د. شوكت درويش - قيم ثقافيّة تُشيد إرادة الحياة في الموت بطعم مالح(1) لمصطفى القرنة

إطلالة
تنبني السّيرة الذّاتيّة على المكان والزّمان والشّخص والسّرد ، وكذلك الرّواية ، إلاّ أنَّ السّيرة تنحاز في الشّخص إلى الأنانيّة وتضخيم الذّات أحياناً ، بينما في الرّواية توزّع الأدوار – مع الاحتفاظ بالشّخصيّة الرّئيسة بدورها البارز – في إدارة الحدث والسّيطرة عليه ، وإبراز قيم يسعى الرّوائي التّركيز عليها ناشداً ترسيخها إن كانت إيجابيّة ، أو التّنفير منها إن كانت سلبيّة ، وانحياز الرّواية للزّمن يجعلها تقترب من التّاريخ ، والتّاريخ المجتمعيّ ، في المأكل والمشرب والمسكن ، وأنماط الحياة وأشكالها ووسائل المقاومة: مقاومة الجهل ، ومقاومة التّفكك الاسريّ ، و مقاومة المحتل. وهل يمكن اعتبار الرّواية ( المجتمعيّة التّاريخيّة ) إسقاطاً على حالة او حالات مجتمعيّة معاصرة ؟ وهل يتمثّلها الرّوائيّ إن هي قاربت قيماً يسعى لإبرازها ؟ أمِنْ مهارة الرّوائيّ ( أو القاصّ ) أن لا يختم روايته ( او قصّته ) بنهاية سعيدة او مؤلمة ( أدب مفتوح )؛ ليشرك القارئ بتخيّل النّهاية ؟ هذا ما سنحاول الاجابة عنه من خلال الدّراسة .
لم يقسم الكاتب روايته على أبواب أو فصول، فقسمتها لغاية الدّراسة.
الملك مالك البيت
ما أجمل أن نبدأ مع الرّاوي بأيام الصّيف وبداياته ، وهي أيام الحصاد ، أيام العطاء ، ونقل ما جنوه على الحمير ( لعدم توفّر وسائط النّقل الأخرى، وصعوبة المسالك ) مع تصوير معاناة فاطمة وزوجها ( ضمير الغائب ) وربط ( شريط ذكريات ) معاناتها مع معاناة والدها وتجواله بين سوريا وبيت لحم (تاجر أغنام) ومعاناتها في نقل الغلال إلى البيت المتربّع على ربوة ، تحيط به أشجار الزّيتون ، مما يجعل محيط البيت لطيفاً صيفاً ، وهنا ينتقل الرّاوي للحديث عن بناء البيت (ضمير المتكلّم ) ويقارن بين أن تعيش في المغاور ، وما فيها من صعوبات حياتيّة ، وبين أن تعيش في بيت ، " قلت لوالدي : كيف تنامون في تلك المغاور " (2) ويعود بشريط ذاكرته إلى خمس سنوات مضت، وكيف عانوا من ثلجة ، أغلقت عليهم باب المغارة ، انقذ النّاس منها جدّهم سالم ، وببراءة "قاطع أخي الصّغير زرد أبي قائلاً : البريّة هذه السّنة تبدو خضراء ، لماذا لم تعجبكم يا أبي ؟ (3) غضب أبي وقال : البريّة



- نشر في مجلة افكار


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى