إيمان عبدالعزيز - يا أمي.. يا فردوس..

دفء نظراتها والحنان الذى يقطر من مشاهدها يُشعرك أنها إحدى قريباتك.. الجدة.. الخالة.. الأم.. فنانة من العيار الثقيل، تألقت فى بدايات الخمسينات في العديد من الأفلام الشهيرة.. من منا يستطيع ان ينسى "أم رجب" فى فيلم "صراع فى المينا".. من منا لا يراها "الأم الحنون فى "حكاية حب" و"شباب امرأة".. الخالة فى "سيدة القصر".. وغيرها من الأدوار التي عشنا معها ومازلنا..

ولدت الفنانة فردوس محمد فى 13يوليو 1906 فى حي المغربلين وعاشت يتيمة الأبوين، فتولى تربيتها الشيخ علي يوسف صاحب جريدة "المؤيد" الذى ألحقها بمدرسة إنجليزية فى حي الحلمية لتتعلم القراءة والكتابة والتدبير المنزلي..

تزوجت فى سن صغيرة وطُلقت أيضا فى سن صغيرة.. ظهرت موهبتها الفنية وتنقلت بين العديد من فرق التمثيل مثل فرقة إسماعيل ياسين وفرقة رمسيس وفرقة فاطمة رشدي.. وأثناء عملها فى فرقة فوزي منيب الفكاهية جاءتهم دعوة لتقديم عروضها فى فلسطين، لكن القانون وقتذاك كان يمنع سفر المرأة غير المتزوجة، فاقترح فوزي منيب عليها ان تتزوج بشكل صورى من أحد أعضاء الفرقة.. وافقت فردوس وكان الزوج هو المنولوجيست محمد إدريس وهو الزواج الذى تحول إلى زواج رسمي استمر 15 عامًا بعد ان صارحها إدريس بحبه..

فردوس محمد "الأم" أمام الكاميرا فى كل مراحل عمرها التى ظهرت أما لـ"كوكب الشرق" فى فيلم "فاطمة" رغم أن أم كلثوم تكبرها بثمانى سنوات.. عانت فى حياتها بعيدًا عن الأضواء مرارة فقد الأبناء، حيث توفى لها ثلاثة أبناء فور ولادتهم، فاقترحت عليها إحدى صديقاتها أن تشيع أن مولودها الرابع توفي كالعادة؛ تجنبا للحسد، ثم تعلن بعد ذلك أنها تبنت طفلا من أحد الملاجيء.

نفذت أم السينما المصرية نصيحة صديقتها، وبعد مرور 17 عاما على ميلاد ابنتها سميرة وفى حفل زفافها إلى مدير التصوير محسن نصر انهمرت دموعها وهى تعلن أن سميرة ابنتها وليست متبناه.

عُرف عن فردوس محمد شدة تدينها فكانت ترفض التصوير فى شهر رمضان، وإن اضطرت تشترط أن يكون عقب الإفطار لتتفرغ للعبادة وقراءة القرآن والصلاة.. كما كان منزلها يحمل قدسية خاصة لديها.. حتى أن لقاءاتها بصديقتيها المقربتين أم كلثوم وزينب صدقي كانت دائما تتم فى منزل إحدى الصديقتين.

عاشت فردوس محمد حياة درامية عانت خلالها الكثير من الآلام فى صمت حتى كانت معاناتها الأخيرة مع مرض السرطان، حيث توفيت إثر الإصابة به عن عمر ناهز 55 عامًا فى 22 سبتمبر عام 1961.. حينئذ كتبت فاتن حمامة على قبرها:
"يا أمي يا فردوس.. لقد كنت لنا جميعًا فردوسًا.. وسيجزيك الله بما لك من مآثر جنة الفردوس".




قاست أم السينما المصرية معاناة اليتم، وأحزان فقد الأبناء.. ثم آلام السرطان، بعد أن أسعدتنا جميعًا بأدوارها الرائعة القريبة إلى القلوب، والتى لا تخلو من روح الفكاهة، والطيبة.... والدفء.



  • Like
التفاعلات: علي سيف الرعيني

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى