سمير حكيم - إضاءة نقدية في قصتين (نظارة سميكة جدا - العصفور) للكاتب شريف محيي الدين

نظارة سميكة جدًا :

‏تُقدَم النظارة فى القصة بعد كونها العنوان الرئيس كمعادل مادى لفكرة الاستنارة العقلية وبمعنىً آخر " الرؤية الثاقبة السليمة فى مقابل فقدان البصيرة

تبدو أهمية النظارة كتيمة غنية بالدلالات الرمزية لتعدد الوظائف المرتبطة بارتدائها ، ثمة نظارة لعلاج ضعف النظر ، وأخرى للقصور البصرى ، وثالثة لحفظ النظر ...وماشابه .
تمضى القصة بصورة ما فى بنيتها متكئة على دفتين : ( هو ... بتللك السمات لشخص بسيط ، حسن النية والسريرة ، متهم بضعف البصر ، ويلزم تغيير عدسات نظارته ، و هم.... الآخرون الناصحون بضرورة الكشف عند طبيب العيون وعمل نظارة ، والمتوافقون بسوء قصد لزعزعة الثقة فى مسألة سلامة البصر لدى شخص القصة )
ويقف الطبيب المختص على مسافة متساوية ومنصفة ، فهو ممثل الدفاع العارف بما يقول ، والحكم الفيصل " فى آن " لحسم القضية ، وبطلان الإدعاء بضعف البصر .
القصة مروية بلغة سلسلة بسيطة ، معتمدة على السرد المباشر لوصف حالة من حالات خلق ضباب فى الرؤية بذهن الآخر المستهدف فى القصة .
‏قد يلحظ المتلقى بعض التقرير الغير مستحب أثناء متابعة السرد ، كما فى قول الراوى " وكأنك تتباهى بوجودهم معك، و حولك في كل مكان. " وفى شئ من التزايد فى قول الراوى أيضاً " فكروا كثيرا.
التزموا الصمت طويلا " فحين يطول الصمت يُعطى إيحاءً بانفصال الحدث الرئيس ، وانعطافه إلى زمن أخر خارج الزمن والمكان المحددان بهما القصة

‏لا تخلو فكرة القصة من مغزى لايخفى على القارئ مؤداها أن وسائل الهدم متنوعة ، وأن أكثرها شيوعًا وأشد أثرّا التشكيك فى قوة الإبصار ، تلك المحاولات تستهدف غالبًا ، وكما أراد السارد إيصالها الأشخاص ذوى البصر الحاد بما لهذه الإشارة من رحابة تتسع لتنسحب على أشكال أخرى من التعامل داخل مجتمع أصبحت تتصف العلاقات المتشعبة بين أفراده بأكثر من " غير صحية "

فى قصة قصة العصفور :
"أكثر من غيمة أرسلتها السماء عن طريق جائحة "كورونا
وحين يقترب من عتبات الموت ذلك الرجل المصاب ، يترائ أمامه عالم آخر غير أرضى علها الجنة أو الملكوت إذ يرى نفسه هناك عصفوراًً محلقاً فى ظل شجرة حانية.
هو خيال ممتد إلى ما بعد الموت ، آسر لعقل شخص مفارق للحياة بعد قليل .
ثمة مشاعر حزن ممزوجة بسعادة غير مطروقة من قبل فى وجدان شخص القصة ، تغمرة بقوة وتحثه بلغة شاعرية صاغها الراوى وهو فى حالة " تموضع" مع شخص القصة فى الزمن ، والمكان كأنما كلأهما يجتازان الحظة متوحدين فى روح واحدة .
يتعين فى النهاية الإشارة إلى أننا أمام قصة قصيرة رغم توصيف الكاتب لها بأنها " قصيرة جداً .تحلق بالخيال بعيداً عن أرض الواقع كثيراً جداً ، فى أجواء من " الفانتازيا تجاوزت معقولية الطرح المشروط بأسس منطقية وفنية .
فى النهاية ، هى محاولة تتسم بالجرأة ، وسعةالخيال ، تتسم بها أغلب النصوص الأخيرة ، إذتمثل إضافة إلى الكاتب.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى