حاتم السيد مصيلحي - الولاية العظمى في مجتمعاتنا العربية وخيارات ( القهر أو الفوضى) :

كثيرا ما يعتقد الناس أنه ليس في الإمكان أكثر مما كان، وأن ما تركه الآباء والأجداد هو أصح الصحيح، وأن البحث عن بدائل، أو التفكير فيما هو أحدث وأرحب ليس مستطاعا؛ لأنه قد يخلف بدعا وضلالا، ويحول حياتنا ضنكا ونارا- وهذا ليس معروفا إلا لدى العرب والمسلمين - أما الأمم الأخرى فترى ماتركه الأجداد مجرد بداية الخيط - الذي لا غنى عنه - أوبداية القصيد الذي به قصد السبيل وليس السبيل المقصود.

فحينما توفي الرسول - صلى الله عليه وسلم - اختلفت ردود الفعل من هول الصدمة، فمنهم من صدق كالصديق أبي بكر وقال قولته المشهورة من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لايموت، ومنهم من كذب كالفاروق عمر فهدد وتوعد من يقول ذلك حتى رجع إلى صوابه واحتسب، ومنهم من فتن فارتد وكفر، ولكن رسالة نبينا ودين ربنا انتشر وتحققت نبوءة الرسول بانكسار كسرى، وغلبة قيصر واندحاره، وفتح الله للمسلمين الأمصار والبلدان، وأخضع لهم العباد، فدخلوا في دين الله أفواجا، فعلا نجمهم وازدهرت حضارتهم.

وفي عالمنا الحديث غلب على ظننا أنه لا مناص من الانصياع للقديم، و طاعة سدنته من الحكام وأن في مفارقته أو الثورة عليه ضياع الأمن والسلام المجتمعي، وفي الخضوع والخنوع السلامة من كل مكروه.. وليس بخاف عنا من استمروا في مواقعهم القيادية حتى شاخوا وهرموا، وتصدعت أركان حكمهم، ولو كانوا حقا يحبون أوطانهم ويطلبون تقدمها وازدهارها لأوجدوا البدائل لهم، وجهزوا جيلا أو أجيالا من القيادات لخلافتهم ومواصلة ماقدموه، ولكن غلبتهم شهوتهم وشقوتهم فضلوا وأضلوا، واستحالت الحياة بتركهم مواقعهم جحيما وفوضى، وأصبح خيارهم القهر أو الفوضى، وهذا مالم نجده في الدول المتقدمة فالولايات الكبرى أمانات كبرى، يحملها من يتولاها على عاتقه إلى حيث يضعها على كاهل غيره ليواصل بها السير نحو من يحملها عنه فيما بعد وهكذا...

فيا أمة الإسلام، ويا قادتنا لا يفتتنكم مقعدا أورثكم الله إياه، ولا يغرنكم طول الأمل والأجل فتزل أقدامكم، فتسقط عروشكم وتضيع أوطانكم، فيكون الذنب ذنبكم، والتبعة عليكم، ويأخذكم الله بذنب ضحاياكم، وساعتها لاتجدون حجة تحتجون بها، ولا شفاعة تتشفعون بها أمام الخالق سبحانه وتعالى، فهي أمانة ويوم القيامة حسرة وندامة.

بقلم : حاتم السيد مصيلحي.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى