تحسين الشيخلي - ما هو المناضل الثوري

انني لم أطرح نفسي، ولم أدعي أمام أي شخص بأنني ضليع في علم اللغة، أو من المجتهدين في قواعد النحو... أنني بيساطة، أيها العزيز ، سياسي... وسياسي فقط. مصيبتي، أنني منذ بداية وعيي، أنخرطت بكل ما أمتلكت من قوة وطاقة في العمل السياسي... العمل السياسي اليومي، حتى انني اغفلت اشياء كثيرة ، ليس عن قصد ولكن وضعي ومهماتي كانا لا يسمحان لي بالألتفات الى أمور ليست قليلة الأهمية، كالأدب والفن، نحن السياسيين، نحن الذين نطمح ان نكون ثوريين، اي نسعى لحل مشاكل شعبنا حل جذري وانسانياً، غير مطالبين بأن نصبح شعراء او فنانيين بقدر ما مطالبين ان نحدد السبل العلمية والموضوعية لحل المعضلات التي تجابه حركتنا وشعبنا... المهم هو كيف نستوعب قوانيين الحاضر ونستشف آفاق المستقبل ونلم بتجربة الماضي... والأهم هو كيف نحدد الداء كي نخلق الدواء... نحن مطالبين بتحديد المشاكل... بتحديد الأسباب... لذلك فنحن مطالبين حتى نصبح ثوريين حقيقيين بتحديد الحل والوصول الى نتائج ايجابيه ... لا أرى هناك عيباً اذا ما المرء وقع في أخطاء أملائية . ولكن العيب هوه ان نفشل في مخاطبة شعبنا ... وحتى نوصل افكارنا لأوسع الجماهير، علينا ان نختار الأسلوب الذي بمقدور الاغلبية أستيعابه ، وهذا يعني اننا يجب ان نختار الأسلوب البسيط، نختار المفردات البسيطة المألوفة، وهذه هي احدى سمات التنظيم الثوري... الكادر الثوري... القائد الثوري... الأنسان الثوري.
انظر الى كتابات "لينين"، هوشي منه، وبقية القادة الثوريين وقارن كتاباتهم بكتابات كبار الفلاسفة والمثقفين البرجوازيين.
اننا نقولها بأستمرار (نريد ان نتعلم)وهذه الرغبة، هذا الطموح لابد ان يستمر لأن وعي الأنسان لا يرتقي دون ان يسعى دائماً للتعلم ... التعلم من كل شئ ومن أي شئ... التعلم من الفلاسفة ومن أبسط الناس ... وبدون هذه يتحول المناضل الى مجرد مثقف مدع متعال ... وهذا حتماً سوف يفصله عن الناس ... وسوف يكف عن أن يصبح أنسان ثوري يمارس دوره في عملية التغير.
من هنا تأتي أمراض المثقفين وخطورتهم على تقدم وتطور الحركات الثورية ، أذ أن الأنسان الثوري، هو الأنسان المتصل دوماً بحركة الجماهير والملتصق بها بقوة والقادر على قياس حسها ومعرفة أحتياجاتها الصغيرة والكبيرة ، وهذا ما يعجز عنه المثقف الذي يرى الأشياء من فوق ومن بعد. ويعيش في غرف منفصلة تماماً عن الحركة الفعلية في الشارع السياسي






أعلى