لينا مزالة - كان الطفل في الشارع،

كان الطفل في الشارع،
يركض بلا توقف
يسقط على الارض لوهلة
ثم يقف
يكمل الجري بقدمين طريتين
كبُر الطفل بسنين متسخة
و قلبا يفوح منه رائحة الطين

كان الشارع سعيداً
كلما إنحنى الطفل على صدره،
كفرحة أم بولد يشبه أبنها الذي نسيت أن تنجبه
أنّ الضائع بين أهله يرجو أنسا من الغرباء
يُخيل له بأن هذه المرة لن يرحلوا
هكذا هو الشارع دائما
مليء بنا و نحن غرباء أمام أنفسنا
صار الطفل رجلاً
يخرج للشارع كل ليل
باحثا عن بقايا ظله
ليستيقظ على مطلع شمس داكنة
تضيء في طريقها فرحه البارد
فيتأثر ببلاغة
ثم يقول : الكثير من العمر قليل أمام هذا الحزن القديم
صادفت الطفل على أحد الأرصفة التي أمر منها كل يوم
كان وحيدا يعانق نفسه
حين مشى بخطوات بطيئة
تبعته
ثم فجأة إختفت دعساته فما عدت أراه
إختنقت الأرض داخلي تماماً كما إختنقت برجل لمس عنقي بحبل قلبه
ثم رحل من دون عناق أخير
تساءلت : هل أنا من ضيع حياتي أم أن الطريق إلى الحياة لم يكن موجودا اساسا ؟
للذكرى أفواه شرسة
تطعم الطفل الذي بداخلنا بكثير من الحياة
عندما يكبر جائعاً للمزيد من المرح
تلتهمه

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى