محمد بنطلحة - دمعة أخيرة

في دمعتي الأخيرة
واريت حبا مات في وهج الظهيرة .
رويت حزن القلب دمعا دافئ النبض .
ومسحت عن وجهي
أشتات جرح نز في الشفتين ،
والأعراق
نارا .
ثم انتهى غدرا وعارا .
قد شحت الأشجار بالثمر اللذيذ
فليس غير الحنظل المر ،
وسوى خطى الصمت ،
وصدى هديل يقرع البابا .
الطائر المقهور طلق وكره . ركب السرابا .
وعلى نوافذنا القديمة
من ريشه نسج الأسى عشا ،
وعنكبت المرارة .
لاشيء غير عواصف الريح
تأتي مخضبة بلون الحزن ، تحملني على فرس جريح
للشاطئ المهجور ، حيث رميت للأمواج والبحر
بهواي .
ثم عصرت دمعتي الأخيرة .
شيعت ما كانا .
ونسيت ذكرانا .
لما تكشف عن قناعك وجهك العاري .
فلمحت فيه الزيف يحمل شارة العار .
ولمحت فيه الإثم يحتضن الخطيئة .
وسنابل الغدر
تخضل . تحبل بالندى ،
والظل ،
والثمر .
سأراك ثانية فلا يهتز في صدري
شوق . ولا بسماتك الصفراء تغريني .
فقدت شفاهك مسحة الطهر .
وغدت بلا لون .
فأنا الذي لونتها بالضوء والمرجان والحسن .
لكنني الآنا
شيعت ما كانا .
ونسيت ذكرانا .
جففت دمعتي الأخيرة .
واريت حبا مات في وهج الظهيرة .

محمد بنطلحة



* نشرت ، يوم 23.02.1970
على صفحة " أصوات " بجريدة العلم .
أعلى