محمود شاهين - لماذا لا يخاطب الآلهة الناس مباشرة ؟

شاهينيات 1460

إذا استثنينا يسوع المسيح إذا صحت ألوهيته حسب رؤية أتباعه، فإن أياً من آلهة البشرية لم ينزل إلى الأرض ليخاطب الناس مباشرة ، وكانوا دائما في حاجة إلى بشر يبلغون عنهم ويبشرون برسالاتهم ، حتى يسوع المسيح نفسه كان لديه تلاميذ ودونت رسالته بعد عقود من صلبه .. والبشر كأنبياء أو رسل لآلهة قد يقتصرون على ما أطلق عليه معتقدات سماوية ، فلم يدع أي من حكماء وفلاسفة الهند والصين واليونان وغيرهم أنهم مرسلون من قبل آلهة أو أنهم أنبياء ، ومع ذلك قدموا لأممهم فهما متميزا للوجود .. ينطبق هذا الأمر على معتقدات الشرق الأوسط القديمة التي سبقت اليهودية كالبابلية والسومرية والفرعونية والكنعانية وغيرها ، التي قدمت عبر ملاحم أدبية ألفها الحكماء والكهنة تعرّف بالآلهة .. ويمكن القول أن قصة الأنبياء لم تكرس بشكل قطعي إلا في الاسلام ، فموسى لم يقل أنه نبي ، وقدم في التوراة كقائد لقبيلة يهودية ظهر له الله وقدم له شريعته ، والأمر نفسه ينطبق على ابراهيم ويعقوب وغيرهما من حيث النبوة ، إلى أن جاء الاسلام وحوًل جميع من اعتبروا قادة أوأجدادا أو كهنة أو ملوكا لبني اسرائيل ، أنبياء ، حتى آدم كأول الخلق اعتبره الاسلام نبيا مع أنه لم يكن يوجد غيره ، فهل أصبح نبيا على اسرته فيما بعد ؟

ونعود لنطرح السؤال .. لماذا لم يخاطب الآلهة الناس مباشرة ، إذا كانوا موجودين فعلا، والسؤال هنا يشمل جميع أنواع الآلهة بغض النظر عمن أتى بمفاهيمهم ، إن كان مرسلا أو غير مرسل .

للإجابة نقول :

احتمال أن يكون الآلهة متعالين جدا بحيث ينؤون بأنفسهم عن التحدث إلى البشرً .

أو أن يكونوا غير قادرين على التحدث إليهم ، أو أن يكونوا غير موجودين أصلا ، وما الأنبياء والرسل إلا من نسيج أنفسهم ، ولم يرسلوا من قبل آلهة ، مع فارق بسيط بين متوهم مخلص لما تخيله كالكاهن ، ومدع بحمل رسالة.

وإن أحب أحد أن يعرف اجابتنا فهي : الخالق أو الله طاقة عقلانية سارية في الخلق ومتجلية فيه ، وبعض البشر هم من ألهوه وجعلوا منه إلها ، حسب معرفتهم ، وهذا لا يعني انه يعتبر نفسه إلها ، أو يقبل برؤية البشر له ، فقد يكون أعظم من الألوهة التي تخيلها البشر بكثير .. وهو بالتأكيد لم يرسل رسلا وأنبياء وإن كان هناك من نذروا أنفسهم لمعرفته ، غير أن البشرية كلها يمكن أن تعتبر رسلا له ، بل وما هو أهم من الرسل ، فمطلوب من البشرية أن تساهم مع الخالق في عملية الخلق ، لتتحقق القيم الإلهية التي يسعى إليها الخالق ، وهي بناء الحضارة الانسانية بتحقيق قيم الخير والعدل والمحبة والجمال . وبذلك تكتمل عملية الخلق .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى