محمد عبدالعزيز أحمد (محمد ود عزوز) - جثة لشاعر

حين وجدوه

كان في حلقه زهرة قبلها لتوه
فاشتبه المحققون بالزهرة
ولأنها كانت قد امضت الليلة في فِراش كأس مكسور القلب والثمالة
لم يثبتوا عليها التهمة
وجدوا في فمه ايضاً
خمرة مغشوشة لم تغربل النادلة الشوك عنها
و جثث نساء ابتلعتهم ثقوب الوقت
و حليب تساقط من ثدي اُنثى اطعمته منها عدة مساءآت حمراء
كانت جثته باردة
فاتهموا الشتاء
ولكنه اثبت براءته حين اشار للموت ، فالموت يُطعم الاطراف بالبرد
ليُطفئ جوع الاجساد
للاشياء التافهة
ما يهم في الامر
وجدوا خنجرا عليه بصمات الورق
هل قتلته قصيدة ؟ ، ام قتله الحبر ؟
كانت الورقة فارغة سوى من البياض
والبياض متصوف الايدي
ولكن لعل حواء اُخرى اغوته بالموت ، بفاكهة الانتهاء
فخدشت طهره
و قرز القلم ، في قلب الشاعر
ولكن لم يكن على الخنجر دم
بل كان ملطخاً بعطر ، وبشيء من الشهوات الزرقاء
احتارت الطرقات حول الضحية
أين اصدقاء الشاعر
بحثوا في الحانة عن الكأس الذي يُرافقه
سألوه عن الشاعر
قال بلهجة مُترنحة
" ذلك الحقير امتصني
ثم هرب يُطارد فراشة ، اردافها من السخام المائي "
تركوا الكأس يترنح
ما كان ليقتل الشاعر ابداً
ولكن كان ليشتمه برائحة النسيان المُزعجة
سألوا الجدران التي تبول عليها في تلك الليلة
قالت:
اه كم احب رائحة بوله
اقلها ليطرد عني فداحة حبر الاعلانات المُزعجة
واستدركت
( من فاز في الانتخابات الاخيرة )
شتم المحقق غباءها ومضى
الحانة مثل كل بائعات الهوى تخشى السلطات
اقسمت بأنها تابت عن الخمر
وعندما ادركت أن في الأمر جريمة
قالت أنها لم تعرف شاعرا يوماً ولكن
اسألوا الطاولات
والشاعر على الرصيف نائم ابديته
مُحاصر بالحبر
لم يعرفه احد
المارة جميعهم بريؤون من دمه
فلا احد ( يراه )
وهو يرى الجميع حتى اللااحد
تذكروا أن له عشيقة لم يزر جسدها منذ اعوام
سألوها عنه
قالت: لم يمت
فتحت اثداءها وجدوا اعضاءه كاملة هناك
فمه
عينيه
وجدوه كاملاً يحتسيها
ايقظوه منها فتلاشى فحسب
هكذا
مثل ذاكرة الموتى
ومثل الحبيبات اللواتي يهجرن الفراش لفراش اكثر دفئاً
ومثل الفصول الخائنة
انتهى التحقيق بأنه مات منتحراً
وأن دفنه سيكون
في قصيدته الاخيرة
وعلى الزهور والاشجار والاوراق البيضاء
وهم المعنيون به
أن يرثوا
ما اكتنز من حزن


محمد عبدالعزيز

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى