أمل الكردفاني-المكان والزمان والهوية (الانقطاعات التاريخية ووهم الانتماء)

الانقطاعات التاريخية ووهم الانتماء.
تذكرت اليوم شجرة الأسرة..
▪️جد والدي السيد/ يوسف الكردفاني
مغربي الأب والأم.. هاجر والده من المغرب العربي واستقر بالسودان فانجبه وشقيقه مصطفى الذي مات كلالة...تزوج يوسف (خضرة) وانجب عدة ابناء منهم جدي والد والدي السيد (حسن يوسف). الذي تزوج آمنة.
▪️والد والدتي السيد عبد الباسط احمد أنور/ مصري من اسكندرية زوجته هجرة.
▪️آمنة وهجرة شقيقتان: ابوهما السني عثمان عبد الله وهو من الجوابرة الخزرج في كردفان وكان قد حصل على لقب آغا من الاحتلال التركي وله ثروة ضخمة من العقارات والاراضي لا زالت موجودة حتى الآن باسمه.
▪️ امنة وهجرة وحرم أخوات ، اخوهم اسماعيل، وابوهم السني، وامهم هانم عصمت تيران باشا، وهي تركية، كانت ابنة لاحد ضباط الجيش التركي وتزوجت بالأغا السني عثمان. فانجبت من ذكرناهم.
إذا فنحن لدينا عدة اصول:
- سودانية، وتركية ومغربية ومصرية.
ولو اضفنا لذلك الجوابرة واعتبرناهم فعلا ينحدرون من جابر بن عبد الله الأنصاري الخزرجي..فسنضيف أصول من الجزيرة العربية، وتحديداً من المدينة (يثرب) وبشكل أدق من الخزرج.
(لكننا سنستبعد ذلك الافتراض الأخير)..
لو تأملنا فيما سبق، والذي لم يتجاوز المائة وخمسين عاماً. لاكتشفنا وَهْم ما يسمى بالقوميات.
قرأت قبل قليل منشور للصديقة حنان والتي تجعل من الآلهة يوربا سورية. (هنا تستمد حنان نسبتها للأرض او الإقليم وليس لعرق).. فلا يوجد ما يسمى بعرق خالص، لا في سوريا ولا غيرها.
يتحدث المصريون عن انفسهم كاحفاد للفراعنة، وهذا غير صحيح إلا من حيث المعيار المكاني. فمصر غزاها الليبيون والنوبة والاغريق والرومان والفرس وحتى العرب والمماليك..
لقد حدثت إما تشعبات عرقية أو انقطاعات تاريخية في الحدث داخل التاريخ. والراهن ليس سوى اللقطة الأخيرة، التي يجمدها وهم الهوية.
يقول السودانيون بأنهم احفاد كوش..وهم أيضاً يمارسون ذات الخلط..متجاهلين التشعبات والانقطاعات.
إن الهوية تتبدد أفقياً، ومع ذلك يصر البشر على تثبيتها رأسياً. فيقعوا في الخلط ليحاولوا عن قصد إيجاد قدم راسخة لهم في التاريخ الإنساني. غير ان هذا التاريخ الإنساني لا يعترف بذلك الخلط، بل يتحرك كالطوفان، مبتلعاً كل اوهام الهوية.
في الولايات المتحدة الامريكية (وكنت قد كتبت مقالاً اشرت فيه لهذه النقطة)، أصر بعض الأمريكان البيض على سن قانون عنصري، هو قانون قطرة الدم الواحدة. غير أن كل أسر الجنوب الأمريكي الكبيرة اعترضت. قال احد البرلمانيين، ان كل هذه الأسر اختلطت بالزنوج بشكل مباشر أو غير مباشر، ولكنها تخفي ذلك، وهذا القانون سيفتح باباً لغربلة تلك الأسر بنبش التاريخ، مما سيفضي لحرب شاملة.
ملخص القول، أننا لا نمتلك هوية صامدة عبر التاريخ إلا إن استطعنا محو التاريخ نفسه، ثم إعادة كتابته من جديد كما فعلته الأعراق الإخمينية الفارسية المهزومة التي هاجرت إلى الشام، فكتبت التوراه، واختلقت لها هوية ثابتة اسموها بأبناء إسرائيل (يعقوب).

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى