حسين عبروس - يوم للعلم.. و364 للجهل..

جميل أن ترافع شعوب العالم في كلّ الأزمنة باسم العلم ، وتقيم للعلم وللعلماء منابرافي القلوب وفي الحياة، وتصنع لهم تماثيلا من حجر،ومن برونز،ومن فضة ،ومن ذهب ومن ماس،كل عالم حسب جهده العلمي المحليّ ، والوطني والعالمي،لكن للأسف أنّ الذين يقيمون تلك المهرجانات لا يلتفتون حقيقة إلى معنى العلم الذي يصنع الأجيال،ويصنع النساء والرجال،علم يخرج الأمم من جاهليتهم الأولي،ومن بدائيتهم المتخلّفة،تلك البدائية التي ما تزال الأنظمة ،والحكومات تتخذها قاعدة قانونية لتنويم الشعوب والأجيال، وعندنا نحن أمة (إقرأ) لا نقرأ إلا ما يبرمج لنا من الأمم القوية، نحتفل بيوم العلم كاحتفالنا ببيع الخضروات ،والمواشي في الأسواق،نهرّج كثيرا، ونعرض الكتاب سلعة للناظرين،وننتقي من الكلمات المسمومة كما يجب انتقاؤها كي نقدمها أمام الحضور أو المتابعين عبر الشاشاتوالفضائيات ، كما ننتقي الأشخاص الذين نكرّمهم على أساس وفائهم لإستمرار البرامج التجهيلية، أو نختارهم على أساس الجهة والقبيلة ، والعرش والمنطقة.عيد العلم عندنا في الجزائر، وفي الوطن العربي لايختلف كثيرامادام اليوم واحد للعلم، وباقي أيام السنة للجهل،في عيد العلم ننسى العلماء والمفكرين ، والمبدعين والمبتكرين، ونظن أن القدر العلمي في أوطاننا،هو ذلك العدد الهائل ممن يقصدون المدارس، والمؤسسات التربوية ، والمعاهد، والجامعات ، ولا ندرك تلك الحقيقة المرّة التب تلاحق الأجيال، في تحصيلهم العلمي، والمعرفي والإبداعي،وهي حقيقة نقص مخططات التكوين،والبرامج التعليمية الهادفة التي تصنع الخطة الكبرى للوصول إلى قمّة العلم والمرفة.للأسف ما يزال الإحتفاء بيوم العلم مسرحية هزلية تعرض فيها الأغاني والأناشيد، وتقدم فيه أطباق الحلوىن ،وتبرمج فيه ما نشاء من الاشياء التي تدعم جهلنا،وتوجع قلوب أهل العلم الأحياء والأموات.
في يوم العلم نقنع الأجيال بتاريخ وفاة علمائنا،ولانصارحهم بحقيقة ميلادهم،وبتاريخ معاناتهم في طلب العلم،وبتهميشهم المبرمج من قبل االجهات الوصية،في يوم العلم نجد الغالبية العظمى من أبناء الأمة لاتلتفت الى هذه المناسبة الخالدة،رغم أنها مهمة وجديرةبالتحدّث عنها كي نسدّ مساحات الفراغ بين العالم والمتعلّم،وللأسف تساهم الكثير من وسائل الإعلام المكتوبة ،والمسموعة والمرئية في تغطية جهلنا،كما تساهم في الإشادة بعلماء الغرب هنا وهناء ، وكأننا أمة وجدت لتحيا مواتها في زمن التطوّر والبحث العلمي السريع.لنا يوم واحد للبهرجة والسخرية من المتعلم ،ومن العالم،ومن المبدع .لنا يوم واحد فموتوا أيها الكرام بجهل الجهلة.رحم الله شاعر الكربية الكبير أبوالطيب المتنبي حين قال:
- ذو العقل يشقى في النعيم بعقله // وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى