرضها على القضاء.
إن الاتهامات الموجَّهة للشباب الإسلامي لم تُلفَّق من فَراغ، ولا يمكن فصلها عن المناخ التي نشأت فيها والبيئة، وترجع جذور هذا الصِّراع إلى حملة نابليون وهي حملة صليبية، والاحتلال الإنجليزي هو حلقة في سلسلة الأعمال الصليبية على الشرق العربي لوأد الإسلام ومُحاربته.
هذه الكُتب التي تَحدثتُ عنها سَلفًا تُكمِل حملة نابليون التي جاءت إلى مصر بأفكارها الصليبية وليست بسبب الاستعمار، واستطاعت هذه الحملة أن تُجندِّ بعض العُلماء مثل رفاعة الطهطاوي لإحياء حملته التنويرية المزعومة وإصباغ الناحية الفرعونية كأصل للحضارة المصرية ابتعادًا بالمصريين عن الفِكر الإسلامي، وقد ذَكر كثيرون من المستشرقين أن العَقَبة الوحيدة في طريق تَقدُّم الشرق هو الدين، وقد جاء بعد نابليون القائد كرومر وألَّف كتابًا وصَم فيه الإسلام، واستعان كرومر بعد ذلك ببعض الملاحِدة للنَّيل من الإسلام، وفتَح الخانات لتَعاطي الخمور، وفتَح اليانصيب، وأغرَق الأسواق بالمخدرات، وأتوا بالنساء من كباريهات وراقصات وأنشأ دور صحف مُتعدِّدة لتُواجه صحيفة اللواء مثل الأهرام والمقطم واللطائف والمصوَّر التي نَشرت حينئذ أخبارًا للفُجور والفساد
ولم ينجح كرومر وأتباعه في القضاء على الصحوة الإسلامية وقد قيل عن عرابي إنه ثائر فلاحين مع أنه ثائر إسلامي وكذلك مصطفى كامل الذي جاء بعده.
إن المُصلِح الإسلامي حسن البنا حمل لواء الدعوة حتى تَكوَّن له جمهور عريض من المسلمين والذي ساهَم في تأسيس جماعة الإخوان المسلمين التي تعرَّضت للتصفية أكثر من مرَّة.
وقد جاءت الثورة بعد ذلك حاملةً ذات اللواء الذي حمله كرومر، ولم تكن للثورة قاعدة شعبية، وهي أول من بدأ العنف في مصر وأول من أطلق الرصاص في مصر، وما حدث قبل ذلك من حوادث سياسية كانت حوادث فردية، وإلى الآن تُمارس السلطة الحاكمة لعبة الكراسي الموسيقية.
وقد تَظاهرَت الثورة بأنها مع الإخوان المسلمين، وما كادت الثورة تُصفِّي الأحزاب السياسية سنة 1953 واستقرَّ لها الأمر في سنة 1954 وأدخلوا جماعات الإخوان المسلمين السجون بافتعال حركة ميدان المنشية وتم إعدام البعض من الإخوان المسلمين وسَجن البعض الآخر.
وقد حَلت الأحزاب الشيوعية نفسها بعد ذلك وانضمت للحزب الوطني الديمقراطي الحاكم، وذلك رغبة للاحتفاظ بمقاعدها في الحكم وتولى أعضاؤها مناصب قيادية في الحكم وقَتلوا عبد الناصر إلا أن الرئيس السادات تَنبه لخطر الشيوعيين وقام بتصفيتهم.
وبدأ بعد ذلك الشباب المسلم ليُصبح القاعدة العريضة الموجودة فبدأ نظام الحكم يَستشعر خطورة من اتساع قاعدة الاتجاهات الإسلامية في مصر، وسافر لأمريكا ليَستأذن في تحديد إقامة البابا، وبدأ السادات يقول إنه لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين.
ثم قُتل السادات لتغيير نظام الحكم، وجاءت حكومة الرئيس حسني مبارك وكان من أهدافها تغيير هذا الاتجاه الإسلامي المتصاعد فرموهم بأنهم مُتطرفون، وأنهم يُسِيئون للإسلام، وبدأوا اعتقال الشباب المسلم بدعوى أنهم مُتطرفون وإرهابيون يَهدفون لتغيير نظام الحُكم.
إنَّ الحاكم الذي يُبيح الزنا والخمر والميسر، يكون حاكمًا كافرًا كما قال المفتي، والدولة تُرخِّص للخمَّارات، وتَصنع الخمور، وتُحصِّل رسوم على إنتاج الخمور، ولا تُجرِّم جريمة الزنا، والدولة تُمارس الرِّبا من خلال البنوك التي تُشرف عليها.
والمجني عليه في القضية الماثلة هو الذي ساعَد على إذكاء نار الفتنة بين المسلمين والمسيحيين في مصر، والأحكام الصادرة كلها في هذه النوعية من القضايا قد ذَكرت أن الشريعة الإسلامية واجبة التطبيق.
إن ما نُسب للشباب المسلم من إحراق الكنائس ليس لها أساس ومُختلَقة ومَكذوبة، ولم يَثبت ذلك على أحد منهم، وما يَحدث ليس سوى اعتداءات من قِبل أجهزة الدولة لإلصاق هذه التُّهم بالشباب وذلك لإشعال نار الفتنة الطائفية، ومنذ قُتل فرج فودة لم يَحدث حادث للفتنة الطائفية نشرَته الصحافة، ولما انقضَت الفتنة الطائفية انصرفت السلطة الحاكمة في مصر إلى تَسمية الشباب المسلم بأنهم إرهابيين.
إن الحكومة هي مَصدر العُنف والإرهاب، فهي تُمارس القتل والإرهاب في القرى المصرية من خلال حملاتها التي تُحطم الدور وتُلقي بالأثاث من النوافذ وتُروِّع السكان الآمنين.
هل مُواجهة الإرهاب يكون بترقيص الأطفال في التليفزيون؟ وبجُرعات من النساء تَتضاعف يوما بعد يوم؟
إن ما دَعا الشباب إلى أن يَنحاز للتيار الإسلامي هو ما يَعيشه الشباب الآن من بَطالة، ومن رُؤيته للفساد المُستشري في كل مكان والدعوة إلى تطبيق الشريعة الإسلامية مَعناها أن يُوجد حاكم صالح أو حُكام صالحين وحياة مثالية ولذلك اتسَعت الانتفاضة الشعبية الإسلامية، وما نقول به ليس دعوة للاعتراف بالإرهاب فنحن لا ندعو للإرهاب.
إن كل ما يَطلبه هذا الشباب المسلم هو تطبيق للشريعة الإسلامية، وهم لا يريدون أن يكونوا حُكامًا، نحن لا نَعتنق فكرًا إرهابيًا ولا نُشجع على الإرهاب، وكل ما نطالب به هو وقف هذا النزيف، وهو لا يَتأتَّى إلا بأن تَستجيب الدولة لتطبيق الشريعة الإسلامية.
******
- بداية نشاط فودة السياسي:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إن أسلوب الحكم في مصر هو الخلاص من كل شخص تَجاوَز المنهج المسموح به وخرَج عن النظام نفسه، فبَعد أن هاجمت الحكومة حزب الوفد بعد أن طالَب هذا الحزب بتطبيق الشريعة الإسلامية، لم يكن للمجني عليه أي وزن سياسي، ولكنه كان طَمُوحًا وكان مُتسلقًا وعَجولاً يريد الوصول بأسرع وقت لتعويض ما فاته من عمل بالنشاط السياسي، وبدأ نشر مقالاته إلى أن كبُر ووصل أمره إلى قادة النظام فتبنوه وأفسحوا له مجالاً للترشح في دائرة بها شيوعيون ومسيحيون من مَجمع الكنائس، وقد تمَّ صرف مبالغ طائلة في انتخاباته دون أن يَدفع مليمًا واحدًا، وقد سَقط سُقوطًا ذريعًا في هذه الانتخابات بعد أن أُعيدَ طبع ما نَشَر من مَقالات له وتوزيعها على المساجد فرفَضه أبناء الدائرة التي كان مرشحًا أمامها.
ودعا المجني عليه دعوة مَشبوهة لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، ودعا إلى فكرة العالمية وإلغاء الحدود، وعارَض تطبيق الشريعة الإسلامية، وألقى محاضرات في الخارج مدفوعة الأجر له من دول أوروبية بدعوى أنه حامي حِمى المسيحيين في مصر، وأخذ في تأليب دول العالم ضد مصر.
والقوى الأمنية في مصر استشعرَت الخطر من وجوده وما حدث مع فرج فودة هو نفس ما حدث مع سَلمان رشدي، ولو كنا الذين قتلنا فرج فودة فلأنه عِلماني، فإن هناك كتابات للدكتور طه حسين على هامش السيرة تتشابه مع ما كتبه فرج فودة، والأسلوب الذي اتُّبع في قضية فرج فودة هو نفسه الذي اتبع في قضية مَقتل المحجوب.
******
- الدفع باستعمال الحق:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دفع الدكتور مَندور بأن ما وقع من المتهمين هو في نطاق الإباحة فقال: لا يُتصور في رأينا كدفاع أن يُعاقَب المتهمين لو صَحَّ هذا الفِعل، وإنما يُحاسَبوا عن الخطأ، فإن القانون وضع قاعدة الإباحة في الشريعة الإسلامية في المادة 7 من قانون العقوبات وجعل من المادة 60 إحالة، على أن الشريعة هُنا مُطلق الشرائع.
والشريعة لكونها تُشبع حاجة مَعنوية في الإنسان والتجاء الإنسان للدفاع عن دينه، والدين هو أول ما يَنبغي الدفاع عنه إذا ما اعتُدي عليه، وأن كل حق يَتقرر لصاحبه يَعني أن لصاحبه ممارسته والدفاع عنه بالوسيلة التي يراها.
إن الشريعة جُزء من النظام القانوني وعلى الدولة أن تُهئ للشريعة ما يَتلاءم مع ما تُؤثمه وتُقدمه للقضاء.
******
- في نظر الدفاع: المجني عليه مُرتد:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
واستطرد الدفاع يقول: لقد أساء المجني عليه إلى الدين وإلى الخالق والمخلوق، وأراد أن يُشيع الفِتنة بين أبناء الوطن الواحد، وقَتْل المرتد أيًا كان مَن قَتله لا يُمكن أن يُقال عليه إنه لتحقيق غرض غير مَشروع، وإنما قد حدث هذا لغَرض مشروع، فالمشرع رأى التضحية بالمصلحة الفردية عن مصلحة المجموع ذاك أن إزاحة الضَّرر ورُجحانه مُقدَّم على مصلحة الجماعة، وأن الأصل في الشريعة أنه إذا كانت ظروف الجماعة تقتضي الإباحة فإنَّ هناك الإذن بها.
والضرورة تُبيح المحظور لقوله تعالي (فمَن اضطر غير باغ ولا عادٍ فلا إثم عليه) ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (من تَشفَّع في حَد فقد حادَّ الله ورسوله) ويرى الدفاع أن من يَرى كفرًا بين الناس عن اقتناع صحيح، فلا شيء عليه إن وقَّع الحد على هذا الكافر المرتد، وأن من حق الرَّعية تَسديد الحاكم أو التخلص منه إذا وجدَ أن هناك كفرًا بوَّاحًا، والمجني عليه أحل حرامًا وحرَّم حلالاً.
ونحن ندافع هُنا عن شباب الإسلام، بل وعن الإسلام نفسه فكما قال الله في كتابه الكريم ﴿أُذن للذين قُتلوا بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير﴾ فأولى بنا أن ننصر المظلومين.
إن كلمة تَديُّن تَعني (حُكم) لأن الله سبحانه وتعالى هو الحاكم وحده والله تعالى يُشرِّع لأنه صاحب الشَّرع وحده فكيف لنا أن نُخالف هذا المنطق السليم؟ وكيف بنا أن نسمح أن يتخلى الله عن سلطانه ويأذن لشرائع وضعية أن تسُود وقد قضَى دستور الدولة أنَّ الدين الرسمي للدولة هو الإسلام؟
ومَعنى ذلك، أنَّ على الدولة أن تُطبق على نفسها ما يُطبقه المسلم على نفسه، وإذا اعتبرنا الدولة شخص أن تشهد أن لا إله إلا الله، ومَعنى ذلك أن يكون تشريع الله هو التشريع الواجب الاتباع، ومَعنى أنَّ الألوهية لله، أن الشَّرع لله وحده لقوله تعالى ﴿إنْ الحكم إلا لله﴾ وقوله ﴿ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين﴾.
******
- القضاء وهذا الصراع:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إن الصراع بين الإلحاد والإيمان هو صراع قديم من زمن طويل، ولم يصل هذا الصراع إلى القضاء، ولأول مرَّة في تاريخ مصر والعالم الإسلامي أن تُطرَح قضية الصراع بين الإلحاد والإيمان، وحُكم المحكمة في هذه القضية سيكون رادعًا لكل من تُسوِّل له نفسه الاعتداء على الإسلام.
إن الدولة مُمثلَّة في هيئة الكتاب تُقدم مَطبوعات وكتُب للطعن على الأديان ولَفْت الإنسان عن دينه، وللدفاع عن أمثال سَلمان رشدي وغيره بدعوى حرية الرأي.
******
- منازعة الحاكم في الألوهية:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والله تعالى يَجعل من يُنازعه في خصوصية الألوهية نِدًا له، ونحن مأمورون بأن نَنزل عن القانون الوضعي ونُطبق شرع الله.
ومن يُسئ إلى الإسلام؟ هل هو من يدعو إلى تطبيق شريعة الله أو هو من يُطبِّق القانون الوضعي ويَخرج عما أراده الله من تشريع إلهي حتى لا نكون كمَن قال الله فيهم ﴿اتخذوا من أحبارَهم ورهبانَهم أربابًا من دون الله﴾ فاتخاذ البَشر أربابًا من دون الله هو الكُفر بعينه، ذلك أنَّ من يُطيع الحاكم ويَجعله بمنزلة الله فيُشرِّع له ما يُطيعه، فالحاكم في هذه الحالة يَتخذ من نفسه منزلة الرُّبوبية، وقد قال سبحانه وتعالى: ﴿فإنْ تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول﴾.
إن فتنة تجزئة الشريعة هي أكثر إثمًا من الامتناع عن تطبيق الشريعة كلية، والفتنة تُتقى بالقتل، لأنه يَدفع الأشد بالأقل، ويكون القتل دفعًا لمضرة أو لفتنة قتلاً مُباحًا.
******
- متى تحصل الردة:
ــــــــــــــــــــــــــــــ
إن منازعة الحاكم لا تكون إلا إذا رأي الرَّعية منه كُفرًا بَواحًا والإسلام قد حَرَّم الرِّدة لكونها كُفرًا، والمرتد إذا مات فإنه يَمُت كافرًا وتحصل الرِّدة من إنكار عقائد الإسلام الأساسية، أو الطعن فيها وادعاء عدم صلاحيتها للتطبيق والحُكم.
إنَّ عقوبة الرِّدة هي القَتل، وتطبيقها بعد التأكد من ثبوت الرِّدة وهي ثابتة في حق فرج فودة من الكتُب التي نُشرت باسمه، والشرط الثاني هو ضرورة تطبيق الحاكم للعُقوبة، ونتساءَل، كيف للحاكم أن يُطبِّق العقوبة وهو لا يُطبِّق شرع الله؟ وهذا الفرض لو أدَّاه الحاكم لسَقَط باعتباره فرض كفاية، ولو أنَّ الحاكم قد عاقَب أحد من الملحدين لما فَكَّر آحاد من الناس في تطبيق هذا الحد.
******
- مَن يُطبق حد الردة:
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
إن هيئة الكتاب التي تَنشر مؤلَّفات فرج فودة هي هيئة تُمولها الدولة وهي تابعة لها، وهناك العديد من المؤلَّفات التي تُهاجِم الإسلام ولم يُحرك الحاكم سَاكنًا أمام هذا الهُجوم على الإسلام.
إنني لا أفتئتُ على الحاكم لأنه لم يُطبِّق حَد الله، كما أن مَشايخ الأزهر لم يتعرَّضوا للحالة التي لا يُطبِّق الحاكم فيها الحد وهم يعلمون تمامًا أن الدولة لا تُطبِّق حد الرِّدة.
من قال إن وُجوب الإيقاع يَستلزم موافقة الحاكم الذي لا يُطبِّق الحدود؟ وأنَّ ذلك إذا حدث فهو تعطيل لإيقاع الحدود؟
إن الأئمة جميعًا أجمعوا على وُجوب تطبيق الحدود دون استئذان الإمام، ولم يَقُل أحد أنَّ المُخاطَب هو الإمام أو الولي، بل المخاطَب هُم الناس جميعًا لأنه لو قرَّرنا بذلك، فإننا نستأذن الولي في الصلاة.
فلا عقوبة إذا أقدَم أحدًا من الناس على تطبيق الحدود، ولا يُمكن اعتبار ذلك الإنسان قاتلاً لأنه أدَّى واجبًا دينيًا مفروضًا عليه والأفعال التي تَجعل الإنسان مُرتد في كتاب الشيخ سيد سابق.
******
- فِكر فرج فودة:
ــــــــــــــــــــــــ
استطرد الدفاع يقول: إنَّ فرج فودة حرَّضَ المسيحيين على الدولة في حديث عن الإحصاء الحقيقي للمسيحيين في مصر، وأنه ليس ثمانية بالمائة كما تذكره إحصائيات الدولة إنما هو عشرون بالمائة، ودعا الناس إلى تغيير عقائدهم، وانتقد أحكام القضاء التي أدانت البهائيين، وأنَّ ما حدث للبهائيين هو أحد الأمثلة الصارخة لانتهاك حرية الاعتقاد، ويَعيب على الأزهر قبول المسلمين فقط في جامعاته رغم وجود كليات للطب والهندسة والعلوم الأخرى.
إن الدولة قد اضطرت لتَصفيته بعد أن حرَّض المسيحيين وبدأت أقواله تُشيع الفتنة بين أبناء الوطن الواحد وتقود الدولة إلى حروب أهلية ليس طرفاها المسلمون والمسيحيون فقط، بل على حد ما قاله سيكون طرَفاها المسلمون المتطرفون والمسيحيون والمسلمون المتنوِّرين، فإنَّ خيالاته المريضة صوَّرت له غير ذلك، وهل هناك إنكار للإسلام ودولة المسلمين أكثر من ذلك؟
وقال المجني عليه إنَّ الدعوة إلى تطبيق حَد الرِّدة هو انتهاك لحقوق الإنسان، وأن هناك خَلل ثقافي إذا ما اعتُبر أن المقصود بالعقيدة هو العقيدة الإسلامية فقط، وأنه يَخشى أن تتحوَّل مصر إلى دولة دينية.
إن فِكر فرج فودة يَتفق مع فكر العِلمانيين، وذلك يبَين من أقواله قال (أنا شخصيًا أرفض الدولة الدينية أيًا كان شكلها) وقال: (أنا مع حرية الاعتقاد حتى لو عُبدَ الشيطان في الأرض) كما أنه يَستكثر الكَمّ الديني من التعليم في المدارس، وشبَّه ذلك بأنه مُطاردة دينية، وتعرَّض لصَوت الأذان وقال إنه إزعاج لا ضرورة له، وتَطاوَل على سيدنا أبو بكر بقوله إنه حينما قَتل المرتدين ومانعي الزكاة فإنه فتح الباب لقتال المسلم لأخيه المسلم، وأنه إذا تمَّ الزنا بدون إجبار فلا شيء عليه.
******
- لا عقوبة للافتئات على السلطة:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كما أنه لا عقوبة تعزيرية لمن يَفتئت على السُّلطة، لأن الحاكم هُنا لا يُطبِّق الحد، وأصل حَد الرِّدة لم يختلف عليه أحد من الفقهاء، أما الخلاف فهو في الاستتابة، وهل يُستَتاب أم لا؟
- مناقشة الأدلة:
إن اعتراف المتهم عبد الشافي كان لضغوط أمنية صارمة وتعذيب جَسَدي تَعرَّض له، والقانون يَسمَح بعدُول المتهم عن اعترافه ويقع عبء الإثبات على النيابة
وقدَّمت النيابة كتاب مصلحة السجون يُفيد تنفيذ حكم إعدام صادر من المحكمة العسكرية في صفوت عبد الغني صباح يوم 17/7/1993 في قضية الدكتور رفعت المحجوب.
******
- استغلال الدفاع لشهادة الغزالي ومزروعة:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حَضر الدكتور عبد الحليم مندور المحامي عن المتهم الأول عبد الشافي أحمد محمد رمضان، ودفع احتياطيًا بإباحة قتل فرج فودة لأنه أساءَ إلى الدين وإلى الخالق والمخلوق، وأراد أن تَشيع الفتنة بين أبناء الوطن، وأنه يُعتبر كافرًا ومُرتدًا عن الإسلام، وأن قاتله كائنًا ما كان مَن ارتكب الجريمة يُعد مُرتكبًا لفِعل مشروع ومن قَبيل تقديم دفع المَضرَّة على طلب المنفعة.
وذهب الدكتور مندور إلى القول بأن من يَرى كُفرًا فلا شيء عليه إن هو وقَّع الحد على الكافر المرتد، وأن دستور الدولة ينص على أن الإسلام هو دينها الرسمي، بما يستتبع أن تُطبِّق الدولة على نفسها ما يلزم المسلم نفسه به، وأن يكون تشريع الله هو الواجب الاتباع، إلا أن الدولة لا تُطبِّق الشريعة الإسلامية، فما زالت القوانين الوضعية تُبيح الزِّنا والرِّبا والميسر على خلاف ما تَقضي به الشريعة الغرَّاء، وأنَّ هذا الوضع يُعدُّ تجزئةً لتطبيق الشريعة ويُعتبر فتنة أكبر إثمًا من عدم تطبيقها كُليةً واستدلَّ بقول الله تعالى "واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك" وأضاف: إن الفِتن تُتقى بالقتل إذ يُدفع الأثر بالأقل ويكون القتل دفعًا لمضرة أو لفتنة قتلاً مُباحًا.
واستطردَ الدفاع قائلاً: إن هذا يَستتبع ضرورة تطبيق أحكام الشريعة وأنَّ من لم يَحكم بها يُعدُّ كافرًا، وأن لا طاعة لحاكم يَسِن قوانين مخالفة للشريعة أو يُعطل تطبيق أحكامها ولو جزئيًا.
******
- حد الردة في نظر الدفاع:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تَناوَل الدكتور مندور بالحديث حَد الرِّدَّة فقال: إن الرِّدة عقوبتها القتل حدًا عند ثبوتها، وإن فرج فودة ارتدَّ عن الإسلام ولا يلزم استتابته بعد أن قامت عليه الحُجة من خلال المُناظرات والندوات التي تمت بينه وبين عدد من كبار رجال الدين والمفكرين الإسلاميين.
وإنه طالما خَلا قانون العقوبات من نَص يُجرِّم الرِّدة، فلا تثريب على أي فَرد من المسلمين إن هو قام نيابة عن جماعة المسلمين بإيقاع الحد باعتبار ذلك من قبيل فرض الكفاية إذا أداه الحاكم يَسقط عن باقي أفراد الأمة، فإذا لم يُؤدِّه كما هو حادث في مصر التي لا يُطبَّق فيها هذا الحد، ولا يَعترف القانون الوضعي فيها بالحُدود عامةً، فإنَّ الحد يَظل قائمًا لا يُجوز تعطيله، فإذا نَفذَّه أحد المسلمين كان فِعله مُباحًا وإن كان يتضمن افتئاتًا على سلطة الحاكم ويُعاقَب على ذلك تَعزيرًا.
******
- الحكم:
ــــــــــــ
انعقدت المحكمة برئاسة المستشار محمد عبد الحميد البحر وعضوية المستشارين حسيب البطراوي، والسيد الجوهري، وحضور هشام بك حمودة وشريف بك عبد النبي ممثلَين للنيابة العامة، وأمانة سِرّ حسين وحسن موسى.
واستطلعَت المحكمة رأي فضيلة مُفتي الجمهورية في الحكم بالإعدام على المتهم الأول عبد الشافي أحمد محمد رمضان فوافق فضيلته فقضت بجلسة 30/12/1993 بإجماع الآراء بمعاقبة عبد الشافي بالإعدام، وبمعاقبة أبو العلا محمد عبد ربه بالأشغال الشاقة خمسة عشر عاما، وعلي حسن على حسن بالأشغال الشاقة عشر سنوات، ومحمد خليل شاهين بالسجن ثلاث سنوات وتغريمه مائة جنيه، وبراءة صفوت أحمد عبد الغني، ومنصور أحمد منصور، ومحمد إبراهيم عبد الحميد، ومحمد عبد الرحمن عبد الواحد، وأشرف محمد عبد الرحيم عبد الجليل، وجلال محمود العزازي سلامة، وحسن علي محمود، ووليد سعد كامل عبد القادر.
******
- رد المحكمة على الدفع بإباحة قتل المجني عليه:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قالت المحكمة في أسباب حكمها: إن دفاع المتهمين ركَن في هذا الدفع إلى شهادة كل من شاهدي النفي الشيخ محمد الغزالي السَّقا، والدكتور محمود مزروعة بالجلسة وإلى المادة 60 من قانون العقوبات التي تنص على أنه لا تَسري أحكام هذا القانون على كل فِعل ارتكب بنيَّة سليمة عملاً بحق مُقرر بمُقتضى الشريعة، وأوردت الأسباب الآتية:
أولا - لا يُماري أحد من المسلمين في وُجوب تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية فهي التشريع الأسمَى والرسالة الختامية التي بَعث الله بها إلى البشر كافة بواسطة رسوله الأعظم خاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم ليُخرجهم من ظُلمات الجَّهالة ونِير العُبودية إلى نور الهداية والحرية، ويَهديهم صراطًا مستقيمًا، والإسلام عقيدة وشريعة إذ يُنظِّم شُئون الدين والدنيا، ويُحددِّ علاقة الإنسان بربِّه وعلاقته بأسرته وأفراد مُجتمعه كأحسن ما يكون التنظيم والإحكام ولا غَرْوَ في ذلك فهو من لدُنَّ حكيم خبير، ولا مَجال للمقارنة بين التشريع السماوي والتشريعات الوضعية غير المستمدة من الشريعة الإسلامية، فأنَّى لتلك الأخيرة أن تَرقَى إلى مَدارج الكمال في التشريع الذي ارتضاه الخالق الرحمن الرحيم لعباده.
ثانيا - انطلاقًا من تلك الحقيقة فقد نصت المادة الثانية من الدستور المصري القائم(21) على أنَّ الإسلام دين الدولة، ومَبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، ومن المقرر أنَّ هذا النص ليس واجب الإعمال بذاته، وإنما هو دعوة للشارع كي يَتخذ الشريعة الإسلامية مَصدرًا رئيسيًا فيما يَسْتنه من قوانين، ومن ثم فإنَّ أحكام تلك الشريعة لا تكون واجبة التطبيق بالتعويل على نَص الدستور المشار إليه إلا إذا استجابَ الشارع لدعوته وأخرجَ هذه الأحكام في نُصوص تشريعية مُجردة ومنضبطة تَنقلها إلى مجال العمل والتنفيذ.
ثالثا - من المقرر قانونًا أنه يُقصَد بما نصَّت عليه المادة (60 عقوبات) أن استعمال الحق المقرَّر بمُقتضى القانون أينما كان مَوضِع هذا الحق من القوانين المعمول بها باعتبارها كُلاً مُتسِقًا مُترابط القواعد يُعتبر سببًا من أسباب الإباحة إذا ما ارتٌكب بنية سليمة، فالقانون لا يَفترض قيام مصلحة يَعترف بها ويَحميها بحيث يَسمح باتخاذ ما يَلزم لتحقيقها واستخلاص ما تنطوي عليه من مَزايا، وهو في ذلك إنما يُوازن بين حقوق يُهدر أحدهما صيانة للآخر.
رابعا - من المقرر فِقهًا أيضًا أنَّ عبارة "عملاً بحق مُقرَّر بمُقتضَى الشريعة" الوارد في المادة 60 من قانون العقوبات يُقصَد بها عملاً بحق مُقرر بمقتضى "القانون" كما جاء في الترجمة الفرنسية لتلك المادة، ويُبرِّر التفسير اللُّغَوي لهذه العبارة القول بأن المقصود بالقانون في هذه المادة القاعدة القانونية التي تَصدُر عن السلطة التشريعية وتُقرِّر حَقًا، وأن القانون المكتوب هو المصدر الوحيد للحق الذي يُقرِّر ارتكاب الجريمة بَيْدَ أنه يجب الالتجاء إلى الأسلوب المنطقي وإلى القياس في مجال التَّعرُّف على حقيقة قصد الشارع.
ولا شُبهة في أن كلمة "القانون" تَصْدُق على فروع القانون المختلفة، فمِن الحقوق ما يَكون مَصدره قانون العقوبات، كحق الطعن على أعمال ذوي الصفة العُمومية المنصوص عليه في المادة 304/2 عقوبات، وحق التبليغ عن الجرائم المنصوص عليه في المادة 301 وحق الدفاع أمام المحاكم المنصوص عليه في المادة 309 منه فكلها حقوق تُبرِّر القذف أو السَّب أو البلاغ الكاذب، ومن الحقوق ما يكون مَصدره قانون الإجراءات الجنائية كحق القبض المقرَّر في المادة 37 لكل من شاهد الجاني مُتلبسًا بجناية أو جنحة يجوز فيها الحبس الاحتياطي، وحق الشاهد في الامتناع عن الشهادة ضد المتهم إذا كانت بينهما صلة قَرابة أو مُصاهرة إلى درجة مُعينة (المادة 286) ومن الحقوق ما يكون مَصدره الدستور كحق عضو مجلس الشعب في التعبير عن آرائه في المجلس أو لجانه فلا يُؤَاخذ عما يَسنده إلى الغير من سَب أو قذف عملاً بالمادة 98 من الدستور. "دستور 1971".
ولا يَقتصر مفهوم القانون على النحو المتقدِّم على ما يَصدر مُباشرة من السلطة التشريعية في الدولة، وإنما يجب أن تَشمل كل قاعدة تنظيمية تُقرِّر حقًا بشرط أن تجتمع لها عناصر صِحتها، فيجب أن تَصدر ممن يملك إصدارها قانونًا وأن يُراعَى فيها وجه الصالح العام، وأن تكون مُطَّردة تُطبَّق على الكافة ولا تتغير بالنسبة إلى الأفراد أو الحوادث ولهذا يَصِح أن يكون مَصدر الحق أمرًا جمهوريًا أو قرارًا من مجلس الوزراء أو من أحد الوزراء فالحق عندئذ وإن لم يكن مُقررًا بالقانون مباشرة فهو مُقدَّر بناء عليه.
غير أن المقصود بالقانون في خُصوص المادة 60 من قانون العقوبات لا يَتسِع لغير القواعد القانونية، ومن ثم فلا يَشمل قواعد الأخلاق أو الدين فالحقوق التي تُقرِّرها قواعد السلوك أو أحكام الديانات لا تُخوِّل ارتكاب الجرائم الجنائية، ولا نزاع في أن كلمة (الشريعة) أو القانون الواردة بالمادة المشار إليها تَشمل الشريعة الإسلامية باعتبارها من قوانين الدولة، فبعض الحقوق التي تُقررها تُبرِّر مخالفة أحكام قانون العقوبات، ومن هذا القبيل حق الزوج في تأديب زوجته، وحق الولي في تأديب المشمول بولايته، وهو ما أكدته المادة السابقة من قانون العقوبات من أنَّ أحكامه لا تُخل بأي حال من الأحوال بالحقوق الشخصية المقرَّرة في الشَّريعة الغرَّاء، إلا أنه لكي يكون لهذه الحقوق هذا الأثر يلَزم أن تكون من الحقوق التي تُقرِّرها الشريعة فيما تَسري فيه أحكامها وفقًا للتشريع المصري القائم، فهي التي تُعَد قانونًا كأحكام الأحوال الشخصية، أمَّا ما خرَج عن ذلك من حقوق فلا أثر له في قانون العقوبات.
كما يُشترط أيضًا أن يَبقَى الحق قائمًا لم يَحظره القانون بنص صريح إذ لا يكون له وجود متى وُجد هذا الحظر، وبالتالي لا يكون له أثر في أحكام قانون العقوبات، ومن هذا القبيل مَنع العقوبات البدنية منعًا باتًا في مَعاهد التعليم الحكومية بمقتَضى القوانين المنظِّمة لها، وتجريم الاعتداء على النفس بالقتل أو الضرب أو الجرح، وتجريم الإسقاط عمدًا، ومن ثم فإنه لا يجوز الاحتجاج قانونًا بإباحة الحقوق المقرَّرة لكل شخص بمقتضى الشريعة، ولا يُجيز الشارع العمل بها مثل قتل المرتد أو قتل الرجل زوجته أو ابنته إذا زنَت، لأنَّ هذا الجُّزء من الشريعة غير مَعمول به منذ صدور قانون العقوبات الحالي وانقطاع صلته بالشريعة بما تَضمَّن من جرائم وعقوبات وضعية.
وحيث متى كان ما تقدم، وكان التشريع الجنائي المصري قد انتهج الخُطة التي درَجَت عليها الغالبية العُظمى من التشريعات الأجنبية من حصر أسباب الإباحة، مما يَلزم عنه بالضرورة تَقيُّد القاضي بالأسباب الواردة في القانون، فلا يملك سلطة القضاء بإباحة الفعل المؤثَّم بناء على سَبب آخر سِواها، ومن ثم فلا تملك هذه المحكمة في خصوص الدعوى المطروحة التزامًا منها بأحكام القانون أن تُجاوز نطاق ولايتها وتَشترع سَببًا للإباحة من الشريعة طالما أنه لم يُفرَغ في نص قانوني.
خامسا - وبخصوص ما ذهب إليه الدفاع من أن اغتيال المجني عليه يُعَدُّ من قَبيل الدفاع الشرعي عن المال فمَردُودٌ عليه بأن المقرَّر أن حق الدفاع الشرعي عن المال لا يُبيح كما هو مقتضى المادة 246/2 من قانون العقوبات استعمال القوة إلا لرد كل فعل يُعتبر جريمة من الجرائم المنصوص عليها وعلى سبيل الحصر في الأبواب الثاني والثامن والثالث عشر والرابع عشر من الكتاب الثاني وكذا في المادتين 378/6 379/4 من قانون العقوبات وهي جرائم الحريق عمدًا والسرقة والاغتصاب، والتخريب، والنصب والاتلاف، والدخول في أرض مهيأة للزرع، وإتلاف المنقولات، ورعي المواشي في أرض الغير، ومن ثم فكل فِعل لا يَدخل في عِداد هذه الجرائم لا يجوز دفعه بالقوة.
*******
- خلاصة رد المحكمة في ارتداد فرج فودة عن الإسلام من عدمه:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تستطرد المحكمة في حكمها فتقول: وحيث إن مُحصِّلة ما تَقدَّم أنَّ الدَّفع بإباحة جريمة قَتل المجني عليه دكتور فرج فودة استنادًا إلى استعمال المتهم الأول لحق مُقرر بمقتضى الشريعة، أو استعمالاً لحق الدفاع الشرعي عن الدين بمَقولة أنه يُعدُّ دفاعًا عن المال يَضحَى بشقَّيه غير موافق لصحيح القانون بما يَلزم عنه رفضه.
وتُنوِّه المحكمة بأنها وإن كانت قد تَعرَّضت للرِّدَّة بالقدر اللازم للرَّد على الدفع بالإباحة، إلا أنها لا تملك ولاية الفصل في مَسألة الادعاء بارتداد المجني عليه الكاتب الراحل دكتور فرج فودة عن الدين الإسلامي، إذ هي مُقيدة بحدود الدعوى المطروحة عليها كما ورد في أمر الإحالة بجلاء على أن الرِّدة جريمة دينية خالصة وهي من كبائر الإثم التي يُعاقَب عليه شَرعًا، وتستلزم بَداهةً شأنها في ذلك شأن أية جريمة إجراء تحقيق بمعرفة السلطات المختصة مع المتهم، ثم محاكمة عادلة تُكفَل له فيها كافة ضمانات الدفاع من إتاحة الفرصة أمامه للاستتابة أخذًا بالراجح بين العُلماء، فإذا ما ثَبُتَ الجُّرم بحقه وأصرَّ على موقفه عِنادًا واستكبارًا وأدين بحكم قضائي نهائي، نَفذَّت فيه سلطة التنفيذ العقوبة المقررة شَرعًا، وهو ما يَحدث في بعض البلاد العربية والإسلامية التي تُطبِّق أحكام الشريعة الإسلامية في التَّجريم والعقاب، ولا يجوز بحال أن يُترَك أمر اتهام الناس بالكُفر وإنفاذ العقوبة بينهم للأفراد يُكفر بعضهم بعضًا تبعًا لأهوائهم أو تأثرًا لفتاوَى ضالَّة أو مُضِلَّة لأدعياء العِلم بالدين والفِقه حتى لا تَشيع الفوضَى والفِتن بين الناس وتَضيع هَيبة الدولة.
وإزاء خُلو التشريع المصري من نص يُؤثِّم جريمة الرِّدة عن الإسلام وسَدًا للذرائع واستهدافًا للصالح العام، فإن المحكمة استشعارًا منها لمخاطر استمرار هذا الوضع وإيمانًا منها بأن الاعتصام بمبادئ الدين الإسلامي الحنيف والاحتكام إلى مَصادر الشريعة الإسلامية الغرَّاء والمجتمع بأسره من الشُّرور والمفاسد التي تَعوق مَسيرة النهضة والإصلاح التي تَسعَى الدولة جاهدة إلى تحقيقها، فإنها تُناشد الحكومة وسُلطة التشريع الأخذ بعين الاعتبار ضرورة المسارعة إلى تنقية بعض التشريعات السارية مما يَتعارض من نصوصها مع أحكام الشريعة الإسلامية، واستصدار التشريعات المتفقة مع تلك الأحكام والتي تدعو حاجة المجتمع إلى استنباطها من مَعين الشريعة الذي لا يَنضَب بمرور الزمن؛ حتى يتحقق الاتِّسَاق والتَجانُس بين التشريعات الوضعية ومبادئ الشريعة الغرَّاء، ويكون الإسلام بحق قولاً وعملاً الدين الرسمي للدولة، والمصدر الرئيسي للقوانين كما تنص على ذلك المادة الثانية من الدستور.
******
- شهادة الإخوان والجماعات الإسلامية:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- ماهر فرغلي:
ــــــــــــــــــــــ
يقول ماهر فرغلي أحد أعضاء جماعة الإخوان:(22) "وفرحنا أكثر لما هَربَ طاهر، وهو الاسم الحرَكي لصفوت عبد الغني الذي كان أميرًا للقاهرة هو وبعض الرفاق في طريقه لامتحانات في جامعة المنيا، فهرب في بني سويف وقائد الترحيلة يقوم بإنزال أحد المعتقلين في قسم الشرطة، فاستطاع أن يَهرب ببراعة ويَجري في اتجاه مُعاكس جَرى فيه الرفيق جمعة ليُضلل الأمن في الوصول إلى صفوت الذي استطاع أن يدخل صالون حلاقة بسرعة ويَحلق لحيته ويختفي تمامًا حتى قُبض عليه فأُودِعَ سجن العَقرب، ومن هناك أخرَج ورقة صغيرة في علبة كبريت يأمر عبد الشافي أن يَفعلَ شيئًا مع فرج فودة أثناء خُروجه من مكتبه بمدينة نصر.
وفي مساء أحد أيام شهر يونيو 1992 أقدم شابان على اغتيال فرج فودة أثناء خُروجه من مكتبه بمدينة نصر، وكانت جبهة علماء الأزهر بقيادة الدكتور عبد العزيز عبد الغفار قد هاجمت فودة كما أنَّ المناظرة التي جَرت بين فودة والهضيبي قد أحدثت دويًا هائلاً جعَلَنا لا نشُك لحظة في أنه مُستَحل الدم.
وفي اليوم المخصص لشهادة الدكتور مزروعة في قضية مَقتل فرج فودة، أبدى الشيخ الغزالي، الذي لم يكن أصلاً طرفا في القضية، رغبته في الشهادة، فقدَّمه الدكتور مزروعة ـ وهو في حُكم تلامذته ـ نظرًا لمكانته العِلمية.
استمرَّت شهادة الشيخ الغزالي نصف ساعة، واتسَمَت بالحكمة والعمومية والحرص، وقد فجَّر فيها قنبلة قائلاً إن فرج فودة بما قاله وفعَلَهُ كان في حُكم المرتد، والمرتد مَهدور الدم، وولي الأمر هو المسؤول عن تطبيق الحد، وإن التهمة التي ينبغي أن يُحاسَب عليها الشباب الواقفون في القفص ليست هي القتل، وإنما الافتئات على السلطة".
واستمرت شهادة مزروعة الذي كان يتحدث باسم الأزهر والأزهريين ثلاث ساعات كاملة، وبعد شهور من شهادته غادر الدكتور مزروعة مصر حين تمكن من العثور على تعاقد شخصي بالمملكة العربية السعودية، ومن هناك قدَّم استقالته من الأزهر.
ولا نُنكر أن كلمات هؤلاء العُلماء أعطتنا قوة دافعة لما سنفعله بعد ذلك دون حساب أي شيء.
ويُضيف ماهر فرغلي: ثم عَرضَ الشيخ الغزالي على الدكتور محمود مزروعة الشاهد الرئيسي في قضية فرج فودة، أن يُصدر مجموعة من العُلماء بيانًا تَضمانيًا معه ومع ندوة العُلماء خوفًا من الزَّج به في تهمة التحريض، وكانت القائمة الأولى من الموقعين على البيان التضامُني مع الشيخ الغزالي تشمل الدكتور محمد نايل، والدكتور محمد عمارة، والشيخ الشعراوي الذي كان قد وصَل تَوًا من السعودية بعد إجراء جراحة في عينه، وقال لهم اكتبوا ما تَشاءون وأنا أوقع في النهاية.
******
- الجماعة الإسلامية:
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
"وقالت الجماعة الإسلامية(23) في نشرتها (السنة الأولى العدد 7 ذي الحجة سنة 1412 ه) بعد مقتل فرج فودة عبارات تحمل سموم التشفي والانتقام: "لماذا قتلنا فرج فودة"؟! "فودة سرطان استأصلته الجماعة الإسلامية" "الإفلاس العلماني والمد الإسلامي".
وجاء في كلمة الجماعة: "نعم قتلناه" ذلك الكاره، المُحارب للإسلام فرج فودة، قتلناه ليس قمعًا لحرية الفكر، ولكن وقفًا لحرية الكفر التي تُمارَس في بلادنا في الوقت الذي تكبل فيه أفواه الدعاة إلى الله، بل وتُجلد ظهورهم وتُهدر إنسانيتهم في غياهب السجون والمعتقلات، قتلناه لتطاوله واستهزائه المستمر بمعالم ديننا الحنيف وتاريخ أمتنا المسلحة، ولحربه الضروس لقيام دولة إسلامية بحجة أننا المسلمون لا نملك برنامجًا سياسيًا وكأننا حكمنا العالم ثلاثة عشر قرنًا قهرًا وظلامًا، حتى جاء فرج فودة ليُخرج الناس من الظلمات إلى النور بإسلامه المستنير".
قتلناه في 8/6/1992، وقتلنا مُخبر إسنا في 7/4/1992، ومن قبل قتلنا المحجوب، وحاولنا قتل زكي بدر، وعبد الحليم موسى، وسنقتل كل من يحارب الإسلام سواء بالكلمة أو بالسَوط أو بالرصاص، ولن تتوقف مسيرة حربنا لأعداء الله حتى يُطلق سراح الدعاة إلى الله المودَعين بالمعتقلات منذ ثلاث أو أربع سنوات دون جريمة.
وتحت عنوان "فودة سرطان استأصلته الجماعة الإسلامية" جاء في النشرة: فرج فودة بمثابة ورم خبيث في جسد المجتمع المصري لا بد من استئصاله، وكان للجماعة الإسلامية بمصر شرف هذا الاستئصال، وحتى تتضح صورة هذا الورم الخبيث في أذهان المسلمين نضع هذه السطور بين أياديهم كما جاءت في بيان ندوة العلماء بالأزهر وتصريحات بعض العلماء الآخرين، ففودة علماني حتى النخاع، حيث أوقف فكره وحياته كلها على منع تطبيق الشريعة الإسلامية بأي وسيلة من الوسائل، ويمكن إجمال الرد على اتجاهه هذا في الآتي: (1) الرفض المطلق لتطبيق الشريعة الإسلامية. (2) يقول بتفوق القانون الوضعي على الشريعة الإسلامية. (3) شديد العداوة لكل ما هو إسلامي. (4) هاجم التاريخ الإسلامي وتطاول على الصحابة والرموز الإسلامية والعلماء. (5) الهجوم على التيار الإسلامي واستعداء النظام وتحريضه على ضربه. (6) كان عميلا في انتمائه السياسي والوطني واتجاهه الفكري .. وبعد هل شك أحد فر ردة وزندقة هذا المارق؟ وأنه كان بمثابة سرطان وجب استئصاله؟!
وتحت عنوان "الإفلاس العلماني والمد الإسلامي" قالت النشرة: "لم تكن الرصاصات التي فجرت كبد فرج فودة، وهتكت كليته، ومزقت أحشاءه ثم أسكتت أنفاسه بعد أكثر من ست ساعات منازعة للروح، لم تكن تلك الرصاصات جديدة في توجهها، وإنما كانت حلقة من سلسلة الصراع المسلح بين النظام المصري والجماعة الإسلامية، ذلك الصراع الذي تخطى العشر سنين، لم تزد خلالها شراسة البغي والعدوان أبناء الجماعة الإسلامية إلا صلابة المواجهة وقوة التحمل وعِظم التصميم.
وتؤكد الجماعة الإسلامية في هذا العدد أنهم ليسوا وحدهم في الحكم على فرج فودة، بل إن قلة غير قليلة إن لم يكن جمهرة علماء الأزهر على ذلك، هذا فضلا عن معارضة الكثير من الكتاب والصحفيين لكل ما يقوله ويكتبه، ومن بين العلماء الذين قالوا بردته دكتور علي عبد الوهاب الأستاذ بكلية الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر، والدكتور عبد الرشيد صقر، والدكتور عبد الجواد صابر الأستاذ بجامعة الأزهر، والدكتور سعد ظلام".
******
- الشيخ محمد الغزالي السقا:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"في لقاء تليفزيوني بعد قتل فرج فودة قال الغزالي: أنا أقبل لو أن واحد يقول أنا مبحبش الإسلام، طيب خليك في بيتك أو خليك في نفسك ومتهاجمش تعاليم الإسلام، وعيش كافر لوحدك ملناش صلة بيك، ملناش عليك سبيل، لكن إذا جئت عند المسجد وقلت إيه الأذان الصاعد ده، دعوا هذه الصيحات المجنونة لا لزوم لها، لا خير فيها، أنظرُ إليكَ نظرة أخرى، إنك تريد هدم الأمة لحساب إسرائيل(24).
******
- الهوامش:
_______
(1) محمود عبده: الشيخ محمد الغزالي داعية النهضة الإسلامية، مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي، الطبعة الثانية بيروت 2017 حاشية صـ 32.
(2) خالد محسن: مركز الإعلام العربي بالقاهرة، النص الكامل للمناظرة الكبرى مصر بين الدولة الإسلامية والدولة العلمانية، الطبعة الأولى 1992صـ 22.
(3) الدكتور عبد الغفار عزيز أحد المساهمين في تأسيس المركز الإسلامي في ميونخ، وهو أحد أكبر معاقل الإخوان في أوروبا.
(4) إسلام مصطفى: أكذوبة الوسطية، الناشر ماجد إبراهيم محمد 2018 صـ 68.
(5) شعبان يوس وعزة كامل: صرخة فرج فودة، دار بتانة للنشر 2017.
(6) الدكتور محمود مزروعة تم القبض عليه سنة 1956 لانتمائه لجماعة الإخوان المسلمين، وفي أكتوبر 2013 صرح بأن انتخاب الدكتور محمد مرسي يعد بيعة مثل التي بويع بها أبو بكر الصديق.
(7) إلهام مانع: دبابيس رباب كمال، دار ابن رشد طبعة 2016 صـ 96.
(8) ماهر فرغلي: الخروج من بوابات الجحيم، دار الانتشار العربي، الطبعة الأولى 2012 صـ 145.
(9) خالد محسن، المرجع السابق ص 22.
(10) خالد محسن، النص الكامل للمناظرة الكبري، المرجع السابق صـ 54.
(11) خالد محسن، النص الكامل للمناظرة الكبرى، ص ـ88.
(12) خالد محسن، المرجع السابق صـ 89.
(13) خالد محسن، النص الكامل للمناظرة الكبلري، المرجع السابق صـ 95 ويقصد حكم للقاضي أحمد الخازندار والذي رأى المتهمان بقتله في حينه أنه من مبررات القتل.
(14) خالد محسن، المرجع نفسه، ص 97.
(15) الشيخ محمد الغزالي: مائة سؤال عن الإسلام، الجزء الثالث، صـ 165 وما بعدها.
(16) الشيخ محمد الغزالي: مائة سؤال عن الإسلام، الجزء الرابع صـ 58.
(17) ماهر فرغلي: الخروج من بوابات الجحيم، دار الانتشار العربي، الرياض، السعودية طبعة 2012 صـ 144.
(18) المتهم أشرف نُفِّذ فيه حكم بالإعدام أثناء نظر قضية مقتل فرج فودة لاتهامه في قضية أخرى.
(19) محمود عبده: الشيخ محمد الغزالي داعية النهضة الإسلامية، المرجع السابق صـ 33.
(20) مجلة الوعي اللبنانية، العدد 75 السنة السابعة، يولية 1993.
(21) دستور سنة 1971 في ذلك الوقت، ونصت المادة الثانية من دستور 2014 على أن "الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيس للتشريع".
(22) ماهر فرغلي: الخروج من بوابات الجحيم، المرجع السابق، ص 144 وما بعدها.
(23) شعبان يوسف وعزة كامل: صرخة فرج فودة، المرجع السابق تحت عنوان: "الجماعة الإسلامية السرية".
(24) إسلام مصطفي: أكذوبة الوسطية، الناشر ماجد إبراهيم محمد 2018 صـ 67.



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى