عبد القادر ياسين - حال اتحاد كتابنا

أمر الشعب الفلسطينى يصعب على الكافر، فى شتى جوانبه، وبضمنها الواقع النقابى للكتاب والأدباء الفلسطينيين. فما كان هذا الواقع أن يشذ عن بقية أوضاع الشعب الفلسطينى وقضيته الوطنية.

قبل بضعة أسابيع عقد اتحاد الكتاب والأدباء العرب مؤتمره (ليس مهماً رقمه!) فى القاهرة، وقد وجه الدعوات للضيوف الكاتب المصرى المعروف محمد سلماوى، والمستهجن حقاً أن سلماوى مهر الدعوات باعتباره رئيسا للاتحاد، حتى قبل انتخابه، لمجرد أنه اتفق ورئيس الاتحاد، وآنذاك، على عقله عرسان بأن تكون رئاسة الاتحاد فى المؤتمر المذكور لسلماوى!

نعم، لمجرد أن سلم رئيس اتحاد الكتاب المصريين فى مؤتمر اتحاد الكتاب والأدباء العرب السابق بتسليم رئاسة الاتحاد العربى للرئيس المصرى، مقابل أن يترك الأخير عرسان فى رئاسة الاتحاد العربى دورة أخرى، منتهكا القانون الأساسى للاتحاد العربى، ولم يحاسب الرئيس السورى أو الرئيس المصرى أحد! أى أن أوضاع الكتاب العرب لا تختلف فى كثير أو قليل من أوضاع أشقائهم الكتاب فى فلسطين، اللهم إلا فى الاحتلال الصريح المباشر فى فلسطين!.

قبل نحو ثمانى سنوات طلب الاتحاد العربى إلى الكتاب الفلسطينيين أن يوفقوا أوضاعهم قبل أن يعيد الاتحاد العربى الاتحاد الفلسطينى إلى عضوية الأول. ورغم أن الكتاب الفلسطينيين لا يزالون مبعثرين، فإن وفدا من الكتاب الفلسطينيين، فى سوريا، وكاتبين من الضفة الغربية، فيما حال إغلاق المعبر دون خروج ابن غزة لحضور المؤتمر العربى، أما السابع فتلكأ، ثم عدل عن الحضور من الأردن. أى أن مؤسسة الاتحاد الفلسطينى لا تزال غائبة، والاتحاد لم يوفق أوضاعه، بعد، لكن من يقرأ ومن يسمع؟!.

أما المثير للاستهجان، حقاً، فكان الشاعر المتوكل طه، الذى سبق أن نصب نفسه رئيسا للاتحاد، وحين التقيته تذرع بأنه يريد أن يحرم أنصار "وثيقة جنيف" سيئة الصيت من الاستيلاء على الاتحاد، ما دفع الأخيرين إلى تشكيل مؤسستهم النقابية الخاصة، وترأسها وليد أبو بكر، وقد حضر الأخير مع طه، سوياً، من الضفة الغربية، وحين سأل أحدهم طه، مستنكراً مصاحبته أبو بكر تذرع طه بأن رئيس السلطة محمود عباس (أبو مازن) قد أجبره على ضم جماعة أوسلو إلى اتحاده التلفيقى، وبمنطق طه تكون حتى ذريعته قد سقطت وداس عليها (حرمان جماعة أوسلو من الاتحاد!).

غنى عن القول إن أحداً لا يعانى من أوهام بصدد الحركة النقابية الثقافية الفلسطينية، فثمة جملة أمور تحول دون تبلورها على نحو صحيح. ففضلا عن أن الطينة الفلسطينية هى من الطينة العربية، ثمة الاحتلال الإسرائيلى والتشوهات التى أحدثها، فضلاً عن غياب الديمقراطية، واستخفاف القيادة السياسية المستنفذة بالشأنين الثقافى والنقابى، على حد سواء، ثم هل يمكننا التغافل عن الـتأثير السلبى للشعار الفلسطينى، الذى سبق أن عمته القيادة المتنفذة إياها، والقاضى بأن "الكفاح المسلح الأسلوب الوحيد لتحرير فلسطين"، ما نفى بقية أساليب الكفاح، أو أخضعها للكفاح المسلح! وحتى بعد أن أعلن ياسر عرفات-غفر الله له- نبذ الكفاح المسلح باعتباره إرهابا، خريف 1988، فإن الأمر ازداد سوءاً، ويبقى التبعثر الجغرافى لأبناء الشعب الفلسطينى وكتابه فى أركان الأرض الأربعة. الأمر الذى يتطلب إصلاحاً بنيوياً جذرياً للحركة السياسية، قبل الحركتين النقابية والثقافية، والله المستعان.
أعلى